lang.HOME http://ayn-almadina.com/ ar 2023-05-28T10:31:17 بعد صدمة الزلزال.. إدلب تفتقد الدعم الخارجي (هناك بعض الأشخاص توفوا قبيل وصولنا إليهم) http://ayn-almadina.com/details/5370/5370/ar 5370 date2023-02-14 19:50:53 ayn-almadina "خمسة أشخاص تحت الأنقاض كانوا يناشدوننا لإنقاذهم لمدة يومين، لكن نفسهم وصوتهم انقطع اليوم" هذا ما يقوله ابن العم مازن سعيد (30 عاماً) في مدينة سلقين بعد يومين من وقوع الزلزال. وكان ابن عمه مع زوجته وأبنائه الثلاثة قد قضوا تحت أنقاض بناية تق...
بعد صدمة الزلزال.. إدلب تفتقد الدعم الخارجي (هناك بعض الأشخاص توفوا قبيل وصولنا إليهم)

بعد صدمة الزلزال.. إدلب تفتقد الدعم الخارجي (هناك بعض الأشخاص توفوا قبيل وصولنا إليهم)

رادار المدينة

"خمسة أشخاص تحت الأنقاض كانوا يناشدوننا لإنقاذهم لمدة يومين، لكن نفسهم وصوتهم انقطع اليوم" هذا ما يقوله ابن العم مازن سعيد (30 عاماً) في مدينة سلقين بعد يومين من وقوع الزلزال. وكان ابن عمه مع زوجته وأبنائه الثلاثة قد قضوا تحت أنقاض بناية تقع خلف مستشفى الحكمة في سلقين، يسكنون فيها منذ نزوحهم من معرة النعمان، تتألف من أربعة طوابق انهارت تماماً بسبب الهزة الأرضية الأولى.

ويوضح مازن بأنه جمع مجموعة من الشباب لمساعدة ابن عمه وعائلته، لكنهم لم يستطيعوا فعل أي شيء لعدم توفر المعدات الثقيلة من تركسات وحفارات وغيرها. وهو الأمر الذي اشتكى منه هيئات ومنظمات محلية عديدة تعمل في إدلب وحلب، مثل الدفاع المدني.

محمد زعتور عامل في الدفاع المدني العامل في إدلب، قال بأنهم عملوا بجد لإنقاذ الناس، لكن لا يوجد كوادر كافية لمراعاة السرعة في البحث، والتي تنقذ المزيد من الأحياء قبل فوات الأوان، وذلك لقلة الإمكانيات مقابل حجم الكارثة وامتدادها.

الإعلامي جميل الحسن من كفرنبل والذي كان يرافق فرقة من الدفاع المدني السوري في بلدة جنديرس المنكوبة شمال حلب، قال بأنه خلال جولتهم في البلدة كانت مجموعة من الناس تستنجد وتناشد من تحت الأنقاض، تبلغ حوالي ستين شخصاً من أصل 200 شخص، لكن بعد مضي المزيد من الوقت كان عددهم يتناقص حتى بلغ 12 شخصاً ناجياً على قيد الحياة  فقط  بعد إخراجهم. وأضاف قائلاً "هناك بعض الأشخاص توفوا قبل وصولنا إليهم بساعة تقريباً". لم يفتح معبر باب الهوى -وهو الوحيد المخصص للمساعدات الإنسانية- مباشرة أمام محاولات أهلية سورية من داخل تركيا لإنقاذ العالقين، كما في حالة المساعدة التي جهزها الفنان السوري الكوميدي (يمان نجار) من حلب، وهي 24 تركس من داخل الأراضي التركية لدخول الأراضي السورية للمساعدة في الإنقاذ منذ بداية حدوث الزلزال.

في اليوم الثالث على الزلزال نشرت إدارة معبر باب الهوى على موقعها الرسمي على الأنترنت، أنه "لم يصل إلى المناطق المحررة شمال غرب سوريا أية مساعدات من أي جهة كانت، سواء كانت أممية أو غير أممية" وأبدت إدارة المعبر استعدادها "لتسهيل عبور أية قوافل إغاثية أو فرق تطوعية أو معدات تساعد في إزالة الأنقاض أو أي شيء يخفف عن أهلنا المنكوبين".

لكن المعبر فتح رسمياً فقط أمام سيارات القتلى السوريين الذين قضوا بسبب الزلزال وهم قادمون من داخل الأراضي التركية لدفنهم، بينما جاءت تصريحات الخارجية التركية بأن تركيا "ترغب بتيسير الدعم الدولي ليصل إلى الشعب السوري وستبذل قصارى جهدها لمساعدة الشعب السوري". في حين أفاد مدير الدفاع المدني في مدينة حارم المنكوبة عبد الرحمن حنيني، بأن إدارة الدفاع المدني شمال غرب سوريا طالبت رسمياً بتحقيق دولي علي لسان رئيسها (رائد الصالح) من مدينة جسر الشغور، حول تأخر وصول المساعدات إلى المنطقة.

وبعد أسبوع على الكارثة، وفي مساء 13 شباط قالت إدارة فريق الدفاع المدني على صفحتها الرسمية في فيسبوك، أن عدد ضحايا الزلزال بلغ 2274 شخصاً، وأكثر من 12400 مصاب، مع استمرار عمليات البحث لانتشال جثث المتوفين.

عبد الرحمن حنيني من كفرنبل قال لعين المدينة "كان من الممكن أن يكون عدد الضحايا أقل من ذلك لو كان هناك فرق إنقاذ عالمية جاءت للمساندة فور وقوع الزلزال، لكن لم يصل أحد ما عدا بعض الفرق التي جاءت من دولة مصر العربية بعد يومين من وقوع الزلزال".

وأفاد عبد الرحمن أن تكاتف الناس في المنطقة ومساندة بعضهم بعضاً قد ساهم بحد كبير في إنقاذ وإخراج بعض الناجين والمتوفين من تحت الأنقاض، حيث جاءت كوادر شبابية مع معداتها للعمل من جرافات وبواكر وتركسات وجرارات من مناطق جبل الزاوية جنوب المنطقة المنكوبة، ومن مناطق أخرى لم تتأثر بالزلزال. وأشاد بالدور الكبير الذي تجسد في تكاتف الناس والذي أدى إلى العمل المفيد والفاعل في إنقاذ الكثيرين ونجاح سير عملياتهم حسب تعبيره.  وعن عدد العوائل والأشخاص الذين ما زالوا تحت الأنقاض بعد مضي مئة ساعة على الزلزال العنيف، قال عبد الرحمن: "لا يمكن التكهن بهذا العدد لأن العملية ما زالت  مستمرة، ونحن نعمل بناء على بلاغات أهالي المفقودين لنا  بفقدهم، وبناء على تقديراتنا الخاصة وما نشاهده أمامنا".

استنكر الإعلامي السوري محمد الفيصل وصول مساعدات من الأمم المتحدة بعد خمسة أيام من وقوع الكارثة مساعدات غير معنية بإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض أصلاً.

فيما يرى رئيس المجلس المحلي في مدينة كللي (إسماعيل مصطفى)، أنه لا يجب التقليل من شأن المساعدات الأممية المادية لمواجهة الأضرار والاحتياجات للمتضررين بعد الأزمة، فهناك من بقوا بدون منازل بعد تصدع منازلهم وعدم صلاحيتها للسكن مرة أخرى، أو ممن فقدوا أثاثها وحالياً يسكنون في مراكز الإيواء التي أقيمت بجهود المتطوعين السوريين من الأهالي وتبرعاتهم، سيما وأن عددهم يزداد يوماً بعد يوم مع استمرار انهيار المباني المتصدعة بسبب الهزات الارتدادية.

بلغ عدد تلك المنازل المتضررة  بعد مضي أسبوع 550 مبنى متهدم بشكل كامل، و1570 مبنى متهدم جزئياً بحسب آخر إحصائية صادرة عن إدارة الدفاع المدني بهذا الخصوص، وأغلب أصحاب هذه البيوت  أحياءً دون منازل.

تقول فاطمة وهي ناجية نازحة من مدينة حلب تسكن في مدينة سلقين مع عائلتها التي تبلغ ٨ أفراد "قضينا  ليلة باردة جداً يوم الزلزال في أحد شوارع المدينة قبل أن يتطوع أحد الأهالي في الصباح ويأخذنا إلى بيته" وبكل الرضا والتسليم تختم فاطمة كلامها قائلة "لقد تعودنا على الألم والمعاناة، الحمد لله على كل حال".

]]>
اللحظة الوطنيّة التي احتاجت زلزالاً http://ayn-almadina.com/details/5371/5371/ar 5371 date2023-02-15 15:30:52 ayn-almadina لم يكد ينتصف يوم الإثنين السادس من شباط 2023، حتى بدأ الوعي السوري الجمعي يدرك أن ثمّة كارثة كبرى حلّت على البلاد، التي تعيش كارثة أصلاً منذ أكثر من عقد، وعلى ناسها الذين يتوزّعون في أصقاع الأرض وفي جعبة كلّ منهم آثار هزيمة وخسارات فادحة. تقاطرت ص...
اللحظة الوطنيّة التي احتاجت زلزالاً

اللحظة الوطنيّة التي احتاجت زلزالاً

رادار المدينة

لم يكد ينتصف يوم الإثنين السادس من شباط 2023، حتى بدأ الوعي السوري الجمعي يدرك أن ثمّة كارثة كبرى حلّت على البلاد، التي تعيش كارثة أصلاً منذ أكثر من عقد، وعلى ناسها الذين يتوزّعون في أصقاع الأرض وفي جعبة كلّ منهم آثار هزيمة وخسارات فادحة.

تقاطرت صور وفيديوهات الزلزال المدمّر الذي ضربَ سوريا وتركيا دقيقةً إثر دقيقة، مع انقطاعٍ تام لوسائل الاتصال عن غالبية المناطق المتضررة في اليوم الأول. وظلّت المعلومة المؤكّدة الوحيدة أنّ هنالك كارثة.

عاد الخبر السوري ليحتل الفضاء العام في العالم بأسرهِ، بعد أن صار هامشياً وثانوياً لسنوات طويلة، وانقسم السوريون لا سياسيّاً هذه المرّة: قسم يعيش في المناطق المتضررة، نجا أو يحاولُ النجاة، وقسم آخر كان له أقارب وأصدقاء في إحدى هذه المناطق ويسعى لإيجادهم أو معرفة أيّ معلومة تخص مصيرهم.

وبما أنّ الموت لا يُخيف الموتى، فإن القسم الأكبر ممن بقي من السوريين كانَ يعيش رهاب الموت العميم الذي تصدّره الشاشات والهواتف المحمولة. استغرق الأمر يوماً أو اثنين حتّى بدأت تتبدّى ملامح الكارثة، وأمام الهول استُرجع السؤال الكبير بعد أن غيّبهُ اليأس والخذلان ويقين اللا جدوى: ما العمل؟!

بدا واضحاً أمام حجم الضرر أن السوريين يحتاجون إلى كلّ شيء. ليس بسبب وهم الاعتقاد بمركزيّة قضيّتهم، إنما لإيمان معُلن عند من يعيشون خارج سيطرة نظام الأسد، ومُضمر عند من يعيشون تحت قبضته، أنّ النظام لن يقدّم حلولاً واستجابات سريعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. أدركوا أن الوقت عدوّهم الأول، واستشعروا -جميعاً هذه المرّة- أنهم لوحدهم في مواجهة الزلزال، وانضووا في لحظة واحدة تحت راية الفزعة!

بعد يوم الصدمة الأول، وخلال الأيام التي تلت سُيّرت قوافل باصات من المناطق التي نجت من الزلزال باتجاه حلب ومدن وبلدات الساحل المتضررة. أعلن الآمنون عن استعدادهم لتقديم مأوى كريم للمتضررين، سخّر الجرّاحون إمكاناتِهم وأجروا العمليّات بلا مقابل، فتح الأطباء عياداتهم وأعطى الصيادلة أدوية للمرضى وحليباً للأطفال مجاناً، قدّم المهندسون خدمات استشارية تخص المباني المتضررة وإمكانية العودة إليها، أرسل المزارعون من منتجاتهم الزراعية ودفع التجار أموالاً لمبادرات الإغاثة الأهلية، أرسلت النسوة قطرميزات المكدوس والمخلّل التي استغرقت في صناعتها أياماً، أرسلن أيضاً اللحف وفرشات الصوف التي كنّ يحملنها في زفافهنّ قديماً إلى بيوت الأزواج. تلك الثروة التي لطالما اعتُدّ بها.

وفي حين كانت الأمم المتحدة قد أدخلت أربع عشرة شاحنة إغاثية إلى سوريا، كان السوريون قد أرسلوا مئات الشاحنات والسيارات الإغاثية إلى المناطق التي يُمكنُ الوصول إليها، المُدن الواقعة تحت سيطرة النظام أرسلت مساعداتها إلى حلب وحماة ومدن الساحل، بينما أوصل عشائرُ وسكّان دير الزور والرقّة والحسكة والقامشلي ما يفوقُ مائتي شاحنة من المساعدات العينية لضحايا الشمال السوري الخارج عن سلطة الأسد.

جاء رجلٌ مُسنٌّ إلى أحد مستشفيات مدن الساحل السوري لا يحمل في يده شيئاً، وحين سُئلَ عن سبب مجيئه قال إنّه جاء "ليسلّم نفسهُ" للمستشفى، وبصوت مرتجف قال: قطّعوا من جسمي ووصلوا للمصابين البريئين.. أنا قربان سوريا.

أطلقت مساجد المخيّمات والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال السوري حملات تبرّع للمتضررين جمعت خلالها عشرات آلاف الدولارات. دخلت طفلة إلى مسجد فاطمة الدملخي في بلدة عقربات وتبرّعت بحصّالتها الصغيرة، ورفضت طلب شيخ المسجد بالعدول عن الفكرة.

المُهجّرون والمنفيّون السوريون صار اسمهم مغتربين. استفاق منهم من أكلهم اليأس، أولئك الذين يقضون أيامهم في منافيهم بلا أيّ إحساس بجدوى وجودهم، ولم تستطع الحياة الحديثة التي يعيشونها أن تزيل الآثار النفسية للهزيمة التي مُنيت بها حيواتهم القديمة. استطاعوا بجهود جبّارة تحمّل المسؤولية وحشد محيطهم وإمكاناتهم من أجل تقديم العون؛ منهم من اكتشف أنّ خطوط الهاتف في مدن مثل أنطاكيا تعمل إذا كان الاتصال خارجياً فحسب، فأعلن الاستعداد لطمأنة الناس عن ذويهم الذين يعيشون في تلك المدن، ومنهم من استطاعوا تنظيم حملات تبرّع ضمن أماكن عملهم، وغير ذلك الكثير من أشكالِ الدعم والمؤازرة.

ولئن كان الموقف السياسي عاملاً أساسياً في تقديم العون الإنساني بين السوريين خلال العقد الأول من الثورة، فإنّ الزلزال الذي لا هويّة لمُسبّبه، خلق شعوراً بدائياً لدى السوريين: شعور الجنس البشري في مواجهة الطبيعة، التي لا يُمكن لأحد أن يقوى على معاداتها، وكل ما يمكن فعله هو التكاتف لتخفيف الأضرار الناجمة عن جبروتها.

أخوّة الجنس البشريّ تلك ولّدت لحظة وطنيّة خاصة لم يحظَ السوريون بمثلها منذ بداية الثورة عام 2011، ولعلّها كانت أكثر صدقاً نظراً لانتفاء الخلاف على المسبّب: لم يسأل أحد عن هويّة الضحايا السياسية والدينية والجنسية، كان ثمّة رغبة جامعة بالاحتفاء بالسلوك الإيجابيّ، وتحييد السلوكيّات المشينة التي تُظهرها النوائب عند البعض، مثلما تُظهر نقيضها عند الغالبية. وعلى الرغم من انتشار صور ومقاطع فيديو لبسطات تبيع بضائع ومواد إغاثية كانت قد وصلت من دول عربية إلى مناطق سيطرة النظام، وما يعنيه ذلك من أنّ أزلام النظام يبيعون المساعدات التي تصلُه قبل أن تُكمل طريقها إلى من يستحقّها، بالإضافة إلى قرار سلطة الأمر الواقع في دمشق حصر تقديم المساعدات بالمرور عبرها، ووصول الأمر إلى اعتقال بعض الأشخاص الذين يقدّمون العون بمبادرات فردية كما أكد شهود في الداخل- إلّا أنّ هذا كلّه لم يأخذ مساحة كبرى من المتداول لدى السوريين.

صار النظام هو الهامشيّ في اللحظة الوطنيّة الفارقة، صار أصغر من الهويّة الجامعة، وبدا التحالف أكثر وضوحاً: النظام وأهله حلفاء الزلزال والكارثة، وبقية السوريين حلفاء الضحايا والمتضررين.

كأنّ السوريين احتاجوا إلى أي شيء يجمعهم في خندق واحد، وإن كان خندقاً لدفن الموتى. ولكأنّ معجزة وجودهم في مكان واحد وعلى هدف واحد، كانت ترقى إلى المستحيل، وتحتاج إلى أن تُحدث زلزالاً بهذا الحجم!

لحظة وطنيّة خالصة تنتظر من يستطيع الاستفادة منها.

