- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
خسائر بشرية ومادية يخلفها تزايد الحرائق في إدلب
تعددت حوادث اندلاع الحرائق في إدلب وشمال غرب سوريا مع بداية العام الجاري لا سيما في المخيمات والأراضي الزراعية جراء عوامل عدة، ما أفضى لخسائر بشرية ومادية دون وجود آلية تحد من الأسباب المؤدية لتلك الحرائق حتى اللحظة.
ووثّق فريق "منسّقو استجابة سوريا" في بيانٍ صادر مؤخراً، أكثر من 82 حريقاً ضمن مخيمات المهجرين في شمال غربي سوريا، وذلك منذ بداية العام الجاري 2022.
وأكد البيان تسجيل وفاة ثلاثة أطفال وإصابة 16 آخرين بينهم ست نساء وثمانية أطفال، نتيجة تلك الحرائق، إضافة إلى تسجيل أضرار ضمن 112 خيمة في مخيمات الشمال.
قضت الطفلة أناهيد العمر البالغة من العمر خمس سنوات وأصيب والداها إثر اندلاع حريق في خيمتهم الواقعة ضمن مخيم الفوعة شمال إدلب، جراء تسرب في أسطوانة الغاز المنزلي أدت إلى اشتعال خيمتهم بتاريخ 24 شباط 2022.
وبغصة بدت واضحة على وجه أم الطفلة أناهيد تقول "كنت أحضر طعام الغداء، ولكن أمراً ما حدث حين اشتعل موقد الغاز ليشعل الخيمة بأكملها خلال دقائق معدودة، دون أن نتمكن من إنقاذ ابنتي التي قضت في الحادثة".
وتضيف الأم أن جميع محاولات زوجها لإنقاذ الطفلة باءت بالفشل جراء السرعة الكبيرة في احتراق الخيمة، والتي كادت تودي بحياتهما أيضاً لولا تدخل الجيران وفرق الدفاع المدني.
منذ تلك الحادثة غادرت عائلة الطفلة أناهيد المخيم الذي رأت ابنتهم تحترق فيه ضمن "أقسى المشاهد التي يمكن أن يمر بها المرء في حياته"، وانتقلت للسكن في مدينة إدلب في إحدى المنازل غير المكسية، بعد أن سمح لهم صاحبها بالعيش فيها مجاناً حتى إشعار آخر.
وتشير الأم إلى أن حياة المخيمات لم تعد آمنة وخاصة بعد تكرر حوادث الحرائق فيها نظراً لقابلية أقمشة الخيام المصنوعة من النايلون للاشتعال في أي لحظة.
تعددت أسباب الحرائق في إدلب جراء عوامل عدة أهمها وسائل الطبخ البديلة التي بدأت ربات البيوت باللجوء إليها نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار غاز الطبخ مؤخراً، ليصل سعر أنبوبة الغاز إلى 13 دولاراً أمريكياً أي مايعادل 221 ليرة تركية، وهو مبلغ يفوق قدرة الكثيرين ممن حاصرهم الفقر وقلة فرص العمل.
لم تكن تتوقع هالة السلوم (39 عاماً) أن يتسبب موقد الحطب الذي أنشأته للطبخ قرب خيمتها، بحرق خيمتها الواقعة في مخيمات قاح شمال إدلب وتحويلها إلى رماد "بغمضة عين".
تقول أنها صنعت الموقد من أجل الطبخ عليه مستخدمة في إشعاله النفايات والحطب وأكياس النايلون بعد عجز زوجها عن شراء الغاز المنزلي، فهو عاطل عن العمل جراء إصابته بأمراض الديسك والعمود الفقري منذ سنوات، ما منعه من القيام بأي عمل.
وعن تفاصيل الحادثة تؤكد هالة أن نار الموقد استطاعت الوصول إلى جدران الخيمة جراء هبوب بعض الرياح، التي ساهمت بتطاير الشرر إلى جدران الخيمة، موقعة حريقاً ضخماً كاد يلتهم نصف خيام المخيم، لولا تدخل فرق الدفاع المدني وسيطرتهم على الحريق.
أصيبت هالة وزوجها بحروق متوسطة وخفيفة، وبالكاد تمكنت من إجلاء أطفالها الثلاثة من الخيمة قبل اشتعالها بشكل كامل، ومنذ ذلك الوقت انتقلت للعيش ضمن غرفة عند أحد أقرباء زوجها، بعد فقدانها المأوى والأثاث وكل ما تملكه جراء الحريق.
لم تطل الحرائق في إدلب الخيام والمنازل ومحلات بيع المحروقات والكازيات وحسب، وإنما طالت الأراضي الزراعية والمحاصيل التي حصدتها النيران مع بداية موسم الحصاد هذا العام.
يجلس أسامة الشيخ علي (40 عاماً) متحسراً على محصوله الذي التهمته النيران نهاية أيار الماضي بالقرب من مدينة سرمين شرقي محافظة إدلب. لا يعلم الشيخ السبب وراء اشتعال أرضه التي أوشك على حصاد محصولها من القمح لولا المصيبة التي حلت به وحرمته من طموحات كان يبني أمل تحقيقها بعد بيع موسمه هذا العام على حد تعبيره.
يشك أسامة أن يكون سبب الحريق رمي أحدهم عقب سيجارة في الأرض، لا سيما وأن أرضه تقع على أطراف الطريق الرئيسي للمدينة، وساهم الجو الحار والرياح واستحصاد الزرع بسرعة اشتعال النار فيها.
في يوم واحد اشتعلت ثلاثة حرائق في الأراضي الزراعية كانت أرض أسامة إحداها، وقال فريق الدفاع المدني السوري أن الحرائق اندلعت في كل من سرمين وزردنا وطعوم في محافظة إدلب.
ودعا الدفاع المدني الذي سيطر على تلك الحرائق الأهالي لإبعاد مصادر النيران عن المحاصيل الزراعية، وعدم رمي أعقاب السجائر بالقرب من الأراضي المزروعة، مشيراً إلى ضرورة الإبلاغ عن أي حريق على الفور للسيطرة عليه قبل امتداده.
ومع ارتفاع درجات الحرارة في الأيام الماضية وبدء موسم الحصاد، شارك الفريق عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك" تسجيلاً مصوّراً يحتوي على الإرشادات لتجنب الحرائق، في الوقت الذي يعاني فيه الموسم من خسائر كبيرة في أغلب المناطق السورية نتيجة تقلّص المساحات المزروعة، وانخفاض معدلات الهطولات المطرية في هذا العام حسب الفريق.