بروباغندا موسكو الكيماوية.. هيستيريا إنكارية وتلفيقات تائهة

ماريا زاخاروفا الناطقة بأسم الخارجية الروسية

قبل أن يُتاح لذوي شهداء مذبحة الهجوم الكيماوي في دوما استيعاب موتهم الفجائعي ودفنهم، بل وحتى قبل أن تبْرأ أنفاس أطفال المدينة من أثر غازات الأعصاب والكلور، انطلقت ماكينة البروباغندا الروسية بسعار لم يتوقف حتى اليوم، وهيستيريا إنكارية، لتبرئة ساحة نظام بشار الأسد من جريمة لايحتاج عاقل إلى لجان تحقيق ومختبرات للتوصّل إلى قناعة أنّه وحده القادر على ارتكابها، وأنّه وحده صاحب المصلحة في حدوثها.

فشلت أوركسترا التزييف المعتادة في إنتاج تجانس بين ضفتيها الروسية والسورية، فبينما أطلقت البروباغندا الروسية حملة واسعة النطاق لإنكار حدوث الهجوم، نشبت في الجانب السوري احتفالات التشفي بـ«الحاضنة الشعبية» للمسلحين. وفي حين كان على المسؤولين الروس، بداية بمتحدثة وزارة الخارجية التي تُحوّل كلّ قضية إلى مناكفة شخصية مع نظرائها الأميركيين، وصولاً إلى بوتين نفسه، أن يجدوا مسارات متّسقة لتمرير أكاذيبهم وإنكاراتهم، فقد خيّم الصمت في معسكر النظام قبل أن ينجرف لتكرار حرفيّ لكل ما تُورده موسكو من حجج.

اتُّهم سكان الغوطة بتخدير أطفالهم لتمرير صور الهجوم، وصيغتْ أفلامٌ بإخراج متقن للإيهام بفبركة الهجوم، قبل أن ينكشف للعالم -بسبب رعونة إدارة التزوير-أنّ الأمر فبركة تشبيحية قذرة.

 وحين ثبتت صور الأطفال مُختنقين بغاز قاتل في ذاكرة البشر، أعادت موسكو تلفيق الحكاية ليصبحوا ضحايا هجوم كيماوي بالفعل، لكنّ من قام به هذه المرة هم مسلحو جيش الإسلام، قبل أن يعود الكرملين إلى «الخوذ البيض» عدوه المفضل في سوريا، فأصبح المنقذون هم القتلة، وأهالي الضحايا مُتواطئون، والعالم كلّه إلا بشار الأسد مجموعة كاذبين.

تحت وطأة التهديدات بالضربة الغربية تاهت بوصلة التلفيق الروسية، تارة لا هجوم ولا ضحايا، وتارة لا أدلة ولا غازات، وأُخرى تلويح بقيام الحرب العالمية الثالثة على جثث أطفال اختنقت بالسارين، إن عوقب الأسد.

وفي حمأة الهسيتريا الإنكارية بدا أن موسكو تريد من مجلس الأمن أن يُحقق في هجوم لم يحدث، دون أن يتهم أحداً، ولا أن يتوصل إلى خلاصات، وعلى العالم كلّه أن يُذعن لافتراءات تقوم على أن من قتلهم الأسد لم يكونوا موجودين يوماً.