- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
المدارس الخاصة في ريفي حلب الشمالي والشرقي إقبال كبير بعد تعثر أو إغلاق المدارس العامة.. وتفاوت في فرص التعلم
في ظل سوء الأوضاع التعليمية في المدارس العامة التي تتبع لمديريات التربية والتعليم في المجالس المحلية، افتتحت عشرات المدارس والمراكز التعليمية الخاصة في مدن ريفي حلب الشمالي والشرقي، أبوابها مع بداية العام الدراسي الحالي، في الوقت الذي تشهد المدارس العامة احتجاجات دورية وإضراب كامل للمعلمين، ما أدى إلى إغلاق قسم كبير منها في مدن أعزاز والباب ومارع وصوران وأخترين.
نشطت المدارس الخاصة في مدن وبلدات رئيسية في ريف حلب الشمالي منذ العام 2015، بعدما ركز نظام الأسد وروسيا قصفهما على أبنية المدارس والمراكز التعليمية العامة ما أدى إلى دمارها أو وقوعها تحت دائرة الاستهداف، ودفع عدداً من الأهالي الميسورين مادياً إلى إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة، التي لم تحقق وقتها وفي السنوات اللاحقة ذلك الانتشار الواسع نتيجة غياب الاستقرار خلال تلك الفترة.
مع بداية العام الدراسي الحالي ازداد إقبال الأهالي على تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة، بعد تعثر الدوام في الكثير من المدارس العامة أو إغلاقها بشكل كلي، وتعطل العملية التعليمية دون استجابة مناسبة من الجهات الرسمية لتفادي الآثار الكارثية التي ستحرم آلاف الطلبة من الحصول على مقعد دراسي. بينما كانت عوامل أخرى مثل اكتظاظ الصفوف بالطلبة وتعرض المدارس للتعديات من المسلحين، أسباباً إضافية جعلت الأهالي يعتمدون على المدارس الخاصة في تعليم أبنائهم.
وحدد المجلس المحلي في مدينة أعزاز بريف حلب في كانون الأول 2019، شروط ترخيص المدارس التعليمية الخاصة، وهي "تدريس المنهاج المدرس في المدارس التابعة لمديرية التربية والتعليم، مع الالتزام بالقرارات والتعليمات الصادرة عن المديرية، إضافة إلى الاطلاع على مؤهلات الكوادر التدريسية وألا تقل الشهادات عن ثانوية عامة".
وعن البنية التحتية للمدارس اشترط المجلس أن يكون "مكان المؤسسة التعليمية لائقاً ومناسباً عملياً وصحياً للعملية التعليمية، كما اشترط دفع رسوم سنوية للمجلس المحلي تقدر بحسب أعداد الطلاب والشعب الصفية، إلى جانب دفع 300 ليرة تركية شهرياً للمشرف المنتدب من قبل مديرية التربية".
وتعد تلك الشروط ساري العمل بها ضمن مختلف المناطق والإدارات المحلية في ريف حلب الشمالي، وفي حال مخالفة الشروط الموضوعة يتعرض القائمون على المدرسة للمساءلة القانونية ما يؤدي إلى إغلاق المؤسسة التعليمية بحسب ما أوضح محمد النجار، مدير مديرية التربية والتعليم في مارع خلال حديثه لـ "عين المدينة".
تعتبر "مدرسة المبدع" الخاصة في أعزاز بريف حلب الشمالي من المدارس المعروفة بين الأهالي باهتمامها ببنيتها التحتية وجودة تعليمها، وتعمل منذ ما لا يقل عن 7 سنوات في مجال التعليم الخاص، وهي واحدة من بين 30 مدرسة وروضة خاصة مرخصة يدرس فيها نحو 5000 طالب وطالبة، وتعمل ضمن المدينة وريفها خلال العام الدراسي الحالي، بحسب ما أوضح مدير مدرسة المبدع الخاصة زكريا الإبراهيم.
وقال الإبراهيم خلال حديثه لـ "عين المدينة": "يزداد إقبال العائلات الميسورة مادياً في مدينة أعزاز، على تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة نتيجة سوء الأوضاع التعليمية في المدارس العامة وإغلاقها (حتى الآن). أكثر من أسبوعين (مرّا) على بداية العام الدراسي الحالي والمدارس العامة مغلقة".
تدرس مدرسة المبدع الخاصة مختلف المراحل التعليمية، من بينها رياض أطفال بقسط سنوي يصل إلى 200 دولار أمريكي للطفل الواحد، والمرحلة الابتدائية 2250 دولاراً للتلميذ، بينما المرحلة تصل إلى 300 دولار للطالب الواحد مع أجور مواصلات تصل إلى 20 دولاراً لكل المراحل التعليمية على السواء، وفق ما بيّن الإبراهيم.
ويشكل انتشار المدارس الخاصة أزمة حقيقية في ظل توقف التعليم العام أو تعثره، وسط سوء الأوضاع المعيشية لدى الغالبية من السكان التي يحرم أبناؤها حتى من التعليم المجاني، بينما يحصل أبناء أصحاب الدخل الجيد من تجار ومقاولين وعاملين في المنظمات الإنسانية ورؤوس الأموال في مدينة أعزاز على مقاعد دراسية في المدارس الخاصة.
ويعود سبب انتشار المدارس الخاصة بكثافة في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، بمعزل عن الإغلاق الحالي للمدارس العامة، إلى الازدحام الكبير في المدارس العامة غير المتناسبة مع أعداد السكان، ووجود عدد كبير من أصحاب الدخل الجيد والممتاز القادرين على توفير مقعد دراسي لأبنائهم في المدارس الخاصة.
ويبرر عدد من أولياء أمور الطلاب الذين تحدثت إليهم "عين المدينة" أسباب إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة، بكون المدارس العامة غالباً ما تتعرض لهجمات من قبل مسلحين يعتدون على الكوادر التعليمية، ما يعرض الطلاب للخطر، إضافة إلى غياب المواصلات والازدحام في المقاعد الدراسية وعدم استفادة جميع الطلبة من التعليم، بينما يحظى الطلاب في المدارس الخاصة باهتمام جيد دون تمييز بين الطلبة في الحصول على المعلومات.
في حين يرى المعلم عبد الرحمن حاج عمر الذي يعمل معلماً في مدرسة ابتدائية في مدينة مارع بريف حلب خلال حديثه لـ "عين المدينة"، أن الرسوم السنوية للمدارس الخاصة مرهقة جداً تحرم آلاف الطلبة من حق الحصول على مقعد دراسي بسبب أوضاع أسرهم المادية، في وقت تعاني معظم تلك الأسر من مشكلة في تأمين قرطاسية أبنائهم، "لذلك على المدارس الخاصة مراعات الظروف المعيشية للأسر كي لا تخلق واقعاً تعليمياً طبقياً".
وأضاف: "وجود المدارس الخاصة سيعقد الأمر، وسيعمل على خلق تفاوت في مقاييس الأداء التعليمي بين الطلاب، لا سيما أن دخول المدارس الخاصة تحددها الحالة الاجتماعية والاقتصادية لعائلة الطفل، وهذا ما سيولد طبقات متفاوتة (من المتعلمين)، لذلك يقع على الجهات التعليمية في المنطقة تحمل العقبات".