مجالس حلب المدنية... رؤية لمستقبل خال من ظلم الأسد

حلب | عدسة عبد الرحمن | خاص عين المدينة

يحتل موضوع الإدارة المدنية للمناطق المحررة مكاناً مركزياً من انشغالات الثوار والناشطين، ويشكّل تحدياً يصرون على النجاح فيه، لما يحمله من أهميةٍ في تقديم النموذج البديل عن إدارات المحسوبية والفساد التي عرفها الناس أيام النظام.
وهكذا كانت بداية تسيير أمور عاصمة الشمال "حلب" مع الجيش الحر بعد فوضى عارمة سادت فيها... فبدأ الحر باستلام الأفران التي كانت تشهد ازدحاماً ومشادّات للحصول على الخبز. واستدعى ذلك بناء حالة تنظيمية مدنية للسيطرة على أزمة عامة تمس كل موارد الحياة، لتقود المناطق المحررة نحو مستوى معيشي جيد. فبدأ تشكيل مجلس الأحياء، وهي عبارة عن عدة مكاتب مجتمعة في مجلس واحد، يترأسه رئيس مجلس، وله نائب وعدة أعضاء للمكاتب تسيّر الأعمال الميدانية.

ويأتي المكتب الإغاثي في المقدمة، إذ يقوم بتسجيل أسماء المنكوبين وإعطائهم سللاً إغاثية أو مبالغ مالية بحسب ما يتوفر، فيشكل المكتب حلقة وصل بين المغيث والمغاث (الجهات الداعمة والناس). وبسبب تراكم الأوساخ وانقطاع الكهرباء الدائم تم إنشاء مكتب الخدمات، وهو المكتب الثاني في المجلس، ويقوم بترحيل النفايات إلى مكباتها وإصلاح شبكة الكهرباء والماء وما يحتاج إليه المواطن.

 

خدمات عامة

يقول عبد الله، وهو أحد القاطنين في حي الفردوس: "إن مجلس الحي يخدم بشكل ممتاز. ولكن هذا لا يعني عدم وجود بعض الأخطاء، كتأخير ترحيل النفايات، أو حرقها في أماكن مأهولة". وعلّق أبو محمود، وهو من سكان حي المغاير، على الخبز الذي يوزّع بدون تبريد، فيصل إلى الناس ساخناً وقد يتحول إلى عجين في بعض المرات.
أبو عبدو، مسؤول مكتب الخدمات في أحد مجالس الأحياء، يقول: "بالنسبة إلى القمامة فإننا نقوم بترحيل جزء كبير منها يومياً. ولكن، بسبب التراكم الكثير سابقاً والتكاليف الباهظة، قد لا يتبين الفرق الكبير في العمل. وليست لنا علاقة بموضوع حرق القمامة، وإنما يقوم بذلك أناس مجهولو الهوية قد يكون قصدهم التخريب فقط".
وعن موضوع الخبز قال: "واجهنا مصاعب كثيرة جداً واستطعنا حلها. والسبب في أن الخبز يوزع ساخناً بدون تبريد هو سوء الأفران وعدم وجود خطوط تبريد فيها. لم يعد هناك أزمة في مادة الخبز. والمنظمات الإغاثية توزعه بسعر رمزي قد يصل إلى المجاني. أما زيادة سعر الخبز فهي طبعاً بسبب زيادة سعر الطحين وعدم توفره بشكل كامل".
ونّوّه أبو عبدو إلى وجود اشخاص يأخذون الخبز من أكثر من جهة ويبيعونه بأغلى من سعره على عربات (بسطات)، كما لوحظ بكثرة في حي الفردوس.
وبالنسبة إلى الشؤن الصحية فالمكتب الطبي هو المسؤول عنها. وهو عبارة عن مركز لمعالجة الناس مجاناً أو بشكل شبه مجاني. والمساعدة في الأدوية الموجودة من خلال إنشاء صيدلية مجانية أو نقطة طبية.
بينما يقوم المكتب الإعلامي بعدة خدمات لا تقتصر على تصوير المظاهرات بل توثق عمل المكاتب بتصوير أعمالها والحصول على الدعم من أجل خدمات أخرى.
أما الأوضاع الأمنية فيسيّرها المكتب الأمني في ظل انشغال الجيش الحر بمعارك على الجبهات مع النظام. ويواجه المكتب الانفلات الأمني ويقوم بضبط السرقات والمشاجرات وما شابه ذلك.
أما المكتب الميداني فهو موجه للمظاهرات التي تقوم في المناطق المحررة. كما يرعى النشاط الشبابي. بينما يتولى المكتب التعليمي تنظيم المدارس وإعطاء الحصص الدرسية.

 

اتحاد المجالس

اجتمعت المجالس على توحيد صفوفها تحت رايةٍ واحدةٍ واسمٍ واحدٍ وعملٍ منسقٍ ذي إطارٍ صحيحٍ، فتم تشكيل "اتحاد مجالس الأحياء المدنية في مدينة حلب"، الذي يضم أغلب الأحياء المحررة تحت رئاسة واحدة. وهي خطوة جديدة للإصلاح والتوحيد، ولبناء المجتمع الأفضل الذي يتمناه كل السوريين.
غير أن جبري يرفض كل هذه الاجراءات، ولا يرى لها قيمة ما دام النظام يقصف المدينة، واللجان تختلف فيما بينها... ينفث دخان سيجارته ويقول: "إشو الحل؟.. ما في حل قبل ما يسقط النظام.. كل شي عبيصير رتوش ما بتعلّم. كلّون مراهقين. ما رح يتعلمو الشغل ليصير في دولة جديدة".