مجموعات مسلحة من المدنيين لحماية أسواق إدلب

أحد دوارات إدلب - بعدسة الكاتبة

تكررت جرائم السرقة في إدلب وشمال غرب سوريا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وسط ضعف أمني وتردي الأوضاع المعيشية للشريحة الأكبر من المدنيين، ما دفع بعض التجار وأصحاب المحلات إلى البحث عن سبل من شأنها حماية أرزاقهم وممتلكاتهم، فكان إنشاء لجان مدنية للحراسة الحل الوحيد والأمثل.

تعرض محل أحمد الشيخ أحمد (٣٥ عاماً) لبيع الموبايلات في مدينة إدلب، لأكثر من عملية سرقة على مدى ثلاثة أعوام، ما أدى لخسارته الكثير من الأموال.

في حين لم يتمكن الجهاز الأمني التابع ل"هيئة تحرير الشام" في إدلب من إلقاء القبض على اللصوص حتى اللحظة، ما دفع أحمد إلى عرض فكرة إنشاء "لجان مدنية للحراسة" على أصحاب المحلات الأخرى المتضررين أيضاً من ذات المشكلة، وبالفعل لاقت الفكرة استحسانهم وبدأوا بتنفيذها على أرض الواقع منذ حزيران الماضي.

يقول الشيخ أحمد أنه لم يعد يثق بالجهات الأمنية القائمة، وخاصة مع كل تلك الفوضى والجرائم الواقعة وبشكل يومي، دون أي إجراءات حاسمة من شأنها إيقافها، أو حتى الحد منها على الأقل من خلال تسيير دوريات ليلية أو وضع كاميرات مراقبة، أو غيرها من الإجراءات التي من شأنها إنهاء معاناة المدنيين مع كل تلك الانتهاكات.

ويضيف أنه اجتمع مع عدد من أصحاب المحلات التجارية وقرروا تنفيذ "مشروع اللجان المدنية المسلحة، وفق معايير متعددة تتعلق بسلوك الأشخاص الذين يتم اختيارهم من حيث قدرتهم على أداء المهام الموكلة بهم"، لتشكيل مجموعات مهمتها حراسة السوق.

تتألف كل مجموعة من "اللجان المدنية" من عدد من الشبان تبدأ بخمسة فما فوق، كما يشرح الشيخ أحمد، يتم اختيارهم بحسب مدى حاجتهم إلى العمل، بعد "دراسة أمنية" مسبقة عن ماضيهم، والتأكد من هوياتهم ومكان إقامتهم. لا ينحصر اختيار الأفراد على سن معين، وإنما يكفي أن يكون الشخص قادر على حمل السلاح واستخدامه عند الضرورة القصوى، وإذا ما اضطر إلى استخدامه حين وقوع حادثة سرقة أو للدفاع عن النفس من اللصوص، ريثما تصل "المساعدات اللازمة".

التاجرالأربعيني سليمان العمر يؤكد أن أمنيّ هيئة تحرير الشام و"حكومة الإنقاذ" لم تمانع وجود لجان شعبية للحراسة الليلية، واعتبرت الأمر "خطوة إيجابية" لمساعدتها في حماية الممتلكات العامة والخاصة وسط ارتفاع معدلات الجريمة في المنطقة.

ويوضح أن "الهيئة أبدت تعاونها واستعدادها لأي دعم أو مساندة في حال الاشتباه بعملية سرقة أو تعرض إحدى المحلات لمحاولات السرقة من قبل عصابات مسلحة".

فيما يشك العمر أن تتمكن الهيئة من إلقاء القبض على اللصوص وإعادة الحقوق إلى أصحابها، بعد فشلها المتواصل في الكشف عن مرتكبي جرائم السرقة والوصول إلى الجناة، إلا في حالات نادرة ومحدودة جداً وفق تعبيره.

لأول مرة يشعر العمر بالأمان وعدم الخوف على محله في مدينة سرمدا من السرقة، بعد اعتماد مجموعة من الشبان لتولي مهمة الحراسة طوال الليل مقابل أجر أسبوعي يدفعه التجار وأصحاب المحلات من أموالهم الخاصة.

يعتقد كل من تكلمت معه "عين المدينة" من أصحاب المحلات بأن مشروع اللجان الشعبية استطاع حماية الممتلكات والمحلات بصورة واضحة، خاصة أنها أثبتت فاعليتها بعد تمكنها من إفشال العديد من محاولات السلب والنهب الممنهجة من قبل العصابات التي راحت تمتهن المهنة بكثير من الجرأة ودون رادع، كما يظهر من عمليات السطو والسرقة التي تنفذها.

الشاب أسامة عبيدو العشريني أحد الشبان العاملين في هذه اللجان يقول لعين المدينة، أن عمله في الحراسة يبدأ في ساعات المساء وينتهي حين تفتح المحلات أبوابها صباح اليوم التالي، ويتقاضى مبلغ 450 ليرة تركية بشكل أسبوعي لقاء عمله في الحراسة.

ويشيد الشاب العبيدو بأهمية المشروع في حفظ الأمن ومنع السرقات بعد مساهمتهم في إفشال عدة محاولات للسرقة وملاحقتهم اللصوص ومنعهم من تحقيق غاياتهم.

يتشارك كل خمس شبان على حراسة مجموعة من المحلات بشكل يومي، ويجري العمل على تعميم الفكرة في كافة المناطق المحررة من قبل الأهالي بغية إحلال نوع من الأمان في المنطقة من جهة، وتوفير فرص عمل للكثير من الشبان العاطلين عن العمل من جهة أخرى.

من جهته شجع هاني السليم مدير مخيم الرحمة في مدينة كللي على تعميم الفكرة حتى على مناطق المخيمات وغيرها من الحارات والشوارع لمنع السرقات التي لم يسلم منها حتى الفقراء والأكثر عوزاً.

وتتعرض محافظة إدلب الواقعة تحت حكم هيئة تحرير الشام منذ أواخر عام 2015 لجرائم يومية متعددة أخطرها جرائم القتل والسطو والسرقة التي ازدادت بشكل لافت مع تفشي الفقر والغلاء وقلة فرص العمل.