الأسد أو نحرق أوروبا

روما ايار 2013 | ندوة تأييد للأسد | موقع ووردبريس الإيطالي

أطلقت بعض التجمعات الفاشية والنازية الأوروبية نداءها للزحف إلى العاصمة الإيطالية روما يوم السبت الموافق للخامس عشر من شهر حزيران 2013. ولن يكون الزحف هذه المرة بقيادة موسوليني كما كان عام 1922 حين استولى الفاشيون على حكم البلاد تحت التهديد بالعنف، إنما للتظاهر نصرة للقائد الكبير بشار الأسد، القلعة الأخيرة في وجه الإمبريالية الغربية. خطوة يندى لها جبين الحضارة الأوروبية. وإذا كانت البروباغاندا السورية تناور حول فكرة تأليه القائد، إلا أن المنحبكجية الأوروبيين لا يخجلون من هذه الفكرة ويساندونها بقوة مؤكدين تضامنهم وإعجابهم بهذا الزعيم الشاب الذي استطاع إلى الآن أن يبقى على سدة الحكم رغم كل "المؤامرات" المستمرة للإطاحة به، ويرون فيه امتداداً للشخصية المتسلطة ابتداء بالدوتشي الإيطالي ومروراً بالفوهرر الألماني ثم بالجنرال الإسباني فالأخ العقيد الليبي.
وبالطبع، ينمّ موقفهم هذا عن شفافية صادقة وثبات بالموقف والرؤية السياسية قلّ نظيره في العالم. فهم ما انفكوا يؤيدون ضرورة الحكم الشمولي وجمع السلطات كلها بيد رجل واحد يكون صاحب القرار في الدولة ويقرع طبول الحرب ضد قوى الشر في العالم ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة في سائر البلاد. وهم دعاة العنف في الملاعب الرياضية، وهم يدعمون رجالات المافيا في حملاتهم الانتخابية لأنهم ينتمون إلى شبكات الفساد الاقتصادي التي، إن لم تكن تعمل لصالحهم بشكل مباشر، إلا أنها تسعى لنخر المؤسسات الوطنية وإضعاف التجربة الديمقراطية. وتناسى هؤلاء أن الديمقراطية هي التي تعطيهم الحق في إقامة المؤتمرات وتنظيم المظاهرات والتعبير عن الرأي، ولكنهم يعودون إلى أطباعهم الهمجية فيزدرون الآخرين في جرائدهم ويعتدون على اعتصامات سلمية لا يحبّذونها، مثلما فعلوا بالسوريين المنادين للحرية في ساحات باريس وميلانو، يتقدّم خطوطهم الأولى سوريون مؤيدون للنظام تربطهم بهم علاقات مشبوهة تنطوي على التجارة بالممنوعات وعمليات غسيل الأموال وتبييضها.
والغريب في الأمر أنّ غالبية شبيحة أوروبا من جيل الشباب الذي لم يجد في نمط الحياة الغربية المتسم بالتسهيلات والحريات وحقوق الإنسان والرفاهية المتجددة ما يثير اهتمامه، بل آثر أن ينزوي ضمن إيديولوجيات عدمية ضيقة الأفق لا تمتّ للنضج الفكري بصلة. ويقومون بنشاطاتهم وفوراتهم الانفعالية استناداً لحدث يأخذ ضجة عالمية ويستغلونه لمصالح دعائية كالترويج لمشاريعهم التي لا تلاقي إعجاب أحد في الأحوال العادية. إذن، استفادت الحركات اليمينية المتشددة والفاشيون والنازيون الجدد من الحدث السوري وقاموا بإنشاء "الجبهة الأوروبية للتضامن مع سوريا" في إيطاليا. وتتكون هذه الجبهة من أعضاء الحركات المتطرفة مثل جمعية "زينيت" في روما، و"تجمّع العاصمة الأسود" نسبة إلى القمصان السود الفاشية، ومجموعة "كونتروتيمبو" المتهمة بأعمال عنف وشغب في الداخل الإيطالي. وتقام الفعاليات والمحاضرات في تجمع "كازاباوند" اليميني للحديث عن إصرار الأسد على الوقوف في وجه المؤامرات الأمريكية والصهيونية.
ومن أهم الداعمين لهذه المنتديات المدعو جمال  أبو عباس"رئيس الجالية السورية"  المؤيدة للنظام في إيطاليا، وسعاد سباعي ذات الجنسيتين السورية والإيطالية والمرشحة عن قائمة برلسكوني، وجوفاني فيولا المرشح عن قائمة كازاباوند نفسها. وسرعان ما تم نشر صيغة العمل هذه في أوروبا، وتم التعاون بين هذه المجموعات وإنشاء صفحة أوروبية عامة على الفيسبوك تختص بالوضع السوري تدعمها حركات فاشية في إسبانيا كالحركة الجمهورية الاجتماعية، والجبهة الوطنية برئاسة مارين لو بين واتحاد الشباب للدفاع في فرنسا. أما المضحك في الأمر هو انضمام الحركات اليسارية المتطرفة إلى هذه الفصائل اليمينية المتشددة في الدفاع عن مناقب الأسد ضمن محاضرات توصف بالمحرضة على العنف تحت عنوان "إياكم وسوريا الأسد". بالتأكيد، فهذه المؤامرة الامبريالية الراهنة تقتضي على الأطراف المتناحرة أن تتعاضد وتتعاون فيما بينها.
ورغم قلة أعدادهم، تقوم الحركات الشبابية المناوئة لهم بالعمل ضد تأييدهم للأسد. فتوزع المنشورات، وتنظم المظاهرات تضامناً مع الشعب السوري واحتجاجاً على الموقف الدولي المتخاذل. وفي فرنسا نجحت في إنشاء قانون يجرّم تأييد النظام السوري. كما تعمل في إيطاليا اليوم على جمع التوقيعات لإفشال زحفهم على روما، المدينة الحاصلة على الميدالية الذهبية في مقارعة الاستبداد، والتي سطّرت أمجاد النضال في سبيل الحرية والكرامة.