اعترافٌ فرنسيٌّ بخطأ عدم التدخل في سوريا... وملفٌّ جديدٌ للكلور عقب الكيماويّ

لم يكن ترشح بشار الأسد للانتخابات الرئاسية، المزمع إقامتها في سورية مطلع شهر حزيران القادم، مفاجئاً لمجمل الدول التي حذرت من إجراء هذه الانتخابات. فالغرب، الذي رأى في هذه الانتخابات مهزلة، عبّر اليوم عن يأسه من العملية السياسية التي سيقودها نظام الأسد. ولم تتجاوز رؤى عدّة دولٍ تصنّف بأنها ممارٍسةٌ للضغوط على نظام الأسد، مجرّد التعليق أو التصريح على لسان ناطقين إعلاميين ودبلوماسيين في خارجيات هذه الدول.
وأمام الصورة التي ترفضها دول "أصدقاء سوريا"، كان من اللافت جملةٌ من الاعترافات بتقصير الغرب تجاه السوريين، مع تصاعد العمليات العسكرية ضد المدنيين في عدّة مدنٍ سوريةٍ أهمها حلب. فقد قال وزير الخارجية الفرنسيّ، لوران فابيوس، في كلمةٍ له أمام نوّاب فرنسيين، إن الخطأ الذي ارتكبه الغرب هو "عدم التدخل في سوريا"، وإن بريطانيا وأمريكا لو تدخلتا خلال الصيف الماضي إلى جانب فرنسا لكان "تصرّف حكومة بشار الأسد" قد اختلف.
وأمام إعلان الفشل الغربيّ على لسان الخارجية الفرنسية، جاءت الأمم المتحدة أيضاً لتعلن فشلاً جديداً، تجلى في عدم وصول المساعدات الإنسانية إلا إلى 12% من السوريين الموجودين في أماكن يصعب الوصول إليها.
وعبّرت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، فاليري أموس، في مجلس الأمن الدوليّ، عن أن الوضع بعيدٌ عن التحسن بل "إنه يتفاقم"، فيما لا يزال "الجانبان" يرتكبان انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان. وطالبت أموس مرةً جديدةً بأن تتمكن القوافل الإنسانية من عبور خطوط الجبهة والحدود التركية والأردنية، كما طالبت بـ"ضماناتٍ أمنية".
ويأتي تصريح أموس متزامناً مع تصريح المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الذي أكد أنه من المستحيل تقديم المساعدات دون موافقة نظام الأسد. وهو الموقف الذي اتفقت معه فيه سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سامانثا باور، محملةً النظام السوري مسؤولية فشل وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها داخل الأراضي السورية.

بعـــــثــــةٌ جـــــديــدةٌ يـــوافــــق عــليــــهـا نـــظام الأســـد

مع انتهاء المدّة المخصّصة لتسليم السلاح الكيماويّ الموجود لدى نظام الأسد، وافق النظام على قرار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بإرسال بعثةٍ لتقصّي الحقائق حول هجماتٍ بالكلور في سوريا، متعهداً بتأمين المناطق الواقعة تحت سيطرته، وذلك بعد أن أعلنت المنظمة أنها ستشكل بعثةً لتقصي الحقائق، للتحقق من معلوماتٍ حصلت عليها قبل فترةٍ قريبةٍ حول هجمات بالكلور في سوريا. ومن جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن دعمه للبعثة، واعداً بتوفير المساعدة اللوجستية والأمنية لها.
ويأتي قرار تشكيل البعثة الجديدة بعد أن أعلنت البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة في وقتٍ سابقٍ عن أن نحو 8% من الترسانة الكيمياوية لا تزال في سوريا، وذلك في اليوم الذي كان من المفترض أن تنجز فيه عملية نقل الترسانة. إذ قالت منسقة البعثة، سيغريد كاغ، في مؤتمرٍ صحافيٍّ عقدته في دمشق، بأن المشكلة هي أن نسبةً تساوي 8 بالمئة تقريباً لا تزال موجودةً في البلاد "في موقعٍ محدّد".
وأمام تقصير نظام الأسد في تسليم باقي الترسانة، بيّنت مصادر مخابراتيةٌ من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وفق مصادر دبلوماسية أوروبية، أن نظام الأسد ما زال يحتفظ بقدرةٍ على استعمال ونشر المزيد من الأسلحة الكيمياوية، وسط تسريباتٍ غربيّةٍ عن فشل الأسد بالتخلص من السلاح الكيماويّ على الرغم من وعودٍ كان قد قدّمها مسبقاً بتسليم كامل الترسانة.
ومن جانبه نفى النظام السوريّ احتفاظه بالقدرة على نشر السلاح الكيماويّ. واصفاً ما جاء على لسان دبلوماسيين غربيين بالادّعاء، وبأنه "محاولةٌ أميركيةٌ أوروبيةٌ لاستخدام سياساتها "الصبيانية" لابتزاز حكومة الأسد"، وفق مصادر من الخارجية السورية.