مؤتمر سوتشي... كساح سياسي للحلّ العسكري

لم يكن مؤتمراً، ولم تكن مفاوضات، هذا اختصار ما آل اليه الأمر في سوتشي، إذ انفضّ سامر القوم عن لجنة دستورية، لن تفعل ما هو أكثر من التحول إلى موضوع جدال، وتفريغ من مضمون، لا تحتوي منه شيئا في أساس تكوينها.

المحاولة السياسية التي أريد لها من قبل رعاتها ومخططيها أن تعيد تفسير الحل السياسي، إلى حوار – بحسب اسمها النهائي- في تفاصيل إجرائية بين مكونات «الشعوب السورية» كما يشي اسمها الأول، وتخرج نظام بشار الأسد من ذعر السؤال المتكرر كل مرة عن مصيره، منيت بكساح سياسي شبه كامل، في لحظات ولادتها المعلنة، بعد أن طالها عرج غياب المعارضة المقبولة دولياً في بادئ الأمر، ولولا تسوية عجولة قادتها تركيا في اللحظات الأخيرة لمات المؤتمر قبل أن يولد.

كان لمؤتمر سوتشي افتراضات عالية السقف، قامت على أعمدة الدخان والغبار التي تتصاعد من المدن والقرى السورية المقصوفة. لكنّها وعلى ضراوتها أعجز من أن تحمل وزن حلّ سياسي يتجاهل حقيقة استحالة نكران قصور الحل العسكري البحت. كان يفترض أن يكون المؤتمر حفل الوداع المذل – وهذه إحدى السمات القليلة التي احتفظ بها جو الحدث – للتدخل العسكري الروسي، بتوطين حلّ سياسي تقبله الأطراف السورية صاغرة، إن لحاجتها إليه، أو لرضوخها الى سطوة بدائله المدمرة، لكنّه استحال إلى تأكيد وحدانية مسار جنيف الأعرج هو الآخر؛ وبينما تبدد مشروع تحييد النظام بصفته «الدولة» وفق أبجديات السياسة الروسية، فإنّ التفاحة الذهبية التي خرج بها المؤتمرون بعنوان «لجنة دستورية» شكّلت من 150 اسماً ستتقلص إلى 50، تواجه هي الأخرى مصير الفشل شبه المحتوم مع سعي الروس إلى إرغام الأسد على قوننتها بمرسوم رسمي، وإصرار المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا على ضم هيئة المفاوضات إليها وهذا ما لن يقبله النظام.

تلوح أخيلة إنجاز ما للنظام ببيان ختامي لا يطرح مصير الأسد على حقيقة السؤال، ويدعو للإبقاء على جيشه وأجهزة أمنه، غير أنّ هذا ذاهب إلى سلال دي ميستورا التي يرفض النظام أيّ نقاش لها.

لم يكن مؤتمراً بين خصوم، وما كانت مفاوضات بين مختلفين... كان فرجة رديئة على أسوأ ما أفرزته حرب الأسد على سوريا.