شلل الأطفال: اهتمام المنظمات الإنسانية
وأبناء دير الزور يطلقون حملةً لإنقاذ الأطفال من مخاطر العدوى

محمد نزار | ليلى الظاهر

بعد أن انقرض في الأراضي السورية منذ العام 1995، أطلّ مرض شلل الاطفال برأسه من جديدٍ، في محافظة دير الزور، ليشكّل التهديد الأول للصحة العامة، ولينبئ ببوادر كارثةٍ قد تقع في أيّ لحظة، وقد تستمرّ آثارها لسنواتٍ طويلة.

شلل الأطفال في سطور

العامــل المسبّب: فيروسٌ ينتمي إلى الحمّات المعويّة.
مصدر العدوى: الإنسان المريض أو الحامل للفيروس، إذ إن المستودع الوحيد للفيروس هم البشر. ومع كل حالةٍ شللية هناك 100 حالة لا شللية غير مسجّلة، وتشير هذه الحقيقة المرعبة إلى أن مستودع العدوى كبيرٌ جداً.
طرق انتقـــال العدوى: عن طـــريق الطـــعام الملــــــوّث بالميــــكروب، أو بالطـــــــــريق التنفسي عن طريق الرذاذ المتطاير.

الأعراض والعلامات: له أعراضٌ مشابهة للكريب، وهي: 1ـ وهن. 2ـ أعراض هضمية تتلخص بـ (فقدان شهية، غثيان، إقياء، ألم بلعوم، إمساك). 3ـ ترفع حروري 38 ـ 39 مترافق بصداع. 4ـ شلل رخو غير متناظر غالباً ما يصيب الطرفين السفليين، غير قابل للشفاء. 5ـ عسر تنفسٍ ناجمٌ عن شلل العضلات التنفسية. وله أعراضٌ متقدمة وهي سلس البول والغائط. 

قابلية العدوى: أي طفل لم يتم تطعيمه، أو لم يسبق له الإصابة بالمرض، معرّضٌ للعدوى، سواء نتج عنها شللٌ أم لا. ومن المؤسف أنه ليس هناك علاجٌ نوعيٌّ لهذا المرض، فكلّ ما يمكن فعله هو الوقاية فقط من خلال اللقاح، والمناعة المكتسبة بعد العدوى أو التطعيم بالجرعات الكاملة تبقى مدى الحياة. ويتم التطعيم كما يلي:
1ـ التطعــــيمـات الأساســــــــية: وهي خمس جرعات؛الجرعــــة الأولى: للأطفــــال في الشـــــهر الثانـــــــــي من تاريــــــخ الـولادة.
الجرعة الثانيـــة: للأطفــــــال بعمر الأربعـة أشهر.
الجرعـــــة الثالثة: بعمــــر الستة أشهر.
الجرعتان الرابعة والخامسة تنشيطيتان؛ الأولى منهما بعمر السنة وستة أشهر، والثانية بعمر الأربع سنوات وحتى دخول المدرسة.
2- التطعيم الاحتوائي: ويُلجأ إليه في حال تمّ تسجيل وقوع حالةٍ مرضيّة، وهذا ما يحدث اليوم. فمن المفترض أن يتم إعطاء جميع الأطفال دون الخامسة جرعتين من اللقاح، بفاصل شهرٍ بينهما، وبغضّ النظر عن الجرعات التي تم أخذها سابقاً.
نصائح: يجب التبليغ الفوري عند اكتشاف الحالة وعزلها في المشفى، مع إعطاء العلاج اللازم والتطهير المستمرّ لكل متعلقات المريض. وكذلك إعطاء من احتكّ بالمريض العلاج الوقائي اللازم. ولا بدّ من التركيز على التوعية الصحية حول المرض، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، والتهوية الجيدة للمنازل، وعدم تناول الأطعمة المكشوفة، والأهم مراعاة النظافة العامة.
ولا بدّ أيضاً من تأجيل العمليات الجراحية غير الضرورية، وتجنّب الحقن للأشخاص الذين قد يكونوا حاملين للفيروس، خوفاً من أن تتحوّل الحالات غير المرضية إلى حالاتٍ شلليةٍ صريحة.

آخر الأرقام من دير الزور

تتحدث أمٌّ في الثلاثينيات لـ"عين المدينة"، وهي تخرج من عيادة طبيب أطفال، عن ابنها البالغ من العمر4 سنوات، وكيف استيقظ في صباح أحد الأيام وهو يشكو من ألمٍ في بطنه، وكيف ساءت حالته تدريجياً فأصابته حمّى، وكان يشعر بالغثيان، وبعد يومين أصيب بضعفٍ في قدميه فأصبح بحاجةٍ إلى المساعدة كي يمشي. وعندما فحصه الطبيب قال بأنه أصيب بشلل الأطفال.
وليس أمام المشافـي الميدانية وكوادرها الكثير لتفعله مع انشغالها الدائم بعلاج جرحى الحرب، فهذا المرض أكبر من إمكاناتهم بكثير، ويحتاج التصدّي له إلى جهودٍ ضخمة تمتلكها الدول والمنظمات الطبيَة الكبرى، والحلّ الوحيد هو استعادة برامج التلقيح التي حرم منها أكثر من مئة ألف طفلٍ في دير الزور.

