- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
على هامش القصف الإسرائيلي للساحل السوري وحرب غزة أهالي اللاذقية يفضلون العيش دون شعارات خلبية والموالون تنفرج أساريرهم
يحاول بشار الأسد استغلال الانتفاضة الفلسطينية وحرب غزة الأخيرة عبر استنكار ممارسات السلطة الإسرائيلية أو توجيه صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية سقطت في سوريا، لتطمين جمهور الموالين له، ولبعث خطاب الممانعة المفضل لديه، ودعم تفسيره المعلن بخصوص الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية بالعموم، ولمناطق في الساحل مؤخراً، لكن المزاج الأهلي في الأخير يقول أكثر من ذلك.
شهدت اللاذقية وريفها استهدافات متكررة بصواريخ أعلن النظام بأنها قصف إسرائيلي، وكان آخرها قد طال كلاً من مناطق جبلة وريفها وحي الرمل الجنوبي ومعمل لتصنيع المواد البلاستيكية في منطقة رأس شمرة ومستودع في منطقة الحفة، إضافة إلى موقع عسكري في منطقة كتف سامية، في حين أكد عدد من النشطاء في اللاذقية أن هذه المستودعات والمعامل ليست عادية أو لصنع المواد البلاستيكية كما قال نظام الأسد وموالوه، وإنما لتصنيع المخدرات يستخدمها مقربون من عائلة الأسد بالتعاون مع حزب الله اللبناني الذي يعرف بتصدير وتصنيع وزراعة المواد المخدرات والحشيش.
وفي ظل سياسة عدم الرد أو حتى التجاهل الإعلامي التي انتهجها النظام إزاء القصف، لم يثر الأمر أي اهتمام روسي أو إيراني حتى على مستوى التصريحات، رغم أن الضربات خلفت قتلى وجرحى وأضراراً مادية وحالة من الخوف والقلق لدى السكان، وقد طالت مواقع قريبة من القواعد العسكرية الروسية مثل حميميم، إضافة إلى وصولها إلى معقل الأسد ومواليه.
لا يمتلك أهالي الساحل في العلن رأياً واضحاً يخص القصف الإسرائيلي، ويتبنون في محادثاتهم اليومية ما يقوله النظام، لأسباب عديدة منها الموالون الذين يصدق قسم كبير منهم النظام، أما من يمتلك رأياً مخالفاً فمن المستحيل الجهر به لمعرفته بالشبيحة، وما يمكن أن يحل على أيديهم بأي شخص يعارض ما يصدر عن نظام الأسد، حسب ما يرى الناشط المدني من مدينة اللاذقية محمد العبدالله، الذي يقول إن قسماً كبيراً من أهالي الساحل لا يخشون القصف الإسرائيلي "بقدر ما يخشون النظام وبطشه، لذلك يمتنعون عن التطرق لمثل هذه المواضيع". لكن اكتفاء المعلقين على أخبار القصف بالدعاء "بحماية مدينة اللاذقية وأهلها وإبعاد السوء عنهم" عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو مع الأشخاص العابرين، يشي بتململ الأهالي وتبرمهم من الرواية الرسمية لنظام الأسد، وتفضيلهم الاستمرار فقط دون شعارات خلبية.
ترى هبة وهي شابة من حي الصليبة في المدينة تدرس في جامعة تشرين، أن الجميع يعيش حالة من القلق أثناء حدوث مثل هذا القصف، ويعود السبب الأساسي فيه إلى عدم ثقتهم بالنظام وبالرد على إسرائيل، خصوصاً وأنه يتكرر دائماً دون أي تعليق سوى ما يذكر على الصفحات من أنه تم التصدي لها عبر المضادات، أما في الواقع فيعرف الجميع أن هذا الأمر كاذب.
حسن وهو أحد سكان مدينة جبلة بريف اللاذقية التي طالها القصف أيضاً، يعتبر أن النظام يثق ثقة كبيرة بإسرائيل، فحتى الآن ورغم القصف المتكرر، لم تشهد المدينة مقتل أي شخص حتى من عناصر النظام، وإنما يقتصر الأمر على تدمير بعض المعامل ليست معروفة طبيعة عملها، ليظهر النظام بمظهر المعادي لإسرائيل والمستهدف من قبلها، بينما يغض القصف الطرف عن معامل تصنيع الأسلحة المعروفة خلال جميع السنوات السابقة.
منظر صور الجرحى التي نشرها النظام، وقال إنهم أصيبوا بالقصف الإسرائيلي الأخير، وهم امرأة وعدد من الأطفال يبدون بصحة جيدة ولا يوجد عليهم أي أثر للإصابة، أثارت "ضحك" حسن حين شاهدها، ويرى أنها مخصصة لمن يعتقد بأن إسرائيل عدوة وأن الحرب بينها وبين النظام قائمة، ولمن يعتقد بأنه مستهدف ومحور للمقاومة والممانعة.
أما المهندس مصطفى وهو من أبناء اللاذقية أيضاً، فقد ذهب أبعد من ذلك باتهام نظام الأسد بالتنسيق مع اسرائيل لقصف مواقع ربما تضر بإيران، لكنها لا تعني الأسد، وهنا يرى بأنه يبيع حليفه العلني (إيران) بهدف إرضاء الحليف الأهم والسري وهو إسرائيل، لذلك لا يشكل هذا القصف أي مصدر قلق بالنسبة إلى النظام ومواليه وأقربائه في اللاذقية، بل على العكس يعطيهم المزيد من الشرعية أمام مواليهم، والمزيد من التغني بفكرة المؤامرة الكونية والدور الذي تلعبه إسرائيل في دعم معارضي الأسد ومعاركهم ضده، ويتيح لهم فرصة لتبرير حملات الاعتقال أو حتى نشر العناصر والتشديد الأمني، فهناك تهمة جاهزة هي التعامل مع إسرائيل!.