أصدر فاروق حجي مصطفى كتابه هذا، عام 2012، عن الدار العربية للعلوم (ناشرون) ببيروت. ويعدّ أحد التعبيرات اللافتة عن الصوت الكُرديّ في الثورة السورية. يرى المؤلف أن الثورة مناسبةٌ مهمّةٌ لفتح سيرة تاريخ الكُرد في سوريا، ومع السوريين، هذه السيرة المثقلة بالعتاب واللوم من قبل الكُرد وبالعكس. ولا يتحمل الطرفان مسؤوليّة هذا اللوم والعتاب إنّما الاستبداد الذي دفع الناس إلى أن يستندوا إلى عصبياتهم القوميّة والدينيّة. واثقاً من أن الثورة ستحقق الشراكة الحقيقيّة وبناء دولة المواطنة الحقّة، وعندها يُفترض بالمكونات الثقافيّة والسياسيّة للشعب السوريّ أن تتحرّر من عصبياتها. فالكُرد من المكونات الأساسيّة للنسيج المجتمعيّ، وقد شاركوا تاريخياً في بناء الدولة. وتراوح سقف مشاركتهم بين من كانوا في موقع صنّاع القرار وتبوأوا مناصب عليا من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة وقيادة الثورات، ومن كانوا في موقع المقاومة مع الجماهير. وقد أراد الكُرد في كلّ مراحل حياتهم السياسية أن يكونوا جزءاً طبيعياً وقانونياً من النسيج السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ السوريّ، من خلال العمل على إعادة مذاق التلاحم والدور الذي كانوا يتمتعون به وفقدوه على حين غرّةٍ نتيجة الظروف الاستثنائيّة التي حكمت سورية بعد سبعينيات القرن المنصرم. وأصبح هذا المذاق التلاحميّ هاجساً كُردياً ومطلباً ملحاً فناضلوا، كقوىً على الأرض، من أجل أن يكونوا جزءاً من الحياة السياسية السورية. وقبل الثورة ترجمت الحركة الكُرديّة الأساسيّة نشاطها بوصولها مع القوى العربية وغير العربية السورية إلى عددٍ من التفاهمات سمّيت "إعلان دمشق". ووجد الكُرد نصيبهم الخاصّ من مبادئ الإعلان في بندين؛ واحدٍ يخصّ الأقليات القومية يقول بضمان حرية الفرد والجماعات والأقليات القومية في التعبير عن نفسها والمحافظة على دورها وحقوقها الثقافية واللغوية واحترام الدولة لتلك الحقوق ورعايتها في إطار الدستور وتحت سقف القانون. وبند خاصّ بالقضية الكُرديّة يقول بضرورة إيجاد حلٍ ديمقراطيٍّ عادلٍ لها يضمن المساواة التامة للأكراد السوريين مع بقية المواطنين من حيث الحقوق الثقافية وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الدستورية والسياسية والاجتماعيّة والقانونية على قاعدة وحدة سوريا أرضاً وشعباً، ولا بد من إعادة الجنسية وحقوق المواطنة للذين حرموا منها وتسوية هذا الملف كلياً.