محمد العمر
توفي شابٌّ في التاسعة والعشرين من عمره إثر إصابته بجرثومةٍ في المعدة رجّح الأطباء أنها بسبب شربه من مياه نهر الفرات دون تعقيمها. حدث ذلك منذ عدّة أيامٍ في الأحياء المحاصرة من مدينة دير الزور، بعد توقف محطة ضخّ المياه الوحيدة عن العمل بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها.
عند ضفة النهر تجتمع حشودٌ من الأهالي يومياً لتقوم بتعبئة مياه النهر في بيدوناتٍ وبراميل وكلّ ما اتفق لهم من أوانٍ، بعد أن عجزت مؤسّسة المياه عن تشغيل محطة التصفية، وكذا الهلال الأحمر عن تأمين مياهٍ بالصهاريج، معللين ذلك بالخوف من قناصة تنظيم داعش على الطرف المقابل من النهر، الذين يستهدفون أيّ سيارةٍ تقترب منه. «ما استجدّ شي، بس زيادة تعب وبهدلة ومرض»، يقول عمر، أحد سكان حيّ القصور ساخراً، ويضيف: «نطلع يومياً، أنا وعيلتي، نمشي 3 كم لحتى نعبّي ثلاثة بدونات وقنينتين، يعني 62 لتر مي!». ويعدّ الحصول على المياه في المناطق المحاصرة أمراً في غاية الصعوبة، فعلى مدى 15 شهراً -أي منذ بداية الحصار- انخفضت كميات المياه التي تضخّ للأهالي تدريجياً بسبب قلة الوقود المخصّص لمحطة الإذاعة الرئيسية والمحطة الثالثة قرب فندق فرات الشام. وبعد سيطرة تنظيم داعش على منطقة الإذاعة، مطلع العام الحاليّ، اقتصر الضخّ على المحطة الثالثة التي تعمل بطاقة 30% بسبب قلة الوقود، ما جعل المياه تصل إلى الأحياء لأربع ساعاتٍ فقط كلّ خمسة أيام، وتحديداً إلى الطوابق السفلية. الآبار كحلٍّ ولكن! مؤخراً، وقعت منظمة اليونيسف عقداً مع أحد المتعهدين المعروفين بعملهم لصالح اللواء محمد خضور، قائد عمليات المنطقة الشرقية، لتجهيز بئرين يعملان على الطاقة الشمسية، بتكلفةٍ ماليةٍ ضخمة. ويحتاج هذا التجهيز إلى نقل قطعٍ وموادّ من دمشق جوّاً. وبحسب أحد أعضاء الهلال الأحمر أثار هذا العقد حفيظة ضباطٍ في الأمن العسكريّ بدأوا بعرقلة توريد القطع بالطيران لأنهم لم يستفيدوا كما استفاد خضور الذي يسيّر أمور المتعهد بالسفر بالمروحية متى شاء. علمت اليونيسف بهذه المشاكل وقررت التوقف عن تجهيز البئر الثاني، بعد أن كان المتعهد قد أنهى تجهيز الأوّل في منطقة طب الجورة بطاقة 3 م مكعب في الساعة. مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد
انتشرت في الآونة الأخيرة، لدى بعض من لا يملكون دخلاً يعينهم على تحمل أعباء الحصار، ظاهرة بيع الماء. إذ يقوم هؤلاء بتعبئة خزاناتٍ وبراميل محمولةٍ على عرباتٍ أو سياراتٍ من النهر، ثم يجرّونها إلى الأحياء ويبيعونها بألف ليرةٍ للبرميل. كما انتشر في الأسواق بيع عربات الأطفال، لتصل الواحدة منها إلى 30 ألف ليرة، لأنها تساعد على تخفيف أعباء نقل المياه.