- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في حماة .. حتى المحافظ لا يسلم من «تشبيح» الميليشيات
لم تكن الحادثة التي تعرّض لها محافظ حماة غسان حزوري في قمحانة الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، إذ تكثر الحوادث التي يتعرض لها مسؤولو النظام أثناء محاولتهم تطبيق القانون على أصحاب النفوذ وحملة السلاح، فالقانون وضع ليطبق على الضعيف فقط في مدينة تحكم بفوهات البنادق.
في الثامن من كانون الأول الجاري توجهت دورية جمارك من دمشق إلى حماة بهدف ضبط واحد من مستودعات البضائع المهربة في بلدة قمحانة شمال حماة، التي قرر محافظها مرافقة الدورية مع قوة أمنية لضمان إتمام العملية، ولمعرفة المحافظ أن هذا المستودع يعود بطريقة أو بأخرى لشخص من أصحاب النفوذ. لكن الأمور لم تجرِ كما يشتهي رأس هرم السلطة في المدينة، فقد تمت محاصرتهم من قبل مجموعة من عناصر المخابرات الجوية التي تتبع لسهيل الحسن، وتعتبر بلدة قمحانة من أهم معاقلها، واحتدم الموقف مما دفع المحافظ لطلب الدعم من رئيس اللجنة الامنية في المحافظة محمد عبد العزيز ديب، الذي لام المحافظ على فعلته تلك وأخبره بأن "قمحانة لن ندخلها إلا بالورود"، كما يتردد في أوساط مؤيدة لنظام الأسد على وسائل التواصل.
سيل من الشتائم والتهديدات أطلقت في وجه المحافظ، "الذي يسعى لمحاربة الفساد" حسب وصف الصفحات الموالية للنظام، مما اضطره للانسحاب من المكان، خاصة بعد رد رئيس اللجنة الأمنية ورفضه إرسال المؤازرة للمحافظ الذي اكتفى بمصادرة عدة "علب بسكويت". وقد كتبت شبكة أخبار قمحانة في متابعتها للموضوع "المواد التي ذهب المحافظ إلى مصادرتها مصدرها الأساسي معروف للجميع وهو المعابر مع إدلب، فهل سنشاهد المحافظ قريباً هناك يمنع دخولها ويوقف من يدخلها" .
يبدو أن الحادثة ستكون واحدة ضمن سلسلة من الحوادث من ذات النوع، خاصة أن أجهزة ومؤسسات تابعة للنظام تحاول أن تعيد (الهيبة) لما تبقى من (الدولة)، حتى لو كان ذلك شكلياً، وضمن هذا الاتجاه يأتي تأكيد المدير العام للجمارك فواز أسعد، في وقت سابق، على أن المحلات التجارية في كل المحافظات السورية ستكون هدفاً للجمارك، وستدخلها في حال وجود مواد مهربة سواء كانت الكمية صغيرة أو كبيرة.
ليست الجمارك المعنية الوحيدة باستهداف المناطق التي تزدهر فيها تجارة المواد المهربة، فهذه الحادثة الثانية التي يتعرض لها المحافظ ذاته في نفس البلدة، والتي طالبت المحافظ بمحاربة الفساد الحقيقي المتمثل في كبار التجار الذين يدخلون المواد التركية على مرأى الجميع من المعابر، بالإضافة لحوادث الخطف والسلب المسلح التي تحدث في ريف حماة الغربي بشكل خاص.
الحزوري حاول بسط سلطته وتطبيق القرارات الحكومية لكنه فشل أيضاً في مدينة مصياف، حيث قوبل بردة فعل قوية مشابهة لما حدث في قمحانة، وتم منعه من تنفيذ القرار ومصادرة أي مادة، فما كان من المحافظ إلا أن عاد لمدينة حماة لتطبيق سطوته على التجار الصغار، حيث شن حملة مصادرة قوية ضمن أحياء المدينة، شملت الكثير من المواد مثل الأدوات الكهربائية وألبسة البالة وبعض المواد الغذائية ذات المنشأ التركي، حسب علا العمر الناشطة من مدينة حماة، والتي ترى أن الحكومة عاجزة عن تطبيق القانون على شبيحتها، فتسعى لتطبيقه على المدنيين "مستودعات كاملة فضوها، ماقدروا ع أهل مصياف وقمحانة بس علينا بيقدروا".
من جانبه يرى الناشط عبد الحميد الشحنة أن النظام حقيقة قادر على ضبط وتنفيذ أي قرار في أي منطقة، لكنه يسعى للاستفادة من تصرفات هؤلاء المسلحين وتوظيفها لمصلحته عبر خطة ممنهجة تهدف إلى (عفرتة) المناطق التي ينتمون إليها، بجعل تلك المناطق عفريتاً، بحيث تتحول إلى فزاعة طبيعية لأهالي البلدات المحيطة عبر زرع فكرة "إذا الحكومة ما قدرتلهم، شو ممكن نعمل نحن"، تلك المنهجية ستضع المدني المستضعف أمام خيارين: إما الرضوخ بالمطلق لأوامر النظام وتنفيذها، أو الانضمام للميليشيات الموجودة ليحصل على السطوة الكافية لرفض القرارات المفروضة عليه، وبالتالي يربح نظام الأسد بكلتا الحالتين، بحسب الشحنة.
من ناحية أخرى يرى متابعون أن قوات الأسد صنعت مليشيات وباتت عاجزة فعلاً عن ضبطها، بسبب النفوذ الذي باتت تمتلكه تلك المليشيات من جهة، وبسبب معرفة تلك المليشيات بأهميتها لدى بشار وحاجته لخدماتها في معارك عدة لم يحسم أمرها بعد، والدليل على ذلك أن مديرية الجمارك عجزت عن تطبيق قرارها إلا على التجار الصغار الذين لايملكون دعماً من أحد ضباط الأمن أو قادة المجموعات العسكرية، على الرغم من مرور أكثر من ستة أشهر على بدء الحملة.