لا بطاقات ولا رعاية روسية .. النظام يدفع بلجنة أمنية لإبرام (تسوية جديدة) في ريف حمص الشمالي

من أمام مركز التسوية بعدسة الكاتب

بالتزامن مع حملة عسكرية ضدّ درعا جنوب البلاد لإخضاعها لتسوية جديدة تنسف الأولى، دفع النظام السوري مؤخّراً بلجنة أمنية ـ عسكرية إلى ريف حمص الشمالي وسط البلاد، فيما بدا أنّه "ترتيب" لمناطق التسويات التي شهدت أحداثاً رأى فيها سوريون إحراجاً للنظام.

دخلت اللجنة المشتركة إلى مدينة تلبيسة كبرى بلدات ريف حمص الشمالي، يوم السبت 4 أيلول، فيما استأنفت أعمالها يوم الأحد، وسط إجراءات تختلف عن تلك التي رافقت التسوية الأولى، والتي أُبرمت عام 2018 برعاية روسية، وأفضت إلى دخول قوات النظام إلى المدينة.

ومنذ إبرام التسوية، شهدت تلبيسة ومحيطها أحداثاً وتوترات أمنية، أبرزها أواخر العام الماضي، وخلال فترة ما سُمي بـ"الانتخابات الرئاسية" منتصف العام الجاري، متمثّلة باشتباكات وعمليات خاطفة قادها مجهولون.

 استهداف بقايا "التوحيد"

 وعلمت "عين المدينة" من مصادر في اللجان المحلّية بتلبيسة، أنّ 170 اسماً غالبيتهم لمنشقين عن النظام، أُدرجوا في قائمة لإجراء التسوية، فيما يقدّر عدد المنشقين في المنطقة بنحو 1200 شخص.

بدأت اللجنة السبت بإجراءات التسوية في مدرسة الفراهيدي، فيما واصلت أعمالها في المركز الصحي بالمدينة بسبب بدء العام الدراسي، وسط ترجيحات بأنّها قد تستمر لأسبوع. وبلغ عدد الأشخاص الذين تمّت تسوية أوضاعهم السبت، نحو 70 شخصاً غالبيتهم من المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة وأبرزها "جيش التوحيد"، قبل حلّه واندماج بعض مقاتليه في ميليشيات مدعومة روسياً.

مصادر "عين المدينة" أكدت أنّ شخصين من قائمة الـ 70 لم يتم إجراء تسوية لهما، "بسبب اعترافهما بحمل السلاح، لتقوم اللجنة بوضع تسليم البنادق شرطاً لإتمام التسوية".

ولفتت المصادر إلى أنّ الحملة تستهدف بالدرجة الأولى من أسمتهم "بقايا جيش التوحيد" الذي كان يسيطر على تلبيسة قبل سقوطها بيد النظام عام 2018. وتتضمن القائمة أسماءً لأشخاص يحملون بطاقات تسوية روسية، ومنخرطين ضمن ميليشيات مدعومة من قاعدة حميميم الروسية، فيما لم يسجّل أي تدخل روسي بعد.

 لجنة مشتركة

أوفدت الاستخبارات العامة في دمشق لجنة من الأمن الوطني تضم ضابطين برتبة عقيد لمتابعة ملف التسوية، مع ضابط في القضاء العسكري برتبة ملازم. ورفع فرع أمن الدولة بالتعاون مع المجلس البلدي في المدينة والذي يترأسه شخص يدعى أحمد رحال، قائمة الـ 170.

ولفتت مصادر عين المدينة إلى أنّ رحال "يحاول الظهور كعراب للتسوية الحالية" مشيرة إلى أنّه "عمل لصالح النظام خلال سنوات الثورة، ودخل تلبيسة بعد التسوية الأولى عام 2018". وفي إشارة إلى أدواره المتعددة التي يلعبها مع النظام السوري والأفرع الأمنية، يطلق على رحال في تلبيسة لقب "الأخطبوط".

ونقلت المصادر عن اللجنة قولها إنّها "مستعدة لتسوية أوضاع كل من يرغب بإجراء التسوية، دون الاشتراط أن يكون اسمه في القائمة". في حين تقدّر إحصاءات محلّية عدد المنشقين عن قوات النظام في تلبيسة بنحو 1200 شخص.

وأكّدت أنّ التسوية الحالية تختلف عن التسوية الأولى بعدة جوانب.

فهي لا توفر لمن يجريها أي بطاقة على غرار تلك التي تمّ منحها لهم عام 2018 من اللجنة العسكرية التي كانت بقيادة العميد محمد خضّور. كما أنّ "الجانب الروسي" غاب بالمطلق عن التسوية الجديدة، على ما نوّهت عليه المصادر، وهو ما فتح باب التساؤلات والمخاوف لدى مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة، انخرطوا ضمن ميليشيات مدعومة روسياً.

 تطمينات شفهية

وطلبت اللجنة من العناصر المدرجين في القائمة بالخضوع للتسوية. وقال منشقون لـ "عين المدينة"، أن التسوية الجديدة تقضي بأن يتم إعادتهم إلى الخدمة، وسط "تطمينات بفرزهم إلى قطعات عسكرية ضمن محافظة حمص تكون قريبة من تلبيسة".

وشدّدت اللجنة على ضرورة تسليم السلاح لمن اعترفوا بحمله أو بالانشقاق فيه.

لكنّ المنشقين عن قوات النظام أعربوا عن رفضهم العودة إلى صفوف الأخير بموجب التسوية، في ما رآه متابعون في حمص تخوفاً من اعتقالهم في حال عادوا إلى القطعات العسكرية.

وبينما تحدّثت وسائل إعلام عن تهديدات بعملية عسكرية في تلبيسة على غرار درعا جنوباً في حال عدم الالتزام بالتسوية، فقد أكدت مصادر في اللجان المحلية أنّ ما تردّد عن الدفع بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة عار عن الصحة. وتشير المعلومات إلى أنّ ملف التسويات ليس جديدا بالفعل، وفي هذا السياق تقول المصادر إنّ اللجنة لم تهدد بالترحيل أو تلوّح بالعمل العسكري، لكنّ المصادر أعربت عن عدم ثقتها بالنظام ولجنته الأمنية، في ظل عدم اتّضاح ما يضمرونه للمنطقة.

 هجمات ومطالب

وشهدت تلبيسة خلال عام هجمات استهدفت الأفرع الأمنية فيها، كما سجّلت أول حالة قصف جوي بمروحية عسكرية لقوات النظام تشرين الثاني من العام الماضي، أسفرت عن قتلى وجرحى في صفوف مدنيين كانوا يعملون بقطاف الزيتون، وهو ما برّرته الأفرع ببلاغ كاذب عن مجموعة مسلّحة تتمركز في أرض زراعية.

كما طالبت مجموعة "مجهولة" تطلق على نفسها اسم "سرايا 2011"، النظام السوري عبر بيانات سابقة بالالتزام بالتسوية الأولى، خاصّة بند الإفراج عن المعتقلين، تحت التهديد باستهداف أفرعه الأمنية، بالإضافة إلى تبنيها استهداف فرع أمن الدولة أكثر من مرة.

ومنذ إبرام اتفاق التسوية، اعتقل النظام أكثر من 300 شخص من مدنيين وعسكريين سابقين أجروا تسويات، وبالإضافة لذلك لم يفِ ببنود التسوية التي تنص على إطلاق سراح المعتقلين لديه والبالغ عددهم أكثر من 1000 شخص، وفقا لتقديرات محلية.