- الرئيسية
- مقالات
- افتتاحية العدد
احتمالات إدلب الموصدة ومسارات سوريا المتضاربة
تتجه إدلب، بوضوح لامجال لإنكاره، إلى سيناريوهات صعبة في كلّ وجوهها. وفي الفضاء السياسي- الميداني السوري، الذي يعجّ بالإشاعات المتضاربة، والتسريبات التي تفتقر إلى الدقة، وتقتات على النوايا المبيّتة، سيكون من المتعذر -بكل الأحوال- التوصل إلى قراءة القادم بسهولة تكشف تفاصيله؛ لتبقى، بالرغم من كلّ ذلك، إمكانية استنتاج ما يبدو ضرورياً لمواجهة هذه الاحتمالات السيئة.
بحسب المعلن، والمتداول بتحفظٍ يكفي للنأي عن نظريات المؤامرة، يشخص أمام أدلب احتمالان أساسيان: الأول يتعلق بتكرار صريح لسيناريوهات حلب والغوطة ودرعا، على اختلاف تفاصليها، وتشابه نهاياتها؛ بينما يتعلق الآخر بتكريس وضعها الراهن، ضمن شرط دولي لايريد انفجاراً جديداً في أزمة اللاجئين، التي قد تقفز بعددهم إلى ستة ملايين في تركيا، بالنظر إلى أنّ المحافظة تضمّ ملايين السوريين الذين لن يجدوا مهرباً من القصف البساطي الروسي، وبراميل وكيماوي بشار الأسد، ووحشية مليشيات إيران السوداء بعمق أجندتها الطائفية الإلغائية، وتكفيريتها المقابلة والمطابقة لآيديولوجيا داعش والنصرة.
لكنّ الوضع في سوريا، وبالرغم من كلّ ادعاءات النظام وحلفائه، مازال شديد السيولة، وهو يرفض بعناد أن يستقرّ على إنتاج معطيات صلبة، تتيح إنتاجاً مقابلاً لصورة مستقبله القريب والبعيد على حد سواء؛ وهذا يعني أنّ احتمال ظهور مسار آخر، طارئ أو معدّ مسبقاً وبقي مغلقاً عن التداول، مازال مطروحاً ولا يجب تجاهل فرصة حدوثه، وابتلاعه لما يعتقد أنهما طريقان لا ثالث لهما.
وبشكل خاص، فإنّ الحالة في إدلب تستجمع كلّ التناقضات والتفاصيل الصغيرة، التي قادت الأمور في حلب والغوطة ودرعا -وقبلها حمص ودمشق نفسها- إلى مساراتها المعروفة، وتركت القضايا مستحيلة الحل في تلك المواقع وذاك التوقيت، لتندفع وتتجمع في إدلب؛ بحيث بات على من يريد حسم الموقف في المحافظة، أن يحلّ دفعة واحدة كلّ مشكلات سوريا في السنوات السابقة منذ انطلاق الثورة، وربما قبلها أيضاً.
ليس لدى النظام، وحلفائه في روسيا وإيران، سوى منطق خطّي وبدائي في مواجهة واقع سوريا، يتمثل بالقتل والتدمير، ثم السيطرة على الأرض بعد تهجير سكانها، مع ترك بقية المعضلات إلى ما بعد تحقق هوسهم بانتهاء الأثر الميداني للثورة على الأرض. لكن هذه المعادلة لن تعمل جيداً في إدلب، حيث باتت كل القوى المحلية والإقليمية والدولية تواجه حسابات بعضها في رقعة صغيرة مزدحمة بالبشر والطرق الموصدة.