أم سمير المتظاهرة السبعينية في معرة النعمان.. (نحن لسنا إرهابيين، نحن لم نذهب إلى الروس أو الإيرانيين ونقاتلهم)

خاص عين المدينة

سبعون عاماً وثمانية شهداء ولجوء، عوامل لم تمنع الحاجة أم سمير من النزول كتفاً إلى كتف مع شبان وشابات المناطق المحررة شمال سوريا لصد العدوان عن محافظة إدلب سلمياً، والتأكيد على مطالب الثورة السورية من حرية وإسقاط النظام.

للجمعة الرابعة على التوالي، برز صوت ابنة كفروما الثائرة أم سمير(76 عاماً) من بين أصوات آلاف المتظاهرين في ساحات مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الشرقي، وصورها لم تمر مرور الكرام، بل جابت وسائل التواصل الاجتماعي، وشاشات التلفزة، والمواقع الإخبارية؛ فعزيمة هذه المرأة السبعينية التي فقدت ثلاثة من أبنائها وخمسة من أحفادها لم تخفت، إنما كانت حافزاً لها للنزول إلى الساحات، على الرغم من تكفلها بتربية خمسة عشر يتيماً من أحفادها منذ سنوات.

"نزلت ع المظاهرات من حرقة قلبي على الأولاد" بهذه الكلمات عبرت أم سمير عن سبب مشاركتها في المظاهرات التي شهدتها معظم مدن وقرى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة مؤخراً، ورفضت نعت الثوار وأبناء المحافظة والمهجرون إليها بالإرهابيين بالقول: "نحنا مو إرهابيين، نحنا ما رحنا على روسيا وقاتلناهم، وما رحنا على إيران وقاتلناهم، هن اللي اجوا على بلادنا يقتلوا ولادنا، نحنا بس قلنالو ما بدنا اياك، وهو جاب بوتين ونصرالله واجا يتقاوى على هالشعب المسكين".

بصوت خانق ودموع ملأت وجهها الشاحب، روت الحاجة أم سمير قصة استشهاد أولادها وأحفادها: "كانوا ولادي بلبنان قبل الثورة، عم يشتغلوا بنجارة الباطون والحديد، وأول ما بلشت الثورة بإدلب رجعوا كلهم عالضيعة، وقالولي جاييتنا أيام سودا يا أمي. ووقت بلشوا الثوار شغل بالسلاح، كانوا ولادي -الله يرضى عليهم دنيا وآخرة- أول المشاركين". مشيرة أن أولادها سمير وإبراهيم، وأحفادها محمد ويوسف وخالد، استشهدوا أثناء محاولتهم صد اقتحام مدينة الحامدية بريف حلب من قبل قوات النظام في 17 كانون الثاني عام ٢٠١٤، وبعدها بقرابة العام استشهد ولدها أسامة وأحفادها راغب وعبدالله بقذيفة هاون استهدفتهم في مسكنهم الذي نزحوا إليه في حاس بريف إدلب الجنوبي.

أما عن وفاة زوجها فتقول أم سمير: "ما تحمّل خبر الأولاد يا عيوني، وتوفى من الحصاد وهالصوب" في إشارة منها لوفاته إثر نوبة قلبية أصابته فور سماع خبر استشهاد أولاده وأحفاده، توفي بعد صراع مع المرض دام ستة أشهر تقريباً، منذ ثلاث سنوات وبضعة أشهر.

تتعجب الحاجة أم سمير من صمت العالم عن المجازر التي حدثت في سوريا، والتهديدات المتكررة التي تتعرض لها المنطقة المتبقية للمعارضة في الشمال السوري من قبل قوات النظام وحليفه الروسي باقتحام المنطقة عسكرياً، بعد تهجير السوريين من كافة المحافظات السورية إلى إدلب، فتتابع: "معقول كل هالدول مو شايفين؟ ولا مو قادرين عليه؟ بشار الأسد "أبو رقبة" [كما تحب أن تناديه] قتل وهجر كل الشعب، ولسا الدول كل يوم بتعملي مؤتمر جديد عالفاضي، ومو قادرين يخلصونا منه". وتتساءل: "هلق مصدقين أنو كل العالم إرهابيين! الشام إرهابية؟ وحمص إرهابية؟ وحلب إرهابية؟ وكل المحافظات إرهابية؟ وهلق جاي على إدلب، أشو في بإدلب؟! تركونا نعيش بأمان".

تتذكر أم سمير، في حديثها لـعين المدينة عن رأيها بجرائم الأسد الابن ونظامه ضد السوريين، جرائم الأسد الأب مستشهدة بما فعله بالأهالي في حماة عام 1982 عندما وجه لهم تهمة دعم (الإخوان المسلمين)، وافتعل مجازر راح ضحيتها آلاف السوريين. تقول: "هاد الولد عم يكمل تنجيس أبوه وارهابه، أنتوا ما شفتوا أهالي حماة كيف هربوا من الرصاص والقتل حافيين، وما شفتوه وقت دفن الناس عايشين بالبلدوزرات، ونحن ما قادرين نعمل شي غير أنو نفتح بيوتنا ل يلي وصلوا طيبين".

"ما بقي بالعمر إلا هاليومين، وما الي بهالدنيا غير قبور الأولاد، إذا كل الضيعة بتطلع أنا بدي ضل عم اسقي قبور ولادي، على شو بدي خاف بعد ما كسروا ضهري بغيابهن"، هكذا كان جواب أم سمير عند سؤالها عن نزوحها من بلدتها أورم الكبرى التابعة لمعرة النعمان، في حال عاد التصعيد إلى المنطقة مرة أخرى، على الرغم من تعلقها بأحفادها،

وتعلقهم بها، تقول حفيدتها شهد (4 سنوات): "أنا بحب ضل عند ستي أم سمير، هي بتجبلي كل شي بدي ياه، وما بتصرخ علينا ولا بتضربنا، وكل يوم بتجي بتبوسنا بالليل، وبتغطينا مشان ما نمرض".