حفل استقبال في السفارة الكوبية بذكرى إقامة العلاقات الدبلوماسية مع سورية

ممثلاً عن خريجي الجامعات الكوبية، يلقي بشار عجيب المتحدر من قرية عين شقاق في ريف جبلة، كلمات في بعض حفلات الاستقبال التي تقيمها سفارة كوبا في دمشق. بين الخريجين هنالك من يتمتع بثقافة أرفع واتقان أعلى للإسبانية، لكن لا أحد يتمتع بمهارات عجيب.

من تلك المهارات في بناء علاقة خاصة مع كل سفير كوبي جديد، ولا يتطلب إعداد الكلمات التي يلقيها أي مجهود، سوى إعادة المضمون الثابت نفسه، في كل كلمة وحفل استقبال: انتصار الثورة الكوبية على الامبريالية الأمريكية، ما جعل هذه الجزيرة الصغيرة في الكاريبي قوة كبرى يمتد تأثيرها إلى العالم كله، والعلاقة التاريخية بين الدولتين الشقيقتين المناضلتين سوريا وكوبا أرساها الزعيمان الخالدان فيدل كاسترو وحافظ الأسد.

يشهد الأقارب والمعارف والأصدقاء بشطارة بشار عجيب وحظه. فرغم علاماته القليلة في الثانوية العامة، يحمل اليوم شهادة الدكتوراه في هندسة الإلكترون، عبر منحة حصل عليها لدراسة الهندسة في هافانا بقليل من الدعم أواسط ثمانينات القرن الماضي، ثم وبعد أن عاد وعمل بالقطاع العام بصفة مهندس، دبر منحة كوبية أخرى لدراسة الدكتوراه، ويعود منتصف العقد الماضي مديراً للمكتب الهندسي بمجلس الشعب. ومن هذا المجلس توسعت علاقاته في كل اتجاه، وتوسعت أعماله ايضاً، سمساراً لطالبي الوظائف والاستثناءات والرخص مع كل الوزارات.

وبعد اندلاع الثورة وجد في قضايا المعتقلين والمفقودين في سجون النظام مجال عملاً جديداً، معتمداً على صلاته بضباط مخابرات كبار، وبأسعار تزيد عاماً بعد آخر، فتأمين زيارة لمعتقل في صيدنايا بدأت بثلاثة ملايين ليرة ووصلت إلى أربعة، والكشف عن مصير مفقود، حياً أو ميتاً بمليون ليرة على الأقل.

تضخمت ثروته إلى أرصدة واستثمارات في بنوك الإمارات حيث يقيم شقيقه، فضلاً عن منازل فخمة وقصور بين دمشق وجبلة وعين شقاق وبيت ياشوط، لكن هذه الثروة لم تنسِ عجيب منبته الطبقي كابن فلاح، ثم موظف قطاع عام، فظل يشكو بأن الراتب زهيد، وبأن المسؤولين فاسدون وظل يدافع عن ذوي الدخل المحدود، لا سيما منهم صنفان رئيسيان يعتمد عليهما الوطن: "المعلم اللي لازم ميضل جوعان لأنه ميربي ولادنا.. والعسكري لازم يشبع لأنه ميحمينا كلنا".

أموال عجيب وعلاقاته السورية الكوبية النافذة تثير أحياناً حسد الشلة، شلة كوبا من خريجي جامعاتها مثل المهندس معتز أبو عبد الله، الموظف في مؤسسة الإسكان العسكرية الذي يشكو توقف أعمالها ويتحسر على سنوات قبل الثورة، حين كان المقاولون المتوددون إليه أكثر من عدد الموظفين بهذه المؤسسة العملاقة، أو غير الدارسين في كوبا ممن انضموا إلى الشلة عبر عجيب مثل أيمن برهوم الموظف في الشركة السورية للتجارة، قبل أن ينقل -وبدعم من عجيب- إلى مجلس الشعب، وكذلك المهندسة  في المجلس ذاته أصالة قدسية التي انضمت متأخرة إلى هذه المجموعة، وأسست مع برهوم وعجيب شركة تسويق، تبيع منتجات منتهية الصلاحية مكدسة في مستودعات السورية للتجارة، قبل أن تتلف، لذات الذين يدافع عنهم عجيب.