د. فيصل حمد أثناء العملية - أرشيف هيئة موحسن وبقرص الطبية
فـــتح جمجمة جريــح.. إنجــــــاز طبي فـــي ظل المعــــــركـة
هيـئة موحسن و بقــرص الطبية تنجز أخـطر العـمليـات في المناطق المحررة
عين المدينة | خاص
لم يكن رضوان صالح الرياش ذو الـ 35 عاماً يعلم أنه سيدخل في غيبوبة لحظة سقوط قذيفة الهاون قريباً منه في حي الحميدية في دير الزور, وأنه سيكون على سرير العمليات في مشفى بقرص الميداني بريف دير الزور الشرقي, ولم يخطر في باله يوماً أنه سيكون موضوعاً لأخطر عملية جراحية تنفذها أدوات الجرّاحين على امتداد المناطق الثائرة في سوريا كلها .....
لم يكن لدى طبيب الجراحة العصبية الشاب فيصل حمد كثيراً من الوقت ليحسم أمره في الدخول بمغامرة جراحية خطرة... عملية لا تتجاوز نسبة النجاح فيها 10 بالمئة فقط, وخاصة ضمن إمكانات مستشفى بقرص الميداني المتواضعة.
يقول الدكتور حمد: «وصلنا المريض رضوان في حالة خطرة جداً, حيث كان قد دخل في حالة سبات, وذلك إثر إصابته بشظية سببت له كسراً واضحاً في الجمجمة، ونزيفاً دماغياً تحت الجافية... تردد كادرنا الطبي كثيراً في بادئ الأمر للقيام بهذه العملية، وذلك لضعف الإمكانات والتجهيزات المتوافرة في مشفانا، حيث يتطلب هذا النوع من العمليات في الأوضاع الطبيعية غرفة عمليات مجهزة بتجهيزات خاصة جداً لا توجد أصلاً إلا في مستشفيات قليلة في سوريا, فكيف الحال بمستشفى ميداني يفتقر لأبسط المعدات، ولا يوجد فيه على سبيل المثال حتى منفسة, ويعرف الجراحون وأطباء الإنعاش والتخدير أهمية المنفسة, ولكننا حسمنا أمرنا أخيراً وقررنا الإقدام والمغامرة لأنها كانت الفرصة الوحيدة, أو الأمل الوحيد لهذا المريض بالنجاة, فوفق تقديراتنا كان سيتوفى خلال ساعة فقط, إن لم نتدخل ونوقف ذلك النزيف في الدماغ».
ويضيف حمد: «بدأت العملية بشق الجلد أولاً, ثم فتح الجمجمة, لنقوم بعدها بتفريغ الدماء النازفة, ثم وقف النزيف من الأوعية الدموية وذلك بالتخثير ورفع الجافية, لنعمل بعدها على إعادة عظام الجمجمة إلى موضعها وتثبيتها, وأخيراً خياطة الجلد,وبذل فريقنا الطبي قصارى جهده ونجحت العملية والحمد لله
كان إدريس وهو معالج فيزيائي تطوع للعمل في مشفى بقرص الميداني, واحداً من الفريق الطبي الذي تصدى لهذه العملية الصعبة, وشارك فيها كمساعد جراح, وهو أمر يتكرر يومياً في معظم المشافي الميدانية, التي تعاني من نقص هائل في معظم الاختصاصات الطبية, ويقوم متطوعون ومن مهن قريبة وبعيدة عن الطب بتغطية هذا النقص, ومن حسن حظ الجرحى أن هؤلاء قد أبدعوا فعلاً في نشاطهم الإنساني هذا, حيث وفي مرات كثيرة كانوا سبباً في إنقاذ حياة المصابين.
لا يخفي إدريس شعوره بالخوف لحظة فتح الجمجمة في بقرص, فهي وكما يقول المرة الأولى في حياته التي يشاهد فيها دماغاً بشرياً يزيد حجمه وينقص, مع كل دقة قلب, خاف إدريس للحظات, لكنه وكما يذكر تغلب على خوفه ذاك بسرعة, ليتناغم مع أصابع الجراح الذكية, وهي تخط بمبضعها الحاد في غلاف دماغ الرجل الطرية.
ولا يخفي ادريس مشاعر الانتصار كلما شاهد رضوان الذي جاءهم بعد اسبوع يمشي على قدميه, ويخلص إدريس إلى أن إرادة البشر لا تعجز عن شيء بتوفيق من الله كما يقول.
ويشكو إدريس من قلة الإمكانات المتوافرة في المستشفى أو هيئة «موحسن وبقرص الطبية»
التي تنتمي إليها هذه المستشفى, وهي هيئة تضم مستشفيين ميدانيين وعدة مراكز ونقاط إسعاف أثبتت ومع مرور الوقت جدارة لا تضاهى, في عالم طب الثورة, من خلال سلسلة من العمليات المذهلة التي قامت بها كوادرها المؤلفة من 100 متطوع, منهم الأطباء والفنيون والممرضون والسائقون, ويعمل كل أولئك ومنذ تسعة أشهر في هذه الهيئة بالمجان.