- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في إدلب.. أمهات يعدن إلى مقاعد الدراسة
لم يكن القرار الذي اتخذته السيدة هبة بالعودة مجدداً إلى مقاعد الدراسة بالأمر السهل، فقد انقطعت عن الدراسة منذ عشر سنوات؛ إلا أن ما شجعها أنها وجدت نفسها في مقاعد الدراسة محاطة بعشرات الحالات التي تتشابه مع وضعها العائلي.
تقول هبة (21 عاماً من ريف دمشق)، "انقطعت عن الدراسة قبل حصولي على الشهادة الإعدادية. تزوجت بعد عدة سنوات، وأصبحت أماً لطفلتين". حصلت هبة في العام الماضي على الشهادة الإعدادية، وبدأت بالتحضير للتقدم لشهادة الثانوية ”بكلوريا“.. "لن أقف عند هذا الحد.. أتمنى أن أصل الدراسات العليا" قالت السيدة.
تخبىء قصة هبة الكثير من التفاصيل التي تمنع شرائح واسعة بين النساء السوريات من إتمام دراستهن. فقد أُجبرت الكثير من الأمهات على ترك مقاعد الدراسة بسبب الأوضاع الاجتماعية والظروف الاقتصادية، أو لانشغالهن بتربية أطفالهن والاهتمام بحياتهن الزوجية.
"أم سعيد" (من سرمين في ريف إدلب) تطعم ابنها الصغير، وتتأكد من أنه قد شبع تماماً لتتركه عند والدتها وتذهب لتقديم امتحان الجامعة في إحدى كليات جامعة إدلب. تقول: "انقطعت عن الدراسة مدة خمسة أعوام، ولكن موقف زوجي بتشجيعي على إكمال تعليمي أزال أمامي كل العوائق الأخرى".
توضح "أم سعيد" أنها تطمح للتخرج والحصول على وظيفة جيدة، كما هو حال معظم صديقاتها، اللواتي أكملن تعليمهن وحصلن على فرص عمل جيدة.
أما سهام (30 عاماً من معارة النعسان في ريف إدلب) فتقول إنها قررت التقدم لامتحان الشهادة الإعدادية لأنها وجدت متسعاً من الوقت وقررت استثماره بالدراسة.
وتضيف سهام التي تذهب برفقة ابنتها إلى المعهد الذي تتلقى فيه دروسها، "كانت البداية شاقة ومخجلة بعض الشيء، خاصة عندما أطلب من المعلمة التي تصغرني بسنوات إعادة الفقرات التي يصعب علي فهمها“. ثم تستدرك: "لكن مع مرور الوقت أصبحت الأمور أفضل“.
جميع الأمهات اللواتي قررن العودة إلى الدراسة أصررن على مواجهة الصعوبات بطبيعة الحال، وكان أكبر تلك الصعوبات بالنسبة لمعظمهن ممن تحدثت إليهن ”عين المدينة“، هي عدم تمكنهن من الالتزام بالدوام في الجامعات أو المعاهد الخاصة بشكل جيد بسبب وضعهن الأسري. وبالنسبة لطالبات الشهادتين الثانوية والإعدادية منهن، فقد ساهمت الدروس المتاحة عبر الإنترنت والمتوفرة في أي وقت في مساعدتهن على تجاوز قسم من الصعوبات، فكانت عوناً جيداً للطالبات وبديلاً عن حضورهن الفيزيائي لتلقي الدروس المقررة.
استطاعت غدير (20 عاماً) أن تحجز مقعداً لدراسة الثانوية العامة في برنامج "مسارات"، وهو إحدى المنصات التي توفر التعليم عن بعد، وتنظم عبر تطبيق خاص مواعيد محددة لكافة المواد التي تُقدّم بشكل مباشر من معلمين مختصين، حيث يتم التسجيل عبر التطبيق ليكون متاحاً للمشتركين في أي وقت.
تقول غدير إن البرنامج يتسم بالتنظيم والالتزام بالمواعيد، كما أنه يقدم مذاكرات دورية لمتابعة استعياب الطلاب. وقد شجعتها هذه التقنية على متابعة وفهم الدروس وهي في بيتها وبين أطفالها.
لا توجد إحصائيات لأعداد المتزوجات اللواتي رجعن إلى مقاعد الدراسة، وتغيب الإحصائيات عن تناول أعداد الأمهات بينهن، ولكن عدة جهات رسمية أكدت زيادة نسبتهن لا سيما خلال السنوات الأخيرة.
يقول عبدو القاسم، مسؤول الامتحانات في تربية إدلب لـ“عين المدينة“، إن ”المتقدمات لامتحان الثانوية الأحرار من الإناث كثيرات، منهن متزوجات بالطبع.. لدينا حالات لأمهات تقدمن للامتحان مع أبنائهن"، لكنه لم يعط أرقاماً محددة أعداد الإناث المتقدمات للامتحان بالعموم.
أما رئاسة جامعة إدلب فقد ردت باقتضاب على أسئلة ”عين المدينة“، بأن نسبة الطالبات المتزوجات الأمهات في الجامعة "كبيرة جداً وهي في تزايد مستمر".