الحاج أحمد دهموش...
واضع (طاقية هذا على راس هذاك)

بالتأكيد لن يترك رئيس فرع الهلال الأحمر، أحمد دهموش المشهور، وراءه أي أثر في المنظمة، كإمضاء على ورقة أو أمر إداري مكتوب، لأنه يفضّل التفرغ لعمله كأحد رجال إيران في مدينته دير الزور، أولاً، ولأنه الشريك القديم والمفضل لكبار ضباط الأمن، ثانياً، ثم إنه لا يجيد القراءة والكتابة!

من إطلالته السعيدة في بيته، عند حاجز المخابرات الجوية بباب مصلى في دمشق، يدعم الحاج أحمد نادي الفتوة الرياضي، ويسيّر أعمال فرع الهلال بدير الزور، عند فراغه من بناء وتوطيد علاقاته العامة، بعد أن تحولت المنظمة على يديه إلى ما يشبه المؤسسة الاجتماعية العسكرية، توزع الفتات للمدنيين. والحاج خير من يستغل هذه الفتات في فتح آفاق جديدة لموارده وصلاته وأدواره الشبحية في الكثير من القرارات، كتعيين وخلع صديقه المحافظ السابق فواز الصالح من مركزه، ووضع قريبه محمود حيو مديراً للزراعة، وتسهيلهما لعملية تخزين منتج الحنطة المورد من الريف الغربي، صيف 2013، في أرض الحاج التي أجرها للمحافظة لقاء عشرات الملايين، ثم إرسال قسم معتبر من ذلك المخزون إلى طرطوس بسيارات الإغاثة، مع بداية سيطرة داعش على المنطقة، وليس أخيراً تصفية عاملين في الهلال الأحمر.

منذ صعوده المتعثر في تجارة الأقمشة والبزر مع والده في سوق الحب بدير الزور، حتى انتزاعه فرع الهلال من رئيسه السابق غسان شباط، بعد توصية من علي مملوك، يمضي دهموش في عمله الأساسي كفهلوي يلبس الناس قبعات لا يملكها، متسلحاً بما منحته إياه التجارة من أدوات، كالوعود الوردية بالجملة والسرية التامة والتكسب من جهل الزبائن والابتسام الدائم والبهرجة الرخيصة.

لم يبرع الحاج في مسيرته الهلامية الغامضة سوى في الكذب وتمثيل الأدوار؛ فمرّة يعمل بالتجارة ليحتال على عمه بتسعة ملايين ليرة، ومرّة باقتناء السجاد العجمي ليهرّب الجواهر والتحف ويبني علاقة مع الحرس الثوري الإيراني، ومرّة بعمل عمته الثرية الخيري ليتسلم الدعم الإيراني لصالح مجمع الحسن والحسين في حيّ الجورة، ومرة ببناء برج الدهموش ليشغّل أموال جامع جامع الذي سهل له بناء البرج على أملاك الدولة، ومرّة ببيع بواريد البمب أكشن للمتظاهرين ليوفر حجة إعلامية لجيش الأسد لاقتحام دير الزور.

وفي خطواته المتأنية اليوم باتجاه السياسة، بالعمل على تشكيل حشد شعبي ضد داعش، ينزع دهموش حذره في ظل توجه عام لحرب التنظيم، يوفر له الظهور أكثر دون خوف على صورته الإنسانية التي رسمها له عمله الخيري، والتي ما زال يتوسل بها مكاناً في المناطق الرمادية والغائمة، وقد حاول أن يقف فيها منذ قيام الثورة، متعاطفاً معها أمام معارفه المتعاطفين، ومتهماً أخاه بالخيانة أمام آخرين، لمجرد تفضيله العمل في المناطق التي سيطر عليها الثوار، لكن الحاج أحمد سيظل وفياً لحسه التجاري القديم الذي يدفعه إلى الإبقاء على قنوات التواصل مع أخيه، فهو مصدر الآثار ومستورد البيبسي والكوكاكولا الحصري شرق دير الزور!