داعش في هجومها على حقل العمر النفطي .. العدو الغائب الحاضر والتحول إلى حرب «الخلايا المنفردة»

من إصدارات البركة التابعة لداعش

تندرج عملية الهجوم الأخيرة على حقل العمر النفطي في ديرالزور التابعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، ضمن عمليات "تنظيم الدولة (داعش)" في الأشهر المنصرمة بعد تحوله من عدو له وجود فيزيائي يسيطر على أراضٍ يقيم عليها دولته، إلى عدو غير مرئي ولا متعين يتغلغل تحت القشرة الهشة للسلطات الحالية.

انتهى زمن السيطرة الجغرافية لتنظيم داعش منذ شهر آذار من العام الجاري، بعد أن خسر آخر مناطقه في ريف ديرالزور الشرقي، وتحولت معها عملياته العسكرية من حرب المواجهة إلى ما يمكن أن يُطلق عليه "حرب الخلايا المنفردة"، (قياساً إلى تسمية الذئاب المنفردة التي يطلقها التنظيم على عناصره خارج مناطق سيطرته)، فشهدت مناطق سيطرة قسد ومناطق سيطرة قوات نظام الأسد حالة أقرب إلى الانفلات الأمني يتخللها عشرات التفجيرات وعمليات الاغتيال والكمائن كان قد تبناها التنظيم.

قبل سقوط جيبه الأخير، سارع التنظيم بإخراج عناصر له من أراضي الجيب، والذين انتشروا في مناطق عدة من بينها مناطق سيطرة قسد، و بالتزامن مع عمل عناصر التنظيم الأمنيين، راح ينفّذ عمليات تفجير تستهدف أماكن حيوية كالأسواق، ومقرات قسد، واجتماعات لشيوخ العشائر الموالين لها، عدا عن إطلاق النار بشكلٍ مباشر على عناصر وقياديين يعملون في صفوفها، وقد تبنى عبر أذرعه الإعلامية في بداية آذار 13 "عملية أمنية" خلال 48 ساعة، أبرزها قتل 7 من وجهاء العشائر و6 قياديين من قسد، في ما أسماها "عملية الانغماس" داخل اجتماع ضم قيادات من قسد مع وجهاء من عشائر الرقة بناحية الكرامة.

أفضت هذه العمليات إلى قتل المئات من المقاتلين والفاعلين الاجتماعيين والسياسيين والمدنيين، حتى أصبحت مناطق سيطرة قسد تعيش حالة أقرب إلى الانفلات الأمني، يبدي الكثير من سكانها عدم شعورهم بالأمان، بالإضافة إلى اعتقادهم بعودة التنظيم القريبة.

تشي عمليات الإنزال الجوي التي شهدتها مناطق قسد مؤخراً وقد جاوزت 10 عمليات، محاولة قوات التحالف محاصرة هذا النوع من الهجمات الذي يعتمد فيها التنظيم على المتاح من الأدوات والأهداف، لكن سقوط العشرات من القتلى في صفوف المدنيين خلالها، ولّد حالة من الغضب عند أهالي المنطقة دفعهم للخروج بمظاهرات ضد سياسة قسد والتحالف الدولي، والقيام بإضراب عام شمل المحلات التجارية لعدة أيام.

وفي عمليته الأخيرة، هاجمت خلاياه حقل العمر النفطي (قاعدة عسكرية أمريكية) من الجهة الجنوبية الشرقية، ودارت اشتباكات عنيفة بين المهاجمين من جهة وعناصر القاعدة أدت إلى إصابة عدد من المتواجدين داخل الحقل، ومقتل عنصر أمريكي كما نقلت الأنباء.

بينما هاجمت قوى عسكرية من قسد مدعومة بطائرات مروحية تابعة للتحالف خلية لتنظيم داعش في منطقة الطكيحي شمال شرق ديرالزور، نفذت خلالها الطائرات هجمات بالرشاشات والصواريخ على مكان ومحيط تواجد الخلية في منزل عبود الشعيبي بالقرب من سكّة القطار في المنطقة، أدت لمقتل رجلين وامرأة من الجنسية العراقية وشابين من أبناء الشعيبي إلى جانب راغب الحندول الذي جند العشرات في صفوف التنظيم ويُعتقد أنه المسؤول عن العمليات الأمنية للتنظيم في ريف ديرالزور الشرقي منطقة الجزيرة، كما ذكر مصدر خاص لعين المدينة.

وأضاف المصدر أنه بعد انتهاء العمليات القتالية التي استمرت أكثر من ساعة، وجدت القوات المهاجمة جثة الحندول إضافة إلى والدته المصابة بطلق ناري نتيجة الاشتباكات التي نتج عنها مقتل 9 من عناصر قسد "اثنان منهم من المكون العربي من أبناء مدينة البصيرة" وإصابة آخرين، حيث استخدمت الخلية "سلاحاً خفيفاً ومتوسط (بنادق وقاذفات RPG)".

وقد كان الكثير من المحللين العسكريين والناشطين قد توقعوا ظهور مثل هذه الهجمات المعتمَدة في سياسة التنظيم الحالية بعد أن استطاعت قوات نظام الأسد من بسط سيطرتها على كامل مدينة ديرالزور، حيث كان من المتوقع أن يخلف التنظيم -بعد انسحابه- عناصر له في مناطق سيطرة النظام لتنفيذ عمليات أمنية، لكنه اتبع تلك السياسة من الحرب فقط في مناطق الجزيرة شمال الفرات، أمّا جنوب النهر فقد انقطعت عملياته الأمنية منذ تفجير سيارة تحمل أثاث داخل مطار ديرالزور العسكري في مطلع عام 2018