خلافٌ عربيٌّ دوليٌّ متجدّدٌ حول القضية السورية... والعالم يأخذ صفة المراقب لساحة المواجهات

من القمة العربية الأخيرة في الكويت | رويترز

لا تخفي مجمل التطـورات الراهنة على القضية الســورية، محلياً ودولياً، أن المواجهة العسكرية على الأرض باتت في الصدارة بشكلٍ شبه تامّ. بينما يبدو الجدل السياسيّ الخارجيّ حالةً هامشيةً في ظلّ تغيّرين واضحين شهدتهما الأسابيع الماضية؛ أولهما حالة اليأس الشعبي من أية جهودٍ سياسية، وخاصةً بعد فشل مفاوضات مؤتمر جنيف2، وثانيهما فتح جبهة الساحل السوري من جديد، وهذه المرّة من مدينة كسب الحدودية.
وبدا مع الأسبوع الأخير من شهر آذار أن الأطراف الدولية الأساسية المؤثرة في القضية السورية باتت أيضاً في حالة مراقبةٍ لتطورات العمل العسكريّ في ريف اللاذقية. وربما دخل بعض هذه الأطراف في حالة ترقبٍ وحيرةٍ قبل اتخاذ موقفٍ صريحٍ من تلك المعركة.

النظام يستغلّ خسائره لصالح تأجيل تسليم الترسانة الكيماوية

سارع النــظام الســوري إلى استغلال التطوّرات على جبهات الساحل وريف دمشق وحماة للتراخي في تسليم ما تبقى من ترسانته الكيماوية. فقد جاء تصريح مبعوث النظام السوريّ لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفريّ، في هذا السياق قائلاً بأن حكومته قد تضطرّ إلى تأجيل النقل بسبب الوضع الأمنيّ، وقد لا تفي بمهلةٍ أخرى لنقل برنامجها من الغازات السامّة إلى خارج البلاد.
ومن جانبها قالت رئيسة البعثة الدولية المشرفة على عملية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية إن سوريا قامت بتجميع نحو 40 بالمئة من ترسانتها من الأسلحة الكيماوية في حاوياتٍ لنقلها إلى خارج البلاد وتدميرها.
وكانت البعثة المشتركة قد ألحّت على السلطات السورية بضرورة استئناف عمليات النقل في أسرع وقتٍ ممكن، للوفاء بالجداول الزمنية لإتمام تفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية السوريّ وتدميره.

أصدقاء سوريا: الانتخابات الرئاسيّة مهزلة

وفي ظلّ تراخي المجتمع الدوليّ ككلّ، ووقوفه موقف المتفرّج تجاه تطوّرات الوضع السوريّ، جدّدت مجموعة أصدقاء سوريا وقوفها ضد ترشح الأسد للانتخابات الرئاسية المزمع حصولها في يوليو المقبل، قائلةً بأن هذه الانتخابات لن تكون شرعيةً، وأنها ستمثل "مهزلةً ديمقراطية، وستكشف رفض النظام لقواعد جنيف، وستزيد حدّة الانقسامات في البلاد". وفي بيانِ صادرٍ عن مجموعة أصدقاء سوريا ورد أن: "عمليةً انتخابيةً يقودها الأسد تشكل إهانةً للأرواح البريئة التي سقطت خلال النزاع".
جدل المقعد السوريّ في القمّة العربية
من جانبها كرّرت الأنظمة العربية تخبّطها وخلافاتها تجاه سوريا بشكل أكثر وضوحاً خلال القمة التي عقدت مؤخراً في الكويت. فبعد أن سلم مقعد سوريا للائتلاف الوطنيّ السوريّ لم يتمّ حسم قضية تمثيل سوريا في القمة. وهو ما جدّد الخلافات بين من رأى في الائتلاف ممثلاً شرعياً ومن فضّل بقاء المقعد السوري شاغراً، هذا المقعد الذي هدّدت سبع دولٍ بالانسحاب من القمة في حال تم تسليمه رسمياً للائتلاف. وهو ما ولّد إشكالاتٍ خلال الجلسات عنوانها الموقف من القضية السورية.

جدلٌ روسيٌّ أمريكيٌّ من جديد

بعد محادثاتٍ بين وزير الخارجية الروسيّ سيرجي لافروف ونظيره الأمريكيّ جون كيري في باريس مؤخراً، صرّح لافروف أن القيادة الأمريكية لن تزوّد فصائل المعارضة السورية بالمضادّات الجوية، وأن ما تتناقله وسائل الإعلام حول ذلك غير حقيقيّ، وهي تسريباتٌ مزعومةٌ بعد زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المملكة العربية السعودية. واعتبر لافروف أن موقف واشنطن اليوم يتفق مع الموقف الروسيّ حول حظر تصدير أنظمة الدفاع الجوي إلى أية نقطةٍ ساخنة.
ولم يلق تصريح لافروف رداً واضحاً من جون كيري، الذي كرّر في تصريحاته الأخيرة ضرورة تفعيل الحلّ السياسيّ للقضية السورية. في حين أكدت مصادر سعوديةٌ مطّلعة أن الرئيس الأمريكي، وخلال لقائه بالعاهل السعوديّ، بات أقرب، أكثر من أي وقتٍ مضى، إلى الاقتناع بتسليح الثوار بمضادّات الطيران ومضادّات الدروع المتطوّرة. ويبدو أن الأسابيع القادمة ستحسم الجدل والتأكيدات المتناقضة حول هذه المسألة.