نازحو خان شيخون في مدينة إدلب: لن نعود

سيطرة النظام على المدينة في 20 أغسطس (ماهر المونس - فرانس برس)

لا ينوي عبد الله (اسم مستعار) العودة إلى مدينته خان شيخون في وقت قريب، بعد أن تلقَّى تهديداً بالاعتقال من أحمد حاج حسين وهو مسؤول محلي بحزب البعث أصبح رئيساً لبلدية المدينة مؤخراً. استولى الحاج حسين على ممتلكات كثير من أهالي المنطقة، وتقاسم مع قادة في الميليشيات التي تنتشر في المنطقة موسم الزيتون في الأراضي حول المدينة، ولم تسلَم حتى الأراضي التي يمتلكها المؤيدون للنظام.  

بعد سيطرة قوات النظام وحلفائه الروس على مدينة خان شيخون والقرى القريبة منها في شهر آب من العام الماضي، نشرت وسائل إعلام النظام عشرات التقارير عن إعادة تأهيل البنى التحتية وترميم بعض الأبنية العامة وعن بدء عودة النازحين، وعرضت لقاءات مع أشخاص شكروا "الجيش على تحرير مدينتهم"، وقالوا إنهم سعداء بالعودة إلى بيوتهم، لكن لم تكن هذه التقارير سوى دعاية تتكرر عن كل بلدة ومدينة تسيطر عليها قوات النظام، لتظل خالية تقريباً من السكان، حيث يمتنع أغلبية النازحين -وبينهم كثير من المؤيدين الذين فضَّلوا الإقامة بمناطق أخرى ظلَّت تحت سيطرة النظام- عن العودة، لأسباب أمنية أو اقتصادية في معظم الحالات. 

يرى الناشط محمد السلوم من خان شيخون، أن النظام يدعي العمل على إطلاق الخدمات وإعادة تأهيل المدارس والشوارع والمنشآت العامة، لكنه في الحقيقة لم يقم سوى بـ"تزفيت 30 متراً تقريباً"، ويؤكد السلوم أن عودة النازحين مستحيلة، لا سيما مع غياب مقومات الحياة "إذا الواحد بدو يشتري ربطة خبز بدو يسافر ٢٥ كم لصوران حتى يطعمي ولاده، والمعيشة مرتفعة كتير.. لذلك ما حدى يحسن يستقر".

يرفض حميد قطيني العودة، ومثله خالد النجم الذي تمكن من نقل بعض قطع الأثاث من منزله في المدينة حين غادرها مطلع العام 2018 هرباً من القصف، قبل أن يستقر به المطاف نازحاً في مدينة إدلب. لأن كل من يعود "إلى النظام معرض للاعتقال أو الاختطاف أو على الأقل السرقة والإهانة" وفق ما يقول حميد الذي ينفي عودة أي نازح من أهالي خان شيخون في مناطق المعارضة و"بالنسبة للقلَّة اللي رجعت فهن بالأساس كانوا عند النظام، ومن أهالي الشبيحة وبعض المؤيدين". ويعتبر خالد أن العودة "بعد سنين من القتل والقصف جنون، لأن النظام ومثله روسيا مالهم أمان".

يشرح هاني وهو ناشط من أبناء خان شيخون، طبيعة السيطرة الحالية داخل المدينة: "الفرقة ٢٥ هي المسؤولة عن السيطرة الكاملة على المدينة، وهي تابعة لروسيا، وكذلك فصيل الطراميح التابع لسهيل الحسن، حيث ليس هناك دور لقطع جيش النظام، وهي عبارة عن حرس لهؤلاء المليشيات والنقاط الروسية المتواجدة داخل المدينة وخارجها".

تقاسم الضباط وقادة الميليشيات النافذون عوائد الفستق الحلبي الذي تُعرف به خان شيخون والقرى والبلدات المجاورة لها، وانتشرت صور للجنود في البساتين خلال موسم القطاف إلى جانب ورشات جلبها متعهدو الضمان الذين يدفعون لقادة قوات النظام أموالاً طائلة. 

يقول خالد إنه شاهد العناصر في منزلهم الزراعي وسط البستان الذي تملكه أسرته "كان المنزل مدمر، وكانوا العناصر عم يتصوروا وهن يسرقوا رزقنا“، ويتهم مثل غيره من النازحين بعض "شبيحة" خان شيخون بسرقة الموسم، إلى جانب الضباط وقادة الميليشيات "بيطلعوا شي 50 واحد من العيل الشبيحة“. ويتفق مع غيره من المزارعين النازحين بأن المتورطين بسرقة الموسم هم من أبناء خان شيخون، ومنهم "مفيد ونضال العواج، أحمد سرماني وطارق سفر وحسين حاج علي".