مستنقع على ضفاف الفرات | القورية
ينقسم نهر الفرات عند وصوله إلى مدينة القوريّة، شرق دير الزور، إلى فرعين؛ فرعٌ كبيرٌ مقابلٌ لضفة "الجزيرة" من الشمال، وفرعٌ صغيرٌ يقابل ضفة "الشامية" من الجنوب. ويعتمد فلاحو القورية على مياه الفرع الأخير في سقاية محاصيلهم الزراعية.
غيـــر أن انخــفاض الـــغـــزارة الكلية للمياه المارّة خلال العقود الأخيرة أدّى إلى توقف الجريان تقريباً في الفرع الصغير، وانخفاض منسوبه نتيجة تراكم الرسوبيات عند التفرّع، إلى الحدّ الذي أضرّ باستجرار المياه، مع تحوّل هذا الفرع إلى ما يشبه المستنقع، وخاصةً مع وجود مصبّين للصرف الصحيّ عليه. وحاول المجلس المحليّ للقورية التصدّي لهذه المشكلة، فعمل على إعداد دراسةٍ لتجريف قاع الفرع الصغير، بعد التأكد من الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع،
وبكلفةٍ تقديريـــةٍ بلغت 49 ألــف دولارٍ أمريكيّ، وأبدت الهيئات التابعة للائتلاف موافقتها على تقديم هذا المبلغ. ويؤكد معدّ دراسة هذا المشروع،
المهندس أنس علي الحمد، رئيس المجلس المحليّ السابق، أن هذا المشروع هو استجابةٌ ضروريةٌ لطلبات الفلاحين الذين تضرّروا من انخفاض منسوب المياه بعد توقف جريانها، إذ أدّى هذا إلى توقف محركات الجرّ عن العمل، مما أدّى إلى جفاف الأراضي الزراعية على طول الفرع الصغير البالغ 3كم. ويلخّص الحمد أعمال هذا المشروع بتجريف قاع النهر في الفرع الصغير، إضافةً إلى الإكساء البيتونيّ لمسافة 200 مترٍ عند بداية التفرع،
وكذلك انشاء ألسنةٍ صخريةٍ في ثلاث نقاطٍ للحدّ من التآكل والتجريف على جانبي النهر. وتبقى المشكلة الكبرى، بعد تأمين تمويل هذا المشروع، هي توفير الآليات والمعدّات الهندسية اللازمة. فمجلس القورية المحليّ لا يملك هذه الآليات، ولا تبدي بعض الفصائل المسلحة الكبرى، التي تملك هذه المعدّات، الرغبة بالمساعدة من دون نسبة المشروع إليها.
يقول عبد الله العطية (57 عاماً)، وهو فلاحٌ من القورية، يسكن قريباً من الفرع الصغير: إن جفاف النهر يســــبّب مشاكل زراعيةٍ وصحيةٍ لأهالي المنطقة، وخاصة في فصل الصـــيف، حين تمنعـــنا الروائح الكريهة من فتح النوافذ، إضافةً إلى انتشـــار الحــــشرات المســـببة للأوبئـــة،
وكذلك عجزنا عن سقاية الأرض، مما دفع ببعض الفلاحـــين إلى حــفر الآبـــار واستخدام مياهها المالحة التي تسبب بدورها الملوحة للأرض، مما أدّى إلى تراجع الإنتاج الزراعيّ إلى حدٍّ كبير.