- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
مورك تنتعش بعد المعبر ونقطة المراقبة وموسم الفستق الحلبي
يستعيد سوق الفستق الحلبي في مورك عافيته، بعد سنوات من تعثره بسبب القصف الذي طال البلدة من قوات النظام، وتعاقب سيطرة تلك القوات وكتائب الجيش الحر ثم الفصائل الإسلامية عليها، ليعود اليوم جزء من السكان إليها وتستقبل معهم نازحين من مناطق أخرى، خاصة بعد افتتاح معبر مورك وتمركز نقطة المراقبة التركية شرق البلدة.
اتخذت القوات التركية في نيسان المنصرم مورك (20 كم شمال مدينة حماه) لإنشاء نقطة المراقبة المندرجة ضمن مناطق خفض التصعيد، بعد سنة من الاتفاق الذي وقعت عليه كضامن في أستانا إلى جانب إيران وروسيا. هدأ القصف على البلدة منذ ذلك الوقت، وبات المرور فيها يبعث في نفسك بعض الأمل بعودة الحياة إلى سوريا من جديد، كما يفيد البعض، فمئات العائلات عادت إلى البلدة، وبدأت باستثمار مزارعها وترميم منازلها، بما تيسر، ليتمكنوا من ممارسة حياتهم فيها مجدداً.
"تعبنا من النزوح والآجار"، كانت إجابة أبو أحمد، حين سألناه إن كان يعزم على الإقامة في بيته شبه المدمر، "بسكن بخيمة بضيعتي، أحسن ما ضل مشرد من بلد لبلد". تابع أبو أحمد عمله في ترميم منزله، بينما تابعنا الجولة في أرجاء البلدة: ما ذكره أبو أحمد يتكرر على لسان أغلب السكان، فتكلفة الإيجار بالشمال السوري ليست بالأمر السهل، لذا يعمد الكثير من أهالي مورك إلى ترميم منازلهم بشكل سريع بهدف العودة إليها.
ورغم أن مورك تحررت من قوات النظام منذ نهاية العام 2012 ثم استعادت الأخيرة السيطرة عليها لاحقاً، إلا أن النزوح الأكبر كان بعد التحرير الثاني في بداية 2014، حيث استمر القصف الوحشي على البلدة حتى أيلول تلك السنة، حين استعاد النظام السيطرة عليها مرة أخرى، لتسيطر عليها، من ثم، الفصائل بقيادة (جند الأقصى) مع نهاية العام 2015، بعد أن نالت جزءاً كبيراً من القصف الذي طال الريف الحموي، حتى غدت البلدة خاوية على عروشها، وتم إعلانها مدينة منكوبة من قبل مجلسها المحلي في ذلك الوقت، وتفرقت حركة سوقها باتجاه سوق التمانعة، وأسواق صغيرة أخرى في حماه، أو باتجاه سوق حلب.
اليوم، في منطقة السوق التي بدأت استعادة نشاطها منذ فتح معبر مورك لحركة التجارة على طريق حلب/دمشق الدولي بعد اتفاق بين هيئة تحرير الشام والنظام السوري نهاية 2017، تلفت حركة السيارات الكثيفة، وأصوات التجار المتنافسين في شراء إحدى سيارات الفستق الحلبي، الانتباه. هذه الحركة لم يعرفها السوق منذ أكثر من خمس سنوات، فقد توقف عن العمل خلالها ودمرت عدد من محاله.
بعد هدوء القصف في المنطقة قرر تجار البلدة إعادة تأهيل السوق، بمساعدة المجلس المحلي، ليشكل من جديد ما يشبه دينمو للبلدة، حيث كان يحتل المرتبة الأولى في سوريا في وقت سابق، حسب أبو خالد أحد تجار السوق، الذي تمده مزارع الفستق على أطراف البلدة، وقد عادت لها الحياة بعد أن قام أصحابها بالعناية بها هذا العام، نتيجة الاستقرار النسبي الذي تعيشه المنطقة.
يدخل لسوق الفستق بشكل يومي مئات السيارات القادمة من عدة مناطق في الشمال السوري، وتتراوح مبيعاته يومياً ما بين 2000-2500 طن في ذروة الموسم، ويلعب ارتفاع السعر وانخفاضه دوراً كبيراً في إقبال المزارعين عليه، وتعتبر أسعاره منخفضة لهذا العام قياساً إلى العام الماضي، بسبب تحسن إنتاجية الفستق، فتجاوز سعر كيلو الفستق في العام الماضي 1500 ليرة سورية، في حين يباع الفستق اليوم بسعر 850.
يقوم التجار بنقل المحصول إلى (القشارات) التي تنتشر بكثرة في البلدة، ثم يعملون على تجفيفه وتخزينه بسبب سعره الرخيص، أو تحويله إلى (الكسارات) لتقشيره وطرحه في الأسواق. يتابع أبو خالد، بأن السوق سينهض بالبلدة في حال استمرت الأمور على هذا النحو، بالإضافة لتأمين فرص العمل لأهاليها.
يشجع المجلس المحلي الذي يدير مورك أهاليها على العودة، بعد أن بدأ العمل لإعادة الخدمات الأساسية، مثل تسليك خطوط الصرف الصحي، وتأمين أغطية لها منعاً من انتشار الأمراض، بالإضافة لإزالة الركام. وقام بتأهيل أحد آبار المياه وإعادته للخدمة، حسب عبد السلام القاسم رئيس المجلس المحلي في مورك، التي يقطن فيها اليوم قرابة 1800 عائلة من سكانها الأساسيين -المقدر عددهم 20 ألفاً- والنازحين إليها من قرى مجاورة، رغم أن القصف الذي طال البلدة خلال سنوات الثورة ترك آثاراً تخريبية مرعبة، حيث دمر حوالي 40 بالمئة من منازلها، بحسب ناشط من مورك، بالإضافة لتخريب البنية التحتية.
حركة الناس في الشوارع والبضائع المتنوعة في المحال التجارية وضحكات الأطفال تترك انطباعاً بأن أهل الأرض قادرين على إعمارها بشكل سريع بمجرد توفر الأمان. "أنا مبسوط هون، هاد بيتي وهي أرضي" يقول أبو هاشم الذي عاد منذ فترة، ويشجع كل من يستطيع إصلاح بيته على العودة. ويضيف أبو هاشم، بفضل الله الأمور جيدة، "ينقصنا القليل من الاهتمام بالتعليم، ونأمل من المنظمات الإنسانية الالتفات إلى هذه الناحية"، "التعليم أهم شي" يختم أبو هاشم.
من بلدة مورك - خاص عين المدينة