- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
13 جريمة عنيفة في أسبوع .. تدهور أمني حاد في منطقة قسد في دير الزور
بلغ عدد الجرائم العنيفة المسجلة في الأسبوع الأول من شهر أيلول الجاري، في منطقة سيطرة قسد في دير الزور، 13 جريمة، 4 منها يمكن تصنيفها كجرائم جنائية الدافع، و4 أخرى نزاعات أهلية، والباقي عمليات نفذتها خلايا تنظيم داعش كان بينها قتل امرأة في شارع في مدينة البصيرة.
دون إضافة الاشتباكات المتكررة عبر نهر الفرات بين قسد وقوات النظام، والتي يسقط فيها أحياناً ضحايا من السكان المدنيين، تكشف هذه الحصيلة الأسبوعية عن حالة هي أقرب للفلتان الأمني تؤكدها حصيلة الأسابيع والأشهر السابقة، ففي الأسبوع الأخير من شهر آب الماضي وقعت 10 جرائم عنيفة توزّعت أيضاً بين الجرائم الجنائية والنزاعات الأهلية وعمليات داعش. ووفق التوزيع نفسه جاءت حصيلة شهر تموز الماضي، وبلغت 30 جريمة عنيفة تقريباً، بعضها غير مسبوق في بشاعته، مثل تورط شاب مدمن على المخدرات مع شخص آخر في قتل أمه وإلقاء جثتها في خزان، وقتل رجل مختل، ابنه وحفيدته وهما نائمان.
بالمقارنة مع حصيلة تقرير سابق نشرته عين المدينة في شباط 2023، وبلغت 50 جريمة عنيفة في شهرين، ارتفعت وتيرة العنف في المنطقة، وتفاقمت مظاهر الانفلات الأمني، وكأن السلطة التي أنشأتها قسد أو الإدارة الذاتية في دير الزور لا تبذل جهداً يُذكر للحد من هذه المظاهر. يقول محمد وهو ناشط مدني من دير الزور أنه من النادر أن تلقي قوى الأمن الداخلي التابعة لقسد القبض على عصابة لصوص مسلحة أو على قاتل بدافع جنائي إلا في الجرائم التي تحمل بعداً سياسيّاً أو أمنيّاً، أو الجرائم التي يتورط فيها أحد عناصرها وتصبح قضية رأي عام محليّ. ويتساءل محمد عن عدد الأشخاص المحكومين جنائيّاً في سجون قسد.
وبالرغم من أن قسد تركز جهودها الأمنية في اتجاه واحد، هو ملاحقة عناصر خلايا داعش، وتنجح أحياناً في الإيقاع بهم، إلا أن ذلك لم يردع بعض المجرمين أو بعض العصابات عن الادعاء بأنهم أعضاء في تلك الخلايا، وعن استخدام أساليبها في تنفيذ جرائمهم، وخصوصاً جرائم الابتزاز المالي التي قد تتطور إلى جرائم قتل. وذلك بهدف التمويه وإرهاب الضحايا أو ذويهم وردعهم عن ملاحقة المجرمين، الأمر الذي يستفز داعش التي تريد احتكار الابتزاز المالي، فتلاحق منافسيها هؤلاء وتقتل بعضهم أحياناً. تقول سيدة تعرض أخوها التاجر لمحاولة اغتيال نُسبت لتنظيم داعش، أن المجرمين ليسوا من التنظيم، بل عصابة مسلحة يقف خلفها أشخاص متنفّذون، لا تريد التصريح بأسمائهم.
شجع إهمال قسد للجرائم العنيفة ذات الدافع الجنائي، العصابات على العمل بحريّة نسبية وعلى تطوير أساليبها من السرقة في الخفاء وخلسة عن أصحاب الممتلكات، إلى السرقة العلنيّة أمامهم. ففي ليلة 6 أيلول اقتحمت عصابة مسلحة منزل صانع حلويات في مدينة البصيرة واحتجزت أسرته وأرغمته تحت التعذيب على إرشادها إلى المخبأ الذي يُخفي فيه مدخراته من أموال ومصاغ ذهبي.
على مستوى آخر، لا تتدخل قسد أو قوى الأمن الداخلي أيضاً، في معظم النزاعات الأهلية التي تنفجر بين وقت وآخر على شكل اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين عشيرتين أو بين عائلتين، ولا تحاول محاسبة المتورطين في هذه الاشتباكات بعد أن تتوقف، رغم أن أكثرها يُسفر عن سقوط قتلى وجرحى، ويتسبب بتعطيل الحياة العامة بعض المدن والبلدات. وفي جلسات الصلح التي تنجح أحياناً في صناعة سلام هش ومؤقت بين طرفين أهليين متحاربين، يشارك بعض قادة قسد ومسؤولي الإدارة الذاتية في هذه الجلسات كأنهم أعيان محليّون أو شهود لا يتحملون مسؤولية قانونيّة وأخلاقيّة تتجسد بالدفاع عن الحق العام وتحصيله لصالح المجتمع من خلال إنزال العقاب بالجناة، حتى وإن تنازل الطرف الثاني عن حقوقه الشخصية.
إلى جانب عامل اللامبالاة لدى قسد، هناك عامل آخر لا يقلّ تأثيره أهمية في تدهور الواقع الأمني، هو التفكك الاجتماعي، فلم يكن ممكناً أن تتكاثر بعض أنواع الجرائم، لو حافظ المجتمع المحلي على درجة تماسكه السابقة.