أخواتٌ ثلاثٌ

في إحدى المناطق المنكوبة.. تهطل القذائف بشكل أعمى دون تمييز. تصل إلى المركز الطبي إصابات كثيرة.. أول الواصلين ثلاث أخوات بعمر الزهور.. وضعن على أسرة متجاورة.. وحملن عنها تباعاً بعد أن فارقن الحياة..عشر دقائق كانت كافية ليموت كل شيء ثلاث مراتٍ متتالية.

 

أخواتٌ ثلاثٌ..
ويهوي الردى..
يدوِّي الصدى..
كنَّ معاً..
وكالحمامات جُنونُ العدا..
قد أجفلهنَّ..
فطِرْنَ معاً..
بعيداً عن الحقدِ.. ظلمِ الطغاة..
إلى جنَّة الخالقِ التجأنَ..
***
أخواتٌ ثلاثٌ وكان الفراق..
سريعاً.. فلم ندرِ أسماءهنَّ..
آية.. سارة.. رحيل.. إذاً..
كي يُعَمِّرْنَ أكثرَ في الذاكرة..
ولا يغدينَ أرقاماً عابرة..
أسميتُهُنَّ..
***
أخواتٌ ثلاثٌ يلازمْنَنِي..
يلاعبنَنِي الغمَّيضة عند المنام..
وفي كلِّ مرةٍ أغمضُ عينيَّ..
يجدنَنِي.. وسطَ أحلامي..
ونظلُّ نسهرُ حتى الصباح..
وأطلبُ الصفحَ من روحِهنَّ..
فيضحكنَ لي ضحكاتِ الطفولة..
ويمسحنَ دمعاتي الخجولة..
ويذهبنَ حيثُ الخلودُ.. السلامُ..
ويتركنَنِي هنا وسطَ الحطامِ..
لأبحثَ عنهنَّ في كلِّ طفلٍ..
في كلِّ دمع.. كلِّ ابتسام..
لأسأل عنهنَّ كلَّ العصافير..
ترى كيف هم صغارُ الحمام..
أخواتٌ ثلاثٌ بعمرِ الندى..
بتلاتٌ ثلاثٌ وجنَّ الردى..
فعبقَ الشذى..
وغطَّى المدى..
وتبع القاتل كل الثرى..
وأهداه سهداً.. حرَمَهُ الكرى..
فيا مغتراً بكمِّ القوى..
ويا مستبيحاً حقول الزهور..
أتاكَ.. أتاكَ.. انتقامُ الشـذى..

 

رافي العاني