- الرئيسية
- مقالات
- ملف
بعد توقف لسنوات.. عام دراسي جديد في الطبقة وخشية لدى المعلمين والأهالي من اعتماد مناهج «قسد»
حدد مكتب/لجنة التعليم التابع لمجلس الطبقة المدني –أسسته قسد- منتصف شهر أيلول القادم موعداً لبداية العام الدراسي (2017-2018)، بعد توقف العملية التعليمية لأكثر من ثلاث سنوات خلال عهد داعش.
في السنة الحالية والسنوات السابقة ألحقت العمليات العسكرية أضراراً فادحة بالمباني المدرسية في منطقة الطبقة. قبل الثورة، وحسب الأرقام الرسمية لمديرية تربية الرقة، يبلغ عدد المدارس التابعة للمجمع التعليمي لمنطقة الطبقة 350 مدرسة. لم تصدر حتى الآن تقارير دقيقة تحدد عدد المدمر منها وتلك القابلة للترميم. وتقول تقديرات معلمين إن عدد المدارس المدمرة بشكل كلي يزيد على 80، فيما تتراوح نسب الأضرار بين مدرسة وأخرى في العدد المتبقي. تفيد الأرقام الرسمية لمرحلة ما قبل الثورة في تحديد الهدف النظري لعدد المدارس المطلوب لاستيعاب من هم في سن التعليم، الذين تضاعف عددهم بسبب ارتفاع عدد سكان الطبقة وريفها إلى أكثر من 500 ألف نسمة حسب تقديرات ناشطين. لا تكفي الموارد المالية المتاحة اليوم لدى المجلس للتصدي لعمليات البناء والترميم والصيانة المطلوبة للوصول إلى أعداد مدارس ما قبل الثورة. وحسب تصريحات أعضاء في مكتب تعليم مجلس الطبقة المدني، منقولة عبر وسائل إعلام موالية لـ«قسد»، ستكون 15 مدرسة جاهزة لاستقبال الطلاب في الموعد المحدد، 5 منها في مدينة الطبقة والباقي موزعة ضمن النطاق الجغرافي الواسع الذي يغطيه عمل مكتب التعليم بين بلدتي المنصورة والجرنية. وربما يساعد تنظيم الدوام المدرسي على أفواج (فوجين أو ثلاثة) في تحسين القدرة الاستيعابية للمدارس المفتتحة بقدر محدود، إذ يجب أن تفتتح 50-60 مدرسة جديدة خلال الشهر أو الفصل الدراسي الأول. يصعب ذلك حسب الإمكانيات ووتيرة العمل الحالية، ما يتطلب اللجوء إلى استعمال أبنية أخرى، عامة أو خاصة، لزيادة عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس.
من المفترض في أي منظومة تعليم تنشأ بعد حرب وتوقف طويل أن تعد خطة طويلة الأمد، تعالج آثار داعش والآثار النفسية والثقافية للحرب على الأطفال، وترمم فترة الانقطاع الطويلة عن التعليم في بنيتهم الذهنية. لا يبدو أن مكتب التعليم قد وضع أي دراسات بهذا الشأن، وتقتصر استعداداته الحالية على الجانب الإداري والتنظيمي وبحدود غير كافية حتى في هذا الجانب. إذ لم تجر عمليات مسح إحصائية لتحديد أعداد من هم في سن التعليم وأعداد المعلمين الموجودين في المنطقة، كما تقتصر الاستعدادات التمهيدية للمعلمين على المبادرات التطوعية التي أقامت دورات تأهيل قصيرة لعدد محدود منهم.
في الأسابيع الفائتة، سجل مئات المعلمين والمعلمات أنفسهم في قوائم مكتب التعليم الآخذة في الاتساع مع متقدمين جدد كل يوم. تقول (م)، وهي معلمة ابتدائي من سكان مدينة الطبقة، إنها غير متفائلة بقدرة الجهاز التعليمي الحالي على إطلاق العملية التعليمية وتوسيعها وصولاً إلى ما كان عليه الحال قبل الثورة. وتعدد ثلاثة أسباب رئيسية هي خروج معظم المدارس عن الخدمة، ما سبّب عجزاً لا يمكن التغلب عليه في استيعاب الطلاب، والروح الارتجالية وغياب التخطيط لاستئناف العمل التعليمي بما يأخذ بالاعتبار انقطاع السنوات السابقة، ثم قضية المناهج التي لم تحسم حتى الآن، وتحذر من «تكرار تجارب سابقة»، قاصدة اعتماد مناهج الإدارة الذاتية.
تتضارب الأنباء بخصوص المناهج الدراسية المزمع اعتمادها في العام الدراسي القادم في الطبقة. إذ يقول أعضاء في مجلس الطبقة المدني إنها «ستكون مناهج وزارة التربية (التابعة للنظام)، مع تعديلات طفيفة قد تحذف مادة التربية القومية، فيما يقول البعض الآخر إنها ستكون مناهج الإدارة الذاتية المطبقة في مدينة تل أبيض وغيرها من المناطق التي خضعت مبكراً لسيطرة «قسد». يثير الاحتمال الأخير مخاوف واسعة لدى الأهالي، ويبدي بعضهم رفضه إلحاق أبنائه بالتعليم إن تحقق. يقول أبو محمد (50 عاماً)، من سكان الطبقة، إنه لن يرسل ابنيه إلى المدرسة في حال دُرّست مناهج «قسد» لأنها «مناهج منحرفة». ويشرح صالح هنداوي، وهو خبير تربوي معروف في محافظة الرقة، خطورة العبث بالمناهج التعليمية خدمة لأهداف سياسية أو «لصالح رؤى شخص ونظرته الخاصة للعالم، لا سيما إن كان هذا الشخص من بلد ومجتمع وثقافة مختلفة إلى حد كبير عن ثقافتنا»، ويحذر من «الآثار المدمرة لفرض مناهج الإدارة الذاتية على الأطفال، لأنها ستفشل العملية التعليمية وتضر بأجيال كاملة»، حسب ما يقول.