الخدمات العامة في تل أبيض وقراها (1من 2)

من مدينة تل أبيض - خاص عين المدينة

تخضع تل أبيض لسلطة الإدارة الذاتية المنبثقة عن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الذي صاغ البنى والتقسيمات الإدارية وفق نظام الكومينات (انظر: «تل أبيض.. عرب وكرد وتركمان وأرمن» في العدد 94). وتتولى –نظرياً- اللجان المؤلفة لمجلس المدينة وللكومينات التابعة له مهمة تقديم الخدمات العامة للسكان في قطاعات الكهرباء ومياه الشرب والصحة، وتقدم منظمات إنسانية خدمات موازية.

في ظل غياب إحصاء دقيق، تتفاوت التقديرات لعدد سكان مدينة تل أبيض والقرى التابعة لها، خاصة مع تبادل موجات النزوح، منها سابقاً وإليها بعد ذلك، مع مناطق محافظة الرقة الأخرى. لكن العدد لن ينقص في المدينة عن 20 ألف نسمة، وعن 50 ألفاً تقريباً لتل أبيض وقراها (وفق تقسيم الإدارة الذاتية التي أخرجت بعض القرى من تابعية المدينة).

يعاني القطاع الصحي في تل أبيض من نقص فادح في عدد الأطباء والممرضين والفنيين (طبيب لكل 2700 نسمة تقريباً، ما عدا نازحي المخيمات). ففي المشفى الوطني، وهو المشفى العام الوحيد في المدينة، يعمل ثلاثة أطباء فقط و15 من الممرضين والفنيين. ولا يزيد عدد العيادات الخاصة عن 15 عيادة، إلى جانب 3 مخابر ومشفى خاص. ويفتقر المشفى الوطني إلى كثير من المواد والتجهيزات الضرورية للتشخيص والعلاج، وخاصة في حالات التهابات الكبد والتهابات الرئة والأمراض الجلدية وأمراض العيون، إضافة إلى حالات السرطان والقصور الكلوي وغيرها من الأمراض المزمنة. ويضطر المرضى والمصابون -حتى بكسور العظام أحياناً- إلى السفر إلى القامشلي أو منبج أو كوباني/عين العرب للعلاج، نتيجة النقص في أحماض الأشعة، وكذلك الحال في الولادات المبكرة والأطفال الخدج المحتاجين إلى الحواضن. ومثل معظم المناطق السورية يضيف ارتفاع ثمن الأدوية عبئاً آخر على كاهل المرضى. وتضيف الجوائح والأمراض السارية في أوساط النازحين، وخاصة في المخيمات ومواقع الإيواء القريبة، أعباءً ثقيلة على منظومة تل أبيض الصحية الهشة.

في عام 2009 وصلت مياه نهر الفرات إلى مدينة تل أبيض بفضل مشروع إرواء حكومي، واستفادت منه المدينة بعد الثورة وخلال عهد داعش، حتى خروج التنظيم من المدينة في حزيران 2015، إذ قام بقطع مياه الشرب انطلاقاً من مناطق سيطرته جنوب المدينة. واليوم تغذي تل أبيض آبار ارتوازية تتفاوت جودة مياهها وصلاحيتها للشرب بين بئر وآخر. ورغم ما تبديه بعض المنظمات التنموية من اهتمام بخدمات المياه، يعاني فنيو الصيانة من اضطراب التغذية الكهربائية لتشغيل محركات الضخ، ومن قلة قطع الغيار اللازمة.

لمدة 4 ساعات مساء كل يوم، تتخللها انقطاعات، تزود الشبكة العامة مدينة تل أبيض بالتيار الكهربائي. وتقل المدة إلى ساعتين تقريباً في القرى. وخلال النهار تعمل مولدات كهربائية خاصة تتوزع على الأحياء، يشترك في خدمتها الاستثمارية معظم السكان. تقول أم محمد إنها تدفع 2000 ليرة سورية كل شهرين للجنة الكهرباء التابعة لمجلس تل أبيض، وتدفع أكثر من 8000 ليرة لمستثمر المولدة في حيها وسط المدينة. وتشكو من الانقطاع المتكرر للتيار مساءً، وخاصة في الأيام الأخيرة بعد دخول شهر رمضان.

تعمل في تل أبيض وقراها اليوم أكثر من 12 منظمة إنسانية، بعضها فروع لمنظمات عالمية غير حكومية، والبعض الآخر منظمات محلية تتلقى التمويل من منظمات مانحة. وتتنوع مجالات عمل هذه المنظمات بين الشؤون الصحية والخدمات العامة والعناية بالطفولة وتمكين النساء ورعاية النازحين. ورغم الثقة والحماسة التي يبديها ناشطو هذه المنظمات يبدو أن آثارها ما تزال محدودة، بسبب العدد الهائل لمستحقي خدماتها ونقص التمويل.

تقول ناشطة في منظمة إغاثية تعنى بالنازحين إنها راضية بما تقوم بها منظمتها: «لما نفوت على مدرسة بيها نازحين، ونسمع شكاويهم، ونعرض خدماتنا، ونعطيهم بطانيات وإسفنجات ولوازم أخرى، هم بأمس الحاجة لها؛ نكون عملنا عمل مهم». ولكن الطالبة الجامعية السابقة تعترف أن نسبة من تستطيع مساعدتهم لا تذكر أمام «عشرات ويجوز مئات آلاف النازحين». ناشطة ثانية تعمل في مجال الدعم النفسي تبدي ثقة بأهمية ما تفعله ومنظمتها، وتعترف -هي الأخرى- بقصور دورهم أمام «أهوال الحرب»، ولا تعرف إلى أي مدى يمكن لها ببرامج قصيرة وجزئية أن تساعد امرأة قتل زوجها أمام عينيها أو «طفلاً أعدمت داعش أبوه وأخوه».