إسرائيل وحزب الله: هل آن أوان القطاف؟

كثرت، في الآونة الأخيرة، التكهنات بشأن حرب إسرائيلية جديدة مفترضة على حزب الله الإيراني في لبنان. بل يمكن القول إن الحزب نفسه أصبح يتساءل عن توقيت الضربة، لا عن احتمال وقوعها الذي يراه محتماً. وعموماً يميل المراقبون إلى الإشارة إلى أشهر الصيف الملائمة أكثر للغارات الجوية، كما لأي توغل بري محتمل للقوات الإسرائيلية. وسينتظر الإسرائيلي، كعادته، وقوع حادث ما، من شأنه أن يشكل ذريعة مناسبة للحرب. ومهما تجنب الحزب الإيراني إعطاء ذريعة من هذا النوع، فلا تعدم الاستخبارات الإسرائيلية عملاء لها بين صفوف الحزب، على ما بينت سوابق كثيرة في سجله الأسود، يمكنهم اختلاق ذريعة مناسبة من نوع حادثة «لو كنتُ أعرف» الشهيرة لحسن نصر الله.

كالقدر الذي لا مفر منه، إذاً، ينتظر اللبنانيون وقوع كارثة جديدة، لن يكون بوسع حسن أن يصفها، هذه المرة، بـ«النصر الإلهي» ولا بأي تجميل آخر لجنازة حزبه وخراب لبنان.

أما إسرائيل فسوف تجد الغطاء السياسي لحربها الجديدة بأوسع مما وجدت في حرب العام 2006. فإدارة دونالد ترامب في واشنطن تعلن صباحاً ومساءً أنها بصدد تحجيم النفوذ الإيراني في الإقليم، وطلبت من حزب الله الموجود على لوائح المنظمات الإرهابية في الخارجية الأميركية، علناً، سحب قواته من سوريا. لا يحتمل الأمر، إذاً، تأويلات متباينة للسياسة الأميركية تجاه إيران وحزب الله، على ما كانت عليه الأمور في عهد باراك أوباما. بكلمة واحدة: بات حزب الله في المرمى الأميركي. ويكفي واشنطن إطلاق يد إسرائيل لتحقيق هذا الهدف، من غير أن تتكلف بنفسها أي مجهود خاص.

وهذا ما تريده إسرائيل أيضاً. فالجيش الإسرائيلي بحاجة دورية لـ«شحذ الهمم» في صفوفه، للحفاظ على دوره «المصيري» في «تحقيق أمن إسرائيل»، ولتحافظ النخب اليمينية الحاكمة على شعبيتها و«ضرورتها» لضمان مستقبل الكيان. وأخيراً تحتاج إسرائيل إلى الحفاظ على صورة «البلد المحاصر بالأعداء» والقادر –بالمقابل- على «الدفاع عن نفسه».

ولن يقتصر الغطاء السياسي على الولايات المتحدة وحدها، بل سيتبع الأخيرة حلفاؤها التقليديون من الدول الأوروبية، كما رأينا في استعادتهم لموقفهم الحاد من النظام الكيماوي، في أعقاب الضربة الصاروخية الأميركية لمطار الشعيرات، بعدما كانوا قد استكانوا للسياسة الروسية في سوريا، وسلموا لموسكو بإدارة الملف السوري حرباً وتسوية سياسية.

كذلك سيكون موقف دول الخليج وبعض دول ما يسمى بـ«الاعتدال العربي»، من غير تهليل علني للاعتداء الإسرائيلي المفترض، ربما، ولكن بتحميل حزب الله مسؤولية إشعال الفتيل، على ما رأينا في موقف تلك الدول من حرب 2006 أيضاً. فما بالكم، وقد بلغ التوتر السني-الشيعي العابر للدول أقصى درجاته، بسبب التمدد الإيراني في أكثر من دولة، وبخاصة في اليمن والبحرين، دون أن نغفل أهمية سوريا والعراق ولبنان.

وفي سوريا بالذات ستكون الشماتة العلنية، في الرأي العام الشعبي، بأي ضربة يتلقاها هذا الحزب المجرم بحق الشعب السوري، حتى لو جاءت من إسرائيل التي لا يكن لها الود أي سوري مهما بلغ تضرره من حزب الله أو غيره من القوى المساندة لنظام الكيماوي والبراميل. صحيح أن الشماتة ليست موقفاً سياسياً، ولكن إذا أدت الضربة الإسرائيلية المتوقعة، أو الضغوط الأميركية بمختلف وجوهها، إلى سحب الحزب الإيراني في لبنان لقواته من سوريا، فمن شأن تطور مماثل أن يغير موازين القوى العسكرية بصورة كبيرة لغير مصلحة النظام الكيماوي.

سيكون موقف اللبنانيين عموماً، والقوى السياسية المناهضة لحزب الله خصوصاً، هو الأصعب. فالضربة المفترضة التي قد تحجّم من هيمنة الحزب الإيراني على الدولة اللبنانية، إضافة إلى احتمال سحب قواته من سوريا، ستدمر أيضاً البنية التحتية اللبنانية وتقتل ربما آلاف المدنيين، كما حدث في 2006.

الخلاصة أن حزب الله الذي أصبح في المرمى الإسرائيلي-الأميركي المحتمل، لن يجد من يبكي عليه.