بين الزواج والقتال في مناطق الإدارة الذاتية
حرية القاصر التي تقف عند حدود التطوع في الوحدات العسكرية

الطفلة آفين في الوسط

الطفلة أفين صاروخان من محافظة الحسكة، والتي أثير حولها الجدل منذ فترة، ليست الأولى بين من يتم تجنيدهن في الوحدات العسكرية، ولن تكون الأخيرة، بالرغم من شن النشطاء حملات عدة لوضع حد لذلك، لكن حالة صاروخان سلطت الضوء على التناقض الذي ينطوي عليه تعامل السلطات في مناطق الإدارة المحلية مع ملف القاصرات، بين منع تزويجهن من جهة، وتجنيدهن -إتاحة اختيار الالتحاق بالوحدات العسكرية لهن؟!- من جهة أخرى.

أرام صاروخان من مدينة الدرباسية تحدث لعين المدينة بأن شقيقه أكرم قام بتزويج ابنته ذات ال17عاماً، وهو ما اعتبرته السلطات أمراً مخالفاََ لقوانينها، فقامت بسجنه، ودفعه لكتابة تعهد عدم تزويج الفتاة قبل أن تبلغ ال18 من عمرها. ويتابع صاروخان بأن ذات السلطات، وبعد أيام قليلة، قامت بخطف أفين صاروخان، البنت الصغرى لأخيه ذات ال11 عاماً، من أمام مدرستها في مدينة الدرباسية، وبوضح النهار. أما الإدارة الذاتية فلا تنظر أبداََ إلى الشكاوى التي يقدمها ذوو الأطفال، وكأنها لم تتلقها بالأساس، بحسب صاروخان، رغم أنها أكدت أكثر من مرة التزامها بالمواثيق الدولية بما يخص مسألة تجنيد القاصرات. ويفيد صاروخان بأنهم راجعوا عدة مرات مركز (الآساييش)، ليأتيهم الرد في كل مرة بأنه «لديكم سبع فتيات، واحدة لنا والبقية لكم». بينما لم تجدِ مراجعة مراكز مهتمة بشأن المرأة، فالجميع يتماشى مع توجهات الإدارة خوفاً من الإغلاق، كما يقول صاروخان.

بياناتها في دفتر العائلة

المنظمات المستقلة تبدو «أذن من طين وأذن من عجين»، كما يقال، فعلى رغم العشرات من المنظمات المهتمة بشأن المرأة، إلا أن إحداهن لم تتطرق لموضوع تجنيد القاصرات، وهو ما يجعلها تظهر كشريك للإدارة في التكتم عن مصير القاصرات، وعدم المطالبة بعودتهن لذويهن. وحول دور المنظمات أفادت الناطقة الرسمية لمنظمة سارا، المتخصصة بشأن المرأة في شمال سوريا، نورا خليل، في حديث لعين المدينة، بأنهم لا يملكون أية إحصائيات عن تجنيد القاصرات، كما أنهم لم يتلقوا أية شكوى من نساء تم تجنيد بناتهن، لذلك ليس لديهم أي تواصل مع جهات عسكرية بخصوص ذلك، «مع أننا كنا حاضرين وقت اتفاق نداء جنيف بمنع تجنيد الأطفال». أما بخصوص تزويج القاصرات «فعندنا محاضرات بالمدارس، وورشات عمل بالمخيمات، للحد من انتهاكات حقوق الطفل» وأكدت أنها ضد تجنيد الاطفال دون السن 18، كما هي ضد تزويج القاصرات.

على أن صاروخان يبدو محقاََ في ادعاءاته، في ظل حالات أخرى، فجهاد في ريف عين العرب (كوباني) تم القبض عليه من قبل (الآساييش) مع عروسه بحجة أنها قاصر، فاضطر لدفع رشوة مالية لمسؤولين في إدارة المدينة ليستطيع الخروج من السجن مع عروسته في نفس اليوم، كما يقول؛ يبدي استغرابه من هذه العقلية التي لا تلتفت للأخبار اليومية عن تجنيد القاصرات، ولكن السلطات في المدينة «وكأنها لا حس لها ولا خبر، تحت بند ضمان حرية الرأي للفتاة»، -على اعتبار أن الانضمام إلى الوحدات العسكرية شأن شخصي يخص الفتاة وحدها! ولها الحرية الكاملة في الإقدام عليه-.

وفي اليوم العالمي للتضامن مع المرأة أعلن مجلس العدالة الاجتماعية عن إحصائية تخص حالات العنف ضد المرأة خلال العام 2017، وتضمت 7 حالات اغتصاب، و160 حالة ضرب وإيذاء، و30 حالة زواج ثانٍ، و13 حالة زواج قاصر. لم تتطرق الإحصائية لمسألة تجنيد الفتيات القاصرات الذي يزداد يوماََ بعد آخر في صفوف القوات العسكرية العائدة للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا. ويشرح حسن العلي وهو ناشط حقوقي وعضو مجلس العدالة الاجتماعية، أن قوانين الإدارة الذاتية والعقد الاجتماعي لا تحوي أية مادة تبيح أو تسمح بذلك، كما أنه ليس هناك سياسة ممنهجة بهذا الخصوص «بل على العكس، هناك رعاية خاصة للمرأة بشكل عام، والقاصرات بشكل خاص» وعزا التحاق قاصرات بالفصائل العسكرية كتطوع، وليس كتجنيد!، لظروف نفسية أو اجتماعية أو عاطفية، أو لقناعات سياسية، تلعب العاطفة دوراََ أسياسياََ فيها. ويعتقد أنه قد تلجأ قاصر إلى تزييف حقيقة عمرها، يقول «إن الجهات المعنية عندما تتأكد من ذلك ستقوم بصرفها من الخدمة، وهذا على سبيل الافتراض، والحالات الاستثنائية التي يقوم البعض باستغلالها وتضخيمها، كي يشوه سمعة الإدارة الذاتية، أما إذا بلغت شكوى للقضاء بحادثة معينة فلا يوجد مايمنعه من التدخل».

في المقابل صدر قانون يجرم تزويج القاصرات، ويضع له عقوبات رادعة، وذلك بحسب الباب الثالث لقانون العقوبات، المادة 157، والتي تنص على أن من تولى إبرام عقد زواج قاصر لم يتم الثامنة عشر من عمره، عوقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات، ويعتبر ولي القاصر ومن تولى إبرام العقد شركاء في الجرم. فيما تتلقى السلطات على امتداد أراضي مناطق الإدارة الذاتية غرامة مالية من ولي الأمر تتراوح ما بين 300 ألف ومليون ليرة سورية.