الواقع التدريسيّ في المخيّمات التركية

مخيم ألتينوز - من أرشيف المدرسة

أكثر من 60 ألف طالبٍ سوريٍّ يتابع دراسته في تركيا، يتوزّعون على 55 مدرسةً سوريةً، حسب ما أفادت به جريدة ياني شَفك التركية. يقطن معظمهم في مخيمات اللجوء، ويتابعون دراستهم في مدارسها.

ويتصدّر مخيم كلس اللائحة بعدد طلابٍ يقارب 3700، منهم 120 في المرحلة الثانوية. ويبلغ كادره التدريسيّ 135 مدرّساً. ليأتي بعده مخيم ملاطيا الذي تحوي مدارسه على 3000 طالبٍ، يشرف على تدريسهم 125 معلماً. ويضم مخيم يايلاداغ حوالي 700 طالبٍ و34 مدرّساً. أمّا مخيم ألتينوز في منطقة أنطاكيا فيدرس فيه أكثر من 700 طالبٍ مع 36 من المعلمين. وفي ظلّ هذه الأرقام يعاني النظام التعليميّ في المخيمات من مشاكل أساسيةٍ لا بدّ من التوقف عندها.

عملٌ بلا راتب

منذ افتتاح المدارس في المخيّمات بدأ المدرّسون مهامّهم بشكلٍ تطوعيٍّ، بالتوازي مع وعودٍ وآمالٍ من قبل الحكومة المؤقتة والائتلاف بتخصيص رواتب شهريةٍ ثابتة. لكن تلك الوعود لم تدخل حيّز التنفيذ، فقد قامت وزارة التعليم بمنح بعض المدرّسين 90 دولاراً بشكلٍ متقطّع. وقد أكد الأستاذ عمّار حاج يوسف، الموجّه الأول في مدرسة كلس، عندما التقيناه: "أنّ الحكومة المؤقتة لم تقدّم حتى قلم رصاصٍ واحداً لمدرسة المخيم، رغم كلّ المناشدات والمطالبات. لم نرَ ولو أذناً منهم تصغي لمطالبنا، مع العلم أن راتب موظفٍ واحدٍ في الحكومة يكفي لتغطية رواتب العديد من المعلمين. ولا حاجة لأن نقارن المجهود الذي يبذله المدرّسون وأعباء وتكاليف الحياة التي يتحملونها، خاصّة القاطنين منهم خارج المخيمات، بما يفعله موظفو الوزارة". ولدى سؤاله عن المساعدات التي تقدّم من الجهات المستقلة قال: تبنت هيئة شام الإسلاميّة المدرسة لمدة ستة أشهرٍ في العام الدراسيّ 2013/2014، وقامت بتقديم رواتب شهريةٍ لكلّ مدرّسٍ بمقدار 250 ليرةً تركية، أي ما يعادل 120 دولاراً. كما قامت منظمة اليونيسف بمنح المدرّسين مكافأةً رمزيةً غير منتظمةٍ مقدارها 100 دولار.
والجدير بالذكر أنّ مدير التعليم في ولاية هاتاي التركية عقد اجتماعاً لمديري المدارس السورية في الولاية، ليبلغهم بقرار تعيين مديرٍ تركيٍّ لكلّ مدرسة، وقال إنّ اليونيسيف قرّرت إعطاء المدرّسين رواتب ثابتةً بمقدار 150 دولاراً، لكن لم ينفذ شيءٌ من ذلك حتى الآن. كما تجدر الإشارة هنا إلى أن الحكومة التركية تقوم بتقديم المستلزمات الخدمية التي تحتاجها مدارس المخيمات، من مقاعد وخيمٍ وقرطاسية.

مناهج متقلبة

بدأت المدارس بتدريس مناهج وزارة التعليم في الحكومة المؤقتة، المطابقة لمناهج النظام بعد أن أجريت عليها بعض التعديلات. لكن، بسبب عدم اعتراف الحكومة التركية بالشهادة الصادرة عن الائتلاف، مع اعترافها بالشهادة الصادرة عن المدارس التي تعتمد المنهاج الليبيّ، توقفت الكثير من المدارس عن تدريس منهاج الحكومة المؤقتة، وأصبحت 60% من مدارس المخيمات تدرّس المنهاج الليبيّ، مثل مخيمات (يايلاداغ، أبايدن، بخشين، ألتينوز، وغيرها). فيما ظلّت بعض المدارس تدرّس المنهاج السوريّ، مثل مدارس مخيمات (كلس، ملاطيا، الإصلاحية)، وبعض المدارس خارج المخيمات.
وقد قامت الــــحكومة اللـــــيبية، بالتنســــيق مع الهيئة الســــورية للتربية والتعليم، بإرسال المناهج التدريــــسية الى المدارس، وإرسال مندوبين ورؤساء مراكز من قبلها للإشـــراف على الامـــــتحانات، بالإضافة إلى إرســــال أسئلة امتــــحانات الثانوية مطبوعةً بأسماء الطلاب المتقدّمين. وقد بلغ عدد الطلاب السوريين الحاصلين على الشهادة الثانوية اللـــيبية أكثر من 1000، حسب الموقع الرسميّ للوزارة الليبية. لكن، بالرغم من ذلك، فإنّ الكتب المدرسية المقرّرة، والتي تغيّرت هذا العام، لم تصل إلى جميع المدارس حتى الآن، بل وصلت نسخةٌ إلكترونيّةٌ بدلاً عنها، قام مدراء المدارس بطباعتها على نفقتهم الخاصة أو بمساعدة بعض الداعمين.
وحول المنهاج الليبيّ أفاد طالب الثالث الثانويّ العلميّ مصطفى بستاني، من مدرسة مخيم ألتينوز، أن "هناك اختلافاً بين ما وصل من نسخ الكتب وبين النسخ الإلكترونية التي طبعت، وخصوصاً في مادة اللغة العربية". وهذا ما أكده الأستاذ بشار مرشان، مدير المدرسة، لدى سؤاله عن ذلك. كما اشتكى الطالب بستاني من عدم معرفة طريقة وضع العلامات الامتحانية ومن سيقوم بوضعها. وهذا ما يعكس وضع وظروف التعليم غير الطبيعية التي يمرّ بها طلاب المخيمات، عسى أن يحمل لهم المستقبل القريب شيئاً مما يستحقون.