]]>
هزات الزلزال الارتدادية والنفسية ما تزال تعصف بالسوريين http://ayn-almadina.com/details/5372/5372/ar 5372 date2023-02-16 18:57:22 ayn-almadina تصرّ الطفلة أماني ذات الثمانية أعوام على اعتقدها أن ما جرى ليلة 6 شباط الجاري، كان بمثابة حلم مزعج وليس حقيقة، وهي لا تكف تطالب والداها بالعودة إلى منزلهم الكائن في بلدة جنديرس بريف حلب. حوّل الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غرب سوريا، ال...
هزات الزلزال الارتدادية والنفسية ما تزال تعصف بالسوريين

هزات الزلزال الارتدادية والنفسية ما تزال تعصف بالسوريين

رادار المدينة

تصرّ الطفلة أماني ذات الثمانية أعوام على اعتقدها أن ما جرى ليلة 6 شباط الجاري، كان بمثابة حلم مزعج وليس حقيقة، وهي لا تكف تطالب والداها بالعودة إلى منزلهم الكائن في بلدة جنديرس بريف حلب. حوّل الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غرب سوريا، الحي الذي كانت تسكنه عائلة الطفلة أماني إلى أكوام من الركام التي تناثرت تحتها مئات الضحايا. وكانت سرعة استجابة والد الطفلة، وصمود البناء الذي كانت تقطنه العائلة لدقائق إضافية، حالا دون إزهاق أرواحهم. حالة الإنكار "قُدر لنا العيش، إلا أننا ما زلنا نعيش الصدمة" يقول والد أماني ويوضح بأن طفلته لا تفتأ تطالبه بالعودة إلى المنزل، وبأنها تشعر بالملل من زيارة أحد أقربائهم في مخيمات دير بلوط، وتقول أنها تشتاق لصديقاتها. أصيبت الطفلة أماني بصدمة نفسية دفعتها لإنكار الكارثة كوسيلة دفاعية لديها باللاوعي، وفق ما يصف خبراء نفسيون هذه الحالة. فقد عاشت الطفلة تفاصيل الكارثة، منذ سماعها لصوت اهتزاز الأرض وانهيار الأبنية ونداءات الاستغاثة، إلى مبيتها ليلة في العراء وسط ظلام حالك وبرد شديد مع هطول المطر. وبحسب خبراء في الطب النفسي، فإن الزلزال كأحد الكوارث الطبيعية يؤثر على الإنسان، فعندما يواجه شخص ما كارثة يتعرض لأمرين، الأول هو مرحلة الصدمة وذلك عندما يكون الشخص موجوداً داخل الزلزال أو رآه بعينه. وتتمثل أعراض الصدمة في الدوار، وعدم القدرة على التركيز، وعدم فهم طبيعة ما مر به، ثم يدخل الشخص بعدها مرحلة الإنكار، ما يعني أن الذي مر بالكارثة ينكر إحساسه بأن ما حدث كارثة أو يشعر أنه موهوم. يوضح والد أماني أنه لم يتمكن من عرض طفلته على طبيب نفسي أخصائي، بسبب انشغاله في إيجاد مسكن لعائلته ومساعدة من نجى من الجيران، ناهيك عن افتقار المنطقة لمثل هذه التخصصات. فاكتفى بتلقي بعض التوجيهات من استشارية ناشطة في مجال الدعم النفسي، بهدف مساعدة طفلته على تقبل الوضع الجديد، دون مضاعفات خطيرة على صحتها النفسية. "تمارين الاسترخاء، وطرق في التنفس، والكف عن إجبار الطفلة على تذكر الليلة، واتباع أسلوب بسيط لمحاولة توضيح ما جرى، وإشغالها ببعض النشاطات التي تحبها" كانت نصائح المرشدة التي راسلها والد أماني عبر تطبيق "واتساب". ويقول خبراء نفسيون إن الزلزال الذي لم تتجاوز مدته عشرات الثواني فقط، يمكن أن يمتد تأثيره النفسي لوقت طويل، وتكون أهم الأعراض التي يعانيها الشخص الانشغال العقلي الدائم بالزلازل ورؤية كوابيس وأحلام مزعجة وصعوبة في التواصل مع آخرين، وعزلة اجتماعية وانشغال بفكرة الموت وفناء الجسد (قلق الموت) والخوف من فقدان عزيز، وربما يمتد لوساوس قهرية مثل تخيل حركة واهتزازات، وقد يعاني الشخص بعضاً من تلك الأعراض أو يعانيها مجتمعة بحسب الحالة. ووفق منظمة "يونيسف"، فإن آلاف الأطفال ممن تعرضوا للزلزال أصيبوا بصدمات نفسية من جراء الكارثة، وبالأخص الأطفال في سوريا التي عانت أزمات إنسانية قبل الزلزال الذي تسبب في تفاقمها، وإن تقديم الدعم النفسي لهؤلاء الأطفال يأتي في الأهمية ذاتها مع تقديم الغذاء والعلاج الجسدي والحاجات الإنسانية الأساسية. تفريغ المشاعر على مدار ثلاثة أيام أجبرت طفلة السيد خالد ذات الستة أعوام عائلتها على النوم بالسيارة بدلاً من المنزل. وتقيم العائلة في بلدة معرة مصرين حيث شعر سكانها بقوة الزلزال، إلا أنها لم تسجل أي ضحايا أو انهيارات كبيرة بالأبنية. يقول خالد أنه هرع في تلك الليلة مع عائلته وسكان المبنى جميعاً، بالنزول إلى الطريق بعد سماع صوت الزلزال والشعور باهتزاز البناء، ولأن الجو كان شديد البرودة جلس خالد برفقة زوجته وطفلته سلوى وطفلهم الرضيع في سيارتهم التي اتجه بها بعيداً عن المباني، وكانت الطفلة سلوى قد استيقظت على صوت الزلزال وأصوات الصراخ والبكاء، لذلك بقيت خائفة وتخشى العودة إلى المنزل لأيام عدة. يقول والد الطفلة أنه يتحايل على ابنته بأعذار مختلفة، وحكايات وقصص تساعدها من الهدوء والطمأنينة، ويخشى بذات الوقت من كوابيسها المستمرة، واستيقاظها في كل ليلة وهي تصرخ وتبكي. وبحسب عاملين في مركز "النفس المطمئنة التابع لمنظمة سامز بريف إدلب"، فإن حالة البكاء والكلام مع الوسط المحيط بالشخص الذي تنتابه آثار نفسية جراء صدمة الزلزال هو أمر جيد، على أن تجري عملية تفريغ المشاعر أمام مختصين، أو أشخاص يمتلكون وعي كافي للتعامل مع الحالة ولا سيما الأطفال. وتشير الظواهر الأولية إلى أن آثار الزلزال النفسية ربما ستستمر لفترة ليست بالقليلة، لا سيما مع استمرار وسائل الإعلام والناس بالحديث عنها، وعدم هدوء النشاط الزلزالي الذي مازال يهز المنطقة. دوار ما بعد الزلازل بينما تؤكد السيدة ضحى (23 عاماً) من سكان دركوش بريف إدلب، أنها لم تخلد لنوم عميق منذ ليلة الزلزال، "يرافقني صداع مستمر وغثيان ودوار وهلع من أي صوت قوي أو دوي". لم تخلع ضحى مع أطفالها ملابس الخروج من المنزل، كما أنها ترفض أن تخلع الحجاب عن رأسها حتى خلال ساعات نومها القليلة، وتبقى مستعدة في كل لحظة مع أي هزة مفاجئة لمغادرة المنزل، وتقضي طيلة يومها بتتبع تحديثات الهزات وكلام خبراء الجيولوجيا، ولا تصدق منهم إلا من يتنبأ بحدوث زلازل أخرى في المنطقة. تقول: "منذ ليلة الزلزال لم أدخل لغرفة النوم حيث شعرت ببداية الاهتزاز، كما لا أستطيع أن أقوم بأي من أعمال المنزل، وأعاني حالة قلق وخوف مستمر لم تنفع معه أقوى أنواع المهدئات". ويصف الطبيب النفسي جلال نوفل، والذي يعمل ضمن مبادرة "العلاج النفسي أونلاين" لتقديم الاستشارات والدعم النفسي، أن الحالة التي أصابت السيدة وتصيب نسبة تصل إلى 30 بالمئة تقريباً من الأشخاص الذين عاشوا الزلزال، هي ما يعرف بـ "متلازمة دوار ما بعد الزلزال (PEDS)"، فعندما يحدث الرعاش القوي في الجسم الذي تتسبب به الزلازل، يتعارض مع الأداء الطبيعي ويسبب خللاً قد يكون له تأثير طويل بعد انتهاء الزلزال. ويوضح الطبيب أن بعض الحالات تسبب التوتر والقلق من خلال تذكر الزلزال، مما يؤدي بالناجين إلى الاعتقاد خطأ أنهم يتعرضون لزلزال، لكنهم في الحقيقة في مكان لا يحدث فيه أي هزة، وهذا ما يعرف بـ "متلازمة الدوار بعد الزلزال PEDS"، والتي تحدث عندما يكون هناك عدم تطابق عصبي بين آلية التوازن في الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية، والإشارات الحسية من الأعصاب في العينين والقدمين. كما يشير إلى أن أعراض متلازمة دوار ما بعد الزلزال المميزة غير محددة، وتختلف من شخص لآخر، وتتراوح هذه الأعراض بين تأرجح وهمي في الجسم، وهي شعور بأن القدمين وكأنهما يتأرجحان في الهواء، ويستمر أقل من دقيقة واحدة ولعدة مرات بعد الزلزال، إضافةً لاضطرابات النوم، وطنين الأذن والقلق والتعرق، ومشاكل في وظيفة الجهاز البولي والرؤية والحمى والقيء. نوعان من الأشخاص بعد الكارثة نجى أبو راشد وهو لاجئ سوري كان يقيم بمنطقة كرخان بتركيا من الموت، وحالت دقائق قليلة بينه وبين انهيار المبنى ذو الثمانية طوابق الذي كان يقطنه، حيث استطاعت العائلة القفز من الطابق الثاني الذي أصبح أقرب إلى الأرض مع لحظات انهيار المبنى. هام الرجل مع عائلته ليلةً في العراء، وحاولوا الاحتماء بخيمة صنعوها من بقايا البطانيات التي تطايرت من الأبنية المنهارة حولهم. ومع طلوع خيوط الفجر الأولى اتجه أبو راشد مع عائلته لموقف الكراج، واستقلوا أول سيارة صادفوها دون أن يحددوا وجهتهم، ليصلوا خلال ساعات إلى منطقة بورصة عند أحد أقربائهم. يقول أبو راشد أنه حاول طيلة الساعات التي تلت الكارثة عدم التفكير بما جرى، ولا حتى الحديث مع عائلته عما تعرضوا له، وماذا سيحل بهم.  "عندما وصلنا إلى بورصة وأنا ببيجاما النوم كما خرجت من منزلي، ظننت أنني سأنام ليومين على الأقل" يقول أبو راشد. ويوضح أنه لم يستطع النوم منذ ليلة الواقعة إلا إغماءً لساعات قليلة من شدة التعب، ودائماً ما تطارده كوابيس النوم وتخيلات اليقظة التي يسمع خلالها صرخات الجيران، ويطن بأذنيه صوت انهيار المبنى واهتزاز الأرض، وتتعاقب أمامه صور بعضهم التي تحت لأشلاء، كما أنه لم يكتفِ بما رآه بأم عينه ليلتها، إنما يستمر بالبحث ومتابعة الأخبار ومقاطع الانتشال وانهيار الأبنية. ويؤكد العشرات من الناجين معاناتهم من الأعراض ذاتها، إذ يحجمون عن النوم ويعانون من قلق وصداع، يرافقه تأنيب الضمير، والشعور بالذنب بأنهم نجوا وتركوا غيرهم يموتون. ويميز الطب النفسي بين نوعين من الأشخاص، فهناك من تعرض للكارثة، وآخر شاهد على مَن حدثت لهم الكارثة، الأول يدخل مرحلة الصدمة مباشرة ثم مرحلة الإنكار، يلوم ويعاتب ويسأل نفسه: لماذا حدث له ذلك. ويحاول التحدث مع الله لفهم ما حدث له، ثم يدخل مرحلة الاكتئاب، ويشعر بالضيق والقلق والتوتر، وأنه ليس هناك مستقبل، ويفقد الشغف، ويتمنى الموت، خاصة الذين فقدوا منازلهم أو أشخاصاً عزيزين عليهم. وأما عن الذين شاهدوا الزلزال ولم يتعرضوا لخسارة أو كارثة، فتكون المراحل أقل حدة من الأشخاص السابقين، ويتعرضون لاضطراب ما بعد الصدمة، فتراودهم أفكار بسبب تكرار المشهد أمام أعينهم وأثناء النوم، كأنهم يعيشون ذلك الموقف مرة ثانية وثالثة، ويشعرون بالتوتر والقلق، وأحيانًا يحتاجون علاجاً دوائيّاً أو سلوكيّاً لتخطي تلك المرحلة. وبحسب الطبيب جلال نوفل، فإن الآثار النفسية التي تصيب الأشخاص بعد الزلزال، من الطبيعي أن تزول بعد فترة يجب أن يتم خلالها إظهار التكاتف والتعاطف الكبير مع الأشخاص الذين تبدوا عليهم الأعراض أكثر من غيرهم، وكلما تحسنت حالة الشخص بشكل أسرع فإن ذلك يساعده على النسيان والتأقلم مع ما حصل دون أعراض نفسية مستقبلية. ويوضح النوفل أن 15 لـ 40 بالمئة من الأشخاص يمكن أن يعانوا من اضطرابات نفسية قد تمتد لفترة طويلة، مع التأكيد على أن معالجة الحالات في بدايتها يساعد بالتخفيف من حدتها أو استمرارها. لكن تشابه الأعراض والآثار النفسية التي يصاب بها من تعرضوا للكوارث، لا يعني أنه يمكن اتباع العلاج النفسي ذاته، لاختلاف حالة عن أخرى، فمن الممكن جداً أن تتحول الآثار النفسية عند أشخاص إلى أمراض ربما تصبح مستدامة، وخاصة عند الشخص الذي يعاني هشاشة نفسية، فهم بحاجة للتدعيم النفسي والعلاج الدوائي أيضاً. لكن يبقى أن ضعف الإمكانيات في شمال غرب سوريا التي عجزت عن إنقاذ العشرات من تحت الأنقاض أو انتشال جثثهم، تقف عاجزة عن معالجة أو دعم مئات الأنفس التي أثقلتها سنين الحرب ودمرها هول الزلزال، مع انشغال الناس بالعثور عن مأوى لعوائلهم وبعض البطانيات لرد البرد عن أجساد أطفالهم.

]]>
زلزال آخر يكرس المزيد من الخوف والتكيف والفشل السوري http://ayn-almadina.com/details/5373/5373/ar 5373 date2023-02-21 18:23:14 ayn-almadina بالرغم من توسط قوة زلزال أنطاكية الذي طاولت فاعليته الشمال والساحل السوري، إلا أن تفاصيله وتداعياته على الصعيد المجتمعي كانت أكبر. فالزلزال الذي تجاوز 6 ريختر بقليل أحدث هزة عاصفة في النفوس، وبين زلزلة المنازل والمباني الطابقية كانت الركب تتقصف تحت ح...
زلزال آخر يكرس المزيد من الخوف والتكيف والفشل السوري

زلزال آخر يكرس المزيد من الخوف والتكيف والفشل السوري

رادار المدينة

بالرغم من توسط قوة زلزال أنطاكية الذي طاولت فاعليته الشمال والساحل السوري، إلا أن تفاصيله وتداعياته على الصعيد المجتمعي كانت أكبر. فالزلزال الذي تجاوز 6 ريختر بقليل أحدث هزة عاصفة في النفوس، وبين زلزلة المنازل والمباني الطابقية كانت الركب تتقصف تحت حركة الأرض الهائجة.

ومع كل هزة جديدة تضرب المنطقة يمكن العثور على جديد ما يعصف بالسوريين في منطقتي السيطرة للمعارضة والنظام. الزلزال الجديد سجل وبشكل غير مسبوق عشرات الإصابات الناجمة عن نوبات الهلع التي أدت إلى لجوء بعض سكان الأبنية الطابقية إلى القفز من النوافذ والفرندات تحسباً للنجاة مع بعض الإصابات وهرباً من الموت هرساً أو رضاً أو خنقاً تحت الأنقاض. الإحصائية الأخيرة الصادرة عن الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) تؤكد حدوث 190 إصابة جميعها نتيجة الهلع وقفز البعض من الأبنية، إضافة إلى العديد من حالات الاختناق والإغماء.

مدن الساحل السوري التي تقع تحت سلطة النظام سجلت وفيات وإصابات من هذا النوع، وينقل الإعلام الموالي عن رئيس الطبابة الشرعية بـ طرطوس وفاة الطفلة نور داود في صافيتا بسبب إصابتها بصدمة عصبية أدت إلى توقف قلبها نتيجة الخوف من الهزة، وإصابة العديد من المواطنين برضوض وكسور نتيجة سقوطهم أثناء الخروج من منازلهم وسط الخوف والهلع وإسعافهم إلى المستشفيات للعلاج.

تحفز الكارثة التي يعيشها السوريون نوعاً من الأمنيات المتواضعة التي تساعد على ضمان البقاء بشكل أو بآخر. فالذي يمتلك سيارة يغبط من يمتلك خيمة، وصاحب الدراجة النارية يتمنى امتلاك سيارة لإيواء أفراد أسرته المشردين في الطرقات، والذي يقيم في خيمة ربما يشعر اليوم أنه ملك زمانه.. في جو يكمل رسم اللوحة السريالية التي تشكل وضع سوريا، هذا البلد التعيس الضائع.

ولعل أبرز التداعيات الجديدة الناجمة عن النسخة الأحدث من الزلزال، هو أن عشرات الآلاف من الأشخاص باتوا يبحثون عن خيام بغرض الإقامة المؤقتة فيها، في تبدل جذري لمعادلة السكن في منطقة منكوبة حافلة بآلاف المشردين من سكان الخيام. لتأتي عبارة من نوع "بتنا نحسد سكان الخيام" ملخصة للوضع الكارثي، أو أن لسان الوضع الكارثي هو من يلخصها.

هناك المئات -إن لم يكن الآلاف- ممن باتوا يفكرون بشكل جدي في شراء خيمة ونصبها في مكان آمن "المهم أن يكون بعيداً عن البيوت السكنية"، على أن هذا المطلب لم يعد سهلاً في هذه الظروف، ففي ظل حياة التشرد في الطرقات عقب كل هزة قوية، صارت الخيمة شبه نادرة بسبب كثرة الطلب عليها، كما تسمع من هنا وهناك.

ومع برودة الطقس وفداحة الخروج من المنزل والتشرد في الساحات العامة، تزدحم المخيلة بالأمنيات المتواضعة التي ستكون مفيدة جداً في كارثة من هذا النوع، فتجد من تلتقي به يسير مع عائلته المرتجفة من البرد في شارع واسع، يخبرك عن حلم حياته في هذه اللحظة أن يمتلك سيارة مهما كان نوعها؛ ما يهم الآن هو سقف نأوي إليه ويكون آمناً من الهبوط علينا، فعند التشرد لا يوجد بيت سيء.

ولأن الزلزال كأي كارثة طبيعية أو بشرية له متطلبات مقاومة وتكيف بما يعيد ترتيب الأولويات، وكأنه نقل طاقته إلى المجتمع حركة واضطراباً، تزايد الطلب على حزمة من الاحتياجات بشكل كبير جداً. فالخيام تأتي على رأس قائمة احتياجات كل أسرة وبالأخص الأسر المقيمة في منازل آيلة للسقوط، والأغطية والوسائد ووسائل التدفئة والأغذية تأتي كبند ثانٍ، ويضاف إلى بنود أخرى تلحق كل ما سبق، الاحتياجات النسائية التي غالباً ما يتم إغفالها ضمن فعاليات الاستجابة الطارئة.

ومن يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي عقب الزلزال، يلاحظ حالة الرعب العارمة التي اجتاحت السكان في زحمة التدوينات حول الكارثة. هذه الأجواء بالضبط تشكل البيئة الخصبة لانتشار الشائعات حول هزات جديدة وكوارث قادمة، ما يزيد من حجم الكارثة. وبهذه الصورة تشكل مرحلة ما بعد الزلزال عامل هدم على كافة الصعد، النفسية، الصحية، والاقتصادية.

وكما في كل كارثة، يعري الزلزال الإدارات الحالية للكيانات السورية التي أثبتت فشلها في إدارة الأزمة. فعدا عن الفشل في تأمين السكن البديل لمتضرري الزلزال، هناك فشل على الصعيد الرسمي يتمثل في تراجع دور الحكومة في اعتمادها كمصدر أساسي للمعلومات والبيانات والتمثيل السياسي في مناطق المعارضة خصوصاً، وأما في مناطق النظام فالفشل أوسع وأشد لأن رئيس البلاد مشغول منذ اللحظات الأولى للكارثة بدبلوماسية الزلزال لا بإنسانية الكارثة.

]]>
معايشة الزلزال من سيارة http://ayn-almadina.com/details/5374/5374/ar 5374 date2023-03-01 16:37:03 ayn-almadina في المناطق التركية التي أصابها الزلزال بالهلع والتوتر والهواجس دون أن يكون له تأثير على الأرواح، كان الناجون معلقين بين برودة الطقس القاسية وخوفهم من بيوتهم التي قد تقع في أي لحظة. عندها اكتظت بهم الجوامع والحدائق والمقاهي للبحث عن مكان يلجأون إليه ف...
معايشة الزلزال من سيارة

معايشة الزلزال من سيارة

رادار المدينة

في المناطق التركية التي أصابها الزلزال بالهلع والتوتر والهواجس دون أن يكون له تأثير على الأرواح، كان الناجون معلقين بين برودة الطقس القاسية وخوفهم من بيوتهم التي قد تقع في أي لحظة. عندها اكتظت بهم الجوامع والحدائق والمقاهي للبحث عن مكان يلجأون إليه في الخطوة التالية، بينما شكلت السيارات الخاصة لدى من يملكها ملاجئ اجتمعت في الساحات والحدائق والمناطق المفتوحة، حيث قضيت في إحداها يومين مع عائلتي رفقة المئات من العائلات في سياراتهم، ثم صارت سيارتي بعدها الخيار الأول الذي أتوجه إليه كلما أحسسنا بهزة ارتدادية.

