افتتاحية العدد 82

«سورية هي بشار الأسد»

مؤخراً، تناقلت الصفحات السورية على مواقع التواصل الاجتماعيّ مقطعين مصوّرين يكثفان جوهر الصراع ويعيدان التركيز على بنية النظام وأسباب الثورة عليه.

في الأول منهما يظهر الضابط الأشهر في قوّات النظام، العقيد سهيل الحسن (النمر)، وسط عناصره، يهتفون لبشار الأسد، بينما هتف مراسل التلفزيون الرسميّ، شادي حلوة، لسورية. يوقف الضابط الهاتفين ثم ينهر المراسل قائلاً: «سورية هيّ بشار الأسد... روح لعند معلمينك خيو»!

تكشف هذه الحادثة عن الجوهر العميق للنظام الذي يتكوّن من عنصرين أساسيين؛ الأوّل والأهمّ هو عصبةٌ مقاتلةٌ ضاربةٌ منفلشة، شبّيحةٌ ونهّابة، فاعلةٌ في تنفيذ «سياساتٍ» من نوع «الأسد أو نحرق البلد» و«الجوع أو الركوع». أما الثاني فهو ما اضطرّت سلطة الأسدين إلى ارتدائه من ربطة عنقٍ أمام السكان داخل البلاد والمجتمع السياسيّ خارجها، من مستلزمات الظهور بشكل «الدولة» و«المؤسّسات».

يعود هذا الازدواج إلى ما قبل استيلاء حافظ الأسد على السلطة، قبل ستةٍ وأربعين عاماً، حين شغل مناصب رفيعةً في الجيش والحكومة وحزب البعث، بينما تولى شقيقه رفعت نهب الآثار، وإدخال الأقارب والمحاسيب وأبناء الطائفة في الجيش والأمن، وتشكيل النواة الأولى لقوّات «سرايا الدفاع» التي ستلعب دوراً بارزاً في قمع السوريين خلال أحداث الثمانينات، بعد أن أصبحت جيشاً موازياً.

أما في أيامنا فلم ينجح تكرار القسمة بين الأخوين الكاريكاتيريين الوارثين. ففي حين يؤدي بشار دوره السمج في مراوغة المجتمع الدوليّ والصحافيين الأجانب، منتحلاً صفة «رئيس الدولة»، بالاستعانة بموظفين من نوع وليد المعلم وبشار الجعفري؛ ملّ مؤيدو النظام الطائفيون من انتظار ماهر ليرتدي البدلة العسكرية، فوجدوا ضالتهم في سهيل الحسن.

يكشف هذا المقطع عن تراتبيةٍ صارمةٍ في بنية سلطة الأسدين، قوامها الأساسيّ التمييز بين العسكريّ والمدنيّ، وبين العلويين وسواهم، ولا سيما السنّة. أما المقطع الثاني، ويظهر ضابطاً برتبةٍ عاليةٍ في جيش النظام يؤدّي التحية العسكرية لحسن نصر الله، وهو رئيسٌ مدنيٌّ لحزبٍ غير سوريّ، إن لم نقل إنه زعيم ميليشيا، فيحيل إلى درجةٍ أعلى مستحدثةٍ في هرم هذه التراتبية، بعد أن سلّم الأسد البلاد للإيرانيين والروس.