- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
من ضفة إلى أخرى.. معابر اليوم في دير الزور وجسور الأمس
منذ بدأ تدمير الجسور في دير الزور، راحت تتقلص حركة سكان المحافظة بين ضفتي نهر الفرات، فاقتصرت على الضرورات الاقتصادية والروابط الاجتماعية في حدها الأدنى، وظهرت السفن النهرية كحل بديل دخلت رسوماته ومصاعبه في حسابات تلك الحركة، لكن وجود ميليشيات الأسد وضرائبها، اليوم، شلت الحركة نهائياً، عدا عن القطيعة المعلنة بين القوى المسيطرة على شقي المحافظة؛ القوات الإيرانية والروسية والنظام السوري، وشماليها على الجهة المقابلة "قوات سوريا الديمقراطية".
تمتد السيطرة الشكلية للنظام على طول الضفة اليمنى لنهر الفرات، بحيث يستحوذ على المدن الرئيسية في المحافظة، الدير والميادين والبوكمال والعشارة؛ وتستحوذ تلك المدن أساساً على الجسور الكبرى، وقد بدأت تفقدها تباعاً منذ نهاية العام 2012، موعد سقوط جسر كنامات في مدينة ديرالزور. حين وصل خريف العام 2016، كانت آخر جسور السيارات تتهاوى تحت ضربات طيران التحالف الدولي الذي أسقط جسور الميادين والعشارة والبوكمال، والطيران الروسي الذي ختم سلسلة محاولات طيران النظام الفاشلة، منذ وقت مبكر، لإسقاط جسر السياسية في مدينة الدير.
كانت ذريعة التحالف الدولي في استهداف الجسور قطع إمدادات تنظيم داعش، وتقطيع أوصال دولته، على أن التنظيم اعتمد، من ثمّ، على العبارات النهرية (سفن كبيرة نسبياً تستعمل لنقل الأشخاص والسيارات) في نقل مقاتليه وسلاحه وعتاده، كما اعتمد على العبارات كوسيلة للتنقل، ثم النزوح، معظم أهالي المحافظة، فترك استهداف الطيران الروسي لها مجازر هي الأكبر في ديرالزور.
الجسور اليوم
تشيع قوات النظام عبر عناصرها أن عمليات صيانة ستجريها روسيا لجسور مهدمة، مثل جسر الميادين، تعززها بروباغندا مسؤولي النظام، مثل تصريح وزير الإسكان والأشغال العامة عن "تجهيز قوالب الجسور، وعزم النظام على إعادة الجسور كما كانت"، على أن وضع الأخيرة على ما هو عليه، منذ سيطرته على أراضي الشامية من ديرالزور، باستثناء الجسر الحربي الذي أقامته القوات الروسية عند عبورها إلى ضفة النهر اليسرى شمال مدينة الدير، وقد حل محله اليوم جسر دائم، وجسر قريب منه لإيران.
ويضاف إلى قلة فاعلية الجسور، حتى في حال عودتها للخدمة، أن قوات النظام تعتقل أغلب الواصلين إلى أراضيها، وتزج بهم في التجنيد الإجباري، سواء كانوا ممن دخلوا في ما يسمى مصالحة أو لا، الأمر الذي انعكس على كون المتجهين إلى هناك هم من كبار السن.
في أيلول من العام 2017، أنشأ الروس وميليشيات النظام جسراً عائماً على نهر الفرات، عبرت منه القوات من الشامية إلى الجزيرة، ثم استبدل، بعد سيطرتهم على عدد من قرى شمال مدينة الدير وتأمين خاصرة المطار العسكري من الجهة الشمالية، بجسر حربي لتنقل ميليشيات فاغنر الروسية والفيلق الخامس بين الضفتين، قام على إثره التحالف الدولي، المتحكم بسد الفرات، بزيادة منسوب الماء؛ ما انعكس على الجسر الذي جرفه النهر ودمره كلياً، فقامت الميليشيات الروسية بإنشاء جسر بديل بنفس المكان، منذ قرابة الأربعة أشهر.
يرتفع الجسر الجديد عن سطح ماء النهر قرابة المترين، ويربط الضفتين بين بلدتي المريعية على الضفة اليمنى ومراط على اليسرى، ويخدم تنقل السيارات العسكرية والعتاد، إلى جانب السيارات المدنية بإشراف روسي، وبأوقات محددة؛ حيث يفتح الجسر طريقه للعمل من الساعة التاسعة صباحاً، لغاية الساعة الرابعة عصراً، ثم مدد بالآونة الأخيرة للساعة السادسة، ويغلق ليلاً بشكل كامل أمام التنقلات المدنية والعسكرية التابعة لقوات الأسد أو إيران.
كما أقام الإيرانيون جسراً يربط الضفتين بين حي الحويقة بمدينة الدير وقرية الحسينية في ريفها الغربي، إلا أنه قليل الاستخدام، بسبب المعاملة السيئة والتشليح والابتزاز الممارس بحق الأهالي من قبل الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني (لواء القدس) وفرع الأمن العسكري.
