انتهاء مهلة "استتابة" معلّمي الرقة لدى داعش ومدير التربية أوّل التائبين

شارفت مهلة "الاستتابة" التي منحتها داعش لمعلمي محافظة الرقة على الانتهاء. إذ حدّد القرار، الصادر في بداية آذار الجاري،عن ما يسمّى بـ"ديوان التعليم"، مدّة أسبوعين للـ"تائبين"، تبدأ من تاريخ الإعلان.

ووسّعت داعش، في قرارها هذا، دائرة المطالَبين بالاستتابة لتشمل كلّ من عمل في مديرية التربية، وبأيّة صفةٍ واختصاصٍ وظيفيٍّ، بمن فيهم الحرّاس والمستخدمين. فيما هدّد القرار كلّ من يتخلّف عن "التوبة" باعتباره مرتدّاً عن الإسلام وتطبيق ما تستوجبه الردّة من عقوباتٍ بحقّه، وفق أحكام داعش وقوانينها.
وأذاعت مساجد الرقة، عبر خطباء الجمعة، إعلان استتابة المعلمين. ونبّه الخطباء إلى ضرورة أن يستجيب المعنيّون بهذا القرار بالتوبة في أماكن محدّدةٍ في كلّ "قاطعٍ" من القواطع التي تؤلف "ولاية الرقة". وسيخضع التائبون لدوراتٍ شرعيةٍ تقيمها داعش لمن عملوا في منظومة تعليم "الحكومة النصيرية الكافرة"، بحسب تعبير البيان.
ولقي القرار تجاوباً كبيراً من معلمي الرقة، وخاصةً لدى من يعجز منهم عن مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، الذي يؤكّد مقرّبون منه أن شحادة المحمّد، مدير التربية في المحافظة، وغيره من مسؤولي المديرية، كانوا أوّل "التائبين"، إضافةً إلى مئات المعلمين والمدرّسين والموظفين فيها. وتتضارب الإشاعات في الأوساط التربوية عن موقف نظام الأسد، ممثلاً بوزارة التربية، من "توبة المعلمين"؛ إذ يرى البعض أن الوزارة ستغضّ الطرف عن هذا السلوك الإجباريّ، في الوقت الذي أكد فيه آخرون أنّ إجراءات الفصل وقطع الرواتب قد طالت وستطال كلّ من يقترب من ديوان داعش التعليميّ، حتى لو كان ذلك بدافع الاضطرار والحرص على الدماء والممتلكات التي ستهدرها عقوبات التنظيم في حال التخلف عن "الاستتابة".
ويُلحظ في قرار داعش الأخير إلزام كلّ "تائبٍ" باصطحاب كفيلٍ له من عناصر التنظيم أو من "عامّة المسلمين" بحسب لغة الإعلان، مما يحدّ من قدرة "التائبين" على التراجع عن تعهداتهم بعدم التعامل مع أيّ منهاجٍ تعليميٍّ آخر سوى منهاج "الدولة الإسلامية"، في أيّ مكانٍ يقيمون فيه.
ويقول معلمــــون اضطرّوا إلى "مسايرة" داعش إن ديوان التعـــليم قد خيّرهم بين العمل في مدارس التنظيم مستقبلاً أو في أية مدارس أخرى، لكن بشرط أن لا يتعاملوا، وبأيّ شكلٍ وتحت أيّ ظرفٍ، مع منهاجٍ آخر، حتى لو كان هذا التعامل بصورة درسٍ لمرّةٍ واحدةٍ أو أقلّ من ذلك. يقول (ب)، وهو معلم ابتدائي: "حتى لو نزحت على تركيا ما راح أقرّب على ورقة أو قلم، لأنه هالشي ممكن يعتبرونه ردّة ونقض للتوبة. وبيتي وكلّ شي عندي بالرقة راح تصادروا الدولة".
وتفكّر مدرّسة اللغة العربية (م) بالنزوح إلى مكانٍ بعيدٍ عن داعش و"هبالها ورعبها"، إذ لم تعد تستطيع أن تتحمّل "الجهل والهمجية والإجرام بداعش". فليس من المعقول أن "يجرجر" مدرّسٌ متقاعدٌ في السبعينات من العمر "للتوبة والتبرؤ من مهنة يحبّها واشتغل بيها كلّ حياته". ومن غير المعقول أيضاً "أنه آذنة مدرسة كانت تعمل قهوة وشاي تتوب! عن إيش بدها تتوب هاي؟".
تشغّل داعش اليوم 24 مدرسةً فقط، نصفها للذكور والنصف الآخر للإناث، من أصل 1374 مدرسةً قبل الثورة في محافظة الرقة. ويعتمد التنظيم، كما هو معلومٌ، منهاجه التعليميّ الخاصّ في هذه المدارس الموزّعة بحسب "القواطع" المؤلفة لما يسمّى بولاية الرقة. ويعرض "ديوان التعليم" على جميع المعلمين المنصاعين لقراراته طلبات توظيفٍ مع وعودٍ شفويةٍ بتأمين فرص عملٍ ورواتب شهريةٍ ابتداءً من الشهر الخامس من هذا العام، وهو التاريخ الذي سيشهد توسعاً كبيراً في قطاع داعش التعليميّ، بحسب ما يؤكد مقرّبون من التنظيم. فيما يشكّك مطلعون على نشاطات داعش في حصول هذا التوسّع، ويؤكّدون تخبّط التنظيم وغياب أية خطةٍ حقيقيةٍ لعملية التعليم لديه، وعدم قدرته على ملء الفراغ الذي حدث في المناهج التعليمية بعد أن حذف مرحلة التعليم الثانويّ برمّتها، وموادّ دراسيةٍ كاملةٍ أخرى، من مناهجه.