صعوبات العمل الطبّي في الأحياء المحرّرة من دير الزور

 دير الزور مشفى النور | عدسة سعد | خاص عين المدينة

ينبض الجزء المحرّر من دير الزور اليوم بالحياة، بفضل سواعد أبنائه الصامدين داخل هذه الأحياء. ولعل الكادر الطبي العامل ضمن المدينة أحد أهم المساهمين في عودة الحياة إليها. فمنذ أكثر من سنة ومشافي المدينة تُستهدَف وتتعرض للقصف المستمر، إلا أن ذلك لم يثنِ من بقي من أطباء وممرضين عن القيام بواجباتهم ومهامهم الإنسانية.
في دير الزور اليوم مشفيان فقط تستقبلان الجرحى والمرضى، مع وجود بعض المشافي الميدانية في الأحياء وبعض النقاط الطبية القريبة من جبهات القتال. هذه المراكز والنقاط تقدم الخدمات الطبية الإسعافية، فيما تقوم المشفيان الوحيدتان بتقديم أغلب الخدمات الطبية، من عملياتٍ جراحيةٍ متوسطةٍ وصعبةٍ ومعالجةٍ للأمراض المزمنة والسارية.

 

مشاكل العمل الطبي

عاينت "عين المدينة" واقع العمل الطبي، ووقفت على المشاكل التي تعيق الكوادر الطبية خلال عملها النبيل. ولا شك في أن النقص في التجهيزات والمواد الطبية يعد من أكبر مشاكل العمل الطبي في أي منطقة، لكن أبو جميل، أحد العاملين في المكتب الطبي الموحد، حدثنا عن مشاكل يعتبرها أبرز ما يعرقل العمل الطبي داخل المدينة.
يقول أبو جميل: "الاعتداءات التي يتعرض لها الكادر الطبي من قبل أفراد الجيش الحر المسيئين، وما نسمعه ونواجهه من إساءاتٍ من بعض المدنيين؛

يجعل من تبقى من أطباء وممرضين يفكرون بترك العمل داخل المدينة. وللعلم أنه لا يوجد في الأحياء المحرّرة حالياً سوى ثلاثة أطباء؛ الأول طبيب جراحة فكية، والآخر عينية، والثالث أخصائي جراحة".
يضيف أبو جميل: "إن عدم وجود إداريين مختصين بإدارة المشافي والمراكز الطبية أدى إلى مشاكل بين المسؤولين والكادر الطبي، وحرمان بعض العاملين من مستحقاتهم المالية. كما أن خروج الأطباء بشكل جماعي من المدينة، وإخراجهم للأجهزة والمعدات الطبية التي كانت موجودة في عياداتهم، جعل مسألة النقص تزداد تفاقماً. هذا دون أن نتكلم عن استهداف الكادر الطبي والمراكز الطبية، الذي يسهم في تردي الأوضاع".

 

عملٌ دؤوبٌ وجهودٌ طيّبة

ورغم ذلك الكم الكبير من المشاكل والعراقيل، إلا أن الكادر الطبي داخل دير الزور يعمل بكل ما يملك من إمكانات. فهو يقوم بإسعاف الحالات الحرجة التي لا تحتمل الانتظار حتى خروجها من المدينة، كما يقوم بإجراء العمليات الجراحية المتوسطة وبعض العمليات الصعبة، وفق ما يتوفر لديه من أجهزة ومعدات وأطباء مختصين، ويقدم أيضاً الخدمات الطبية لأغلب الأمراض المزمنة والسارية والمعدية. ولأن المشافي لا تستوعب الكثير من الحالات، وكون القصف لا يتوقف على المدينة، وخاصةً مع خطر الاستهداف المباشر للمستشفيات؛ فإن جميع الحالات، مهما كانت طبيعتها، يتم إخلاؤها من المشافي إلى خارج المدينة حفاظاً على سلامتها، وذلك بعد أن تتم معالجتها والتأكد من تحسن وضعها الصحي.

 

التحديات القادمة والاستعداد لها

قصف-مشفى-النور2

يشرح أبو جميل لـ"عين المدينة" أبرز التحديات التي يستعد لها الكادر الطبي، فيقول: "أمام الكوادر الطبية في المدينة تحدياتٌ كثيرةٌ أبرزها اشتداد المعارك وتقدم الجيش الحر على أغلب الجبهات، مما يؤدي إلى ازدياد القصف واستهداف المدنيين كفعلٍ انتقامي، وهذا ما يستوجب منا أن نكون مستعدين لاستقبال الكثير من الإصابات في بعض الأحيان. وجاهزيتنا تتبع لما نملك من تجهيزاتٍ ومعدّاتٍ طبية، والأهم وجود الأخصائيين. وهناك أيضاً مسألة استخدام السلاح الكيماوي من قبل النظام، وما يمكن أن تقدمه الكوادر الطبية في حال وقع ذلك لا قدر الله. وللأسف أقول إن أغلب الكوادر الطبية لم تتلقّ الدورات الإسعافية اللازمة للإصابات الكيماوية، كما أننا لا نملك العلاج والألبسة الواقية من هذه المواد".
ومقارنةً بين الوضع الطبي قبل تحرير حي الحويقة وبعد التحرير، فإن عدد المصابين أصبح في تناقصٍ بعد تأمين معبر الموت. ولكن، رغم تأمين الجسر، ما زال أغلب أطباء المدينة خارجها، وهم الذين كانوا يتذرعون في السابق بأن الطريق غير آمن. وعن أولئك يقول أبو جميل: "سينالون الحرية، لكنهم لن ينالوا الكرامة".