تحذيرٌ دوليٌّ من انتشار شلل الأطفال في دير الزور

نبّهت عدّة منظماتٍ دوليّةٍ إلى خطورة انتشار هذا المرض بين أطفال ريف دير الزور، مذكَرة أنَه، في حال إهمال علاج مرض شلل الأطفال المعدي، سيهدِّد نحو 100 ألف طفل دون الخامسة من العمر في محافظة دير الزور بشكل عام.
إذ نشرت منظمة الصحة العالمية أنَها اكتشفت 22 إصابة بهذا المرض في ريف دير الزور، بعد أن أخذت عيّناتٍ للتأكد من مدى وجود المرض وانتشاره.
وقال بروس إبلوورد، المدير العام المساعد بمنظمة الصحة العالمية لقسم شلل الأطفال والطوارئ والتعاون القطري، وكما نقلت وكالة رويترز: "جاء هذا الفيروس عبر الأرض، ممّا يدلّ أن الفيروس ليس في ذلك الركن فقط من سوريا، وإنما في منطقة أوسع".
وتجاهلت وزراة صحة النظام ما يحدث في دير الزور، وأعلن الوزير المختص "سعد النايف" عن حملة لقاحات في كلٍّ من دمشق، حلب، حمص، السويداء. وبعد أن نـجـح بعض الناشطين من دير الزور بالاتصال مع منظمةٍ صحيّةٍ في بلجيكا اهتمّت للأمر، وتأكّدت من

ظهور المرض؛ بدأ الاهتمام الدولي، من خلال اعتراف منظمة الصحة العالمية على لسان "أوليفر روزنباور"، المتحدّث باسم برنامج القضاء على مرض شلل الأطفال بالمنظمة، الذي ذكر في مؤتمرٍ صحفي عقده في جنيف "إن من بين 22 حالة التي جرى فحصها تأكدنا الآن من وجود فيروس شلل الأطفال من النوع الأول في عشر حالات".

حملة أهليّة بعنوان "أنقــــذوا أطــفالنا في دير الزور"

أطلق بعض الناشطين المغتربين من أبناء المحافظة، بالتعاون مع ناشطين ميدانيين من داخل ريف دير الزور، حملةً تهدف إلى التصدي لهذا المرض، من خلال الحصول على اللقاحات اللازمة وتطعيم الأطفــــال المعرّضـــــين لخطــــــر الإصــابة.
وفي نتائج مخيّبةٍ للآمال، رغم الاهتمام الإعلاميّ بالموضوع، لم يقدّم أحدٌ أي شيءٍ بشكلٍ عمليّ، باستثناء 7 آلاف لقاح تمكن الأطباء المحليّون من تأمينها بجهودٍ خاصة، وعبر وساطاتٍ مع وزارة صحة النظام، التي تحاول تبرئة نفسها من خلال إرسال هذه الكميــــة القليلــــة جداً من اللقاحات، التي لا تعني شيئاً لمئــــة ألـف طفـــل يحتاجـــــون إليها. ولا بد من الإشارة إلى أن أســـــــــــــعار اللقاحـــــــات بلغت في الصيدليـــــــــــات الخاصة 7000 ليرة للأنبولة الواحدة.

في النهاية لا بد من التذكير أن مــــرض الشلل الرخوي قد تمّ القضاء عليه في معظم بلدان العالم، باستثناء ثلاثة دول هي باكستان، أفغانستان، نيجيريا. وفي إحصائيات منظمة الصحة العالمية للعام الماضي سُجّل اكتشاف 223 مصاباً فقط في العالم كله. ويخشى أن يرتفع الرقم لهذا العام أضعافاً مضاعفة بآلاف الحالات التي قد تسجّل من سوريا، بعد انهيار منظومة الرعاية الصحية في البلاد، ومع الظروف الكارثيّة التي يتعرض لها السوريون، من نزوحٍ وتلوّثٍ بأنواعه المختلفة، وغيابٍ لأي برنامجٍ صحيٍّ يواجه الأوبئة المتعاقبة، وكذلك انتشار الأطعمة ـ وأحياناً ـ الأدوية الفاسدة التي يروّجها التجار المستغلّون للأزمات.

عدد حالات شلل الأطفال حتى تاريخ 2013-11-1 هو 31 حالة مؤكّدة تتوزع في المناطق التالية: 17 حالة في صبيخان. 3 في البصيرة. 3 في قرية الحريجي. 3 في العشارة. 2 في الميادين. 2 في موحسن. 1 في الكسرة. هناك 13 حالة مشتبه بها في صبيخان، التي يبلغ عدد الأطفال المحرومين من اللقاح فيها 12 ألف طفل.