- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
محاولة أخرى من النظام لسحب البطاقات الأمنية في الساحل
بعد أعوام من منح النظام بطاقات أمنية لكافة المتطوعين في صفوفه أو ضمن الميليشيات التي قاتلت إلى جانبه، يعمد الآن إلى سحبها عقب حل الكثير من تلك القوات في الساحل، والسعي إلى تقويض سلطتها أو محاولة تنظيم وضبط عناصرها، بعد سنوات قضتها في القتل والسطو والابتزاز، وما أتاحته من فساد منقطع النظير وانتشار السلاح العشوائي بين اليافعين الذين لا تتجاوز أعمارهم ثلاثة عشر عاماً.
يزداد الوضع الأمني سوءاً في مدن الساحل تزامناً مع قيام نظام الأسد بخطوات للسيطرة على الوضع، بدأها منذ أكثر من عامين بحل قسم من المليشيات والتشكيلات العسكرية الموالية له -والتي كانت تملأ الطرقات بالحواجز المخصصة للنهب والسرقة والتشبيح، وتتبع غالبيتها إلى أقرباء بشار الأسد أو المتنفذين في أجهزة السلطة- والآن يتابعها من خلال سحب البطاقات الأمنية والعسكرية من المدنيين، وهي البطاقات التي عمدت مخابرات النظام إضافة إلى الميليشيات الموالية التي تم تشكيلها من المدنيين المتطوعين، على طبعها لعناصرها مع بداية الإعلان عنها بهدف ضبطهم والتعريف بهم ولأي جهة أو تشكيل يتبعون.
لم يصدر أي قرار رسمي بسحب هذه البطاقات، ورغم ذلك تداولته صفحات محلية بعضها موالٍ للنظام، وبدأ تنفيذه فعلياً بحيث شمل السحب كلاً من بطاقات حمل السلاح والأمنية، باستثناء البطاقات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني حصراً، وهي التي تمنح عادة لمن يعرف بالمخبرين المتعاملين مع النظام والمقربين منه.
وجاءت التعليقات على هذا الإجراء بين مؤيد له ومعارض، فكانت المعارضة من نصيب الموالين للنظام، حتى وصل الأمر إلى السخرية من النظام الذي يتصرف وكأنه "سيطر على إدلب والرقة وديرالزور.. لذلك من الضروري سحب هذه البطاقات" حسب ما تناولت التعليقات، في حين طالبت تعليقات أخرى بـ"تسريح المتطوعين وإعفاء المجندين طالما أنهم يقومون بسحب البطاقات".
يتحدث أبو يمان أحد سكان مدينة اللاذقية لـ“عين المدينة“، عن أن معظم الشباب يحملون هذه البطاقات، وأن من يحملها يعرف عن نفسه بها في معظم الأماكن، وهو ما يعطيه أفضلية وأحقية في كثير من الأمور، وأن سحبها لا يعني (على سبيل المثال) سحب السلاح والسيطرة على إطلاق الرصاص العشوائي، أو منع اللباس العسكري المنتشر بين المدنيين.
وأضاف أن "من يعترض على مثل هذه القرارات هو فقط المستفيد من هذه البطاقات، وهم أغلبية في الساحل، جراء تطوع معظم الشباب في الكتائب، بينما السكان العاديون المغلوب على أمرهم والمتضررون من الأفعال التي يرتكبها هؤلاء فيشجعون الأمر“، معتبراً أن النظام لايقوم بمثل هذه الخطوات لضبط الأمن وتحسين حياة الناس، وإنما لأنه ”يخشى من فقدان السيطرة“، خصوصاً وسط حاضنته الشعبية وبعد توقف الأعمال القتالية.
واختلف الأهالي والنشطاء في الساحل بتحليل السبب الأساسي وراء سحب البطاقات، لكن اعتبر معارضو الأسد أن السبب يعود إلى ضغط روسي على النظام لعودة السيطرة في مناطقه وعدم ترك الناس في حالة فوضى، في حين توقع آخرون سقوط النظام قريباً وهذه الإجراءات تأتي للسيطرة على الوضع وعدم انتشار الفوضى في مناطقه في حال رحيله عن السلطة.
يقول أبو نبيل القائد العسكري بفصائل المعارضة والعامل بريف اللاذقية لـ“عين المدينة“، اإن محاولات ضبط المسلحين في مناطق النظام تتكرر منذ العام ٢٠١٧، إذ تم إطلاق حملة مشابهة لسحب البطاقات، خصوصاً من العناصر التابعين لميليشيات حلها النظام وقتها مثل صقور الصحراء وعرين الأسد، لكن لم يكن هناك أي التزام بعملية تسليم البطاقة، فضلاً عن تراخي النظام سابقاً في سحبها، حسب القائد العسكري الذي يعتقد أن سبب التراخي السابق يعود إلى الوضع الخاص لمواليه في الساحل، وما فقدوه من قتلى وجرحى، لذلك لم يكن الإجراء جاداً لتجنب الضغط عليهم خوفاً من أي حركة احتجاجية، ليعود الآن ويطلق هذه الحملة التي "ربما ستكون أكثر جدية وقابلية للتطبيق".