مزارعو درعا يفاضلون بين أرواحهم ومحاصيلهم بسبب النظام

أحد الأراضي في ريف درعا - وكالة سانا النظام

برغم جميع الجهود المبذولة، لم يتسن للمزارع أبو محمد الوصول إلى أرضه الواقعة جنوبي مدينة طفس بريف درعا الغربي، وذلك في ظل الطوق العسكري الذي تفرضه قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في المنطقة الجنوبية للمدينة.

ونتيجة التمدد العسكري للنظام عقب اتفاق درعا الذي جرى صيف العام 2018، وأدى لمغادرة ثوار الجبهة الجنوبية نحو الشمال السوري ومصالحة قسم آخر منهم، يعاني المزارعون من انتهاكات متكررة تطال أراضيهم وآلياتهم المستخدمة في فلاحة الأرض وسقاية المزروعات، ما يهدد القطاع الزراعي في المحافظة ويصيبه بالشلل.

وبحرقة وألم واضحين، يؤكد المزارع أبو محمد لعين المدينة أن محصوله معرض للخطر، فقد تزامنت الحملة الأمنية لقوات النظام والميليشيات الإيرانية باتجاه السهول الجنوبية لمدينة طفس والتي بدأت في 27 تموز الماضي مع وقت قطاف الملوخية التي يزرع منها 20 دونماً من أرضه، بينما يذهب 40 أخرى للرمان الذي يقترب موسم قطافه.

ويتابع بأن "قوات النظام اقتحمت المنطقة تحت ذريعة البحث عن مطلوبين ولكن سرعان ما تم تثبيت نقاط عسكرية في محيط المدينة ومنع المزارعين من الموصول لأراضيهم التي تحتاج للري وقطف المحصول في ظل ارتفاع درجات الحرارة".

وبحسب مصادر أهلية تحدثت لعين المدينة، سارع مزارعو مدينة طفس لتشكيل لجنة من الأهالي والانطلاق في 31 تموز باتجاه مدينة درعا للاجتماع مع القوات الروسية ومحافظ مدينة درعا ومطالبته بسحب القوات المتمركزة في محيط أراضيهم بعد خسارتهم لمئات الملايين بسبب منعهم من الوصول لأراضيهم خلال الأيام الماضية.

ومع أن  محافظ درعا "لؤي خريطة" وعد الأهالي بإبعاد الحواجز العسكرية عن أراضيهم إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق في حين ما تزال قوات النظام والميليشيات الإيرانية تمنع المزارعون من الوصول لأراضيهم وتستهدفهم.

وتفيد المصادر الأهلية أن الأهالي قاموا بتشكيل وفد من الفلاحين لمقابلة محافظ درعا مرة أخرى في 4 آب الحالي قوبل برفض استقبالهم والاستماع لشكواهم بالتزامن مع محاولات قوات النظام  التقدم نحو الأحياء الجنوبية لمدينة طفس  وتثبيت نقاط عسكرية بالقرب من الأحياء السكنية، ولكن سرعان ما عاودت القوات بالانسحاب لمواقعها المتمركزة فيها في محيط المدينة.

ويؤكد المزارع أبو محمد، أنه بعد انسحاب قوات النظام  حاول الوصول إلى أرضه ليلاً ليتفاجأ بتخريب المزروعات وسرقة شبكة الري التي تقدر قيمتها بعشرات الملايين. ويوضح أن "هذه الانتهاكات طالت معظم الأراضي المحيطة والقريبة من المناطق التي يتواجد بها قوات النظام".

ولا تعد طفس المنطقة الوحيدة التي تعاني من هذه الانتهاكات، إذ تفيد مصادر أهلية من منطقة جاسم شمالي درعا بإقدام النظام على منع وصول المزارعين إلى أراضيهم ليلاً لسقاية مزروعاتهم. وتنتشر قوات النظام في محيط المنطقة ولا يتورع الجنود عن إطلاق النار على المزارعين الذين يخاطرون بحياتهم لسقاية محاصيلهم.

كما يتخوف أصحاب الأراضي والمشاريع الزراعية من تسلل عناصر النظام والميليشيات الإيرانية ليلاً إلى مشاريعهم وسرقة ممتلكاتهم، بحسب ما يؤكد يامن أحد مزارعي المنقطة لعين المدينة، مضيفا أن "قوات النظام أغلقت معظم الطرق الزراعية وعمِلت الحواجز المنتشرة في محيط المدينة على منعنا من الوصول إلى أراضينا ليلاً لسقاية المزروعات التي تحتاج ساعات طويلة لاستكمال السقاية".

ويتابع يامن الذي يزرع 60 دونماً بالخضار الصيفية: "تعرضت إلى إطلاق نار عدة مرات أثناء وجودي ليلاً في أرضي للسقاية أو للاطمئنان على الممتلكات. أضطر للمغامرة وتفقد الأرض خوفا من تسلل عناصر النظام ليلاً إلى المشروع وسرقة مضخات وخراطيم المياه وخصوصاً بعد إفراغ المزارع والبساتين من ساكنيها".

ولا تقتصر معاناة مزارعي درعا على انتهاكات النظام، بل يشكو العاملون في مجال الزراعة من غلاء المشتقات النفطية واستمرار غياب دور المؤسسات العامة التابعة لحكومة النظام، التي يفترض أن تقدم كميات أكبر من مادة الديزل المدعوم إضافة للمبيدات الحشرية والسماد.

وتقدر مساحة الأراضي القابلة للزراعة في محافظة درعا بـ226.532 ألف هكتار تمثل 60% من مساحة المحافظة الإجمالية، بحسب أرقام رسمية. ووصلت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في محافظة درعا في العام 2021 إلى أكثر من 93 ألف هكتار، والشعير 30 ألف هكتار، والحمص 13500 هكتار، والفول والبازلاء 4 آلاف هكتار. وفقا لتصريحات رسمية نشرتها وكالة ناسا التابعة للنظام.