افتتاحية العدد 90

الثورة المنتصرة ولو بعد حين

باتت المعادلة واضحة، حالما يهدأ استهداف الطيران والمدفعية يخرج أبناء المناطق المحرّرة، حاملين الأعلام الخضر، لتحية الثورة، ولا سيما عند مفاصلها الهامة أو في ذكراها.

لا شك أن الإنهاك بلغ من السوريين، وخاصة أبناء هذه المناطق، مبلغه، لكن هذا لم يدفعهم إلى الاستسلام كما يأمل الأسد وحلفاؤه متعددو الجنسيات. غير أن الرهان على صمود «أسطوري» لانهائي لقوى الثورة، العسكرية والمدنية، وجمهورها، هو رهان ليس واقعي، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة إلى دعم دولي جاد لمطالب السوريين في الحرية والكرامة، وهو ما كان يجب أن يحصل منذ أطلق نظام الأسد لوحشيته العنان، ولو حدث لوفّر الكثير من الدماء وحجّم الكثير من التطرف والنوازع الثأرية.

هذا ما طالب به السوريون قبل خمس سنوات تماماً، ويطالبون به حتى اليوم، حين يشاركون في مفاوضات جنيف أو يقاطعون مباحثات الأستانة، والهدف واحد في الحالتين... ضمانات دولية لوقف القتل. وهو ما لم يمنحهم إياه أحد، لا الدول الغربية الصديقة العاجزة للثورة، ولا حلفاء النظام من منتحلي ثوب الحياد والحكمة زوراً ووقاحة.

وقعت الثورة في أخطاء، وهذه لازمة تاريخية لكل الثورات. ولم تكن الثورة ضعيفة في أي وقت، وكان بمقدورها وحدها إسقاط النظام، كما اعترف حلفاء النظام الروس والإيرانيون متباهين بأدوارهم المتصاعدة لإنقاذه، ولم يبد الأصدقاء المفترضون للثورة الاستجابة اللازمة مقابل هذه الأدوار، ليقع الحمل الثقيل في مقاومة الطغيان على السوريين العزل وحدهم.

 في ذكرى الثورة نستحضر حكايات الشهداء، أسماءهم، وجوههم، وعيونهم الغارقة في الذهول لحظة الموت، قبورهم، نستحضر المغيبين في ظلام المعتقلات الرهيب، ونستحضر المشردين الهائمين على وجوههم في الأرض التي ضاقت عليهم بما رحبت. نقيس مقادير العذاب التي لحقت بهم، نقيس المظالم التي نزلت بنا ولا تقاس.

في ذكرى الثورة، عزم واحد يجب أن يملأ قلوبنا، هو ألا نساوم، لا نصالح منكسرين، لا نتنازل ولا نعترف بفارق القوة الراهن اليوم، فسوف يتغير في وقت ما، قريب أو بعيد، وسوف يدفع القتلة الثمن.

في ذكرى الثورة نجدد الثقة بها، بأنها الحق والواجب وسبيل الخلاص الوحيد.