كيف انضمّت حركة نور الدين الزنكي إلى جبهة فتح الشام

حسام الجبلاوي
News Deeply
21 شباط
ترجمة مأمون حلبي

كانت حركة الزنكي إحدى أقوى الفصائل المعتدلة التي تقاتل ضمن صفوف الجيش الحر في السنوات الأولى للحرب. لكنها، بعد توقف تدفق المساعدات الأجنبية لها عام 2015، تحالفت مع قوى أكثر جذرية.

منذ سيطرت قوات النظام على مدينة حلب أخذ يبرز نزاع كبير بين جماعات المعارضة في شمال سوريا. المجموعات المتطرفة تتصادم مع المجموعات المعتدلة حول مسائل عسكرية وعقائدية، وكثير من هذه القوى انقسمت إلى معسكرين رئيسيين؛ أحدهما، هيئة تحرير الشام، مكوّن بشكل رئيسي من مجموعات إسلامية بقيادة جبهة فتح الشام، والآخر مرتبط بحركة أحرار الشام.

من اللافت في خضمِّ هذه التطورات انضمام حركة الزنكي إلى هيئة تحرير الشام مع أن الحركة مصنّفة على أنها معتدلة، وجبهة فتح الشام مصنّفة على أنها إرهابية. وبالرغم من التوترات التاريخية بين حركة الزنكي وجبهة فتح الشام، انضمّت الحركة إلى التحالف الجديد نتيجة تغيّر طويل المدى في نظرتها ابتدأ منذ أن توقف أعضاء في مجموعة أصدقاء سوريا عن تقديم المساعدة لها في بدايات عام 2015.

تأسست حركة الزنكي، إحدى أقدم مجموعات الجيش الحر، في ريف حلب الغربي، أواخر 2011، بقيادة توفيق شهاب الدين، ولعبت دوراً بارزاً في مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية، ما ساعد على طرد التنظيم من مدينة حلب عام 2014. كما شاركت الحركة في العديد من العلميات ضد قوات النظام السوري. ويُقدّر عدد مقاتليها بحوالي سبعة آلاف.

يثير التغيّر الحاصل مؤخراً في منظورات وتحالفات الزنكي أسئلة عديدة حول الأسباب الكامنة خلف ذلك، لا سيما أن الحركة تُعد إحدى أكثر المجموعات تنظيماً في الجيش الحر. إذ لديها مجلس شورى ومكاتب مختصّة (سياسية وعسكرية وإدارية وخدميّة وإغاثية وطبيّة)، يستخدم كل منها اختصاصيين وسياسيين وضباطاً وخريجين جامعيين. ووفق المراقبين، بدأ هذا التغيّر عندما انضمت الحركة إلى جيش الفتح لقتال النظام في إدلب. وفي أواخر 2016 شنّ مقاتلون من الحركة هجوماً على «تجمع فاستقم كما أمرت». بمهاجمتها التجمع بدا أن الزنكي تشارك في الجهود الرامية إلى القضاء على الجيش الحر، وهو اتهام كثيراً ما يُوجّه إلى جبهة النصرة. وحتى قبل أن تعلن الحركة اندماجها الأخير كان واضحاً أن عدداً من مقاتليها لقوا مصرعهم عندما قصف التحالف الدولي أحد المعسكرات التدريبية لجبهة فتح الشام في الأتارب.

ويعزو حسام الأطرش، وهو قائد وشرعي في الحركة، اندماجها بهيئة تحرير الشام إلى «التدخل الأجنبي الذي منع الجماعات المعتدلة من التوحّد، وجعلها فريسة سهلة للنظام وحلفائه». يقول الأطرش: «بدأت الحركة تنفتح على العمل والتوحد مع مجموعات في الجيش الحر، وجرت مفاوضات عديدة حول ذلك مع مجموعات في حلب وإدلب مثل صقور الغاب، والفرقة 13، والفرقة الشمالية وغيرها. لكن الإجابة كانت دائماً أنهم غير قادرين لأن غرفة عمليات الموم والدول الداعمة لهم ترفض ذلك». لفترة من الزمن كانت الحركة تتلقى دعماً عن طريق الموم، لكن هذا الدعم توقف بعد اندماج الحركة مع جماعات أخرى في حلب، بحجة أن الحركة لم تشاور الغرفة قبل الاندماج. يقول الأطرش: «فقدنا الأمل بمجموعات الجيش الحر، ولذلك لجأنا إلى العمل مع أحرار الشام. ولكن عندما طلبنا الانضمام إليهم رفضوا، مبررين قرارهم بأنهم يبحثون عن مشروع شامل». وكشف الأطرش عن محاولات عديدة للاندماج باءت جميعها بالفشل لأنه، حسب الأطرش، لم تكن لدى الفصائل المعنيّة رغبة في العمل، ومنعت الضغوط الخارجية بعضهم من التوحد.

يقول حسن اسبرو، وهو ضابط منشق: «ليس مفاجئاً تحالف الحركة مع فصائل إسلامية نظراً إلى أن المجتمع الدولي توقف عن دعم المعارضة المعتدلة بالأسلحة. فقد تحرّر مقاتلو المعارضة من الوهم عندما سيطر النظام على حلب، بعد أن كانوا يعتقدون أن المجتمع الدولي لن يسمح لأيّ من طرفي النزاع بهزيمة الآخر. وبما أن شروط كثير من الداعمين كانت تمنعهم من التوحد، لم تجد حركة الزنكي وحركات أخرى أحداً مستعداً لتشكيل حلف معهم سوى مجموعات لديها منظورات إسلامية». ويرى اسبرو أن مجموعات الجيش الحر ستتلاشى الواحدة تلو الأخرى إن لم يشكل داعمو الثورة السورية كياناً موحداً وقوياً يتم دعمه بأكثر من مجرد مؤن غذائية.

بالمقابل، يلاحظ أحد قادة فصيل السلطان مراد أن الحركة انضمت في الماضي إلى كثير من التحالفات، منها الجبهة الشامية وجيش المجاهدين وغيرها، لكنها سرعان ما كانت تخرج منها. وأرجع المتحدث ذلك إلى طبيعة قائدها الشيخ توفيق شهاب الدين، المعروف برغبته في البقاء مستقلاً.