كان لتوقيت الزلزال الأول في الساعة 4:17 من صباح السادس من شهر شباط المنصرم، أثر كبير في زيادة عدد ضحاياه الذين كانوا نياماً في أسرتهم، دون أن يكون لهم أن يأتوا بردة فعل مناسبة لتفادي الكارثة، بينما كان لبرودة الطقس القاسية أثر أقل وطأة ولكنه موجود على كل حال، في سقوط المزيد من الضحايا، الذين عادوا إلى منازلهم هرباً من تلك البرودة، بعد أن خرجوا هائمين على وجوههم، وكان سعيد الحظ من امتلك سيارته الخاصة التي استخدمها كمكان إقامة مؤقت إلى أن تستقر الظروف.

تبعد ولاية ماردين التي أسكن فيها قرابة 300 كم عن ولاية كهرمان مرعش حيث مركز الزلزال؛ مسافة كانت كفيلة بأن تهر المنازل والأبنية بشدة، وتدفع سكانها إلى الهيام في الشوارع. بعد انتهاء الهزة الأولى خرجت مع أمي وزوجتي وطفليّ من البناية إلى الشارع، فلفت نظري قيام الكثيرين من أصحاب السيارات الخاصة بتشغيلها والانطلاق بها، فاعتقدت للوهلة الأولى أن الخوف عليها دفعهم إلى الابتعاد بها من تحت الأبنية، وعندما سألت أحد الجيران قال لي أنه سيتوجه بالسيارة إلى مكان آمن أفضل من البقاء تحت الأسقف التي ربما تنهار في أي لحظة. عندها انطلقت بسيارتي رفقة عائلتي إلى الأماكن الخالية البعيدة عن الأبنية السكنية، حيث كانت مئات السيارات الخاصة التي تحمل أصحابها وعائلاتهم مركونة هناك.

رغم أن مدينة ماردين بعيدة نسبياً عن مركز الزلزال، إلا أن الخوف كان واحداً، وطرق التعامل مع الكارثة واحدة. قال لي علي (36 عاماً) المقيم في مدينة العثمانية في اتصال عبر واتساب، أنه انطلق بسيارته الصغيرة مسرعاً باتجاه الطريق العام القريب من مسكنه، وعند وصوله إلى هناك تفاجئ بوجود 12 شخصاً معه في السيارة، زوجته وأطفاله الثلاثة وأمه وأبوه وأخوه وزوجته وأطفاله. وأكمل "بقينا على هذا الحال إلى الساعة 12 ليلاً، عندها أنزلت مروحيات تابعة للجيش التركي خياماً في أكثر من موقع، ولحسن الحظ كان أحد المواقع ملعب قريب منا، حيث بدأ الأهالي وبمساعدة من أفراد الجيش التركي ببناء الخيام. فانتقلنا من السيارة إلى الخيمة". ويعلق الآن بشئ من التندر أنهم في الأحوال الطبيعية لن يستطيعوا حشر أنفسهم في سيارته الصغيرة.

يوسف (42 عاماً) المقيم في ولاية شانلي أورفا منذ سنوات، حدثني عن تجربته في معايشة الكارثة من سيارته قائلاً، أن استخدامه للسيارة كان فقط لعدة ساعات، خاصة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة بعد الساعة الواحدة والنصف عصراً، والذي أقنعه بترك المدينة برمتها إلى ريفها رفقة عائلته وعائلة من الجيران. أوضح يوسف أن خطته كانت تقضي التوجه إلى مدن غرب تركيا، لكنه لم يستطع تطبيقها بسبب تضرر الطريق الواصلة بين ولايتي العثمانية وغازي عينتاب، ما اضطره إلى اللجوء إلى أحد أقربائه في ريف شانلي أورفا، حيث أقامت النساء في كرفانة والرجال في سيارته. "أقمنا على هذا الحال 3 أيام، ثم تابعنا طريقنا إلى مدينة نصيبين في ولاية ماردين حيث نقيم إلى اليوم".

وروى لي محمد نور (32 عاماً) الذي كان يقيم في مدينة غازي عينتاب أنه في البداية خرج مسرعاً بمنامته، ومن أمام البناية اطمأن بالجوال على زوجته وأطفاله في بيت جدهم في ولاية كهرمان مرعش، ثم أعادته إلى البيت برودة الطقس الشديدة، حيث ارتدى المزيد من الألبسة وحمل مفتاح السيارة. اتخذ نور سيارته منزلاً لثلاثة أيام يأكل وينام فيها، واستضاف فيها صديقين أرسلا عائلتيهما إلى اسطنبول وبقيا قريباً من بيتيهما. كان الجو يجبر المقيمين في الملجأ المتنقل أن يتدثروا بالأغطية طوال الوقت، وفي بعض الأحيان يدفئون السيارة بتشغيل مكيفها لبعض الوقت، خاصة في الليل أثناء نومهم حين ينجحون في الوصول إليه، أما حين يبتعد النوم فيذهبون لزيارة أصدقاء آخرين لاجئين في سياراتهم أو يأتي أولئك لزيارتهم.

كان الجوع وسكون الأرض يغري المقيمين المؤقتين في السيارة أن يتسللوا إلى أحد منازلهم بسرعة لإخراج بعض الطعام، لكنهم يفعلون ذلك على حذر؛ يركن نور السيارة في ساحة أو قرب حديقة على مقربة من أحد منازل الثلاثة، ومنها يخف صاحب المنزل مسرعاً ليحمل ما يؤكل من مطبخه مثل الخبز واللبنة والمرتديلا والجبنة، ويعود مسرعاً إلى السيارة/ الملجأ، التي تركها كل واحد منهم حين عرف الخطوة التالية. ونور بعد أن اصطحب عائلته، توجه إلى مدينة جيلان بينار في شانلي أورفا حيث يقيم الآن.

قضيت بدوري رفقة عائلتي يومين في السيارة، التي تحولت إلى غرفة نوم ومطبخ ومعيشة وترفيه. كان الهم الأول التزود بالوقود كحال عشرات السيارات التي وقفت في طوابير المحطات، ثم البحث عن محلات نشتري منها الطعام والماء، وحيث أجد كنت أركن السيارة في أقرب ساحة وأتوجه بمفردي إلى المحل وأخرج على عجل. أما اللجوء إلى الجامع كحال الكثير من الناس، فكان مجرد خاطرة حاولت تجريبها، لكن صدمة الزلزال جعلتني أرى المأذنة تنقض علي كلما اقتربت منها أكثر، وتفضيل الحديقة حيث نجلس لبعض الوقت ثم نعود إلى السيارة متجمدي الأطراف. وعندما ننتهي من تنفيذ كل تلك المهام، ونحس ببعض الطمأنينة والسكون، نتجول في شوارع المدينة بالسيارة أيضاً.

]]>
حياة السوريين المعطَّلة بين ناري النزوح وترقب الزلزال http://ayn-almadina.com/details/5375/5375/ar 5375 date2023-03-07 16:44:03 ayn-almadina بات السوريون يتلقون إشعارات برامج ترصد الزلزال عبر هواتفهم المحمولة بدلاً من مراقبة أسعار الدولار مثلاً، أو رسائل الجمعة المباركة أو الأدعية وملصقات الورود. وأصبحت أخبار متابعة حركة الأرض هي الشغل الشاغل، لا سيما بعد ما عايشه السوريون من أهوال ليل...
حياة السوريين المعطَّلة بين ناري النزوح وترقب الزلزال

حياة السوريين المعطَّلة بين ناري النزوح وترقب الزلزال

رادار المدينة

بات السوريون يتلقون إشعارات برامج ترصد الزلزال عبر هواتفهم المحمولة بدلاً من مراقبة أسعار الدولار مثلاً، أو رسائل الجمعة المباركة أو الأدعية وملصقات الورود.

وأصبحت أخبار متابعة حركة الأرض هي الشغل الشاغل، لا سيما بعد ما عايشه السوريون من أهوال ليلة الزلزال المرعبة، وما يعيشونه من استمرار للهزات الارتدادية الخفيفة والمتوسطة، مع مواصلة الإعلام لبث التقارير والتحليلات عن احتمالية وقوع زلازل جديدة بالمنطقة.

ويؤكد مختصون تراجع حدة الهزات مشيرين إلى ترجيح استقرار طبقات الأرض، إلا أن آخرين يتحدثون عن زلازل مدمرة ربما ستضرب المنطقة مجدداً، وبينما يتبادل خبراء الجيولوجيا الاتهامات عن دخول الشعوذة في تنبؤات الزلازل، وعن صحة اختبار نظرية جديدة تفسر ما يحصل للأرض، يقاسي السوريون آلامهم ويعيشون محطة نزوح جديدة تضاف لسنواتهم المريرة.

في ولاية هاتاي التركية بات أبو أيمن (34 عاماً) يعيش مع زوجته وأطفاله في خيمة شيدها بجانب بيته الذي تعرض لبعض التصدعات جراء الزلزال، وقد لجأ إلى تركيا منذ العام 2013. يقول إنه يخشى أن تطول إقامته في هذه الخيمة، وأن تصبح سكنهم بشكل دائم.

ويوضح أنه اضطر إلى التوقف عن العمل منذ قرابة الشهر، وهو أمر كارثي لعامل مياومة ينتظره دفع إيجار البيت مع نهاية الشهر؛ "يطالبني صاحب البيت بإخلائه في حال تأخرت عن الدفع، ومن الصعب الآن إيجاد بيت" يقول أبو أيمن الذي يتمنى العودة إلى سوريا لا سيما بعد قرار السماح بالإجازات، إلا أن هذه الرحلة بحاجة إلى مصاريف كبيرة، ويضيف متحسراً "وفي سوريا سنعيش بالخيمة أيضاً، فقد تصدع منزلي من القصف سابقاً ومن الزلزال الأخير".

ويعيش أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري في المحافظات الـ10 التركية الجنوبية التي ضربها الزلزال، وفق الإحصائيات الرسمية التركية، على حين وصل عدد اللاجئين العائدين إلى سوريا إلى أكثر من 53 ألف نسمة، مع تواصل توافد السوريين عبر المعابر الحدودية، وتعتبر نسبة كبيرة من الواصلين بحاجة إلى تأمين المأوى والمساعدات الإنسانية بعد فقدانهم ممتلكاتهم في تركيا، وفق فريق "منسقو استجابة سوريا".

وفي بلدة سرمين شرقي إدلب لم يحرك أبو خالد (42 عاماً) سيارته من نوع "بيك آب" من أمام باب المنزل منذ ليلة وقوع الزلزال في 6 شباط الماضي، وقد جهزها بأغطية بلاستكية ووسائد ومخدات للنوم.

يقول أبو خالد أنه ينام مع عائلته في السيارة خشية حدوث زلزال جديد في الليل، ويتابع "طالما نحن بالسيارة نشعر بالأمان، ففي المنزل نشعر باهتزاز بشكل متواصل ولا نستطيع أن نغمض أعيننا".

وعلى مقربة من منزل أبو خالد تنتشر عشرات الخيام التي شيدت إلى جانب المنازل، حيث تعطي الأسقف القماشية الطمأنينة للأهالي، بينما تشكل الأسقف الإسمنتية باهتزازها هاجساً من الرعب والخوف من الانحشار تحت ركامها.

لا يدري أبو خالد كما جيرانه المدة التي سيقضونها في هذه الخيام، إنما ينشغلون في تتبع حركة الأرض ومراقبة الهزات، والتبسم والشعور بالغبطة بعد كل إشعار حدوث هزة قوية لم يشعروا بها وهم يجلسون في خيامهم.

تتكفل الفرق التطوعية بتأمين بعض هذه الخيام لعشرات الأهالي في مناطق شمال سوريا ممن تركوا بيوتهم إلى العراء أو الحدائق العامة والأماكن المفتوحة، بينما يحصل الجزء الأكبر منهم على الخيام عبر دفع ثمنها والذي بات يتراوح بين 150 إلى 350 دولار أمريكي.

ويقول لؤي قدحنون العامل مع مجموعة تطوعت لإغاثة منكوبي الزلزال عبر حملة عون وسند، أن الفريق عمل ضمن قدرات متواضعة شملت جمع التبرعات العينية والنقدية من فاعلي الخير، وساهم بتأمين سلل إغاثية ومساعدات طارئة كالأغطية والوسائد والخيام. ويضيف: "حرفياً كان يلزم لكل عائلة خيمة، فمن لم يتضرر منزله بالزلزال سيطر الرعب على قلبه".

وبحسب قدحنون فإن الفرق التطوعية ساهمت بشكل كبير في مساعدة متضرري الزلزال ضمن إمكانيات متواضعة لم تكن قادرة على سد الحاجة، لا سيما الخيام التي كان يحب شراؤها. ويشير محدثنا إلى أن المنظمات المرخصة والجهات المسؤولة عن ملفات الإغاثة بالمنطقة، قد عانت من فوضى كبيرة وعملت بغير تنظيم، وهو ما أسهم في تراجع العملية الإغاثية وترك مئات العوائل بلا مآوى. ويقول: "صحيح أن حجم المساعدات التي قدمت لمناطقتنا لم تكن كافية، إلا أنها كانت كفيلة بتأمين خيمة لكل عائلة لو جرى تنظيمها ومراقبتها".

في حين تمر الأيام على السوريين في المناطق التي ضربها الزلزال بطيئة وقاسية مع ليالي البرد التي يعيشونها في العراء، وتبدو وكأن الحياة تسير وهي معطلة لا تشمل جميع مناحيها، رغم أن المؤسسات الرسمية في إدلب لم يطرأ تغير على دوامها، وبقيت تعمل بنفس الآلية، إلا أن وتيرة العمل تراجعت بسبب غياب بعض الموظفين ممن تعرضوا للضرر جراء الزلزال.

بينما أعلنت المجمعات التربوية والجامعات عن استئناف الدوام بعد تمديد العطلة النصفية لمرات عدة بسبب تضرر عشرات المدارس، وفقدان بعض الكوادر التعليمية، وحالة الخوف التي تسبب بها الزلزال. لكن الدوام لم ينطلق بشكل فعلي وفق ما يؤكد المدرس عبد الله في إحدى مدارس مدينة إدلب، ويقول "أعداد الغائبين كبيرة، كما أن الطلاب الحاضرين يشكون من توتر مستمر وتبدو علامات القلق واضحة عليهم". ويستطرد "باختصار الأوضاع غير مواتية لإلقاء الدروس، ونكتفي بساعات دوام قليلة لتسجيل الحضور فقط".

وكانت وزارة التربية في "حكومة الإنقاذ" أعلنت أن عدد المدارس التي تضررت بفعل الزلزال بمناطق إدلب قد وصل إلى 250 مدرسة، وتفاوتت نسبة الضرر حيث تهدمت 203 مدرسة بشكل جزئي، و46 مدرسة تعاني من تشققات بسيطة، مع وجود مدرسة مهدمة بالكامل، كما لم تقتصر الأضرار على الماديات فقط، إذ إن هناك 39 مدرساً وإدارياً، و421 طالباً وطالبة فارقوا الحياة جراء الزلزال.

وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا" فإن عدد النازحين في مراكز الإيواء شمال غربي سوريا بلغ 63,738 نازح، ضمن 236 مركز منتشر في المنطقة.

ووفق آخر إحصائية نشرت في بيان عبر معرفات الفريق الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، فقد بلغ عدد الأسر المتضررة المسجلة 211,763 عائلة، بعدد أفراد 1,164,805 نسمة، وبلغ عدد النازحين المتضررين من الزلزال 41,783 عائلة، بعدد أفراد 229,747 نسمة، ويشكل الأطفال والنساء والحالات الخاصة 64 بالمئة منهم.

وسجل عدد المباني المهدمة أثناء الزلزال بشكل فوري  1,812، على حين بلغ عدد المباني غير الآمنة للعودة وغير القابلة للتدعيم 3,817 مبنى، وهي المباني التي تعرضت لأضرار جسيمة، أو بحاجة لهدمها بشكل عاجل. بينما بلغ عدد المباني التي تحتاج إلى تدعيم لتصبح آمنة للعودة 11,733، أما عدد المباني الآمنة وتحتاج إلى صيانة فقد بلغ 17,927 مبنى.

سرمين شرقي إدلب- بعدسة الكاتب

سرمين شرقي إدلب - بعدسة الكاتب

]]>
أهالي مناطق المعارضة السورية يقودون عمليات الترميم في ظل غياب الأمل بالمساعدة الدولية http://ayn-almadina.com/details/5376/5376/ar 5376 date2023-03-10 15:50:42 ayn-almadina يأتي تأجيل مؤتمر المانحين بسبب الخلاف بين أعضائه على دعوة مندوب عن النظام السوري، في ظل ظروف قاسية يعانيها السوريون المتضررون من الزلزال. وفيما دخلت الاستجابة الإنسانية مرحلتها الثانية وهي إزالة الأنقاض، يغيب أي أمل بإمكانية تطبيق المرحلة الثالثة الم...
أهالي مناطق المعارضة السورية يقودون عمليات الترميم في ظل غياب الأمل بالمساعدة الدولية

أهالي مناطق المعارضة السورية يقودون عمليات الترميم في ظل غياب الأمل بالمساعدة الدولية

رادار المدينة

يأتي تأجيل مؤتمر المانحين بسبب الخلاف بين أعضائه على دعوة مندوب عن النظام السوري، في ظل ظروف قاسية يعانيها السوريون المتضررون من الزلزال. وفيما دخلت الاستجابة الإنسانية مرحلتها الثانية وهي إزالة الأنقاض، يغيب أي أمل بإمكانية تطبيق المرحلة الثالثة المتضمنة إعادة إعمار ما دمره الزلزال، هذا الملف الذي تقف أمامه عوائق سياسية وداخلية من شأنها زيادة مآسي المنكوبين الذين غدوا دون مأوى منذ لحظة الكارثة. ويصل عدد المباني المهدمة أثناء الزلزال في مناطق المعارضة بشكل فوري إلى 1,983 منزلاً، بينما يبلغ عدد المباني غير الآمنة للعودة وغير القابلة للتدعيم 4,073 مبنى، وعدد المباني التي تحتاج إلى تدعيم لتصبح آمنة للعودة 12,043 مبنى. أما عدد المباني الآمنة وتحتاج إلى صيانة فيتجاوز 19,446 مبنى، وعدد المباني الآيلة للسقوط التي تم هدمها بعد الزلزال يصل إلى قرابة 124 مبنى حتى الآن، في حين بلغت الخسائر الاقتصادية التي تم توثيقها 952 مليون دولار أمريكي، وفقا لأحدث إحصائية صادرة عن فريق "منسقو استجابة سوريا". تأخر الاستجابة المتعلقة بترميم المنازل المتضررة نشّط العمل الأهلي الذي يعتمد على داعمين في الخارج متأثرين بالظروف القاسية التي يعيشها المنكوبون، وهم أفراد سوريون وعرب يتواصلون عادة مع مجموعات إغاثية في الداخل السوري ويرفدونهم ببعض الأموال. سجل أبو أكرم أحد مهجري ريف دمشق في إحدى اللجان الأهلية التي تقوم بترميم البيوت الآيلة للسقوط، إذ تعرض منزله لتشققات جدارية وينبغي هدم الجدران ثم إعادة بنائها مجدداً، بحسب ما يؤكد لعين المدينة. ويتابع أبو أكرم أن الفكرة "جيدة جداً"، متسائلاً "هل أنتظر حتى يسقط المنزل على أسرتي! لذلك بادرت لإخبار اللجنة وقد وعدوني بترميم المنزل خلال الأسبوع القادم". ويقول عبد اللطيف الذي فقد منزله نتيجة تهدمه منذ بداية الكارثة لعين المدينة، أنه استعان بمجموعة إغاثية أهلية  للحصول على منزل جديد، معتبراً أن "العرض كان مقبولاً.. طلبوا مني شراء أرض صغيرة على أن يتكفلوا ببناء المنزل". ومع ردود الأفعال المتحمسة من قبل المتضررين تجاه الجهود الأهلية، فإنها تبقى مجرد مبادرات فردية وغير متناسبة مع حجم الأضرار التي خلفها الزلزال. وإذا كان الحظ قد حالف كلاً من أبو أكرم وعبد اللطيف، فإن آلاف الأسر المنكوبة ما تزال تقيم داخل الخيام أو لدى الأقارب غير المتضررين. ويقف ارتفاع أسعار مواد البناء مثل الحديد والإسمنت والطوب عائقاً أمام ترميم المنازل، لاسيما تلك التي يشرف أصحابها على عمليات تأهيلها بأموالهم الخاصة. يؤكد جميل الذي يعمل على ترميم غرفة مهدمة داخل منزله الأكلاف العالية للعملية، لكنه يوضح لعين المدينة اضطراره إلى "الاعتماد على الذات بدلاً من انتظار المنظمات.. ربما لن يكون هناك إعمار للمنازل بسبب غياب الداعمين". ويرتبط ملف إعادة إعمار ما دمره الزلزال بالواقع السياسي في سوريا، ومستقبل النظام وإعادة تعويمه أو تحسين سلوكه، ووجود حل سياسي متفق عليه بين الدول. لكن يمكن لمؤتمر المانحين أن يقدم وعوداً بالمنح تسمح لمؤسسات التمويل بالتوجه إلى سوريا، وأن تدوّل قضايا ضحايا الزلزال، كما قد يعطي المؤتمر تعويماً دوليا لكل من النظام والمعارضة. ويرى الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم خلال حديث لعين المدينة، أنه لا يوجد اهتمام دولي بإعادة إعمار المناطق المنكوبة من الزلزال في سوريا، ويعود ذلك إلى أن المنطقة السورية هي منطقة نزاع بدون أفق لأي حل سياسي، ويضاف إلى ذلك الفساد المستشري فيها والذي يمنع المانحين من إرسال أموالهم إليها. ويتوقع الكريم أن تركيا سوف تحاول الاستحواذ على أموال المساعدات التي تمنح للسوريين على اعتبارها أكثر تضرراً، ولأنها تحتضن اللاجئين وهي أيضا الضامن للشمال السوري، وبالتالي كل المنح سوف تمر عبر تركيا التي ستحاول أن تكون المتحدث الرسمي باسم متضرري الزلزال. ولا تمتلك السلطات التي تدير مناطق المعارضة خطة لإعادة تأهيل أو إعمار المنازل والمنشآت العامة والبنى التحتية المدمرة، وتكتفي الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ بتجهيز مراكز إيواء تتمثل بخيام وصيوانات مؤقتة تكتظ بآلاف الأسر المنكوبة.

