- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
منظمة العفو الدولية: جرائم حربٍ ارتكبتها قوّات الحماية الكردية
هدم منازل وقرى كاملة، وعمليات تهجيرٍ واسعةٌ طالت العرب والتركمان وأحياناً الأكراد
في 13/ 10/ 2015 ندّدت منظمة العفو الدولية (آمنستي) في تقريرٍ لها بتعرّض مدنيين لانتهاكات قوّات الأمن التابعة للإدارة الذاتية الكردية في المناطق التي تقع تحت سيطرتها في شمال سوريا. ويشير التقرير إلى أنّ المدنيين تعرّضوا للتهجير القسريّ وصُودرت ممتلكاتهم وهُدمت منازلهم.
وقد زار مندوبو المنظمة مناطق تحت سيطرة الإدارة الذاتية، وأجروا 37 مقابلةً مع الضحايا الذين تعرّضوا للانتهاكات. كما اعتمد أيضاً على مقابلاتٍ مع 11 شخصاً في إقليم كردستان العراق، بينهم أعضاء في الأحزاب السياسية الكردية في سوريا ممّن لا يمثلهم أحدٌ في الإدارة الذاتية، و25 مقابلةً أجريت في جنوب تركيا مع لاجئين من مناطق الإدارة الذاتية.
وكانت المنظمة قد أجرت استقصاءً في تموز وآب 2015 للوقوف على تفاصيل تهجير سكّان 10 قرى وبلداتٍ خاضعةٍ لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية، وهي بلدة سلوك والقرى المحيطة بها من قبيل الغبينن ورنين وحمام التركمان والمغات وملا برهو وأصيلم، وقرية عبدي كوي في ريف تل أبيض الغربيّ، وتل فويدة في ريف تل تمر، والحسينية في ريف تل حميس.
ويؤكّد التقرير على وجود حالات تعمّدٍ لهدم المنازل، طالت في بعض الأحيان قرىً بأكملها، وتهجير المدنيين من سكانها. ويعتمد التقرير على شهاداتٍ من الذين هُجِّروا، ومنهم شهادةٌ لسيدةٍ من قرية رنين أكّدت أنّه في شهر تموز 2015 جاءهم أربعة أو خمسة من عناصر وحدات الحماية الشعبية وطلبوا منهم إخلاء منازلهم بحجة تحويل القرية إلى منطقةٍ عسكرية، وعندما أخبرتهم بأن ليس لهم مكانٌ يذهبون إليه ردّوا: "إنّها مشكلتكم". وبعد ذلك كانوا يأتون بشكلٍ يوميٍّ لمدّة أسبوعٍ، ممّا اضطرّ الأهالي إلى المغادرة أخيراً.
وفي زيارة مندوبي المنظمة لقرية الحسينية في ريف تل حميس، في أوائل آب 2015، يؤكّد التقرير أنهم وجدوا أن 90 منزلاً في القرية قد دُمّر، وهو العدد الكليّ تقريباً لمنازلها. واستند التقرير عن التهجير والتدمير اللذين تعرّضت لهما هذه القرية على شهاداتٍ من الأهالي، منها شهادةٌ لامرأةٍ أكّدت أنّ وحدات الحماية الشعبية عند دخولهم القرية أخبروا الأهالي بأنّهم جاؤوا لتحريرهم وأنهم لن يؤذونهم، وكلّ ما يريدونه هو الحصول على أسماء المطلوبين فقط. لكنّهم سحبوا السكان من منازلهم بعد ذلك، دون أن يستطيعوا أن يأخذوا معهم حتى ملابسهم. وجاءت القوّات بجرّافاتٍ، وبدأت بهدم المنازل.
ويشير التقرير إلى أنّ غالبية الذين تعرّضوا للانتهاكات هم من العرب والتركمان الذين يسكنون في مناطق خاضعةٍ لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية، إلا أنّ هناك حالاتٍ شهدت منع قوات الحماية والأسايش سكّاناً أكراد يسكنون في بلدة سلوك من العودة إلى منازلهم. كما يؤكّد التقرير أنّ وحدات الحماية قامت بتهجير عددٍ قليلٍ من سكان قرية عفدي كوي التابعة للريف الغربيّ لمدينة تل أبيض، وهم من المكوّن الكرديّ.
كما ذُكر في التقرير أنّ باحثي المنظمة لاحظوا أنّ بعض السكّان من المكوّنين العربيّ والتركمانيّ قد تُركوا ولم يتعرّضوا لأيّ إساءةٍ، خاصّةً في منطقة رأس العين التابعة للإدارة الذاتية.
ويوضح التقرير أنّ منظمة العفو الدولية زوّدت مسؤولي الإدارة الذاتية بملخّصٍ عن نتائجها الأولية لكنّها لم تتلقَّ أي ردٍّ منهم حتى كتابة التقرير، وهذا ما نفته قيادات الإدارة الذاتية، ومنهم السيد ريدور خليل الناطق الرسميّ باسم الوحدات الشعبية. ومن جهة ثانية يُذكر في التقرير لقاء المنظمة مع السيد جوان إبراهيم، القائد العام لقوّات الأسايش في روج آفا، وفيه إقراره بحدوث بعض حالات تهجير العائلات من مناطق تحت سيطرة الإدارة الذاتية، ووصفه لها بأنّها حوادث معزولة وعددها محدود.
ويذكر التقرير أنّ هناك حالاتٍ من التهجير القسريّ جاءت انتقاماً من الناس جرّاء تعاطفهم المفترض مع عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ويوثّق حالاتٍ تثبت عدم صحة ادعاءات الإدارة الذاتية بأنّ عمليات التهجير لم تكن تعسفيةً بل لضروراتٍ عسكريةٍ لا يمكن تفاديها ولاعتباراتٍ أمنيّة. وترى المنظمة أنّ حالات التهجير القسريّ هذه تعدّ جرائم حرب، وتدعو سلطات الإدارة الذاتية إلى التوقّف عن هذه الممارسات وإلى السماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم، كما تهيب بالدول المنضوية في التحالف الدوليّ لقتال تنظيم الدولة إلى إدانة مثل هذه الممارسات.