- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
النزوح من مخيم إلى مخيم .. وجهة النازحين من مخيم قاح جراء قصف النظام
حمل محمد الكنجو (27عاماً) أمتعته الخاصة وبعضاً من أثاث خيمته القديمة، وغادر مخيم قاح على الحدود السورية التركية حيث كان يقيم ويعمل، متوجهاً إلى مخيم آخر للاجئين في منطقة سرمدا يعيش فيه أقرباء له، وذلك بعد تعرض مخيم قاح في العشرين من تشرين الثاني الماضي لقصف صاروخي أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وكان محمد الكنجو نزح من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي عام 2013 إلى مخيم بلدة قاح الذي تم إنشاؤه قبل أكثر من 6 سنوات، ليكون المخيم الثاني الذي يتم تجهيزه بعد مخيم منطقة أطمة، لاستقبال النازحين من ريف إدلب وحماة هرباً من هجمات النظام السوري على المنطقة.
ويقول محمد الكنجو لمجلة عين المدينة: "كنت أعمل حارساً في إحدى المنظمات الإنسانية داخل المخيم وأتقاضى ما يقارب 250 دولاراً شهرياً، تساعدني في تأمين مستلزمات المعيشة لعائلتي. ولكن بعد استهداف المخيم بالقصف واحتراق عشرات الخيم باتت الحياة فيه مستحيلة، ما اضطرني إلى النزوح باتجاه مخيم أكثر أمناً خوفاً من تعرضه للقصف مجدداً".
وأضاف "كان المخيم يضم نحو 3500 مدني جلهم من الأطفال والنساء، لكنه بات فارغاً اليوم بشكل شبه كامل. فقد نزح قسم من قاطنيه باتجاه منطقة أطمة، في حين نزح قسم آخر باتجاه مخيمات عقربات وسرمدا وتجمع الكرامة، لجأ أغلبهم إلى أقارب لهم لفترة معينة، وذلك للسعي إلى تأمين خيام جديدة بديلة عن خيامهم في المخيم القديم". وفي المخيمات التي توجهوا إليها ستكون إقامتهم حتى إشعار آخر.
وأكدت مصادر طبية أن حصيلة الضحايا المدنيين الذين سقطوا جراء قصف مخيم قاح في ريف إدلب الجنوبي هي 12 قتيلاً بينهم ستة أطفال، وأكثر من 20 جريحاً. ورجحت مصادر عسكرية محلية، أن يكون مصدر القصف قوات النظام السوريّ والميليشيات الإيرانية في ريف حلب الجنوبيّ، وقد استخدمت فيه صواريخ عنقوديّة بعيدة المدى.
أسامة السليم أحد قاطني مخيم الضياء 2 في منطقة سرمدا الحدودية، استقبل عائلتين من أقربائه هربتا من مخيم قاح بعد استهدافه. وقد تسلل أفراد العائلتين ليلاً بعد القصف باتجاه مقر إقامتهم الجديد، خشية تكرار القصف. وتمكن السليم من تأمين بعض المستلزمات العاجلة لأقربائه من النازحين مثل مواد غذائية وأغطية.
يقول السليم لعين المدينة: "أكثر من 100 عائلة نزحت إلى هذا المخيم ليلة القصف، حيث قام الكثير من الأهالي بتفريغ خيمهم من أجل إيواء أقاربهم الذين تعرضوا للقصف واحترقت خيمهم، ونحن نطالب المنظمات الإنسانية بنصب خيام جديدة من أجل استيعاب هذه العوائل في هذه المنطقة". وأضاف السليم راوياً تفاصيل النزوح بعد ليلة القصف الوحشية على المخيم "عند وصول العائلات من مخيم قاح كان الأطفال والنساء يعانون من حالة خوف هستيرية بعد أن شاهدوا احتراق أقرباء وجيران لهم أمام أعينهم، إضافة إلى خشيتهم من تكرار استهدافهم بالقصف أثناء نزوحهم". وأوضح أن حالة الذعر هذه "أدت الى وفاة رجل في الثلاثين من عمره نتيجة سكتة قلبية أصابته أثناء قصف المخيم، ولم يستطع الأطباء إنقاذه بعد نقله إلى المستشفى".
من جهته يؤكد النازح أحمد السعيد على رغبته في العودة إلى مخيم قاح والعيش فيه بعد إعادة تأهيله، وذلك رغبة منه بالعودة إلى وظيفته، حيث كان يعمل مدرساً في مدرسة المخيم منذ أكثر من أربعة أعوام. يقول السعيد: "لم نفقد الأمل حتى الآن بالعودة للعيش في المخيم، لكننا نبحث عن ضمانات دولية تمنع النظام من استهداف المخيمات من جديد. إن الانتقال من مخيمنا إلى مخيم آخر في منطقة أخرى من شأنه أن يفقدني وظيفتي التي تؤمن القوت لأطفالي، بالإضافة إلى خسارة الأجواء الاجتماعية بين أبناء المخيم بعد العيش معاً لفترة طويلة".
وأوضح السعيد أن "غالبية سكان المخيم كانوا يعتاشون من أعمال أو مشاريع خاصة بهم في المخيم نفسه، بعضهم كان يعتاش من محل تجاري بسيط أو حتى من بسطة، في حين أن البعض الآخر كان يتدبر أمره بوظائف بسيطة او في توزيع المساعدات الإنسانية، لذلك فإن تكلفة ترك المخيم ستؤدي إلى خسارة أغلب سكانه أعمالهم وبالتالي المصدر الرئيسي لرزقهم".
ويعمل عدد من الجهات الإنسانية على إجراء إحصائيات مستمرة للنازحين القدامى وللذين وصلوا مؤخراً إلى الحدود السورية التركية، لتقييم احتياجاتهم وتأمين المستلزمات المعيشية لهم من دعم غذائي وصحي وأغطية مع دخول فصل الشتاء.
ويقول مصعب أبو مصطفى الذي يعمل في مجال توثيق إحصائيات المخيمات لمجلة عين المدينة: "يبلغ عدد النازحين في منطقة أطمة 123 ألف نازح بينهم 57 ألف طفل، و23650 امرأة، ينتشرون في مخيمات أبرزها الكرامة والشهيد صالح وصرخة طفل وتجمع دعاة الكويت". وأضاف "أما سكان مخيمات قاح فيبلغ عددهم 44520 نسمة، حيث تضم مخيمات أبرزها تجمع شهداء عابدين وتجمع شهداء خان شيخون والفرقان والميدان وأبناء حمص، في حين يتوزع باقي النازحين على مخيمات عقربات ودير حسان وسرمدا والدانا على الحدود السورية التركية".
ويذكر بأن المنظمات الإنسانية قامت في الآونة الأخيرة بتشييد مخيمات جديدة في مناطق متفرقة من الحدود السورية-التركية بهدف استيعاب الكم الهائل من النازحين من مناطق ريف إدلب الجنوبي ومنطقة سهل الغاب وريف إدلب الشرقي، جراء الحملة العسكرية الروسية السورية المستمرة على هذه المناطق.
بعدسة الكاتبة - مخيم أطمة