]]>
دير الزور.. مديرية الصحة التابعة للنظام تعرقل برامج اللقاح في منطقة قسد http://ayn-almadina.com/details/5378/5378/ar 5378 date2023-03-19 14:28:36 ayn-almadina منذ إغلاق معبر اليعربية الحدودي مع العراق أمام المساعدات الإنسانية بموجب التفويض الذي منحه مجلس الأمن الدولي في مطلع العام 2020، أصبحت وزارة الصحة في حكومة النظام الشريك الوحيد لكل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف في برامج وحملات اللقاح الذي ...
دير الزور.. مديرية الصحة التابعة للنظام تعرقل برامج اللقاح في منطقة قسد

دير الزور.. مديرية الصحة التابعة للنظام تعرقل برامج اللقاح في منطقة قسد

رادار المدينة

منذ إغلاق معبر اليعربية الحدودي مع العراق أمام المساعدات الإنسانية بموجب التفويض الذي منحه مجلس الأمن الدولي في مطلع العام 2020، أصبحت وزارة الصحة في حكومة النظام الشريك الوحيد لكل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف في برامج وحملات اللقاح الذي تقدمه هاتان المنظمتان، إضافة إلى تقديم الدعم التشغيلي في محافظات دير الزور والحسكة والرقة، أو في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" من هذه المحافظات.

بهذه الشراكة الحصرية احتكرت وزارة صحة النظام ومديرياتها إدارة برامج اللقاح وحملاته في منطقة قسد في محافظة دير الزور، ما تسبب بانخفاض عدد المستفيدين الفعليين إلى حد كبير كما يؤكد عاملون في القطاع الطبي، فلا يتجاوز عدد المستفيدين في أعلى التقديرات نسبة 50% بالمئة من العدد المفترض في كل حملة أو في برامج التلقيح الروتينية، بخلاف ما تدعيه مديرية صحة دير الزور التابعة لحكومة النظام في إعلاناتها، أو في التقارير التي تقدمها لمنظمة الصحة العالمية أو لليونيسيف عن اللقاحات، كما في حملة التلقيح الأخيرة التي نفذتها في شهر آذار الجاري، وقالت بأن 57 فريقاً جوالاً يشارك في هذه الحملة، إضافة إلى تقديم اللقاح في 32 مركزاً، وبأن هذه الحملة تشمل جميع المناطق في المحافظة، ومن دون أن تعلن عن التوزع الجغرافي لهذه الفرق وهذه المراكز.

حسب الخطة النظرية، يجب تنفيذ حملة لقاح كل شهرين تمتد كل حملة من 3 إلى 10 أيام، ويجب متابعة المستفيدين اعتماداً على بطاقة اللقاح الخاصة بكل مستفيد لتجديد اللقاح في المستقبل وفق جدول زمني محدد مسبقاً، غير أن التطبيق العملي يبدو بعيداً عن هذه الخطة نتيجة لعدة أسباب؛ أبرزها العراقيل التي يضعها بعض موظفي مديرية الصحة وأحياناً بعض عناصر المخابرات المنتدبين لمراقبة عمل المديرية، يتسبب ذلك بتأخير نقل اللقاحات من منطقة سيطرة النظام إلى منطقة قسد، كما تسبب بعض الحواجز ونقاط التفتيش التابعة لقوات النظام وميليشياته المنتشرة على الطرق،  في بطء نقل اللقاحات وتأخر وصولها، ما يتسبب بتغيير مستمر في البرنامج الزمني لحملات التلقيح.

يقول محمود وهو عامل طبي شارك بالعديد من حملات التلقيح "في بعض المرات نتأخر لمدة شهر في استلام اللقاح من مديرية صحة النظام بسبب تأخر صدور الموافقات الخاصة باستلام ونقل اللقاحات، وبعد ذلك تبدأ مشكلة النقل وعرقلة عناصر قوات النظام على الحواجز، وأخيراً قد تكون المعابر مغلقة ما تسبب أحياناً بتلف اللقاح".

تعتمد مديرية صحة النظام على موظفيها المقيمين في منطقة قسد، إلى جانب بعض المتطوعين لتنفيذ برامج وحملات اللقاح، ونتيجة لانخفاض أجورهم لا يبذل الكثير من هؤلاء ولا سيما الموظفين، الجهد اللازم لإنجاح هذه البرامج والحملات، نظراً إلى انشغالهم في أعمال خاصة أخرى. كما يتسبب ضعف التنسيق بين الأطراف المختلفة المنخرطة في عمليات التلقيح في مشكلات إضافية، أبرزها عدم معرفة السكان المحليين بمواعيد تلقي اللقاح، ما يقلص عدد المستفيدين بالنهاية.

يقول سامر وهو متطوع طبي في الريف الشرقي "لا نستطيع الالتزام بالمواعيد المسبقة للتلقيح بسبب التأخير وقلة عدد المتطوعين في الفرق المنفذة لعملية التلقيح، لأن التعويضات المالية التي يتلقونها زهيدة، ما يخفض ساعات العمل الفعلية إلى ساعتين أو ثلاث في اليوم من أصل 6 ساعات مفترضة". ويضيف  بأن هذا الاضطراب والفوضى والتأخير خلق بعض الشائعات التي تتحدث عن فساد اللقاحات وإلحاقها الضرر بصحة الأطفال المستهدفين، ومن ثم زيادة عدد الأطفال المتسربين عن برامج اللقاح.

لا توجد لدى إدارة  المنظومة الصحية التابعة للإدارة الذاتية أرشفة أو قاعدة بيانات خاصة ببرامج اللقاح، كما لا يملك الكثير من ذوي الأطفال بطاقات لقاح يثبت عليها اللقاحات التي يتلقاها الطفل، في حين تعتمد مديرية الصحة التابعة للنظام على معطيات وأرقام زائفة أو غير دقيقة في الأرشفة والبيانات الخاصة ببرنامج اللقاح وحملاته التي تنفذها في منطقة الإدارة.

يفاقم كل ذلك من المخاطر التي تهدد الصحة العامة، وينذر بانتشار المزيد من الجوائح والأوبئة التي تعاني منها المنطقة، وقد يمهد لعودة بعض الأمراض مثل شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي نجحت برامج التلقيح السابقة قبل العام 2011 في القضاء عليها.

]]>
الأمهات السوريات في الأيام الأخيرة قبيل رمضان.. امتناع عن الطبخ وانهماك في شؤون أخرى http://ayn-almadina.com/details/5379/5379/ar 5379 date2023-03-22 17:59:17 ayn-almadina تستنكف السوريات عادة عن الطبخ قبيل رمضان لاعتبارات عديدة لم يكن أهمها التوفير سابقاً. أما اليوم وفي ظل حالة التردي المعيشي التي أنزلت معظم السوريين في حفرة الفقر العميقة، فيشكل عامل إيقاف طبخ الأكلات الدسمة وتأجيلها لتكون حاضرة على الموائد الرمضانية،...
الأمهات السوريات في الأيام الأخيرة قبيل رمضان.. امتناع عن الطبخ وانهماك في شؤون أخرى

الأمهات السوريات في الأيام الأخيرة قبيل رمضان.. امتناع عن الطبخ وانهماك في شؤون أخرى

رادار المدينة

تستنكف السوريات عادة عن الطبخ قبيل رمضان لاعتبارات عديدة لم يكن أهمها التوفير سابقاً. أما اليوم وفي ظل حالة التردي المعيشي التي أنزلت معظم السوريين في حفرة الفقر العميقة، فيشكل عامل إيقاف طبخ الأكلات الدسمة وتأجيلها لتكون حاضرة على الموائد الرمضانية، المحفز الرئيسي لآلاف ربات البيوت لممارسة عادة التوقف عن الطبخ التي تبدأ قبل بضعة أيام من قدوم الشهر الفضيل.

وهذه العادة لا تعني البدء مسبقاً بالصيام، بل الاعتماد على أكلات خفيفة أو الطعام الجاهز الذي يفتقد عادة في رمضان أو "حواضر البيت" التي تشمل وجبات خفيفة موجودة على الدوام في كل البيوت السورية، مثل المكدوس والزعتر والزيتون والمربيات واللبنة. غادة سيدة أربعينية تعيل أسرة من 3 أفراد وتقيم في دمشق، لم تحضّر أي طبخة منذ ثلاثة أيام، مكتفية لإطعام عائلاها بما توفر من حواضر البيت "مكدوس، زعتر وزيت، زيتون، ولبنة" وفق ما تعدد. وتضيف بأن "الطبخات الدسمة مؤجلة لرمضان، هي ليست دسمة بالضبط، فمثلاً أكلة المحشي مع القليل من اللحم والتعظيمة لم تعد وجبة دسمة".

ويقود التوفير عدداً كبيراً من السيدات في إدلب حيث تعمل الكهرباء التركية على مدار ال24 ساعة، إلى الامتناع عن طبخ الأكلات التي يدخل الدجاج ولحم الغنم أو العجل ضمن مكوناتها، وينشغلن بتوضيب ما يجلبه أزواجهن من كميات قليلة أو كثيرة من اللحم في أكياس شفافة، ثم زجها في الثلاجة كجزء من التحضيرات الرمضانية التي اعتاد عليها السوريون.

لكن عامل التقشف حاضر بكثافة في إدلب أيضاً، كما في دمشق ومعظم المحافظات السورية. جميلة سيدة خمسينية تقيم في مدينة معرة مصرين شمالي إدلب وتعيل أسرة متوسطة، تمكنت من توضيب بضعة كيلوات من لحم الدجاج في ثلاجتها التي تقول عنها بأنها "كانت شبه فارغة، وما تزال حتى الآن بحاجة إلى المزيد".

تزامن انتظار شهر رمضان مع عيد الأم، وهذا ما جعل الأمهات اللواتي احتفلن بهذه المناسبة يخبئن نصف كميات أكلات الاحتفال بعيدهم إلى رمضان. أميمة (44 عاماً تقيم في ريف دمشق وتعيل أسرة صغيرة ) قامت بفرز كمية الكبة المقلية التي طبختها بمناسبة عيد الأم "إلى نصفين: قسم للأكل والقسم الآخر في الثلاجة" كما تروي لعين المدينة. ومن حسن حظها أنها تمتلك طاقة شمسية ومدخرة كبيرة، وثلاجتها تعمل لساعات نهارية طويلة.

تقتنص بعض السيدات الأيام الأخيرة من الإفطار لتأدية زيارات مكوكية لا تكاد تنتهي، إلى منازل الجارات والأقارب. لذلك يمتنعن عن الطبخ لأن "هذه الزيارات تأكل النهار بأكمله" بحسب أم توفيق وهي سيدة خمسينية من دمشق تعيل أسرة متوسطة. وفي غيابها تعتمد أسرة أم توفيق على صنع طبخات خفيفة مثل البيض المقلي أو المسلوق والمعكرونة والمجدرة والسبانخ والبطاطا المسلوقة أو المقلية، إضافة إلى ما يتوفر في المطبخ من الحواضر المنزلية المعروفة.

بعض السيدات يفضلن ترك الزيارات والاستقبالات إلى أيام عيد الفطر، وينهمكن في الأيام الثلاثة أو الأربعة التي تسبق رمضان في "تعزيل المطبخ وتنظيف الأواني وغاز الطهي". بينما تلجأ بعضهن إلى توسيع أعمال التنظيف لتشمل سائر المنزل، ولأن العملية تبدأ قبل أسبوع، فعدم توفر الأكل المطبخي طوال هذه المدة أمر تعتاد عليه أسرهن قبل كل رمضان.

كما تستغرق عملية التحضيرات الرمضانية -خاصة للأسر الأقل فقراً- مدة لابأس بها تقوم السيدات فيها بفرط الفول والبازلاء، بسبب تزامن الموسم الرمضاني مع موسم البقوليات، وتقطيع وتتبيل الدجاج الذي يعتبر العنصر البروتيني الأساسي على المائدة الرمضانية، وتجهيز المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها الصائمون.

وفي المجمل يتحول التوقف عن الطبخ في هذه الأيام من استراحة تهدف إلى شحن الطاقة الجسدية والنفسية للسيدات قبيل "عجقة المطبخ الرمضاني"، إلى الدخول في ما يشبه "خلية النحل"، التي تجهد في مشاوير المعارف والأسواق، وعمليات التنظيف والتوضيب. مع ما تتكبده السيدات العاملات أو الموظفات من مشقة مهنية تفاقمها مشقة التحضير للشهر الفضيل، لكنها مشقة تجلب الكثير من المتعة كما روت العديد من السيدات لعين المدينة، لاسيما حين تتوفر معظم الاحتياجات الرمضانية أو حتى جزء منها.

]]>
في منطقة قسد بدير الزور.. منظمات تطلق مشروعاً لتمكين المجتمع المحلي وتعزيز دور الأهالي http://ayn-almadina.com/details/5380/5380/ar 5380 date2023-03-31 15:54:53 ayn-almadina تحت منظومة حكمٍ تعثرت في تقديم الخدمات للسكان في منطقة سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدير الزور، وعجزت عن إرساء السلم الأهلي والحد من ظواهر الانفلات الأمني المتفاقمة، تبرز محاولات أهلية وأخرى تطلقها بعض منظمات المجتمع المدني الناشطة ...
في منطقة قسد بدير الزور.. منظمات تطلق مشروعاً لتمكين المجتمع المحلي وتعزيز دور الأهالي

في منطقة قسد بدير الزور.. منظمات تطلق مشروعاً لتمكين المجتمع المحلي وتعزيز دور الأهالي

رادار المدينة

تحت منظومة حكمٍ تعثرت في تقديم الخدمات للسكان في منطقة سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدير الزور، وعجزت عن إرساء السلم الأهلي والحد من ظواهر الانفلات الأمني المتفاقمة، تبرز محاولات أهلية وأخرى تطلقها بعض منظمات المجتمع المدني الناشطة في المنطقة، لسد الفراغ الذي يخلقه ضعف تلك المنظومة أو عجزها، ومن هذه المحاولات مشروع "بوابة دير الزور" الذي أطلقته في شهر كانون الثاني الماضي منظمة "الشعب يريد التغيير" مع 9 منظمات محلية، بهدف تعزيز قدرات المجتمعات المحلية على أخذ زمام المبادرة كلما أمكن لمواجهة الأزمات التي تمر بها المنطقة، ولا سيما في مجال الخدمات العامة والأمن والصحة والتعليم.

بدأ المشروع بعقد جلسات حوارية مع الأهالي في قرى وبلدات عدة، تناولت أبرز المشكلات والاحتياجات العامة في كل قرية وبلدة، وبدا أن المشكلات الأبرز التي يعاني منها السكان واحدة أو متشابهة، سواء في الريف الشرقي أو في الغربي أو في قرى حوض الخابور في الشمال، وفق ما يقول أحمد أحد المشاركين في تنظيم هذه الجلسات لعين المدينة. وأبرز تلك المشكلات "حالة الانفلات الأمني التي يؤكدها عدد الجرائم المرتفع كل شهر، غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية للناس، وانقطاع مياه الشرب ومياه الري خاصة بالريف الشمالي وقرى الخابور، إضافة إلى مشكلات أخرى في قطاع الصحة وقطاع التعليم".

ويضيف أحمد بأن هذا المشروع يشجع الأهالي على المبادرة وضمناً لجان الصلح الأهلية، التي تمكنت فعلاً من حل مشكلة انقطاع مياه الشرب في قريتي الصعوة بالريف الغربي، وإخراج مجموعة لقسد من مدرسة في بلدة الصور في الريف الشمالي تمهيداً لإعادة تأهيلها لاستقبال الطلاب.

لكن ثمة العديد من العقبات التي واجهها المشروع، في مقدمتها تراجع ثقة السكان بهذه المحاولات ومشاعر اليأس والإحباط لديهم من جدواها، يقابلها ضعف استجابة مسؤولي بعض اللجان أو القطاعات الخدمية المتفرعة عن مجلس دير الزور المدني التابع ل"الإدارة الذاتية"، الحال الذي دفع المنظمات المنخرطة بالمشروع لصيانة شبكة مياه في قرية جديد بكارة في الريف الشرقي، بعد أن تقاعست لجنة الخدمات التابعة لمجلس دير الزور المدني عن القيام بذلك.

يؤكد النشطاء المنخرطون ب"بوابة دير الزور" على استقلاليتهم كلياً عن السلطة القائمة، وبأن مشروعهم ينطلق من المجتمع المحلي، ويرتكز على دور الوجهاء والمتعلمين والنشطاء الاجتماعيين في كل قرية وبلدة، إذ "يمكن من خلال هؤلاء الحد من النزاعات الأهلية مثل النزاعات المرتبطة بالثأر" كما يقول حسين أحد المشرفين على المشروع الذي تركز بعض برامجه على حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها المنطقة كما يثبت ذلك العدد المرتفع للجرائم المسجلة في كل شهر.

ويضيف حسين لعين المدينة، أنه يمكن لجهود الأهالي أن تنجح مثلاً في منع إطلاق النار في الأعراس، لما تسبب به ذلك من سقوط العديد من الضحايا في الأشهر الماضية، وآخرهم طفلة في قرية الصعوة في الريف الغربي، وقبلها امرأة في قرية الحصان. كما يمكن لبعض الأشخاص في كل قرية أن يساهموا في نجاح بعض حملات التوعية في المجال الصحي، للوقاية من الكوليرا وكورونا مثلاً، أو لتعزيز الوعي العام بأهمية اللقاحات.

ويشير مشرف آخر من مشرفي المشروع ويدعى أيمن، إلى أهمية هذا الدور بالتصدي لظاهرة تعاطي المخدرات، إذ يخطط القائمون على مشروع "بوابة دير الزور" على تنظيم حملات واسعة للتعريف بمخاطر هذه الظاهرة وآثارها الاجتماعية والصحية والأمنية المدمرة، ويأملون أن يشارك فيها إن أمكن خطباء الجوامع إلى جانب الفاعلين الاجتماعيين الآخرين.

