القتل بهدف السرقة، في دولة الأمن والأمان

ما أن اندلعت ثورة الكرامة، وانطلقت آمال الشعب بالتحرّر من نير نظام الاستبداد، حتى بدأ هذا الأخير بضخّ السلاح بين مواليه ومرتزقته. وما هي إلا شهورٌ قليلةٌ حتى أصبح المتشرّدون وشذّاذ الأفق رجالاً أنيقين ببدلاتٍ عسكرية، اندفعوا تحت غايةٍ واحدة... الانتقام من المدنيّة.

ورغم انتشار السلاح وثقافة الميليشيا في مناطق الموالين، لم تبرز أوّل الأمر حوادث تتعلق بانعدام الأمن أو تقلّصه. لكن هؤلاء المتطوّعين تعوّدوا على السرقة، واستسهلوا القتل، فبدأت إشارات انفلات الأمن بالظهور شيئاً فشيئاً، لتصبح ظاهرةً تقلق الجميع وتجعلهم في ضيقٍ من كلّ هذا الجنون.
بدأ الأمر في ريف جبلة. فقد صار معروفاً، منذ أكثر من عام، أنّ هذه المنطقة خطرةٌ على الجميع، مدنيين وعسكريين، خصوصاً في الليل. وكانت أخبار سرقات السيارات والدرّاجات واستدراج الناس تتوارد من هناك يوماً بعد يوم. ثم رحنا نسمع عن أحداث قتلٍ متفرّقة، بسبب خلافاتٍ شخصيّةٍ ساعد وجود السلاح وتوافره على أن تصبح دموية، وانتهت إلى حوادث قتلٍ بهدف السرقة، انتشرت في معظم مناطق الموالاة والعلويين. وأخطر ما في الأمر أنها ليست أحداثاً فرديّةً، بل جماعيّة إلى حدٍّ كبير. ففي حادثةٍ غريبةٍ من نوعها قتل عشرة شبّانٍ من قريةٍ واحدةٍ رجلاً في الخمسين من أجل بضعة آلاف ليرة. وفي حادثةٍ أخرى لقي شابٌّ مصرعه بعد أن استوقفه أربعة شبّانٍ قاموا بضربه على رأسه من أجل بضعة آلاف ليرةٍ أيضاً.
هؤلاء الذين باتوا يعيشون على القتل والنهب أصبحوا عبئاً على العلويين، بعد أن كانوا سيفاً مسلطاً على رقبة كلّ سوريٍّ آخر. فيما يتعامل معهم نظام الأسد بمنتهى اللين، بل يقدّم لهؤلاء المجرمين عروضاً بالقتال في مناطق ساخنةٍ بدل زجّهم في السجن.
وهناك العديد من الأمثلة، فقد صرّح لي أحد أقرباء إحدى الضحايا بأنّ القاتل يقود مجموعةً في المنطقة التي يحارب فيها، وأنه سيقتله بيده ما لم يُقتل أثناء الحرب.
نظام الأسد، الذي تبجّح لسنواتٍ طوالٍ بدولة "الأمن والأمان"، لا ينجح الآن في حماية مواليه من سطوة المرتزقة الذين نشأوا على يديه أصلاً.

[divider]


شبّيحة آل عاصي في مصياف

خاص

منذ أشهرٍ، تقوم هذه العائلة، وهي أقوى عائلات الشبّيحة في مصياف، لأنّ صلاح عاصي هو أحد أهمّ المتنفذين في جيش الدفاع الوطنيّ، بأعمال الخطف بقصد الحصول على الفدية. ورغم تكاثر هذه الحوادث ومعرفة فاعليها، الذين لا يتلثمون في معظم الحالات، إلا أن تساهل مؤسسات النظام الأمنية بات واضحاً هو الآخر.

أشهر عمليات الاختطاف

غسـان نــعوف: يملك محلاً تجارياً في شارع المساكن، أحد أكثر الأماكن ازدحاماً في مصياف. تمّ اختطافه عندما كان يهمّ بإقفال محلّه. احتفظ به الخاطفون عدّة أيامٍ، تعرّض خلالها لتعذيبٍ شديدٍ ومهين. قايضه الخاطفون في النهاية مقابل مليونٍ وثلاثمائة ألف ليرة، بعد أن طلبوا في البداية خمسة ملايين.
فتاةٌ من عائلة ضوّا: في المرحلة الإعدادية. كانت في طريقها إلى المعهد الذي تدرس فيه عندما اعترضتها سيارةٌ نزل منها مجموعةٌ من الشبّان وحاولوا إدخالها إلى السيارة عنوةً. وصودف وجود بعض المارّة الذين هبّوا لنجدة الفتاة فلاذ الخاطفون بالفرار، بعد أن قام أحدهم بطعنها طعنةً حادّةً أدّت إلى إدخالها إلى المشفى.
شابٌّ من عائلة زريّق: لديه محلٌّ تجاريٌّ على شارعٍ رئيسيٍّ في حيّ الورّاقة. تمّ اختطافه من داخل المحلّ. وطلب الخاطفون فديةً بدأت بـخمسة ملايين ليرةٍ لتصل إلى مليونٍ ونصف في نهاية الأمر.
سـعيد شـحادة: لديه مـحلّ حلوياتٍ في شارع الورّاقة. جرت مــحاولة خطفه من أمام المحلّ، لكن صـراخه ومقاومته دفعتا الخاطفين إلى الهرب.
تاجــرٌ مـن مــدينة حماة: تم اختطافه في المنطقة الواقعة بين قريتي الزينة وحيلين على طريق مصياف – القدموس. طلـب الخاطفـون فديةً قدرها أربعون مليون ليرة.
شبلي: كوافيــر من مدينة حماة، يأتي إلى مصياف مرتين أسبوعياً لارتباطه بالعمل في أحد الصالونات. على أحد الحواجز ركب معه شابٌّ طالباً منه توصيله إلى مصياف. وفي الطريق تمّ قتل شبلي والاستيلاء على ما معه من نقود. أدّى ارتباك الجاني إلى سرعة القبض عليه، ولكن سرعان ما أُطلِقَ سراحه بعد أيامٍ قليلة، لأنه متطوعٌ في جيش الدفاع الوطنيّ ويعمل لدى آل عاصي. وهناك حوالــــي 15-20 محاولــــة خطفٍ لم يتمّ التأكد منها لأنها متداولةٌ على نطاقٍ ضيّق.