العبارات
لم ينقطع سكان دير الزور، قبل الثورة، عن استخدام السفن النهرية في تنقلهم بين ضفتي النهر، إلا أنها اقتصرت على المناطق البعيدة عن الجسور، خاصة عند الانتقال إلى الجزر النهرية (الحوايج) ومنها، وبغرض الصيد والتنزه كذلك. ومع انهيار الجسور، وقطع الطريق الحيوي الواصل بين مدينتي الدير والميادين، استجاب الصناعيون المحليون لحاجة نقل المركبات والأشخاص بأعداد كبيرة، لتظهر العبارات المسيّرة بمحركات ضخمة والمصنعة غالباً من البراميل المعدنية المرصوفة، وانتشرت نقاط تنقلها بين الضفتين (المعبار) باضطراد، حتى صار يفصل بين المعبار والآخر مسافة 10-15 كم في بداية العام 2017.
تسمح اليوم الميليشيات على ضفة النظام بعبور عدد محدد من الأهالي، وفي أربعة معابر تنتشر فيها حواجزهم، بينما تخلو منها ضفة "قوات سوريا الديمقراطية". فدون أي حاجز على ضفة النهر في قرية حمار العلي (قسد) يرتب بعض السكان أمور عبورهم إلى بلدة الشميطية في ريف ديرالزور الغربي، الواقعة تحت سيطرة قوات الأسد، والذي يستقبلهم بحاجز أول للفرقة الرابعة، يبتزّ عناصره مبالغ مالية من العابرين، ويعتقلونهم في بعض الأحيان.
تكلف تلك الرحلة مبلغ 500 ليرة سورية عن كل راكب يستقل العبارة النهرية إلى الضفة الأخرى، وتعمل العبارات من الساعة السادسة صباحاً وحتى الخامسة مساء، و يجازف البعض بالعبور أحياناً من قرية الجنينة لتهريب مشتقات نفطية.
تنتشر حواجز الفرقة الرابعة كذلك على معبر نهري يصل بين مدينة الميادين (نظام) وقرية الحوايج (قسد)، وآخر قريب منه بين بلدة الشحيل (قسد) و قرية بقرص (نظام)، ويسلك هذه المعابر كبار السن عادةً، بعضهم يعود إلى مناطق قسد بعد تفقدّ منزله، ويصل عددهم إلى 20-25 شخصاً في اليوم، بتكلفة 3000 ليرة سورية يتقاسمها مناصفةً صاحب العبارة النهرية والمسؤول في قوات قسد في المنطقة، الذي يمنحهم (الإذن) في العبور. ويضاف إلى تلك المعابر شرقاً، معبر أخير يصل بين قرية أبو حردوب (قسد) وبلدة صبيخان (نظام)، لكنه غير آمن بسبب استهدافه من ميليشيات الأسد، لذلك لا يستخدم إلا نادراً.
ويستخدم في العبور بين مناطق السيطرة، إضافة إلى المعابر، نفق في منطقة الجزيرة يصل بين قريتي الجنينة والحسينية، حيث تنتشر قوات روسية وإيرانية مساندة للنظام، ويتم من خلاله تهريب بعض الأشخاص الراجلين أو على دراجات نارية في أوقات متباعدة.
أهم جسور دير الزور على نهر الفرات:
الجسر المعلق: بناه الفرنسيون في عشرينات القرن الماضي ليصل بين مدينة دير الزور على الضفة اليمنى لنهر الفرات وضفته اليسرى قرب قرية الحسينية.
الجسر اليوغسلافي: ويعرف ب"جسر السياسية" لوقوع مبنى الأمني السياسي قرب مدخله الجنوبي، بنته شركة يوغسلافية في ستينات القرن الماضي، ويصل مدينة دير الزور في الضفة اليمنى لنهر الفرات بضفته اليسرى قرب قرية حطلة.
جسر الميادين: بني في سبعينات القرن الماضي، ويصل مدينة الميادين في الضفة اليمنى لنهر الفرات بضفته اليسرى بين قرية الحوايج وبلدة ذيبان.
جسر العشارة: بني في سبعينات القرن الماضي على شكل جسر حربي، ليصل مدينة العشارة في الضفة اليمنى لنهر الفرات بضفته اليسرى في بلدة درنج، وأعيد تأهيله في العقد الماضي باستعمال الخرسانة المسلحة.
جسر البوكمال: بني في ثمانينات القرن الماضي، ويصل مدينة البوكمال في الضفة اليمنى لنهر الفرات بضفته اليسرى قرب قرية الباغوز.
الجسر العتيق: ويعرف ب"الأعيور"، يقع على الفرع الصغير لنهر الفرات في مدينة دير الزور، بني أول مرة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، وأعيد تأهيله منذ ذلك التاريخ عدة مرات.
جسر الكنامات: يقع على الفرع الصغير لنهر الفرات في مدينة دير الزور، وبني في ستينات القرن الماضي.
جسر الجورة: يقع على الفرع الصغير لنهر الفرات في مدينة دير الزور، وبني في سبعينات القرن الماضي.
معبر الشحيل - خاص