قد يحقق المشروع بعض أهدافه كما يتمنى القائمون عليه، لكن نجاحاته حتى الآن نسبية، لأن منظمات المجتمع المدني والأهالي وحدهم لا يمكن أن يحققوا التغيير المطلوب، وفق من تحدثت إليهم عين المدينة من العاملين في المشروع. ويرى هؤلاء ومصادر محلية أخرى أن العوامل أو المسببات الأساسية للأزمات الاقتصادية والخدمية والأمنية التي تمر بها المنطقة، ترتبط إما بضعف نموذج الحوكمة مجسداً بمجلس دير الزور المدني وما ينبثق عنه من لجان وإدارات ومكاتب تعاني من محدودية القدرات والكفاءات البشرية في صفوفها، ومن الفساد والواسطة والمحسوبيات، أو بمخلفات الحرب والصراعات المتعددة التي مرت بها دير الزور وفي مقدمتها الخلايا الأمنية التابعة لتنظيم داعش، أو النزاعات بين بعض العوائل والمجموعات العشائرية، وأخيراً ما يخلقه أو يصدرّه النظام من المنطقة التي يسيطر عليها في محافظة دير الزور، من مشكلات اقتصادية وأمنية على وجه الخصوص.

]]>
رمضان السويداء.. لمسة النازحين وضيق ذات اليد http://ayn-almadina.com/details/5381/5381/ar 5381 date2023-04-13 19:59:05 ayn-almadina تعيش السويداء رمضانها العاشر بحضور النازحين، الذين أضافوا لمستهم الرمضانية الخاصة إلى أجواء المحافظة، عبر حضور أكبر لمظاهر الصيام واستقبال الشهر بالزينة والمأكولات الخاصة ومواقيت التبضع والخلود إلى المنازل، رغم ما تركته من أثر عودة أعداد كبيرة منهم إ...
رمضان السويداء.. لمسة النازحين وضيق ذات اليد

رمضان السويداء.. لمسة النازحين وضيق ذات اليد

رادار المدينة

تعيش السويداء رمضانها العاشر بحضور النازحين، الذين أضافوا لمستهم الرمضانية الخاصة إلى أجواء المحافظة، عبر حضور أكبر لمظاهر الصيام واستقبال الشهر بالزينة والمأكولات الخاصة ومواقيت التبضع والخلود إلى المنازل، رغم ما تركته من أثر عودة أعداد كبيرة منهم إلى مناطقهم. بينما قابلهم المستضيفون بأجواء الألفة والاحتضان والتكافل الاجتماعي، في ظل أوضاع اقتصادية مأساوية تطحن الجميع.

في الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2018 وصلت نسبة الوافدين في السويداء إلى حوالي 30% من نسبة السكان، وباتت بعض الأسواق وسط المدينة مثل شارع الشعراني وسوق الخضار، أشبه بالأسواق الدمشقية في شهر رمضان، حيث الزينة المدلاة من حبال تمتد على عرض الشارع، وحركة الزبائن الكثيفة ما قبل الإفطار، ثم خلوّ الأسواق من الحركة بعد حلول موعده. تفاعلت السويداء في تلك الفترة مع ضيوفها كما تفاعلوا معها، خلال أربع سنوات كانت مثالاً للتعايش بين السوريين يناقض كل المزاعم عن انقسام المجتمعات السورية بعد الثورة.

وأكد أحد تجار السويداء لعين المدينة، أن الحركة التجارية في المحافظة بلغت أوجها في تلك السنوات الأربعة، وخصوصاً خلال أشهر رمضان. مشيراً إلى أنها فترة لم تكن مسبوقة في السويداء حتى قبل العام 2011، من حيث نشاط الأسواق والبضائع وتركزها في شهر واحد، وسيطرة جو الألفة بين النازحين والمستضيفين.

وبرغم الخصوصية الاجتماعية والثقافية لمحافظة السويداء، فإن وفود العائلات النازحة إلى المحافظة وقد وصل عددها إلى 200 ألف نازح منذ بداية النزوح، قد زاد عدد الصائمين وأثّر في حركة العملية الاستهلاكية خاصة في هذا الشهر الفضيل، وأضاف عنصراً مشاركاً -فاعلاً ومنفعلاً- في لوحة الموزاييك السوري في الوضع الراهن.

أما اليوم، فلم تعد أيام رمضان كما كانت سابقاً بفلكلورها وتقاليدها الشعبية الاجتماعية والدينية وخصوصيتها الاحتفالية المنتظرة كل عام، بسبب الأزمة التي يعيشها السوريون على جميع الصعد، وخصوصاً الأزمة الاقتصادية المتنامية يوماً بعد يوم، إضافة إلى تقلص عدد النازحين في المحافظة إلى ما يقارب 20 ألف نازح، يقيمون في مخيمات عشوائية في الريف الغربي للمحافظة أو موزعين في المدينة وبعض القرى، إضافة إلى 270 عائلة وفدت إلى المحافظة بعد الزلزال الأخير.

السيد أحمد الحياني من أهالي محافظة حلب ويقيم مع عائلته المكونة من ستة أفراد في مدينة السويداء منذ عام 2013 قال لعين المدينة، أنه رغم اختلاف الجو الرمضاني بين حلب والسويداء، من ناحية صيام أكثرية السكان في حلب والأقلية في السويداء، وطبيعة حركة الأسواق وغيرها، إلّا أن الألفة الاجتماعية التي يعيشها في السويداء، وعلاقاته مع الجيران وسكّان الحي الذي يعيش فيه، تجعل الشهر الفضيل بالنسبة إليه فريداً من نوعه.

وأضاف الحياني "رغم أن جيراني لم يعتادوا الصيام في رمضان، إلا أنهم يتبادلون معي سكبات الطعام في موعد الإفطار في نوع من المودة والمحبة، كما أن مسؤول العمل عني في المنطقة الصناعية يخفّض لي ساعات العمل طيلة الشهر". لكن جنون الأسعار والحالة الاقتصادية المتردية وفق الحياني، صارت القاسم المشترك لكل السوريين في رمضان الحالي، فوجبات الإفطار (على سبيل المثال) تقتصر على مأكولات محددة يتناسب سعرها مع دخل المواطنين.

السيد أحمد تابع حديثه قائلاً "بعد انقضاء أسبوعين من رمضان لم أتذوق مع عائلتي الدجاج أو اللحوم إلّا مرتين فقط، وبشق الأنفس". واستطرد "كيلو اللحمة الحمراء يصل سعره إلى 70 ألف ليرة سورية، وكيلو شرحات الدجاج إلى 45 ألف ليرة سورية. وجبة الإفطار العادية بدون أي نوع من أنواع اللحوم، باتت تكلفتها تبلغ 40 ألف ليرة سورية على أقل تقدير".

ربيع رضوان أحد ناشطي السويداء قال لعين المدينة، أن تردّي الحالة الاقتصادية في سوريا والوضع المزري الذي وصل إليه معظم السوريين ومعاناتهم في تأمين الحاجيات المعيشية الضرورية، قد غيّر أجواء شهر رمضان المبارك الذي عرفته السويداء في العقد المنصرم، ورسم البؤس والقهر على وجوه أرباب الأسر الصائمة.

وأكمل بأن الأجواء عبارة عن "صورة قاتمة بائسة ترتسم على وجوه الصائمين المتحلّقة حول بسطات الخضار والمواد الغذائية الاستهلاكية في سوق الجشع، علّهم يستطيعون الحصول على ما يسدّ رمق العائلة على إفطارها من خضار وحبوب ذات تصنيف رديء من آخر بيعة، والكلّ يطلق حسرات على زمان قريب مضى، على موائد الإفطار الزاخرة بأنواع الأطعمة والحلويات اللذيذة".

وأفاد من تحدثت إليهم عين المدينة أن أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان زادت بنسبة (30%)، بينما الفرق الشاسع بين الدخل والأسعار جعل الإفطار يقتصر على وجبة خفيفة بالكاد تسد الحاجات الغذائية للصائمين.

بدورها نسقت الجمعيات الخيرية والمجتمع الأهلي مع الفعاليات الاقتصادية للمشاركة بجمع التبرّعات اللازمة من المواد العينية والغذائية لتوزيعها لمستحقيها في هذا الشهر، كمبادرة "إيد بإيد، ليعمّ الخير بين الأهل" والتي استهدفت الأسر التي حلّت ضيوفاً على المحافظة جراء الزلزال، كما وزّعت مؤسّسة "مرساة" الخيرية (التعليمية الصحيّة التنموية) سلاّت غذائية وألبسة ومساعدات مادية بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، بينما قامت "جمعية الأقحوانة" بمبادرة "إفطار خيري" تقدمّه للأسر الوافدة، وجمعية "أوكسجين" بالتعاون مع "أصدقاء دار السلام" بدعوة أكثر من ستين عائلة من الوافدين لوجبة إفطار في الفندق.

]]>
ألبسة العيد في إدلب.. الاكتفاء بأخذ الصور بها واللجوء إلى تدوير القديمة http://ayn-almadina.com/details/5382/5382/ar 5382 date2023-04-15 19:27:41 ayn-almadina أجبرت الظروف الاقتصادية العديد من الأمهات في إدلب على اللجوء إلى مبادلة ألبسة أطفالهن التي اشترينها في أعياد سابقة بأخرى لأطفال الجارات أو الأخوات، أو إعادة تفصيل ألبسة قديمة لدى خياطات تعملن في المنزل بأجور زهيدة. بينما تحاول بعضهن لتمرير تلك الحيل ...
ألبسة العيد في إدلب.. الاكتفاء بأخذ الصور بها واللجوء إلى تدوير القديمة

ألبسة العيد في إدلب.. الاكتفاء بأخذ الصور بها واللجوء إلى تدوير القديمة

رادار المدينة

أجبرت الظروف الاقتصادية العديد من الأمهات في إدلب على اللجوء إلى مبادلة ألبسة أطفالهن التي اشترينها في أعياد سابقة بأخرى لأطفال الجارات أو الأخوات، أو إعادة تفصيل ألبسة قديمة لدى خياطات تعملن في المنزل بأجور زهيدة. بينما تحاول بعضهن لتمرير تلك الحيل وغيرها، أن يقنعن أطفالهن بالمرور على المحلات وقياس الألبسة الجديدة فيها وأخذ الصور بها دون شرائها.

تواضب السيدة أسماء (24 عاماً) منذ بداية شهر رمضان على التجول في أسواق الألبسة بمدينة إدلب دون اصطحاب أطفالها، رغبةً منها في إيجاد ملابس تناسب إمكانياتها المادية، لا سيما وأنها والدة لـثلاثة أطفال بنتين وصبي.

تقول أسماء أن كل محاولتها باءت بالفشل، ولم تستطع الحصول على شيء مناسب في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير وتراجع دخل زوجها. وبحسبة بسيطة فإن متوسط ما يمكن أن تدفعه السيدة لشراء ملابس العيد لأطفالها فقط قد يتجاوز 70 دولاراً أمريكياً، وهو ما يعادل أجرة عمل لأكثر من شهر.

لذلك قررت السيدة أن تجري عملية مبادلة لألبسة العام الماضي مع أحد جاراتها، على أن تجري بعيداً عن أعين الأطفال "ملابس العيد غالباً تبقى على حالها، لأننا نسمح للأطفال بارتدائها خلال أيام العيد فقط ولساعات قليلة" تقول أسماء. وتوضح أنها اعتادت هذه الطريقة منذ سنوات عدة "بصعوبة بالغة نستطيع شراء قطعة ملابس، لذلك يجب الحفاظ عليها".

ولأن عملية تدوير الألبسة بين أطفالها أخذت الحد الكافي، وقد اشترت السيدة الملابس في رمضان الماضي، واستخدمتها لعيدين متتاليين، ثم أعطت ثوب ابنتها الكبرى للصغرى ولبسته في حفلة عرس، وبدلت ثياب طفلها الصغير مع ثياب ابن أختها؛ لجأت إلى الاتفاق مع جارتها على مبادلة ملابس الأطفال، وتلخص مختتمة حديثها "وهيك بيلبس ولادي ثياب مختلفة لهاد العيد، وبفكروا إنها جديدة".

بينما تقول السيدة رباح (34 عاماً) المهجرة من دمشق وتقيم في إدلب، أنها لا ترفض رغبة أطفالها بالذهاب إلى السوق ومعاينة الألبسة وارتدائها بغرض تجريبها والتقاط الصور فيها، ونشرها عبر مجموعات التواصل الاجتماعي لجمع اللايكات وسؤال المتابعين إن كانت الألبسة مناسبة لهم أم لا، وهي دائماً جاهزة لتقديم الذرائع التي تشغل بها أطفالها عن شراء الألبسة "كبير، ما كتير عجبني، لسا منلاقي أحلى" وهكذا حتى تنقضي أيام رمضان، وتُنسي فرحة العيد الأطفال مسألة شراء الملابس.

ورغم مشارفة الشهر المبارك على الانتهاء، وحركة الأسواق في إدلب تعج بالمارة والزوار، فإن المحال تفتقر للزبائن. كما أن البضاعة المعروضة في الأسواق تتشابه بالنوع والألوان، بينما تختلف أسعارها بفروقات طفيفة من سوق لآخر وتتشارك بالغلاء.

"لو في بديل لبيع المصلحة بقشرة بصلة" يقول عثمان صاحب أحد محلات الألبسة بسوق الخمارة في إدلب، ويوضح أنه اكتفى بتشكيلة ملابس بسيطة لهذا العام مع تراجع حركة البيع والشراء بشكل كبير، وزيادة الزوار الذين يلتقطون صوراً لأطفالهم بالملابس مكتفين بالسؤال عن السعر والتعليق بـ"يالطيف أسعار نار! مافي أرخص؟ منرجع إن شاء الله، الله يجبر"، وهو الأمر الذي دفع عثمان إلى عرض قطع قليلة بالمحل مع وضع سعرها النهائي، ولافتة كتب عليها "لا تبديل ولا ترجيع، وإن لم يكن لديك عمل فدعنا نعمل".

لا يوجد ضابط محدد لأسعار الألبسة، إذ يتم تحديدها وفق حركة السوق والعرض والطلب، وتعتبر المواسم كالعيد وتقلب الفصول وافتتاح المدارس أبرز المحطات التي يستثمرها باعة الألبسة لفرض أسعارهم، التي تختلف من منطقة لأخرى ضمن محافظة إدلب، ويلاحظ فروقات بين محل وآخر ضمن السوق ذاته، ويرجع ذلك لمزاجية البائع وطبيعة زبائنه.

وتتراوح أسعار ملابس الأطفال بين 20 و 50 دولاراً أمريكياً لفستان البنات، وبين 10 و 40 دولاراً للطقم الصبياني، ويبدأ سعر قطع ملابس العيد النسائية من 22 وصىولاً إلى 200 دولار، بينما تتراوح أسعار ملابس الرجال بين 5 و 70 دولاراً أمريكياً.

وتكثر على صفحات التواصل الاجتماعي المحلية المنشورات التي تطالب المتابعين بالمساعدة لإيجاد محال ألبسة تبيع بأسعار رخيصة، سواءً كانت ملابس جديدة أم مستعملة (بالة) وهي على درجات منها الأوربي المستورد والمحلي، كما تنتشر عبارات مضحكة مبكية كقول أحدهم "بخصوص لبس العيد عندك حلين، يا بتبيع كليتك، أو بتدبر محل ما عندو كاميرات مراقبة".

في حين تلجأ بعض السيدات إلى إعادة تدوير الملابس بالاستعانة بخياطات يعملن من منازلهن وبأجور بسيطة، ويكون مصدر القماش قطع قديمة من ملابسهن أحياناً، أو أقمشة جاهزة تراجع الطلب عليها وتباع بأسعار مقبولة.

وتقول أم جواد وهي خياطة تعمل في منزلها ببلدة الفوعة، أنها تلقت منذ بداية شهر رمضان عشرات الطلبات لتفصيل فساتين للبنات وأطقم للأولاد، موضحةً أن القماش الذي تخيطه هو غالباً قديم، ما يفرض عليها القالب الذي سيتم على أساسه تفصيل قطعة الملابس. وتستطرد "الشغل بالقماش القديم بدو شغل دبل عن العادي، وبحاول طلع أحلى ما عندي... خلي الولاد تفرح". وحول الأجور التي تتقاضاها تضيف السيدة "مافي أجر محدد، باخد مبلغ من صاحبة القطعة بتدفعوا عن طيب خاطرها".

ورغم أن بعض العوائل تستطيع اللجوء إلى طرق التحايل على الواقع المعيشي، فإن حالة عجز واضحة في القدرة الشرائية تبقى تفرض نفسها، لا سيما مع زيادة معدلات الفقر وارتفاع نسبة البطالة.

وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا" فإن نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر في إدلب تصل إلى 89.24 بالمئة، بينما ترتفع نسبة العائلات التي وصلت إلى الجوع إلى 39.64 بالمئة. في الوقت الذي تزايدت فيه معدلات البطالة بين المدنيين، حيث ارتفعت مؤشرات البطالة عن الشهر الماضي بنسبة 2.3 بالمئة بعد فقدان أكثر من 11,372 عائلة مصادر دخلها نتيجة الزلزال الأخير الذي تعرضت له المنطقة، ووصلت نسبة البطالة العامة إلى 87.3 بالمئة بشكل وسطي، مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة.

]]>
موجة الغلاء تدخل معظم السوريين في التقشف الرمضاني القسري http://ayn-almadina.com/details/5383/5383/ar 5383 date2023-04-17 23:22:54 ayn-almadina تؤكد الأرقام أن رمضان الحالي يعتبر الأقسى على كافة السوريين بدفع من التضخم وحدة موجات الغلاء التي طاولت معظم السلع الغذائية وجميع المواد الأساسية، بالموازاة مع تعاطي غير مسبوق مع الغلاء من قبل المواطنين، قوامه المزيد من التقشف وشد الأحزمة ومغادرة معظ...
موجة الغلاء تدخل معظم السوريين في التقشف الرمضاني القسري

موجة الغلاء تدخل معظم السوريين في التقشف الرمضاني القسري

رادار المدينة

تؤكد الأرقام أن رمضان الحالي يعتبر الأقسى على كافة السوريين بدفع من التضخم وحدة موجات الغلاء التي طاولت معظم السلع الغذائية وجميع المواد الأساسية، بالموازاة مع تعاطي غير مسبوق مع الغلاء من قبل المواطنين، قوامه المزيد من التقشف وشد الأحزمة ومغادرة معظم الأطباق الرمضانية الشهيرة عن مائدة الإفطار.

لم تعد أم شفيق وهي خمسينية تعيش في دمشق، تحتار في نوعية الطبخات الرمضانية بعد أن كانت الحيرة تتملكها مثل باقي السوريات أمام القائمة الطويلة للأكلات الرمضانية المتنوعة والدسمة. ف"المكونات الرخيصة لن تمنح فرصة كبيرة للتنوع على المائدة.. كل ما في الأمر أن تطبخ إحدانا أكلات تدخل البطاطا والفول والبازلاء والرز ضمن مكوناتها، مع غياب للدسم واللحوم بأنواعها". تؤكد أم شفيق لعين المدينة.

أما نجوى وهي أربعينية تقيم في ريف حلب، فقد نسيت طرق إعداد أكلات عديدة مع طول مدة التقشف. وتقول لعين المدينة إن "الكبب واللحم المشوي والمحاشي لم تكن على مائدة الإفطار هذا العام بخلاف الأعوام الماضية". فيما أمضت أم علي الأربعينية من إدلب العشر الأول من رمضان في "صنع أكلات موفرة قوامها لحم الدجاج أو الخضار الرخيصة".

وتؤطر القصص في الأعلى لما يمكن أن نطلق عليه ب"التقشف الرمضاني القسري"، فقد أجبر لهيب الأسعار معظم السوريين على ممارسة هذا التقشف الذي يسير في خط مستقيم نحو القاع، ليس في دمشق وبقية المحافظات التي تقع تحت سلطة النظام فقط، بل في مناطق المعارضة أيضاً.

