الأسد يرحّب بقصف بلاده... وأمريكا تبحث عن تنظيم "الدولة الإسلامية"

لم تتــــردّد أمريــــكا في القصـــــف هذه المرّة. وبالفعل، بدأت الطلعات الجوية والصواريخ تضرب في الشرق والشمال السوريين ما تصفه بأنه مواقع عسكرية ومراكز تجمعٍ لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". وبالرغم من الحرص على تجنيب المدنيين في مناطق سيطرة التنظيم مخاطر الهجمات، وقعت حوادث عدّةٌ كان المدنيون فيها الجزء الأكبر من أعداد الضحايا، كما حدث في قرية "الفدغمي" في الريف الجنوبيّ لمحافظة الحسكة، وقرية "كفردريان" بريف إدلب، أثناء هجماتٍ على مواقع لحركة "خراسان" المقرّبة من جبهة النصرة.
وتتجاهل القوّات الدولية، المتمثلة في القوّة الجوّية الأمريكية بشكلٍ رئيسيّ -إلى جانب تمثيلٍ شكليٍّ لكلٍّ من السعودية والإمارات والأردن والبحرين- محاولات النظام الأسديّ أن يبدو شريكاً في العمليات العسكرية، من خلال غاراتٍ "نهاريةٍ" بطائرات الميغ على بعض الأهداف التي هاجمتها طائرات التحالف في وقتٍ سابق، وخاصةً في بعض الحقول النفطية في ريف دير الزور الشرقيّ. فيما ابتعدت هجمات التحالف عن جبهات القتال التي تحيط بجيوب سيطرة النظام ومواقعه العسكرية داخل محافظة دير الزور، وذلك لحرمانه من تحقيق أيّة مكاسب على الأرض نتيجة هذه الهجمات. ولم يتوقف المسؤولون الأمريكيون عن التأكيد على ضرورة دعم كتائب الجيش الحرّ والتشكيلات العسكرية "المعتدلة".

 

داعش تحاصر كوباني.. وتركيا في طريقها إلى التدخل

ترجّح شخصياتٌ سياسيةٌ وإعلاميةٌ تركيةٌ مختلفةٌ أن يمنح البرلمان التركيّ حكومة "داود أوغلو" تفويضاً لقيام الجيش بعملياتٍ عسكريةٍ في الأراضي السورية، مع اقتراب مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" من مركز مدينة "عين العرب" على الحدود التركية، وبعد سيطرتهم على عشرات القرى والبلدات المحيطة بها، مما يمهّد لحصارٍ خانقٍ على المدينة من ثلاث جهات. وتبدو فرص المجموعات الكردية المدافعة ضئيلةً في صدّ هجمات التنظيم الذي يبدي إصراراً كبيراً على الاستيلاء على المدينة ليحقّق اتصال سيطرته على الشريط الحدوديّ مع تركيا. مما دفع بالأخيرة إلى حشد مزيدٍ من القوات البرّية على الطرف الآخر من الحدود، للتدخل فور تحقق الرغبة السياسية لدى الحكومة بذلك. وهي رغبةٌ أعلنها المسؤولون الأتراك في مناسباتٍ عدّة، وقرنوها بخطةٍ شاملةٍ تبدأ بمنطقة حظرٍ للطيران على الشريط الحدوديّ، وتشترط في نهايتها إسقاط نظام بشار الأسد باعتباره المسؤول الأول عما يحدث في سوريا. وفي ظلّ كلّ هذه التطورات يظهر نظام الأسد بعيداً وعاجزاً وخارج اللعبة، رغم تصريحات مسؤوليه المتلاحقة والمتناقضة أحياناً، إذ رحّبت بالهجمات الدولية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية"، ورفضت التدخل التركيّ المحتمل ضده.

فصامٌ في شخصية المقاومة يكشفه طيران التحالف

ليس انقســــــاماً عســــــكرياً ولا سياسياً ما شهدته خارجيات دول الممانعة، إنما هو وليد ضياع المواقف المحدّدة، وتسرّع الخارجيـــة الســـــورية في إعلان موقفها قبل أخذ التصاريح من الحرس الثوريّ الإيرانيّ وحزب الله. فما قاله الأسد عبر خارجيته، وعلى لسان مفوّضيه المباشرين بالتحدث (بثينة شعبان ووليد المعلم)، لم يلقَ ترحيباً من القيادة الإيرانية.
ففي الوقت الذي توسّل فيه الأسد لاعتبار جيشه مشاركاً في القصف، أمام رفض الولايات المتحدة لهذه المعادلة، تقف القيادة الإيرانية برأسها (روحاني) لتقول بأن هذا التدخل غير شرعيّ، وأنه ما كان على الأسد أن يقبل به. بينما يرفض حزب الله تلك الهجمات معتبراً إياها خرقاً للسيادة السورية، الخرق الذي لم يلاحظه بشار الأسد بعد، طالما أن الطائرات لا تحلق في سماء قصريه في دمشق واللاذقية.
إلا أن هذا الفصام الواضح لم يلغِ مواصلة حزب الله عملياته العسكرية إلى جانب قوّات الأسد في مناطق من ريف دمشق وحلب، مورّطاً معه الجيش اللبنانيّ في بعض الجبهات، وخاصةً في مواجهات القلمون، قريباً من الحدود اللبنانية.