«شعوب سورية» قبل مؤتمرها الروسي

في الوقت الذي تتحضر فيه قوات النظام، والميليشيات التابعة لها، لاجتياح الأحياء الخارجة عن سيطرتها في مدينة دير الزور، بتكثيف الغارات الجوية وعمليات القصف المدفعي والصاروخي؛ يتصاعد القلق على مصير المئات من السكان المدنيين العالقين هناك، في حال مأساوي فاق كل التصورات، حيث يترك الجرحى  تحت أنقاض الأبنية بعد تدميرها، وحيث يندر الماء والغذاء، وحيث تتلاعب داعش، ولآخر لحظة، بمصائرهم في مفاوضات انسحابها المتعثرة مع النظام، الذي لن يتوانى عن ارتكاب مذابح وإعدامات ميدانية فورية بكل من يجده على قيد الحياة في أحياء الحميدية والشيخ ياسين والعرضي والجبيلة وغيرها، التي توشك أن تسقط بقبضته في مدينة دير الزور.

وفي الرقة تأتي أخبار الناس مؤسفة أيضاً مع إطلاق النار على مظاهرات الأهالي احتجاجاً على ممارسات حكامها الجدد، هذه الحادثة تُضاف إلى سلسلة الردود المتشابهة التي قوبلت فيها المظاهرات ضد السلطات التي تعاقبت على المنطقة، حتى وكأن التظاهر يقابل بالرصاص صار إحدى البديهيات السلطوية.

ومع كل تقدم جديد لقوات النظام يصرح مسؤولوه، بأن المرحلة القادمة هي انتزاع المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية بمساندة التحالف الدولي، وأولها الرقة، التي تضعها إلى جانب إدلب في سلم أولوياتها؛ حيث  تحاول هيئة تحرير الشام هناك الإفلات من وصفها «الإرهابي»، عبر تأسيس حكومة سمتها «إنقاذاََ وطنياً»، لن يغير عنوانها الوطني من حقيقة وصفها بأنها محاولة إنقاذ يائسة لتحرير الشام. 

تتصاعد قسوة المشهد وثقله وغرائبيته، حين تدعو روسيا لمؤتمر «للشعوب السورية»، وحين تتبادل مع الأمريكيين الاتهامات بتشريد السكان المحليين من المناطق التي استولت عليها الدولتان على جانبي نهر الفرات، وتتصاعد ضغوطهما لتحريك ملف استعمال الأسلحة الكيماوية، أو تجميده، بعد التقرير الأممي الذي اتهم النظام باستعمال غاز السارين في خان شيخون. في ظل مواصلة النظام خرقه للهدن المحلية، التي عقدها بضمانات دول، في حمص وحماه ودرعا، واستمرار مجازره في الغوطة الشرقية . 

كل ذلك ولا يبدي الفاعلون السوريون في طبقة المعارضة الاكتراث اللازم، ولا تلقى دعوات المساعدة، أو حتى التضامن،  أذناََ مصغية. فهل صرنا شعوباََ حقاََ تدعوها روسيا لمؤتمر! أم أن لغة البراميل والكيماوي حولتنا أفراداََ وجماعات صغيرة، تحاول النجاة بالحد الأدنى من الحياة!