ومن مراجعة بسيطة للوائح الأسعار في دمشق ومقارنتها بين آخر موسمين رمضانيين، يظهر أن أسعار السلع قد تضاعفت بنسبة 100% خلال عام واحد فقط، ما يعني أن الأسرة التي كانت تحتاج مثلاً إلى مبلغ 25 ألف ليرة سورية لتحضير طبخة واحدة على الإفطار، باتت بحاجة إلى 50 ألف ليرة لإعداد نفس الوجبة. وعلى سبيل المثال ارتفع سعر كيلو الرز المصري إلى 12 ألف ليرة بينما لم يتخط في رمضان الماضي حاجز ال 5500 ليرة. وكيلو لحم الخروف 70 ألف ليرة (30 ألفاً في رمضان الماضي). ولحم العجل 55 ألف ليرة (25 ألفاً في رمضان الماضي). وزيت الزيتون وصل إلى 40 ألف ليرة (22 ألفاً في رمضان الماضي).

النظام بدوره يعزو تضاعف أسعار السلع إلى سعر الصرف الذي شهد العديد من حالات الارتفاع خلال العام الماضي، في حين لم تلجأ حكومته إلى أي خطوة إيجابية من شأنها تخفيف حدة الغلاء على الصائمين.

وفي مناطق المعارضة يمكن ملاحظة الارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الغذائية وغير الغذائية بنسب متفاوتة. وسجل فريق "منسقو استجابة سوريا" ارتفاعا في أسعار الحبوب بنسبة 32.3%، والزيوت النباتية بنسبة 33%، والألبان بنسبة 24.4%، والسكر بنسبة 33.15%، واللحوم بأنواعها بنسبة 57%، والخضار والفاكهة بنسبة 55%. وتزامن ارتفاع أسعار المواد مع العجز الواضح في عمليات الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات المحلية، وخاصة مع مقارنة شهر رمضان الحالي بالعام الماضي وانخفاض الاستجابة بنسبة 47% عن العام السابق.

برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة حذر منتصف آذار الماضي من أن قرابة 12.1 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن 3 ملايين آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع. وأضاف أن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حالياً ما يقرب من ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة.

وتحفز ندرة الأطباق والمشروبات الرمضانية على الأجواء التي اعتادها السوريون في الشهر الفضيل، ف"ما معنى رمضان دون المعروك والتمرهندي والعرقسوس؟" تتساءل أم شفيق التي تكتفي بالشراب المصنع وما يتسنى لها تحضيره من حلويات منزلية رخيصة. فيما تشتكي نجوى من خلو المائدة من الأكلات الحلبية الشهيرة التي كانت تدخل البهجة إلى القلوب ف"الكبة اللبنية تكلف بقرة جحا". كلام السيدتين يطابق تماماً حالة أم علي التي تعتبر رمضان الحالي "أقسى الرمضانات. وبإذن الله آخر الرمضانات القاسية".

]]>
زبائن سوق مدينة الميادين يشترون الخضار بالقطعة http://ayn-almadina.com/details/5384/5384/ar 5384 date2023-04-19 20:04:40 ayn-almadina في مدينة الميادين شرق دير الزور، حيث اعتاد سكانها وزبائن سوقها المركزي في السابق على شراء حاجياتهم بالجملة، خاصة من الخضار التي كانت تطوف بها الشاحنات لبيعها بالأشولة، يشتري اليوم غالبيتهم ما يحتاجون من قوت يومهم من خضار وغيرها بالقطعة. ظل سوق الم...
زبائن سوق مدينة الميادين يشترون الخضار بالقطعة

زبائن سوق مدينة الميادين يشترون الخضار بالقطعة

رادار المدينة

في مدينة الميادين شرق دير الزور، حيث اعتاد سكانها وزبائن سوقها المركزي في السابق على شراء حاجياتهم بالجملة، خاصة من الخضار التي كانت تطوف بها الشاحنات لبيعها بالأشولة، يشتري اليوم غالبيتهم ما يحتاجون من قوت يومهم من خضار وغيرها بالقطعة.

ظل سوق الميادين حتى قبل سنوات قليلة من أكبر الأسواق في المنطقة الشرقية، ويستقطب زبائن من مدينة الميادين وبلدات وقرى يتجاوز محيطها أكثر من خمسين كيلو متراً. يمتد السوق في الشارع العام وسط المدينة، ويتضمن "سوق أم مخلص" لتجارة الخضار ومشتقات الألبان، وأسواق فرعية منها "الچرداق" و"شارع الجيش"، بالإضافة إلى الكثير من الباعة الجوالين بشاحناتهم لبيع الخضار للزبائن بالجملة، وهي ظاهرة صارت في حدها الأدنى بسبب تدني القدرة الشرائية لعموم السكان، وارتفاع أسعار المحروقات، وحواجز الفرقة الرابعة التي تصادر محتويات السيارات في حال لم يدفع أصحابها الإتاوات.

أبو محمد صاحب بسطة خضار في سوق الميادين يعمل في ذات المهنة منذ سنوات، ويعرف من خلال خبرته الطويلة أن نسبة البيع تزيد في كل عام بشكل كبير خلال شهر رمضان، خاصة من الخضار التي يحرص الأهالي على تنوعها في مائدة الإفطار. يقول لعين المدينة "هذا العام أصبح الناس يشترون مني الخضار بالعدد بدلاً من الكيلو. الظروف المعيشية صعبة جداً". ويضيف "أحياناً لا أبيع في اليوم الواحد أكثر من 4 إلى 5 كيلوات من جميع خضار البسطة، بينما كنت أبيع خلال السنوات السابقة عشرات أو مئات الكيلوات في اليوم".

وعن سبب تراجع حركة شراء الخضار يشرح بأن شراء كيلو بطاطا وكيلو كوسا وكيلو بندورة وكيلو فليفلة يكلف اليوم أكثر من 18 ألف ليرة، وهو مبلغ يشكل  تقريباً ربع راتب موظف حكومي، فسعر كيلو البطاطا صار ب 2500، والكوسا ب 5500، والبندورة ب 3500، والفليفلة ب 6500 ليرة سورية، وقد ارتفعت أسعارها بالمتوسط أكثر من خمسين بالمئة عن رمضان العام الماضي وفق ما يتذكر.

أجبرت الظروف الاقتصادية التي يمر بها السوريون على تغيير أنماط استهلاكهم المعتادة للتكيف مع العوز، وصار شراء الخضار بالقطعة من الأنماط الجديدة التي اعتاد عليها أهالي دير الزور، خاصة الأسر التي تعتمد على دخل مادي محلي مثل الرواتب الحكومية والعمل في التجارة والخدمات، وهي الفئات التي يتدبر أفرادها أمور معاشهم بالعدس والبرغل، ويشترون بعض الحاجيات الأخرى بالقطعة 3 إلى 4 حبات من الخضار لصنع طبق آخر بمرق أو سلطة، الأمر الذي لم يكن معروفاً في السابق وفق العديد ممن تكلمت معهم عين المدينة، نظراً إلى كثرة أفراد الأسرة الواحدة في عموم المنطقة الشرقية، وارتباط الأسر ببعضها عبر العائلة الممتدة، وارتباط التقتير بالاستهلاك بالعيب في الثقافة الشعبية، إضافة إلى طبيعة العمل الموسمية، وهي أمور كانت تدفع الغالبية إلى شراء الحاجيات من الخضار وغيرها بكميات وافرة.

أبو سليمان موظف في دائرة الأحوال المدنية بالميادين يقول أن راتبه الشهري 170 ألف ليرة، ويعمل بعد انتهاء دوامه سائق سيارة أجرة، ورغم ذلك لا يستطيع تأمين كامل متطلبات منزله وأسرته المكونة من زوجته و3 أولاد.

ويضيف "أعلى راتب يتقاضاه الموظف في سوريا لا يتجاوز 200 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يكفي اليوم أسرة مثل أسرتي بمستوى معيشي متوسط أكثر من أسبوع"، ما انعكس وفق أبو سليمان على موجة هجرة كبيرة خارج البلاد لفئة الشباب، حتى تكاد الشوارع تخلو من الشبان سوى المتطوعين في صفوف قوات النظام والميليشيات الإيرانية.

أما أبو موسى وهو موظف متقاعد، فيقول أن راتبه التقاعدي 110 آلاف ليرة، وأسرته 5 أشخاص يكاد الراتب لا يكفيهم ليوم واحد لو فكروا بشراء كامل الحاجيات. ويذكر أنه أجبر على إرسال اثنين من أبنائه للتطوع في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني من أجل تأمين بعض الحاجيات، مضيفاً أنه لا يوجد أي عمل آخر "لا مصانع أو معامل في المدينة، وإذا وجدوا عملاً فلا تتجاوز الأجور راتبي التقاعدي".

في المقابل تعيش العوائل التي تتلقى حوالات من أبنائها في الخارج بحال أفضل بكثير. مثلاً تتجاوز قيمة ال 100 دولار أمريكي وهي قيمة الحوالة الشهرية التي يرسلها العديد من السوريين في الخارج لذويهم، 700 ألف ليرة سورية  بحسب سعر الصرف الحالي، ويعادل المبلغ راتب موظف في سوريا لنصف سنة، لكن هؤلاء فئة قليلة الآن في مدينة الميادين.

أما بخصوص المنحة التي تلقاها الموظفون قبل أيام، وقيمتها ثابتة تبلغ 150 ألف ليرة للموظف، فيعلق أبو موسى موظف الأحوال المدنية "الأولوية لشراء الطعام وبعض مستلزمات المنزل. كنت أنوي شراء لباس العيد لأطفالي الثلاثة، لكن المنحة ربما لا تكفي سوى لاثنين منهم، فلذلك فضلت صرفها على حاجيات المنزل".

]]>
سوق برهان بمدينة حماة.. صلة الوصل بين المدينة والبادية يحتضر http://ayn-almadina.com/details/5386/5386/ar 5386 date2023-04-26 16:43:01 ayn-almadina حافظت العديد من الأسواق العثمانية في سوريا على قيمتها كمؤسسات اجتماعية اقتصادية، بالإضافة إلى قيمتها التراثية المعمارية، ولم تدخل في خانة المواقع الأثرية التي يقتصر دورها على العمل المتحفي. ويعتبر سوق برهان في حماة مثالاً حياً على تلك الأسواق، حيث تخ...
سوق برهان بمدينة حماة.. صلة الوصل بين المدينة والبادية يحتضر

سوق برهان بمدينة حماة.. صلة الوصل بين المدينة والبادية يحتضر

رادار المدينة

حافظت العديد من الأسواق العثمانية في سوريا على قيمتها كمؤسسات اجتماعية اقتصادية، بالإضافة إلى قيمتها التراثية المعمارية، ولم تدخل في خانة المواقع الأثرية التي يقتصر دورها على العمل المتحفي. ويعتبر سوق برهان في حماة مثالاً حياً على تلك الأسواق، حيث تختلط عراقة المهن الموروثة ببنية السوق وعمرانه وأثره الاجتماعي، بينما تهدد الظروف الأمنية والاقتصادية السيئة بقاءه.

تتكون بنية الأسواق العثمانية من المحال على جانبي شارع السوق وأطراف فسحه وساحاته، وحمامات وجوامع وخانات على الهامش بدأت تظهر في المدن في القرن التاسع عشر، القرن الذي شهد بناء سوق برهان. فوفق المتاح من المعلومات يعود تاريخ بناء سوق برهان إلى عام 1876 على يد علي الكيلاني أحد كبار المتنفذين في مدينة حماة، الذي أطلق على السوق اسم ابنه برهان، واستخدم فيه الطراز العثماني بالبناء بمستوى طابق واحد على شكل طولي ومحلات متقابلة وأسقف قوسية للمحال، ومداخل على شكل قناطر وممر مسقوف، بالإضافة إلى مسجد وخان للمبيت مزود بساحة ذات فسحة سماوية تحوي في وسطها بحرة مزودة بنافورة، ويمكن الدخول إليه عبر بوابة سماوية للخان الملاصق للسوق متصلة بسوق مسقوف "عبَّارة"، تحوي محال أفقية متناظرة يصل عددها إلى ما يقارب مئة محل.

يقع السوق في حي الحاضر شمال شرق مدينة حماة، الحي الذي بدأ يتشكل قبل أكثر من مئتي سنة وفق وظيفته التجارية، وسمي من خلالها "الحاضر" أي المكان الذي يتحضر ويتزود منه البدو بالبضائع. في ذلك الوقت الذي كان الحاضر يغص بالحركة والتجارة، لم يكن سوق برهان ذا أهمية مميزة. في حين شهدت أواسط القرن الماضي صعوداً للسوق، بعد أن اتفق عدد من أصحاب الحرف اليدوية المتخصصين بإنتاج حاجيات البدو -بالتعاون مع المسؤولين عن الشؤون المدنية في حماة- على نقل مشاغلهم وورشهم إلى سوق برهان، ووقع الاختيار على الموقع نتيجةً لتوفر عدد كبير وكافٍ من المحال التجارية المتقاربة في موقع واحد، فضلاً عن الوصول السهل إلى السوق من خارج المدينة دون الدخول إلى عمقها. في هذا السياق يمكن اعتبار السوق تكثيفاً لمنطقة الحاضر العثمانية.

وبالرغم من أن سوق برهان والخان الملاصق له يعتبران من المعالم التراثية المتميزة في حماة وحافظت على رونقها لتمسكها بالتقاليد التراثية، إلا أنها لم تكن قبلة أولية أو ثانوية للوفود السياحية من خارج المدينة لتفرد مدينة حماة بوجود النواعير والمدينة القديمة المحيطة بها التي كانت محطاً للوفود السياحية لافتةً أنظارهم عن زيارة أي معلم آخر، وبالتالي يمكن القول أن العلاقة الحميمة بين البدو وسوق برهان كانت النقطة الحاسمة في عراقة السوق وجعله مكاناً مهماً للتجارة والتبادل التجاري والثقافة التقليدية بين البيئتين الحضرية والبدوية، ولكن في ضوء الظروف الأخيرة واستمرارها على ذات الوتيرة قد يُهدّد استمرار حياة هذه العلاقة في الأيام القادمة.

أياما خلت يستذكرها أبو ياسين وهو خياط متخصص بتفصيل العباءات والفِريّ والسراويل في سوق برهان، حيث أقام وتجار السوق علاقات متطورة مع أهالي تجمعات البادية، وأصبحوا يعرفون ذوق كل قرية من قرى البادية في الزي، ومطلب كل شخص قادم من البادية "دون إسهاب في الشرح. بمجرد ذكر اسم قريته أو عشيرته (نعرف طلبه) لأننا على معرفة متراكمة من سنين أمضيناها بالتعامل معهم". بحسب حديث أبو ياسين لعين المدينة.

أسهم الموقع الجغرافي لمدينة حماة الملاصق للبادية السورية في جعلها مركزاً تجارياً هاماً لتبادل السلع والمنتجات بين أبناء البادية والمدينة، فقرى بادية حماة الشرقية تبدأ من مسافة لا تزيد عن 20 كم عن مركز المحافظة، الأمر الذي جعل التنقل بين المدينة والبادية سهلاً، وشراء حاجيات البدو منها يسيراً دون تكبد العناء والبحث عنها في زحام المدينة وكثرة أسواقها، أو دخول قوافل البدو وعرباتهم بين الأحياء السكنية والأسواق الأخرى.

يذكر ريان الأحمد من قرية عرفة ببادية حماة، أن سوق برهان كان المحطة الأولى التي ترتسم في أذهان جميع الذاهبين من البادية إلى محافظة حماة، ويضيف لعين المدينة "ابن عمة أبي كان يذهب أسبوعياً إلى السوق لشراء طلبات أهالي القرية من معدات لبيوت الشعر وعباءات وفري وعقالات وبرمان وحبال ولجامات للدواب ودخان عربي وتمور ودبس، وفي ذات التوقيت يأخذ اللبن والسمن والجبن والجلود المنتجة في القرية لبيعه في السوق".

وفي المقابل يعد الذهاب لسوق برهان بالنسبة إلى أبناء حماة فرصة لا تعوض لشراء منتجات البادية وبجودة أفضل من جودة المعامل والمشاغل المحلية ومحلات المدينة وبأسعار منافسة وتنوع كبير، كما يقول الشاب عبد المجيد عنجاري الذي كان يذهب رفقة والده بشكل موسمي لشراء مؤونة الشتاء ورمضان من الجبن والسمن العربي واللبن والصوف وبعض الأعشاب الطبيعية.

وعن الوضع الحالي للسوق يشير أبو ياسين إلى عوامل عدة أدت إلى ركود حركة التبادل التجاري بين البادية والمدينة وتوقف شبه تام لأغلب ورش ومحال السوق، أهمها نزوح الغالبية العظمى لأبناء البادية من قراهم إلى مناطق متفرقة خارج محافظة حماة نتيجة عمليات النظام العسكرية في البادية وتهجير معظم ساكنيها، بالإضافة إلى إسباب تتعلق بغلاء المواد الأولية التي تسببت بارتفاع تكلفة المنتجات وتدني القدرة الشرائية لأبناء الريف والبادية معاً، وانقطاع دائم للتيار الكهربائي وإهمال بلدية حماة لعمليات الترميم والنظافة، وختم بالقول "إن استمر الوضع على ما هو عليه ستغلق عشرات المحال والورش اليدوية التي لم تتوقف عن العمل منذ أكثر من ستين عاماً أو يزيد، وستندثر وتنسى هذه الحرف في حال أصبحت عبئاً على متقنيها".

]]>
مريضات الكلى.. أعداد متزايدة ومعاناة يضاعفها البحث عن سبل العلاج في إدلب http://ayn-almadina.com/details/5387/5387/ar 5387 date2023-05-11 16:50:51 ayn-almadina تزداد باضطراد معاناة مريضات الكلى في إدلب مع انخفاض الدعم عن المراكز المجانية وضرورة تأمين مواد ومعدّات لجلسات غسيل الكلى على نفقاتهن الشخصية، وهو ما وضع الفقيرات منهن أمام خيارات صعبة. تتأثر مريضات الكلى بجو الترقب السائد في مراكز غسيل الكلى في إ...
مريضات الكلى.. أعداد متزايدة ومعاناة يضاعفها البحث عن سبل العلاج في إدلب

مريضات الكلى.. أعداد متزايدة ومعاناة يضاعفها البحث عن سبل العلاج في إدلب

رادار المدينة

تزداد باضطراد معاناة مريضات الكلى في إدلب مع انخفاض الدعم عن المراكز المجانية وضرورة تأمين مواد ومعدّات لجلسات غسيل الكلى على نفقاتهن الشخصية، وهو ما وضع الفقيرات منهن أمام خيارات صعبة.

تتأثر مريضات الكلى بجو الترقب السائد في مراكز غسيل الكلى في إدلب، التي تعتمد اليوم على تبرعات فردية من أشخاص وفرق إنسانية ومنظمات أخرى على شكل متقطع، من أجل تقديم الحد الأدنى من مواد واحتياجات جلسات الغسيل. فيما تبحث المريضات عن بدائل معقولة عن تلك المراكز التي تتناقص خدماتها مع الأيام.

خوف من المستقبل

ربيعة الحاج حسين (51 عاماً) تداوم على 3 جلسات غسيل كلى أسبوعياً، بسبب إصابتها بـالفشل الكلوي منذ سنوات طويلة، ويؤثر عليها مؤخراً انخفاض الدعم المقدم للعلاج في مركز ابن سينا في مدينة إدلب، ما دفعها إلى تخفيض جلسات الغسيل نظراً لتدهور أوضاعها المادية، وهو ما راح يؤثر بشكل مباشر على صحتها وتأخر علاجها.

