لم تنجح الحملة التي أطلقها مؤيدو النظام من حلب في زحزحة قائد الشبّيحة ذائع الصيت "علي الشلّي" عن حكم طريق خناصر أثريا بريف حماة، وهو الطريق الوحيد الواصل إلى مناطق سيطرة النظام في حلب.
الإهانة وتحصيل الإتاوات والاعتقال طلباً للمال وفرض ضرائب مرورٍ على شاحنات السلع والبضائع؛ هي المظالم التي يرفعها مؤيدو النظام إلى "سيادة الرئيس" و"القائد النمر" لمحاسبة علي الشلّي أو، على الأقلّ، "كفّ يده" عن هذا الطريق وتسليمه لمجموعاتٍ "منضبطةٍ" من الجيش أو المخابرات الجوية. يغضب الشلّي من هذه "الافتراءات"، وينكر على صفحته الشخصية على فيسبوك وصفحة "المكتب الإعلامي لقوات علي الشلّي" وصفحاتٍ أخرى، تابعية أيٍّ من "الحواجز المسيئة" له، وينشر أسماء قادتها الحقيقيين: "حاجز السعن يتبع لعبدو كلثوم، وحاجز البطاطا لمحمد نيوف، والكازية لمحمد وسوف...". ويدافع الأتباع وأقاربهم عن "البطل الضحية"، فهو "مو فاضي لهالكلام الفارغ"، ولا يجد وقتاً للتمركز على حاجزٍ لأنه بجانب "النمر يحرق الأرض والسما بريف حلب"، وشتان "بين علاك ورا شاشة اللابتوب وبطل أثبت جدارته من أول أيام الأزمة". وفضلاً عن هذه التعليقات المساندة، يساند الشلّي والمكتب الإعلاميّ لقوّاته نفسه، فينشر صوراً له في الطائرة جاثياً بين يدي "النمر"، وأخرى إلى جانبه في الصحراء، ثم صوراً لنفسه يحمل بارودةً أو زجاجة بيرة، ويثبت رسمة فوتوشوب بدائيةً تعبّر عن طموحه أعلى صخرةٍ تحيط بها الأسود.
قبل الثورة كان علي الشلّي شاباً شقياً، لا يكفّ عن الشجار على أبواب الملاهي والمطاعم القريبة من ضيعته عين الكروم في سهل الغاب، يعمل أحياناً في التهريب وأحياناً أخرى وسيطاً مأجوراً في شبكة قريبه فؤاد الشلّي عضو مجلس الشعب، البارع في الحصول على استثناءاتٍ من الوزراء وتخفيف حكم موقوفين جنائيين. ورغم تحرّره النسبيّ من القوانين كان أبو حسن، كما يحب الأتباع مناداته، يشعر بقيودٍ لا يحطّمها سوى إطلاق الرصاص من مسدّسه تعبيراً عن الغضب أو الفرح أو الحزن أو عن لا شيء. وباندلاع الثورة صار "الأزعر" البدين قائد قوّات وحاكم إقطاعٍ واسعٍ من محافظة حماة.
في شجرة العائلة، التي تضمّ عدداً كبيراً من الضباط في قوّات الأسد، لا يبدو علي الشلّي استثناءً إجراميّاً وحيداً، إذ قاد أحد أجداده منتصف القرن التاسع عشر هجماتٍ طائفيةً ضدّ الفلاحين المسيحيين في قرية عين الكروم والقرى المجاورة، الأمر الذي دفعهم إلى الرحيل إلى تل السقيلبية الذي تطوّر إلى قريةٍ فبلدةٍ فمدينةٍ لا يسلم أهلها اليوم من غزوات الحفيد. ومن ثمانينات القرن الماضي ما زال بعض المعتقلين السياسيين يتذكرون الرائد في المخابرات العسكرية حكمت الشلّي كنموذجٍ للسفاح المرتشي، وقبل الثورة بسنواتٍ قليلةٍ برز اسم علاء الشلّي في صفقة اختلاسٍ كبيرةٍ كتبت عنها الصحف في ذلك الوقت.
سرعان ما انتهت حملة المغرضين مثلما بدأت، وما زال علي الشلّي يطلق مكبّر صوت سيارته رباعية الدفع بأعلى درجةٍ على مقطع "وينك يا علي الشلّي... ولا إرهابي لا تخلّي"، المغنّى في ضيعته أثناء حفلة عرس.