بسام أبو عبد الله.. محطات من سيرة الفتى البليد

بعد أيام من اندلاع الثورة في العام 2011، غادر بسام أبو عبد الله محل إقامته الطويلة في روسيا عائداً إلى دمشق. حينذاك كانت أبواب بشار الأسد مفتوحة لمن يود لقاءه، ما منح بسام فرصة لم يفوتها. وبين يدي الأسد ألقى كلمة قصيرة قال فيها: سيدي الرئيس تركت عملي وعائلتي في روسيا وجئت أضع نفسي في خدمة البلاد وخدمتكم.

يروق لبشار هذا النوع من الزوار، لا يلمّح إلى أخطاء، يسمع ولا يتكلم، وحاسم في إبداء الطاعة والولاء. كذلك كان أبو عبد الله الذي أصبح بعد ذلك اللقاء "باحثاً أكاديمياً وأستاذاً للعلاقات الدولية في جامعة دمشق" ومن دون أي علاقة سابقة له بجامعة دمشق أو أي جامعة أخرى. فبعد أن أكمل أبو عبد الله المولود مطلع ستينات القرن الماضي، دراسة سهلة بمنحة حكومية في طشقند بأوزبكستان الجمهورية السوفييتية السابقة، انتقل إلى روسيا ليستقر هناك، وظل مفلساً ومتعثراً في محاولاته بأن يغدو تاجراً أو رجل أعمال، وظل متعثراً حتى في حياته الشخصية بزواج من سيدة روسية لم تلبث أن طلبت الطلاق.

على شام إف إم والدنيا والفضائية السورية والمنار، وغيرها من وسائل الإعلام الموالية ظهر أبو عبد الله ك"مفكر يحلل المؤامرة ويكشف عن المتآمرين" بل ويشتمهم مرة ب "الحثالة" وأخرى ب"الرعاع الهمج" قاصداً المتظاهرين في درعا وريف دمشق وحمص وحماة ودير الزور. ولم يكن أقل حدة وبذاءة وعنصرية في كتاباته التي تولت جريدة الوطن نشرها بغزارة، ضمن سيل كتابها الجدد والقدامى المتنافسين في الدفاع عن الأسد.

برعاية وتمويل رامي مخلوف، أسس أبو عبد الله "مركز دمشق للأبحاث والدراسات-مداد" جمع فيه قراصنة فيسبوك هواة، ومترجمين عن اللغة التركية والروسية والفارسية، وعمّق من خلال هذا المركز صداقته بمفكرين وساسة آخرين من زملائه، مثل خالد عبود وميس كريدي، ورئيس الإدارة السياسية بجيش الأسد اللواء حسن حسن. ولسبب ما -قد يكون تقليص أجراه مخلوف من أموال لهذا المركز- غادره أبو عبد الله في العام 2016.

اليوم يعد بسام أبو عبد الله نفسه شخصاً فائق النجاح. صحيح أنه خسر زوجته الأولى وابنتيه منها، لكنه أسس زواجاً آخر في منزل بحي تنظيم كفرسوسة الفخم وإن كان ذلك في السر. وصحيح أن عقوداً طويلة مرت قبل العام 2011 دون أن يحقق أي إنجاز يذكر، لكنه اليوم مدير ل"مدرسة الإعداد الحزبي المركزية" التابعة لحزب البعث، التي يتطلع بعدها لأن يكون وزيراً في أي حكومة أسدية قادمة.

في سنوات قليلة من عمره الذي اقترب من الستين، تغير كل شيء في حياة ابن صف الضابط الفقير. ولن يؤثر في مسيرته الصاعدة اضطرابه الداخلي المزمن، ولا الذكريات السيئة التي يحملها من حواري مدينة مصياف التي ينحدر منها، عن ذاته، عن الفتى المنبوذ، متوسط الذكاء، البليد.