تقول السيدة ربيعة لعين المدينة "رحلة العلاج باتت مرهقة مادياً ومعنوياً، فأجور المواصلات وتكاليف العلاج تزيد معاناتي باستمرار، أشعر بالخوف حين أفكر بتوقف العلاج الفجائي بعد مدة قصيرة إن استمر الحال على ما هو عليه من تأخر الدعم وضعف الحال. مرعب ما سيكون عليه حالي إن حصل ذلك".

تضطر ربيعة في كل مرة إلى تحمل عناء دفع أجور المواصلات كي تصل إلى مركز غسيل الكلى في إدلب، من مخيمات حربنوش شمال غرب إدلب حيث تقيم، عدا عن مكابدة تكاليف شراء بعض المواد العلاجية الضرورية عند كل جلسة غسيل، بعد تناقص الدعم عن المركز الذي تتعالج فيه.

أعراض عديدة تشكو منها ربيعة بعد إصابتها بالفشل الكلوي أهمها التَّعب والغثيان، الحكة، النفضان، تشنج العضلات، نقص الشهية، صعوبة التنفس وتورم في الجسم وخاصة الساقين.

وكذلك الحال مع جمانة الكردي (24 عاماً) التي تعيش حالة قلق دائمة من نفاذ جلسات الغسيل في مركز باب الهوى الحدودي، الوجهة التي تداوم عليها لعلاج حالتها بعد إصابتها بالفشل الكلوي منذ قرابة الخمس سنوات. تقول جمانة أن الجلسة الواحدة راحت تكلفها ما يتراوح بين 20 و 30 دولاراً أمريكياً، وهو مبلغ يفوق الدخل الأسبوعي للأسرة بأكملها، وليس بمقدورعائلتها تأمينه على الإطلاق، خاصة بعد نزوحهم من بلدتهم جنوب إدلب وفقدانهم مصدر أرزاقهم بعد سيطرة قوات نظام الأسد عليها.

أثر الزلزال

وعدا عن الحالات القديمة، ازادت حالات الفشل الكلوي إثر الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غرب سوريا في السادس من شباط الماضي، وذلك بعد خروج أعداد كبيرة من المصابين ممن يعانون مما يعرف ب"متلازمة الهرس" جراء مكوثهم لساعات وأيام تحت ركام منازلهم المدمرة، إذ لم تكن النجاة من تحت الأنقاض خلاصهم من المحنة التي مروا بها، بسبب رحلة علاج قاسية بدؤوا بها في مستشفيات تفتقر إلى المعدات والمختصين.

ريا العرنوس ( 32 عاماً) تعرضت لمتلازمة الهرس، وأودت بها الحالة الصحية الحرجة إلى غرفة العناية المشددة في مستشفى العيادات الداخلية في محافظة إدلب، بعد أن باتت مهددة ببتر إحدى الأطراف، وبحاجة إلى غسيل كلى مستمر، بعد أن تعرضت لهرس في الطرفين السفليين والعلويين، وتعيش اليوم على الضمادات والمسكّنات، وجلسات غسيل الكلى المتكررة وفق ما ذكرته لعين المدينة.

لم تشعر ريا بتحسن يذكر رغم مدة العلاج الطويلة في المستشفى، بالتحديد فيما بتعلق بالفشل الكلوي الذي أصيبت به على وقع إصابتها بمتلازمة الهرس.

وفي التعليق على الموضوع، قال غانم خليل مدير العلاقات العامة في مديرة صحة إدلب لعين المدينة، أن معظم الناجين الذين بقوا لمدة 24 ساعة تحت الأنقاض تعرضوا لمتلازمة الهرس الشديد، التي تؤدي إلى تدمير العضلات، وقصور كلوي حاد.

وأضاف أن"هذه النسبة الإضافية من المصابين بالفشل الكلوي تجاوزت 860 إصابة في الشمال السوري نتيجة إصابات المتلازمة". وأوضح أن مرضى متلازمة الهرس يجرى لهم يومياً جلسة غسيل كلى أو أكثر، وهي تصنّف كحالات طبية خطيرة، لأن نسبة الوفيات فيها عالية.

وأكد أن عجزاً كبيراً يعاني منه القطاع الصحي في الاستجابة لمرضى متلازمة الهرس في مرحلة ما بعد الزلزال، جراء الصعوبات والاحتياجات ونقص في المستلزمات والأدوية، فالقطاع غير مهيأ لمواجهة كوارث لم تحصل في المنطقة سابقاً. وأشار إلى أن كارثة الزلزال جاءت لتزيد العبأ على القطاع الصحي الذي استنزفت كامل طاقته خلال الأيام الأولى، لتكون المبادرات المحلية هي الأساس في تغطية الاحتياجات نظراً لتأخر وصول المساعدات الأممية.

ووصل أعداد المصابين جراء الزلزال إلى 12 ألف مصاب، أغلبهم كان لديهم متلازمة الهرس وبحاجة إلى أجهزة غسيل الكلى والكيتات، بينما هنالك نقص كبير في تلك الأجهزة.

في حين تعاني مراكز غسيل الكلى البالغ عددها 8 مراكز فقط في إدلب (مدينة إدلب، أريحا، أرمناز، سلقين، حارم، دركوش، الأتارب، باب الهوى)  من الضغط الشديد، وهي تعاني بالأصل من شحّ في المستلزمات والمعدّات والكيتات، حتى ما قبل وقوع الزلزال.

وكشف الخليل عن ضرورة وجود مراكز لغسيل الكلى دون الحاجة لتحويل الحالات إلى تركيا، التي أوقفت استقبال المرضى السوريين من ذوي الإصابات والأمراض الخطيرة منذ وقوع الزلزال حتى إشعار آخر، وحرمت بذلك مئات المرضى الذين كانوا يدخلون من المعابر الحدودية من تلقي العلاج داخل تركيا.

وبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) فقد تضرر بفعل الزلزال في شمال غربي سوريا ما لا يقل عن 53 مرفقاً صحياً جزئياً، ومرفقان صحيان بالكامل، وخرج عن الخدمة 12 منشأة صحية توقف العمل بها.

مسارات مغلقة

مدير ملف مرضى الكلى في مديرية صحة إدلب الدكتور باسل صباغ قال لعين المدينة، أنه  بلغ عدد المريضات 304 مريضة من بينهن 5 دون سن 12 عاماً، من أصل 662 مريض يعانون من قصور كلوي مزمن غير قابل للشفاء، والعلاج الوحيد المتوفر هو الغسيل الكلوي الدائم بمعدل جلستين أسبوعياً (9-10 جلسة شهرياً) وكل جلسة تحتاج إلى 4 ساعات.

ونوه الصباغ إلى أهم الصعوبات الحالية التي تواجه تلك الفئة التي تعتبر من الفئات الهشة للغاية، إذ لا يمكنها القيام بأي أعمال تكون مصدر رزق، أو حتى الأعمال المنزلية التي تكون محدودة، بسبب دخول المريض أغلب الأحيان في حالة وهن قبل يوم من موعد جلسة الغسيل وخلال يوم جلسة الغسيل الكلوي.

وأوضح أن هنالك علاج وحيد لمثل تلك الحالات عبر زرع الكلية، لكنه غير متوفر في مناطق شمال غربي سوريا والمناطق المحررة بشكل عام، سواء في المرافق الخاصة أو المؤسسات العامة المدعومة من قبل المنظمات والجمعيات غير الحكومية.

ويضطر المريض الذي ينوي زرع الكلية الى الذهاب إلى تركيا حصراً، وهو أمر مرهق جداً وله إجراءات طويلة لاعتبار زرع الأعضاء من الحالات الباردة، وتحتاج إلى متابعة طبية مكثفة خلال أول عام من الزرع.

أما عن الأدوية التي تحتاجها هذه الفئة فهي من الأدوية النوعية، وأهمها الألبومين بسبب معاناة مرضى الغسيل الكلوي من فقر الدم والحاجة الدائمة إلى هذا الدواء، الذي يصل سعره في المتوسط إلى 35 دولاراً.

]]>
عقلية الأخذ بالثأر تعود إلى السويداء بسبب تنامي العصبيات العائلية http://ayn-almadina.com/details/5388/5388/ar 5388 date2023-05-13 14:23:32 ayn-almadina ارتفعت حدة التوترات والحوادث الأمنية الناجمة عن نزاعات عائلية خلال الفترة الماضية في محافظة السويداء، فشهد شهر نيسان وحده ثلاثة نزاعات على الأقل. عودة العصبيات العائلية إلى السويداء تسببت بلجوء الأهالي إلى اقتناء أو إشهار السلاح وإلى التمسك بالتكتل ا...
عقلية الأخذ بالثأر تعود إلى السويداء بسبب تنامي العصبيات العائلية

عقلية الأخذ بالثأر تعود إلى السويداء بسبب تنامي العصبيات العائلية

رادار المدينة

ارتفعت حدة التوترات والحوادث الأمنية الناجمة عن نزاعات عائلية خلال الفترة الماضية في محافظة السويداء، فشهد شهر نيسان وحده ثلاثة نزاعات على الأقل. عودة العصبيات العائلية إلى السويداء تسببت بلجوء الأهالي إلى اقتناء أو إشهار السلاح وإلى التمسك بالتكتل العائلي لتحصيل حقوقهم بالقوة، بالتوازي مع غياب دور القضاء والضابطة العدلية وتزايد معدل الجرائم بشكل مطرد منذ العام 2014.  صارت القناعة السائدة مع الأيام أنه لا حماية للفرد دون انتماء عائلي أو مناطقي، وعند حصول أي نزاع بين فردين يفضي بشكل آلي إلى نزاع بين عائلتين.

ولعل أهم العوامل التي ساهمت بتخلي النظام المقصود عن ضبط الوضع في المنطقة، هو الرفض الشعبي الذي شهدته المحافظة لأداء الخدمة الإجبارية في صفوف قوات النظام، وبروز فصائل محلية مسلحة تبنت حماية المطلوبين للخدمة، والضغط بالقوة على النظام لأسباب سياسية أو عند اعتقال أي شخص من أهالي المحافظة للخدمة لإخلاء سبيله. يضاف إليها انتشار عصابات الجريمة المنظمة في المحافظة، التي كانت تخطف ضباطاً أو عناصراً للنظام عند توقيف أحد أفرادها، بغية إجراء عمليات مقايضة.

وبحسب الصحافي ريان معروف مدير تحرير موقع "السويداء 24"، فقد شهدت مدينة السويداء قبل أسبوعين نزاعاً بين عائلتي رضوان والشاعر، لا تزال تداعياته مستمرة حتى اليوم، في ظل فشل الوساطات المحلية بإيجاد حل. وأضاف معروف لعين المدينة، أن المشكلة بدأت باستهداف شخص من آل الشاعر لآخر من آل رضوان بعيارات نارية سببت له إصابات خطيرة، وذلك على إثر خلاف سابق بينهما. وتابع أن مسلحين من آل رضوان هاجموا على إثر الحادثة محلات تجارية لمواطنين من آل الشاعر في مدينة السويداء لا علاقة لهم بالحادثة، وأصابوا مدنياً بالرصاص فقط لكونه يحمل اسم العائلة نفسها. كما نصب المسلحون حواجز ودققوا على الهويات بحثاً عن أي شخص من عائلة غريمهم.

وما تزال الأوضاع متوترة رغم إصدار العائلتين المتنازعتين بيانات أكدتا فيها على صلة القرابة والعلاقة المتينة التي تربطهما، وطالبتا الأجهزة الأمنية والقضاء بأخذ دورهما في توقيف المسببين للحادثة. في حين طالب آل رضوان بتسليم مُطلق النار من آل الشاعر إلى القضاء، بينما رد آل الشاعر أن مسؤولية ملاحقة الجاني يجب أن تكون على عاتق الجهات الأمنية، ولأن الأخيرة غائبة عن المشهد تماماً فقد استمرت ردود الفعل العشوائية المبنية على العصبيات العائلية حتى الساعة.

في ذات السياق شهدت بلدة عريقة في ريف السويداء الغربي قبل أسبوع، نزاعاً بين عائلتين وفق مصدر محلي في البلدة. واستكمل المصدر الذي طلب إغفال اسمه لأسباب أمنية، أن ممثلين عن مشيخة عقل الطائفة الدرزية تدخلوا في محاولة لإجراء صلح بين العائلتين، بعدما بدأ الخلاف بشجار بين فردين لأسباب مادّية، وتطور إلى مشاكل بين عائلتيهما.

ولسد فراغ غياب القضاء عن المحافظة تشكّلت هيئات أهلية ودينية، مثل "لجنة حل النزاعات في دار الطائفة الدرزية". وتعتمد الهيئات المحلية والدينية على الشرع والأعراف والتقاليد لحل النزاعات وتسويتها، كإجراء الصلح العشائري ودفع الدية وغيرهما من الحلول التي تلجأ إليها اللجان القضائية السورية عادة. ولكن مع غياب القوة التنفيذية لدى مثل هذه الهيئات، واعتمادها على مدى إقرار الأطراف بها واحترامهم لأحكامها، يبقى دورها محدوداً يعالج النتائج في المدى القريب، دون أن تملك السلطة والقوة الكافية لمنع نزاعات أخرى مشابهة في المستقبل.

وعزا الناشط المدني يوسف الصفدي عودة عقلية الأخذ بالثأر إلى الفشل والعجز الذي وصلت إليه مؤسسات الدولة على جميع الصعد، وسياسات النظام المقصودة في تغييب المؤسسات الأمنية والقضائية عن لعب دورها الحمائي للمجتمع، إضافة إلى تأليب عناصره بعضهم ضدّ بعض بسياسات تفريقية، ونشر السلاح وتسهيل الوصول إليه لفئات عدة من المجتمع وخاصة فئة الشباب. واستدرك الصفدي أن سياسة النظام التي تحدث عنها تأتي تحت وطأة الوضع المعيشي القاهر وانتشار المخدرات وزعزعة المنظومة الأخلاقية، بحيث يصبح الصراع أفقياً ما بين مكونات المجتمع عشائر وأفراد.

وأضاف الصفدي لعين المدينة "حين تفشل الدولة بمؤسّساتها السياسية والاجتماعية والقضائية، وتصبح عاجزة عن لعب دورها الحمائي المنوط بها، فمن الطبيعي أن يعود مواطنها للبحث عن جهة أخرى يلجأ إليها كي تؤمّن له الحماية خارج إطار الدولة، كالعائلة والقبيلة أو العشيرة والطائفة، أو ميليشيا أو عصابة تعمل خارج إطار القانون وربما فوقه، ولا تطالها المحاسبة في غياب القانون أو تغييبه".

لطالما تجنب النظام السوري التصعيد ضد المحافظة، وكان في معظم الحالات يرضخ للضغوط التي يتعرض لها لإطلاق سراح الموقوفين أو المعتقلين. وفسّر أيهم أبو عسلي وهو ناشط من أهالي المحافظة، هذا الرضوخ من النظام بعدم رغبته في حصول أي تصعيد مع أهالي المحافظة، وتجنب الدخول في مواجهة مفتوحة كي يحافظ على ورقة الأقليات التي يدّعي حمايتها.

ولفت أبو عسلي في حديث لعين المدينة، أن مسؤولي النظام وخلال أي اجتماع يبحث تدهور الأوضاع الأمنية مع وجهاء المحافظة، يطلبون رفع الغطاء الشعبي عن المطلوبين للخدمة العسكرية مقابل عودة دور السلطات الأمنية والقضائية. ولخص الناشط قائلاً "النظام يريد الملف الأمني في سلة واحدة، ويرفض ملاحقة المطلوبين الجنائيين بمعزل عن المطلوبين للخدمة، وهذا ما يشكل نقطة رئيسية هامة".

]]>
مديرية التربية تلاحق الدروس الخصوصية في المنازل .. إجراءات تدفع المزيد من الطلاب إلى دورات المركز الثقافي الإيراني في دير الزور http://ayn-almadina.com/details/5389/5389/ar 5389 date2023-05-17 17:34:14 ayn-almadina مع اقتراب الامتحانات، تعمل مديرية التربية التابعة للنظام في مدينة دير الزور على ملاحقة المدرسين لمنعهم من إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل، وتسير من أجل هذا الهدف "ضابطة عدلية" تقتحم على المدرسين أو الطلاب منازلهم، ما اضطر الكثير منهم إلى ا...
مديرية التربية تلاحق الدروس الخصوصية في المنازل .. إجراءات تدفع المزيد من الطلاب إلى دورات المركز الثقافي الإيراني في دير الزور

مديرية التربية تلاحق الدروس الخصوصية في المنازل .. إجراءات تدفع المزيد من الطلاب إلى دورات المركز الثقافي الإيراني في دير الزور

رادار المدينة

مع اقتراب الامتحانات، تعمل مديرية التربية التابعة للنظام في مدينة دير الزور على ملاحقة المدرسين لمنعهم من إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل، وتسير من أجل هذا الهدف "ضابطة عدلية" تقتحم على المدرسين أو الطلاب منازلهم، ما اضطر الكثير منهم إلى العمل في الخفية، في حين ينشط المركز الثقافي الإيراني في إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب، الذين لا يجدون (أو لا يجد أهلهم) ضالتهم في المدارس المتهالكة على كافة الأصعدة.

الحملة الأمنية التي تشنها مديرية التربية في دير الزور تبدأ في كل عام مع بداية تسرب طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية من المدارس، ولكنها تشهد حالياً حملة أقرب ما تكون إلى الحملات العسكرية بقيادة مدير التربية في دير الزور جاسم الفريح من خلال نقل معلمين، وملاحقة آخرين وتهديهم بغرامات مالية في حال إعطاء دروس خصوصية للطلاب وفق أحد مدرسي اللغة الإنكليزية في دير الزور.

ولفت المدرس الذي طلب إغفال اسمه لأسباب أمنية، إلى أن المدرسين يلجأون إلى إعطاء الدروس الخصوصية بسبب تدني الرواتب التي يتلقونها. وتابع "لو أن راتبي يكفيني لما فتحت بيتي لطلاب حولوا جدران غرفة الضيوف عندي إلى لوحات بأقلامهم، ولن ألجأ إلى تحمّل ضغط العمل لساعات إضافية، رغم ما أبذله خلال ممارستي مهنة التعليم في المدرسة بمنتهى الشرف. راتبي لا يكفيني لأكثر من خمسة أيام".

وأوضح مدرس اللغة الإنكليزية أن مدير التربية حمل المدرسين مسؤولية تسرب طلاب الشهادتين قائلاً لهم: "أنتم السبب في تسرب الطلاب، ولولا الدروس الخصوصية لاضطر الطالب إلى الدوام ولم يترك المدرسة" وعقب المدرس أن في ذلك تعامي عن الواقع التعليمي الذي خلفته هجرة أو تهجير معظم المدرسين الأكفاء من المدينة سواء داخل سوريا أو خارجها، والوضع النفسي للمدرسين القائمين على رأس عملهم، وما يعانونه من ضائقة مالية تجعل التدريس واحدة من همومهم وليس مهنة سامية يمارسونها وفق تعبيره.

"أم محمد" والدة أحد طلاب الشهادة الثانوية روت لـ "عين المدينة" كيف فرض الواقع التعليمي السيء عليها أن تبدأ بجمع المال منذ أن نجح ابنها إلى الصف العاشر، من أجل تسجليه في دورات خصوصية. وروت السيدة كيف أن معظم من لديه أولاد في الشهادتين، يقطعون من لقمة أولادهم كي يدفعوا للمدرس الخصوصي مبالغ مالية أصبحت تشكل عبئاً آخر فوق أعباء الحياة اليومية والوضع الاقتصادي المزري. وتابعت "أم محمد" بأن "الطلاب الذين يعتمدون على الدروس الخصوصية لا يداومون سوى أيام معدودة لتثبيت تسجيلهم في الامتحان، وذلك لاعتمادهم على تلك الدروس. معظم رفاق (ابني) في الصف ممن سجلوا في الدورات الخصوصية سبقوه (في الانقطاع عن الدوام)"

تعرف الدروس الخصوصية (رغم منعها وفق القانون) على نطاق واسع في سوريا، خاصة بالنسبة إلى طلاب الشهادة الثانوية العلمية وأهلهم، وتتفاوت تكلفتها وفقاً لنوع المادة والمدرس والمرحلة الدراسية وعدد مجموعة الطلاب في الدرس الواحد، إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالمنطقة التي يعيش فيها الطالب والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها والداه. لكن في مدينة دير الزور يتقاضى معلم اللغة العربية من طالب الشهادة الإعدادية في الشهر سبعة آلاف ليرة سورية، أما مدرس العلوم للمرحلة الثانوية فيتقاضى 500 الف ليرة سورية عن المنهاج كاملاً، في حين تتجاوز "تكلفة" مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء المليون سورية، وبكثير في بعض الأحيان.

