- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
سبع سنوات عجاف تعيشها العملية التربوية في ريف حماة الشمالي
لا شك أن ظروف الحرب التي عاشها الشمال السوري بشكل عام، وأهالي ريف حماة الشمالي بشكل خاص، كان لها الدور الأكبر في صنع فجوة في حياتهم أدت إلى إبعاد أولادهم عن العملية التعليمية.
مديرية التربية (الحرة) تعمل بشكل جدي لتقديم خدمات أفضل لمدارسها، لكن قلة الدعم والإمكانيات تحول دون ذلك، حسب أحمد هكوش (مدير تربية حماة الحرة). يقول "الهكوش": لدينا 70 مدرسة جاهزة لاستقبال الطلاب، بالإضافة إلى 160 مدرسة تشاركية مع النظام، حيث يدفع النظام مرتبات المدرسين دون أي إشراف عليها، إضافة إلى 35 مدرسة موزعة على مخيمات الشمال السوري.
ويضيف الهكوش أن المدارس تستوعب 44 ألف طالباً، لكن أعداد الطلاب تتجاوز هذا العدد بكثير؛ كما أن أغلب المدارس بحاجة للترميم والصيانة بنسب متفاوتة، (لكننا مضطرين لاستعمالها في هذه الظروف نتيجة غياب البديل، بالإضافة لانعدام الدعم المختص بإعادة الإعمار). ورغم أن المديرية لا ينقصها الكادر التعليمي، لكن كثير من المعلمين بحاجة لإعادة التأهيل والتدريب، كما يقول.
يعرض "الهكوش" مشاكل ومعوقات التعليم في المنطقة، جاعلاً تأمين المنهاج الدراسي من أهم المشاكل التي تعترض الأهل والتربية على حد سواء، فالمنهاج (الذي تم تأمينه لا يغطي سوى نسبة 25 بالمئة من نسبة الطلاب). إلى جانب ذلك، فإن المنظمات المهتمة بشأن التعليم قليلة جداً. ويشرح "الهكوش" بأن أهم الصعوبات التي تواجهها مديرية التربية، هي عجزها عن وضع خطة عمل واضحة تعتمد على الإمكانيات المادية والميزانية المتوفرة لديها، وذلك لافتقارها لأي نوع من أنواع الدعم المالي المنظم أو المستمر، وهذا ما يجعل عملها وخططها رهين لما تجود به بعض المنظمات الداعمة، التي ترى أن قرى ريف حماة الشمالي تقع ضمن شريط حدودي ساخن، على خلاف مناطق أخرى تتلقى دعماً أفضل.
تتفاوت آراء أهالي ريف حماة ومعاناتهم حسب المنطقة التي يعيشون فيها، فكل منطقة لها معاناتها التي تؤرق أهلها. أبوهاشم من مورك أب لثلاثة طلاب يتوزعون على المراحل الدراسية، ويسعى كغيره من الآباء الحريصين على مستقبل أبنائهم، إلى تأمين كافة مستلزماتهم، وليخلق لهم جواً مناسباً للدراسة على الرغم من التكلفة العالية التي قد يستلزمها ذلك، "والله الولد بكلف تقريباً شي 5000 ليرة لوازم قرطاسية، هاد غير إذا بدك تجيب لإبنك تياب جدد للمدرسة، أو تسجل للولد بدورة عند شي مدرس"، يقول أبو هاشم.
ويرى أن وضع التعليم في مدينة مورك جيد، لكن العقبة الأكبر التي تعترض أهالي الطلاب هي تأمين المنهاج الدراسي، حيث لا تتمكن التربية في كثير من الأحيان من تأمين منهاج لكل الطلبة، وبالتالي ينبغي على الأهل تأمين المنهاج من طالب سابق، أو تصوير المنهاج بطريقة ما "السنة الماضية تعبت كتير لقدرت أمن كتب للولاد، بس عندي بنت بقيت لآخر السنة تستعير كتاب فرنسي من عند رفقاتها، لأن مالقينالها كتاب".
ويشدد أبو هاشم على أهمية التخلص من المحسوبيات، ما قد يدفع بعجلة التعليم خطوات بعيدة للأمام، لأن الكثير اليوم يرغب بالعمل ضمن قطاع التعليم بهدف الحصول على وظيفة فقط، بغض النظر عن إمكانياته وقدراته "عم نعاني أحياناً من تعيين أستاذ غير مناسب، وما عندو إمكانيات، لكن عندو (واسطة)، وهذا الشي عم ينعكس ع الطلاب، خصوصاً بالمراحل الأولى".
في مناطق أخرى من حماة، قد تكون قلة المدارس أهم المشاكل التي يواجهها الأهل، مما يمنع الكثير من الطلاب من متابعة تعليمهم. يقول طه المصري، وهو أب لثلاثة طلاب من كفرنبودة، (المدرسة بعيدة جداً عن أولادي، فأنا أسكن على أطراف البلدة، والأولاد بحاجة لمن يوصلهم إلى المدرسة، خصوصاً في هذه الظروف الأمنية الصعبة، بالإضافة لاقتراب فصل الشتاء، وهذا الأمر يأخذ الكثير من وقت الآباء، وقد يصرفهم عن أعمالهم الخاصة التي يعيشون منها). ويأمل "المصري" بقيام الجهات المعنية والمنظمات بترميم مدارس أخرى في البلدة، بحيث يكون التوزع الجغرافي للمدارس مناسب بشكل أكبر.
الوضع الأمني يعتبر المعضلة الأكبر التي تواجه التعليم في بلدات ريف حماة الشمالي، حيث يحول القصف بين التلاميذ ومدارسهم في كثير من الأوقات. ترى أم محمد (أم لثلاثة أبناء وتعيش في كفرزيتا)، أن الواقع التعليمي في كفرزيتا سيء للغاية، "كثير بتشوف طالب بصف السابع وما بيعرف يقرا أو يكتب"، بالإضافة لغياب التأهيل عن أغلب مدارس المدينة، حيث تتعرض للقصف المستمر، مما يدفع المدارس لإغلاق أبوابها، ناهيك عن قلة الكادر التدريسي في البلدة "ماحدا بيرضى يدرّس بمنطقة عم تنقصف باستمرار، خصوصي إذا بشكل تطوعي" .