متحديات كنّ أم نادمات.. لا أمل لنساء تنظيم الدولة الإسلامية الأجنبيات بالعودة في الباغوز وعدة مخيمات أخرى في شمال سوريا، تحدثت نساء أجنبيات من تنظيم الدولة لموقع The Middle East Eye عن مصيرهن المجهول

MEE/Stéphane Kenech

إينيه دايف
17 آذار عن موقع The Middle East Eye
ترجمة مأمون حلبي

في كل يوم يخرج مئات من المدنيين ومن أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية من الباغوز، معقل التنظيم الأخير في سوريا. تقول امرأة عراقية خرجت من هناك لموقعنا: "ما يزال آلاف من الناس مختبئين في الأنفاق".

هذه المرأة (38 عاماً) المتزوجة من أحد مقاتلي تنظيم الدولة كانت قد فرَّت للتو مع طفليها من الهجوم الذي كانت تشنه "قسد" المدعومة من التحالف الدولي، وبعد تفتيش دقيق، وضعت قوات "قسد" المرأة العراقية مع امرأتين فرنسيتين في إحدى شاحنات الماشية التي كانت تستخدم لإخلاء المدنيين. إحدى هاتين المرأتين الفرنسيتين تدعى جولي، تتحدث عن الأمر الذي دفعها للانضمام للتنظيم: "انتقلت إلى سوريا عام 2012. ما دفعني للمجيء إلى هنا هو سياسة ساركوزي، الرئيس الفرنسي الأسبق، وقضية العلمانية؛ لم يكن بوسعنا أن نمارس الإسلام كما كنا نريد".

لم تتطرق المرأة الثلاثينية إلى ممارسات تنظيم الدولة، لكن لم يكن يبدو أنها آسفة لأي أمر حصل. "لم أكن أريد لأبنائي أن يدرسوا نظرية القرد (نظرية داروين في التطور) في فرنسا، إنما كنت أريد لهم أن يتعلموا في سوريا أننا مخلوقات الله"؛ مع ذلك أدركت جولي بسرعة أن أبناءها لن يتم تعليمهم في ظل حكم التنظيم: "لم يذهب أبنائي إلى المدرسة وفقدت فتاتين أثناء القصف، وانتهى بي الحال متسولة في الباغوز؛ أريد أن أتمتع بديني بشكل كلي وأن أستقر في أرضٍ إسلامية، كالمغرب مثلاً".

شأن كثيرات من النساء الأخريات، نقلت جولي إلى مخيم الهول في محافظة الحسكة. هذا المخيم الذي يأوي مدنيين وزوجات وأرامل وأطفال مقاتلي التنظيم، مكتظٌ الآن. فإضافة إلى الوصول المفاجئ ل 927 لاجئاً من تلعفر والموصل عام 2016، يأوي المخيم لاجئين من معارك دير الزور، والآن من الباغوز. النساء والأطفال يشكلون 90% من القادمين الجدد، وقد ارتفع عدد قاطني المخيم إلى أكثر من 65 ألف شخص، وهو يكبر بشكل سريع. 
بالإضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة، تتشكل الآن في المخيم "خلافة مصغرة"، وفقاً لشهادات جمعها موقعنا. ولقد تم الإبلاغ عن أن عدداً من النساء الملتزمات بالتنظيم اللواتي قَدِمن من الباغوز وصل بهن الأمر حدَّ إحراق خيام أولئك الذين تشعر نساء التنظيم أنهن قد أصبحن منفصلات عن إيديولوجيته . 

ظاهرة مماثلة شهدها مخيما روج وعين عيسى؛ في مخيم روج نساء التنظيم غير منفصلات عن المدنيين الآخرين، عندما زار موقعنا هذا المخيم في أيلول 2018، كانت صوفيا (بلجيكية تبلغ من العمر 45 عاماً) تعيش في المخيم مع إحدى بناتها لمدة عام ونصف، أما ابنتها الكبرى فقد اختارت البقاء مع التنظيم. عام 2014، قَدِمت صوفيا جواً من بروكسل إلى عنتاب التركية، ومن هناك إلى جرابلس ثم الرقة. تقول:" أمضيت عاماً في منبج، وعندما سقطت المدينة عدنا إلى الرقة". لماذا أتت صوفيا إلى سوريا؟ "أقنعت داعش ابنتي الكبرى، التي كان عمرها وقتذاك 24 عاماً،  ب(مشروع اجتماعي) كبير".

"أدركت أن ذلك كان فخاً حالما وصلت هنا. في منبج كنت أتجنب الفرنسيات، اللواتي كنَّ معقدات وخطِرات؛ كانت الفرنسيات في مستوى تعليمي بائس، وكنَّ يحببن الفرجة على عمليات التعذيب والانتهاكات". تقول صوفيا أن موقف نساء التنظيم قد ترك في نفسها أثراً بالغاً: "كانت نساء التنظيم يوزعن الحلوى على الأطفال احتفالاً بهجمات أوربا، كانت النسوة يحتفلن بهذه الهجمات في المضافة.. إنهن حثالة". تطلق صوفيا الآن على "الدولة الإسلامية" لقب "كوكب القرود".

وتتذكر صوفيا عملية فرارها: "في الرقة كان هناك معارضون في آرائهم للتنظيم، وأناس خائفون من القصف؛ كان الأكراد يتقدمون. ابنتي، التي كانت حامل، هربت عبر نهر الفرات لتلحق بداعش. كنت مرعوبة، وأردت أن أغادر، كانت تكلفة مغادرة أراضي (الدولة الإسلامية) تبلغ 5 آلاف دولار، وكان على المرء أن يجد أحداً ما يثق به، لذا استسلمت للأكراد". 

عندما استطاعت أخيراً مغادرة معقل التنظيم والوصول إلى مخيم روج وجدت هناك "خلافة صغيرة"، لكن في هذه المرة خاضعة لسيطرة النساء: "في مخيم روج انتهى بي الأمر لأن أعايش ما كنت أريد الهروب منه؛ بعض النسوة -كالفرنسيات- يمارسن ضغوطاً هائلة على الأخريات، إنهن يعملن بشكل ثنائي، ويسيطرن علينا، ويحافظن على نظام داعش.. يجب أن يبقين في سوريا لأنهن خطِرات جداً بالفعل".