أحد مدرسي مادة الفيزياء في ثانويات دير الزور رأى أن قرار التشدد بملاحقة الدروس الخصوصية في دير الزور لم يكن قراراً تربوياً خالصاً، إذ تزامن مع افتتاح "المركز الثقافي الإيراني" الذي يرعى دروساً خصوصية بالمجان لجميع المراحل الدراسية في المدينة. وربط المدرس التشدد بتطبيق القرار بإجبار الطلاب على الالتحاق بهذه الدورات، التي يعمل فيها معلمون بلا خبرة طمعاً برواتبها وعدم قدرتهم على العمل بالدروس الخصوصية، لا سيما أن ليس لهم قاعدة شعبية وهم ليسوا من أصحاب الكفاءات العالية وفق رأي المدرس الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية.

وأضاف: "يعمل المركز الثقافي على إعطاء المواد الأساسية خلال دوراته المجانية، ولكنه يركز على مادة التربية الدينية لترسيخ مبادئ المذهب الشيعي في نفوس الأطفال والفتيان، الذين (يحصلون على مزايا أخرى مثل) التوصيل المجاني والقيام برحلات إلى أماكن لها رمزية لدى الشيعة مثل عين علي في ريف الميادين".

ويقع المركز الثقافي الإيراني في حي فيلات البلدية المحاذي لفرع الأمن السياسي بدير الزور، ويشرف عليه المدعو "الحاج رسول" الذي يعمل منذ تسلمه إدارة المركز على توسيع نشاطاته في منظمات الأطفال التابعة لحزب البعث مثل منظمة الطلائع وشبيبة الثورة، إلى جانب تنفيذ نشاطات بالتعاون والتنسيق مع مديرية التربية التي تسهل له عمله، الذي يركز في جانبه الترفيهي على النشاطات المسرحية التي تمثل حياة الحسين وكيفية قتله وضرورة الانتقام من قاتليه، خاصة في مسرح حديقة كراميش في مدينة دير الزور.

مدينة دير الزور - مسرح كراميش - خاص

وأوضح مدرس الفيزياء أن أعداد الطلاب ما زالت قليلة، وأن طلاب الصف المرحلة الإعدادية على سبيل المقال لم يكونوا يتجاوزون العشرة طلاب، لكنه استدرك أن الأطفال في المرحلة الابتدائية من الملتحقين بهذه الدورات عددهم أكبر، ولا سيما من أبناء العناصر والقتلى من الميليشيات المحلية التابعة لإيران، إذ تضطر الأرامل إلى إرسال أولادهن إلى المركز للحصول على مساعدات مالية تقدر بـ 50 ألف ليرة سورية شهرياً للعائلة، بشرط أن يواظب الأطفال على الدوام في دورات المركز التعليمية.

وركز من تحدثت إليهم عين المدينة من المدرسين على دور مدير التربية جاسم الفريح في تفعيل دور "الضابطة العدلية" بملاحقة الدروس الخصوصية، والتي تعتبر مخولة من المديرية بمداهمة منازل المدرسين الذين يشتبه أنهم يعملون بإعطاء الدروس الخصوصية ويقومون بالتفتيش، بالإضافة إلى أنهم قد يوقفون أي طالب في الشارع يحمل كتباً ودفاتر بعد ساعات الدوام الرسمي، ويسألونه عن اسم المدرس الذي سجل لديه دورة تقوية ويطلبون عنوانه.

وقال من تحدثت إليهم عين المدينة أن الضابطة العدلية يترأسها مدرس التربية القومية إياد الهجر، ويشرف عليها قسم التعلم الخاص بمديرية التربية برئاسة الهجر نفسه، الذي يساعده في مهمته عدة موظفين من القسم. أما آلية عمل الضابطة فشرح أحد المدرسين أن عمليات المداهمة يجريها الهجر رفقة مدرسين اثنين أو أكثر، وأن الضابطة تتنقل أثناء عملها مزودة بورقة ممهورة بخاتم مدير التربية تجيز لأعضائها القيام بالمداهمات، ثم تحيل المضبوطين إلى الرقابة الداخلية حيث ينظم ضبط بالواقعة ويصدر بعد ذلك قرار بالتغريم بمبلغ يصل إلى نصف مليون ليرة.

وختم المدرس قائلاً "قيامهم بهذا العمل يأتي من باب التفاخر والتعالي على المدرسين الآخرين، إذ لديهم مطلق الصلاحيات بتنفيذ ما يرونه مناسباً لوقف الدروس الخصوصية". بالرغم من عدم تأثر الدروس الخصوصية بكل التشدد في الإجراءات، لسهولة نقل الدروس الخاصة من منازل المدرسين إلى منازل الطلاب المسجلين فيها للتعويض عن انهيار المنظومة التعليمية.

]]>
وسائل التواصل الاجتماعي لها آذان في حماة http://ayn-almadina.com/details/5390/5390/ar 5390 date2023-05-20 17:33:13 ayn-almadina يعتمد الحمويون المقيمون في مدينة حماة كما عموم السوريين تحت سلطة الأسد، على خطابين سياسيين مختلفين؛ الأول في المنزل حيث يكون الحديث دون قيود ومحاذير ولكن يحبذ ألا يسمعه الصغار، بينما الثاني في الأماكن العامة حيث تتعدد أسقف الحديث ومكامن الخطر ويصبح ا...
وسائل التواصل الاجتماعي لها آذان في حماة

وسائل التواصل الاجتماعي لها آذان في حماة

رادار المدينة

يعتمد الحمويون المقيمون في مدينة حماة كما عموم السوريين تحت سلطة الأسد، على خطابين سياسيين مختلفين؛ الأول في المنزل حيث يكون الحديث دون قيود ومحاذير ولكن يحبذ ألا يسمعه الصغار، بينما الثاني في الأماكن العامة حيث تتعدد أسقف الحديث ومكامن الخطر ويصبح النيل من فساد المسؤولين الصغار منتهى التبرم من الأوضاع. واليوم يسود الحذر في التعامل حتى مع وسائل التواصل الاجتماعي.

يختلف حذر الحمويين في المجال العام من مكان إلى آخر، فعلى الرغم من سعي النظام الحثيث لإنهاء جميع معارضيه بوحشية في مدينة حماة، فإن بذرة الخوف التي زرعها لم تجد البيئة المواتية لنموها وازدهارها، وأصبح للشارع الحموي خبرة واسعة في التعاطي السياسي السري والتأقلم والتعايش مع جميع الضغوطات والأخطار المحيطة.

تقول رهام وهي طالبة في كلية التربية بحماة لعين المدينة أنها تتجنب الخوض علناً في أي حديث سياسي له علاقة بالتطورات الحالية، لأن الجامعة تحوي على خليط متنوع من كافة المحافظات السورية، وليس من السهولة معرفة الخلفية السياسية لكل طالب، فضلاً عن كون الجامعة تعتبر معقلاً أمنياً تنتشر فيه عيون النظام، فالحديث في المنزل أو الحي مغاير تماماً للحديث في الجامعة.

ويعتقد الكاتب والباحث الحموي بسام أبو عدنان أن حواجز الخوف لم تعد كما كانت في السابق بسبب ما أحدثته الثورة السورية من جرأة في النفوس وتراجع هيبة النظام وقبضته الأمنية، وتوسع دائرة الشخصيات الموثوقة نتيجة الموقف الواضح للشريحة الأعظم في المحافظة خلال الحراك السلمي في المدينة، وتأثر هذه الشريحة من قبضة النظام الأمنية بشكل مباشر.

ويضيف في حديث لعين المدينة بأن الوضع المعاشي السيء الذي تعيشه حالياً هذه الشريحة زاد من الجرأة على اعتبار أن السبب الأساسي لصمتهم في السابق كان الخوف من الاعتقال أو التهجير، وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي أصبح طموح هذه الشريحة الخروج من البلاد والتخلي عنها.

ولمدينة حماة خصوصية في التاريخ السياسي الحديث لسوريا باعتبارها دفعت الضريبة الأكبر نتيجة الحراك السياسي فيها منذ سيطرة حزب البعث في الستينات، وكانت ذروة الرعب في شباط العام 1982  في مجزرة حماة الشهيرة، والتي شهدت بعدها المدينة حالة من الرعب والكبت والرهبة من الخوض بالأنشطة والأحاديث السياسية المفتوحة والمتعمقة، واقتصرت على بعض النشاطات السرية الضيقة والجلسات الخاصة امتدت إلى عهد الأسد الابن.

ومع انطلاق الربيع العربي ووصول شرارته إلى سوريا في آذار 2011 عاد الحراك السياسي المعلن في مدينة حماة إلى الواجهة، وذلك عبر مظاهراتها المليونية المنظمة التي شاركت فيها شريحة واسعة من أبناء المدينة، وعادت الجلسات والنقاشات المفتوحة والعلنية إلى الساحات والمقاهي والأماكن العامة والمنازل، إلا أن هذه الصحوة لم تعمَّر طويلاً فقد قابل نظام الأسد الحراك الأخير بالعنف والقوة المفرطة وقام بملاحقة واعتقال المئات، فعادت المدينة إلى العهد القديم من التضييق والملاحقات الأمنية وتوقفت النشاطات السياسية العامة وأصبحت الأحاديث واللقاءات حبيسة العائلة الواحدة أو الأشخاص الموثوقين والجلسات السرية.

وترى الناشطة الإعلامية يافا الشحنة المقيمة في فرنسا أن الشارع الحموي بات شبه خال من أي حراك سياسي نتيجة للهجرة الكبيرة من الطبقة السياسية والمثقفة من مدينة حماة إلى خارج البلاد، وأن الحديث في الأمور السياسية بات مقتصراً على الجلسات العائلية وبالصوت الخافت، وأن معظم الأحاديث في المناطق العامة باتت مقتصرة على التعبير عن الاستياء من الوضع المعيشي والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها مناطق النظام.

وتضيف الشحنة لعين المدينة أن العائلة الحموية تعيش حالة من الشتات الاجتماعي عقب الهجرة الكبيرة للفئة الشابة والرجال الفارين من التجنيد الإجباري والاعتقال إلى المناطق المحررة أو تركيا ودول أوربا، ما جعل من وسائل التواصل الاجتماعي منبراً مميزاً وآمناً للقاءات بين المقيمين في حماة والحمويين خارجها، يناقش عبرها المستجدات السياسية والوضع الاقتصادي وتبادل الآراء مع الأقارب والأصدقاء.

بينما يؤكد الشاب أيمن أبو ماهر المهجر من مدينة حماة والمقيم في مدينة إدلب، أن الاعتماد في التواصل بين منطقتي المعارضة والنظام على المكالمات الهاتفية المباشرة على برنامج واتساب حصراً، حيث يحاول سكان المنطقتين تجنب الكتابة أو إرسال التسجيلات الصوتية لسهولة استرجاعها بعد حذفها، في حين يكون التواصل في الأحاديث الحساسة من خلال الأرقام الأجنبية بين الجانبين.

ويرتبط تعاطي الحمويين السياسة وممارستها والاطلاع على متغيراتها بشكل وثيق بمعاناتهم اليومية ومستقبلهم، شأنهم شأن البقية من أبناء بلدهم على امتداد المحافظات السورية التي قُسمت فيها مناطق السيطرة وتوافقت فيها قدرة المواطن السوري على اختلاق معاجم لغوية متنوعة تراعي سلامتهم وتحفظ تطلعاتهم وتفتح لهم مساحة من التعبير عن آرائهم.

]]>
صدى الانتخابات التركية في شمال غربي سوريا http://ayn-almadina.com/details/5391/5391/ar 5391 date2023-05-24 18:24:46 ayn-almadina يتفاعل السوريون من سكان إدلب وشمال حلب مع الانتخابات التركية بالنقاشات والخلافات والتوتر والانتظار، حيث لا يتوقف تأثرهم بها عند السياسة والاقتصاد، وإنما يتعداه إلى النسيج الاجتماعي الذي انقسم الناس فيه بين مؤيد لمرشح ما ومعارض له، وبين خائف من نتيجة ...
صدى الانتخابات التركية في شمال غربي سوريا

صدى الانتخابات التركية في شمال غربي سوريا

رادار المدينة

يتفاعل السوريون من سكان إدلب وشمال حلب مع الانتخابات التركية بالنقاشات والخلافات والتوتر والانتظار، حيث لا يتوقف تأثرهم بها عند السياسة والاقتصاد، وإنما يتعداه إلى النسيج الاجتماعي الذي انقسم الناس فيه بين مؤيد لمرشح ما ومعارض له، وبين خائف من نتيجة الانتخابات وآخر غير مبال بما ستؤول إليه.

تتعالى الأصوات وتتحول جلسة النقاش بين أحمد الحمود وصديقه محمد خطاب كما جلسات سوريين كثر في المنطقة، إلى صراخ لتأكيد أحدهما على فوز رجب طيب أردوغان في حين يخالفه الرأي الآخر، الذي يدلي باستنتاجاته وآرائه لإثبات أن هذه الانتخابات مفصلية ولن يكون لأردوغان حظ فيها.

أحمد ممرض من ريف حماه الشمالي ونازح في إدلب، يقول "أنا مع حزب العدالة والتنمية بغض النظر عن مرشح الحزب، فقد نهض بتركيا نهضة لم يسبق لها مثيل منذ مئة عام، وأردوغان هو عرَّاب هذه النهضة، لا يمكن لنا أن نغطي الشمس بغربال. على الرغم من أنني سوري وفي الداخل السوري، فإني مهتم بالانتخابات أكثر من اهتمامي بانتخابات رئيس الحكومة المؤقتة أو حكومة الإنقاذ، لأن الأمر يمس الشعب السوري المعارض بشكل كبير جداً".

أما محمد من ريف إدلب الجنوبي الذي يعمل مدرساً للغة الإنكليزية، فيرى أن الحال تغير عما كان عليه في الدورة الانتخابية السابقة، فلقد ضاق الأتراك ذرعاً بالسوريين في بلادهم، وتعالت الأصوات المنادية بترحيلهم، وتزايدت أعداد المؤيدين لهذه الفكرة التي استغلتها الأحزاب المعارضة في هذه الانتخابات للفوز بها. يقول "من وجهة نظري ستمثل هذه النقطة القشة التي ستقصم ظهر البعير في خسارة أردوغان، وفي النهاية يجب علينا أن نقرأ الواقع بموضوعية أكثر بعيداً عن العواطف".

وينتظر الأتراك والسوريون في تركيا والكثيرون في شمال غربي سوريا، نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين الحاصلين على أكبر نسبة تصويت في الجولة الأولى، وهما الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان مرشح تحالف "الجمهور" ومرشح تحالف "الشعب"  كليجدار أوغلو، لعدم حصول أي منهما على نسبة 50% زائد 1 للفوز بالانتخابات، التي ستجري الجولة الثانية منها في 28 أيار الحالي لتحديد هوية رئيس تركيا المقبل.

وفي الأثناء ينقسم السوريون في شمال غربي سوريا إلى قسمين آخرين بعيداً عن تأييد أردوغان أو معارضته، هما قسم خائف من خسارته الجولة الثانية وآخر لا مبال بنتيجة الانتخابات برمتها، رغم أن مسألة وجود السوريين في تركيا وتوغل الجيش التركي في سوريا يمثلان محوراً مهماً في استقطاب الناخبين.

"نحن نعتبر تركيا هي الحليف الأول لنا، ووجودها العسكري في شمال سوريا حمى المنطقة من الذهاب إلى سيطرة النظام وروسيا. أنا كمقاتل في صفوف الجيش الوطني خائف من خسارة أردوغان وفوز أحد معارضيه، على وجه الخصوص كليجدار المعروف بتصريحاته المعادية للثورة السورية".

هذا ما يقوله أحمد الشرتح أحد عناصر تشكيلات "الجيش الوطني" في شمال سوريا، و يضيف: "بالنظر من حولنا عسكرياً من أول نقطة محررة  إلى آخر نقطة جغرافية في المحرر تجد نقاطاً عسكرية للجيش التركي، بعضها على تماس مع مناطق سيطرة النظام أو قسد، ماذا لو انسحبت هذه النقاط أو توقف الدعم العسكري التركي للفصائل الحليفة لتركيا؟ إن مجرد التفكير بهذا الأمر يجعلني أنا والكثير من السوريين نشعر بالخوف لما ستؤول إليه الانتخابات".

أما الصيدلي يحيى المحمد من ريف إدلب الجنوبي يعتبر نفسه غير مبال بكل هذه المسألة. يقول "أي مكون سياسي أو مرشح سيفوز لن يغير بواقعنا السوري شيئاً، هذا ما يجعلني غير مبالٍ بنتيجة الانتخابات. أنا أرى أن الأمر متعلق في الدرجة الأولى بالأمن القومي التركي، فأي مرشح سيفوز سيكون في أعلى قائمة أولوياته الأمن القومي التركي، وسيخطو خطوات تفيد في تعزيز هذا الأمن؛ لو فاز أردوغان أو كليجدار أو حتى سنان أوغان، فلن يغير بالنسبة إلينا في الأمر شيء، فهي خطوط عريضة لسياسة الدولة ولا يمكن لأي مرشح أو تكتل سياسي تجاوزها أو التغاضي عنها".

ينوه يحيى بكون الواقع الحالي للداخل السوري هو شأن سوري في المقام الأول، وأن على السوريين أن يعملوا على أكبر قدر من الفصل بين قضيتهم والتأثر بالتغيرات التي تجري في الدول المجاورة، إن كانت تركيا أو لبنان أو أي دولة أخرى.

على الصعيد السياسي يرى الكثير من السوريين أن نتيجة الانتخابات ستؤثر على مستقبل منطقة شمال غربي سوريا. يقول الصحفي والناشط الإعلامي محمد بلعاس "الشارع الثوري في سوريا مهتم بهذه الانتخابات لأنها بالأصل مهتمة بالشارع السوري، فالأحزاب والمرشحون الأتراك جعلوا الملف السوري من أهم ملفات الانتخابات، بالتالي فإن هذه الانتخابات تحدد بشكل أو بآخر مستقبل المنطقة بشكل كامل. كلنا سمع أن كليجدار في حال فوزه سيبني علاقات قوية مع بشار الأسد وسيخرج من الأراضي السورية، هذا الأمر  يمس بشكل مباشر القضية السورية في الداخل على كافة الأصعدة".

ويتابع "هناك أسباب أخرى لتأثر المنطقة سياسياً بهذه الانتخابات، أهمها الحدود الجغرافية الكبيرة مع تركيا. كل اللوجستيات الطبية والإغاثية تدخل إلى المنطقة من تركيا".

من جهته يقول الخبير الاقتصادي نيبال قلعجي أن المنطقة في الداخل تتأثر بشكل كبير اقتصادياً كتأثرها سياسياً. ويضيف "الانتخابات مؤثر سياسي وأسعار العملات من المؤشرات الاقتصادية التي تتأثر بنتيجة المؤثرات السياسية. منطقة إدلب وشمال حلب تستخدم الليرة التركية،  وصعودها أو نزولها يؤثر في المنطقة إدلب كما يؤثر في أي ولاية تركية".

ويرى أن المنطقة يمكن لها أن تتفادى التأثر بالتغيرات الاقتصادية المرافقة للانتخابات عن طريق استخدام عملة مستقرة كالدولار أو اليورو، أو اعتماد عملة خاصة بشمال غربي سوريا رغم صعوبة الاحتمال.

]]>